تتواصل أمام غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء جلسات الاستماع إلى مرافعة ممثل النيابة العامة في قضية "إسكوبار الصحراء"، التي يُتابع فيها كل من القياديين السابقين بحزب الأصالة والمعاصرة، سعيد الناصري وعبد النبي بعيوي، إلى جانب عدد من المتهمين الآخرين. وخلال جلسة اليوم الخميس، ركز نائب الوكيل العام على جناية التزوير بأشكالها المختلفة، مبينا أن الزور المادي يتعلق بتغيير الشكل الخارجي للوثيقة، إضافة أو حذفا، ويُثبت بمجرد إخضاع المستند للخبرة التقنية، أما الزور المعنوي، فيتعلق بمضمون الوثيقة الرسمية أو العرفية، بحيث يبدو الشكل سليما بينما يكون المحتوى مخالفا للحقيقة، في إشارة للعقود والمحركات موضوع النازلة. وأكد ممثل النيابة العامة، أن صور الزور المعنوي ومنها الايجابي التي تجلت في إعادة صياغة أو تضمين صفة غير صحيحة داخل المحرر، أما الفعل السلبي فيتجلى في ترك معطيات كان يجب تضمينها قانونا. ولقيام جريمة الزور المعنوي، يضيف المتحدث ذاته، يجب أن يتوفر عنصر سوء النية والعلم بمخالفة القانون، أي القصد الجنائي الخاص والعام، إلى جانب تحقق الضرر، سواء كان عاما يمس المصلحة العامة، أو خاصا يلحق فردا أو مجموعة. وبناء على ذلك، استشهد ممثل النيابة العامة بقرار سابق صادر عن المحكمة نفسها، والتي اعتبرت أن الشخص الذي يستغل حسن نية موظف عمومي لتحرير محرر مزوّر يُعد فاعلا معنويا في الجريمة، حتى لو لم يكن هو المكلف بتحرير الوثيقة، موضحا أن الضرر الاحتمالي يكفي لقيام جريمة التزوير المعنوي دون اشتراط تحقق ضرر فعلي. وانتقل ممثل الحق العام إلى مناقشة العقود التي أنجزتها الموثقة سليمة بلهاشمي، والتي بلغ عددها 11 عقدا بين البعيوي والحاج بنبراهيم، إضافة إلى عقود أخرى كان سعيد الناصري أحد أطرافها، مشيرا إلى أنها انتقلت من وجدة إلى الدارالبيضاء لتلقي العقود دون احترام الضوابط المنصوص عليها في المادة 12 من قانون التوثيق، خاصة ضرورة إشعار الوكيل العام بالدائرة التي تشتغل بها، مما يعرض العقود للبطلان. كما كشف ممثل الحق العام، أن الموثقة لم تستكمل المساطر القانونية لستة عقود من أصل 11، رغم توقيع المشتري عليها، ولم تُستكمل إلا خمسة عقود، تُبين أن بعضها شابه تزوير معنوي صارخ، حين ضمنت حضور مشترين لم يكونوا موجودين بتاريخ توقيع العقد. وأشار ممثل الحق العام، إلى أن المشتري عبد الصمد.ع، ثبت أنه كان خارج الوطن بتاريخ 27 يوليوز 2014، رغم تضمين حضوره في مجلس العقد، وكذا المسمى عبد المولى.ع، تبيّن أيضا عبر تقنية تحديد الموقع أنه كان بمدينة مكناس، رغم الإشارة إلى حضوره في العقد بالدارالبيضاء. كما أثبتت المحكمة أن ثلاثة عقود وُقّعت باليوم والساعة نفسها لأطراف مختلفين لم يجمعهم مجلس واحد، وبعضهم كان في مدن أخرى أو خارج المغرب. وأضاف أن الموثقة أشارت في فقرات الثمن إلى أن الأداء تم خارج مكتبها، وظهر من خلال المعطيات أنها سلّمت أحد البائعين شيكا صادرا باسمها من صندوق الإيداع والتدبير، مما يعزز شبهة التزوير. أما بخصوص عقود الشقق التي تم أداء أثمنتها خارج أنظارها، فقد اعتبر ممثل النيابة أن الموثقة أخلّت بواجبها القانوني في التصريح بالاشتباه. وبخصوص المتهم فؤاد.ي، أوضح ممثل النيابة أنه تصرف في شقق كما لو كان مالكا، رغم اعترافه بأنه مجرد وسيط، إذ كان يتسلم العربون ويحضر أمام الموثقة لتسليم باقي الثمن، وهو ما يتجاوز صلاحيات الوسطاء، كما قام بتحويل مبالغ مالية من حسابه الخاص إلى سعيد الناصري وتوفيق زنطاط. وأشارت النيابة العامة إلى تصريحات الناصيري، الذي أكد شراءه سيارة واحدة من عبد اللطيف، الذي نفى إتمام الصفقة مع الناصري، موضحا أنه اتفق مع الناصري وسلمه جزءا من الثمن، ثم استرجع السيارة لبيعها لشخص آخر، مما يناقض تصريحات الناصري الذي قال إنها كانت ضمن مقايضة لاقتناء شقتين بالسعيدية، وهو التناقض الذي اعتبرته النيابة ركنا ماديا ومعنويا لجريمة النصب. واتهم ممثل الحق العام ضابط الشرطة القضائية سعيد الطنجي بتضمين زور معنوي في محضر يتعلق بشكاية تقدم بها بعيوي ضد والدة زوجته وخادمتها بشأن سرقة ساعات ثمينة، موضحا أن الطنجي تجاهل صورتين قدمتهما سميرة العمراني، تبين أنه لا وجود لساعات ضمن محتويات الحقيبة المفترض سرقتها، مشيرا إلى أنه لم يضمِّن هذه الأدلة في المحضر رغم الاطلاع عليها، واكتفى بالقول إنها ستدلي بها لاحقاً. وتابع نائب الوكيل العام أن المتهم تجاهل الإشارة إلى حضور زوجة البعيوي سامية أثناء تفتيش الحقيبة رفقة والدتها والخادمة، رغم أن هذا المعطى كان سيُسقط عن والدتها صفة المشاركة، باعتبار السرقة بين الأزواج غير معاقب عليها، مشيرا إلى أن هذه الحقائق أكدها مساعده، مفتش الشرطة، الذي لم تكن تتوفر لديه الصفة الضبطية حينها. واتهم ممثل النيابة الضابط بسوء النية، معتبرا أن إغفال هذه الوقائع يفرغ المحضر من حقيقته، خاصة أن الضابط تراجع عن استدعاء والدة سامية لغيابها بسبب المرض، ثم أصدر في حقها مذكرة بحث، قبل توقيفها بعد اتصال من بعيوي لرجل الدرك بسد قضائي بالخميسات، حيث أكدت الخبرة التقنية على الهواتف وجود مكالمات بين بعيوي والضابط ورجل الدرك ومع أطراف أخرى في الملف. وشكك ممثل النيابة العامة في تفاصيل واقعة الهجوم على ملعب بنجلون من طرف مجهولين بتاريخ 20 مارس 2014، ضمن سلسلة الأحداث المرتبطة بالقضية، وما تلاها من اتصالات بين الطنجي والناصيري والتي صرح هذا الأخير أنها كانت بناء ا على هذه الواقعة.