شهدت قضية هدم ما بات يُعرف ب"قصر الضيافة" بمنطقة بوسكورة ضجة واسعة، بعدما جرى تداول معطيات حول خسائر تقدّر ب16 مليار سنتيم، وتسجيل اتهامات متبادلة بين السلطات المحلية ومالك المشروع. وفي ندوة صحافية بالدار البيضاء، عُقدت عشية اليوم الأحد، قدّم المحامي محمد كفيل، دفاع صاحب المبنى، رواية شاملة حول ما اعتبره "تجاوزات خطيرة" شابت عملية الهدم. وشدد المحامي كفيل، على أن موكله "يتوفر على رخصة بناء سليمة" صادرة عن المصالح المختصة، إضافة إلى عدة رخص مرتبطة ببناء الجدار والسور الخارجي، موضحا أن المشروع الذي كان يحمل اسم قصر الضيافة، يحتوي على بنايتين واحدة منهما تمتد على مساحة 50 مترا على 36، وكانت مهيئة لتكون "معرضا مبهرا" ومركزا لعرض الخيول، بعد استثمارات وصفها ب"الضخمة". وأضاف أن المخالفة التي قيل إنه سبق تحريرها سنة 2021 خضعت للمسطرة القضائية، وانتهت بغرامة مالية وحكم بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، وهو ما امتثل له المالك، حيث "قام بالهدم والإصلاح بشكل تلقائي"، حسب تعبيره، غير أنه أكد أن مخالفة 2021 تكررت بنفس المراجع ولكن بتاريخ 2024، ما اعتبره "تزويرا معنويا." وكشف دفاع المالك أن عملية الهدم التي جرت أخيرا تمت "بدون أي تبليغ قانوني"، مضيفا أن موكّله لم يتوصل بأي محضر، ولم يعلَّق أي إشعار على باب المشروع، كما ينص القانون، مشيرا على لسان المالك: "قالوا لي بأنه تم تبليغي في الواتساب" متسائلا: "واش القايد مفوض قضائي؟ هذا ليس تبليغا قانونيا". وتساءل كفيل: "كيف تُسحب الرخصة بعد شروع المالك في البناء؟ القانون واضح: سحب الرخصة يتم قبل انطلاق الأشغال، حفاظا على مبدأ استقرار المعاملات". ولفت المحامي إلى أن قانون التعمير يتضمن ازدواجية بين المسطرة القضائية والإدارية، وأن السلطة اختارت اللجوء إلى المسطرة القضائية، مستنكرا قيام السلطات بالهدم بشكل تعسفي دون انتظار استنفاذ جميع مراحل التقاضي والحصول على الحكم النهائي. وخلال الندوة، كشف المحامي عن تجاوزات أخرى رافقت عملية الهدم، حيث قال إن الموقع تعرض للسرقة مباشرة بعد دخول الجرافات، وإن المقتحمين توصلو بالمعلومات عبر "عون سلطة أخبرهم أن المكان بدون حراسة"، مشيرا إلى أن الدفاع توجه بشكاية رسمية إلى الوكيل العام للملك بسبب ما وصفه ب"السرقة والنصب التي تزامنت مع الهدم". وانتقد المحامي بشدة الطريقة التي تمت بها العملية، معتبرا أنها "تعكس نوعا من العجرفة والشطط في استعمال السلطة"، وقال موجها خطابه للمسؤولين: "أنتم رجال سلطة، ويجب أن تمتثلوا للقانون قبل أي أحد ونحن لا نرفض تطبيق القانون، لكن نرفض أن يُطبَّق على البعض دون البعض الآخر". وتوقّف كفيل أيضاً عند "السرعة غير المبررة في تنفيذ الهدم"، وقال إن موكّله قصد العمالة لطلب لقاء مع العامل، أملاً في توضيح الأمور، لكنه فوجئ ببدء عملية الهدم وهو ينتظر في الخارج، حيث روى على لسان المالك أنه خرج بحرقته وصدمته وقال: "اللهم إني مغلوب فانتصر". وزاد المحامي أنه من بين ما أثار غضب المالك، إقدام الجرافات على اقتلاع أشجار النخيل داخل المشروع، رغم أنها ليست موضوع أي مخالفة، ناقلا عن صاحب المبنى أن "العمال أخبروه أنهم يطبقون التعليمات والتي كانت واضحة: "رجّعوا الأرض غبرة". وقال كفيل إن ما وقع "لا علاقة له بتطبيق القانون"، مردفا: "نحن نحتاج للبناء وليس للهدم، إذا كانت هناك مخالفة، فالمسطرة واضحة وليست بهذه الطريقة التعسفية". وحول ما إذا كانت الأرض فلاحية ولا تستوفي شروط البناء، أوضح الدفاع أن التضاريس "منخفضة بامتار كثيرة عن مستوى الطريق"، وأن مهندساً محترفا كان سيعطي تقييماً مختلفاً، مشدّدا على أن التصميم المنجز مطابق تماماً للرخصة، وأن "لا وجود لمخالفة قائمة على أرض الواقع". وختم المحامي ندوته بالإشارة إلى أن كل محاضر التبليغ التي اعتمدت عليها السلطات لم تصل إلى المالك وقد "خرجت من العمالة مباشرة من خلال النظام المعلوماتي إلى "تيكطوطر"، دون أي محضر تبليغ فعلي على أرض الواقع، متسائلًا بنبرة تحدي:"نتحدى أي جهة أن تُظهر تبليغاً واحداً وصل للمالك وفق القانون". ورغم كل ما اعتبره "شططاً وتسلطاً"، أكد المحامي كفيل أن موكّله يثق في مؤسسة القضاء وفي صاحب الجلالة الذي "لا يقبل الظلم"، موضحا أن الخطوة المقبلة ستكون "سلوك المساطر التعويضية" وإثبات أن عملية الهدم تمت خارج الضوابط القانونية.