يُصنَّف المغرب ضمن فئة الدول ذات مستوى النزاع المنخفض أو غير النشط، محتلاً الرتبة 67 عالمياً في الترتيب الإجمالي لمؤشر النزاعات، وفق أحدث إصدار من مؤشر النزاع الصادر عن منظمة "مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة"، المعروفة اختصاراً باسم "أكليد" وقد جاء تصنيف المغرب في خريطة العنف السياسي والنزاعات المسلحة على الصعيد العالمي، في وقت يشهد فيه العالم مستويات غير مسبوقة من العنف، مع تسجيل أكثر من 2.4 مليون قتيل نتيجة النزاعات خلال الإثني عشر شهراً الماضية.
ويضع التقرير المغربخارج قائمة الدول الخمسين الأكثر تأثراً بالنزاعات في العالم، وهي القائمة التي يعتمدها مؤشر "أكليد" لتصنيف النزاعات الأشد تعقيداً وصعوبة في الاحتواء، حيث يندرج المغرب في فئة "النزاع المنخفض أو غير النشط"، ما يعكس محدودية حدة العنف السياسي وانتشاره الجغرافي داخل التراب الوطني مقارنة بدول تشهد حروباً أهلية أو صراعات مسلحة مفتوحة، وفق المنهجية المعتمدة في التقرير ذاته. وبحسب البيانات فقد جاء ترتيب المغرب في مؤشر القتالية أو الفتك في الرتبة 54، وهو المؤشر الذي يقيس مدى فتك العنف السياسي وعدد القتلى الناتجين عن الأحداث المرتبطة بالنزاعات، بينما حل في الرتبة 54 أيضاً ضمن مؤشر الانتشار الجغرافي للنزاع، الذي يرصد نسبة المناطق داخل الدولة التي تشهد مستويات مرتفعة من العنف السياسي، في حين جاء ترتيب المغرب في مؤشر الخطر على المدنيين في الرتبة 76، أما في مؤشر تفتت الجماعات المسلحة، فقد احتل الرتبة 71، وهو المؤشر الذي يقيس عدد الجماعات المسلحة النشطة والمتورطة في أحداث عنف داخل الدولة. وتعكس هذه المؤشرات، مجتمعة، صورة بلد لا يعرف نزاعاً مسلحاً واسع النطاق ولا انتشاراً كثيفاً للعنف السياسي، خصوصاً إذا ما قورن بدول تتصدر المؤشر العالمي مثل فلسطين، وميانمار، وسوريا، والمكسيك، ونيجيريا، التي صُنِّفت ضمن فئة النزاعات القصوى أو العالية، والتي تستحوذ على الجزء الأكبر من الضحايا والأحداث العنيفة المسجلة عالمياً خلال الفترة الممتدة من 01 دجنبر 2024 إلى 28 نونبر 2025، وهي الفترة الزمنية التي يغطيها التقرير. ويستند مؤشر النزاع إلى قاعدة بيانات تعتمد على تسجيل الأحداث الميدانية المرتبطة بالعنف السياسي، بما يشمل الاشتباكات المسلحة، والهجمات على المدنيين، وأعمال الشغب، والعنف المرتبط بالجماعات المسلحة، حيث يقوم المؤشر بتقييم كل دولة وفق أربعة معايير أساسية، هي الفتك والخطر على المدنيين والانتشار الجغرافي، وتفتت الفاعلين المسلحين، قبل احتساب الترتيب الإجمالي. وفي هذا السياق، يبرز موقع المغرب في الثلث الأدنى من الترتيب العالمي، بعيداً عن بؤر النزاعات الأكثر دموية وخطورة، في وقت يسجل فيه التقرير أن النزاعات المسلحة والعنف السياسي ظلت عند مستويات مرتفعة عالمياً، مع تسجيل 204605 أحداث نزاع خلال فترة الرصد، مقابل 208219 حدثاً خلال الإثني عشر شهراً السابقة، وهو ما يعكس استقراراً نسبياً في حجم العنف عالمياً، لكنه يظل عند مستويات عالية تاريخياً، وفق معطيات التقرير. ويشير التقرير إلى أن أكثر من 40 في المائة من مجموع أحداث النزاع المسجلة عالمياً خلال الفترة المدروسة كانت مرتبطة بالحربين الدائرتين في أوكرانياوفلسطين، وهما الدولتان اللتان تتصدران مؤشرات الفتك والخطر على المدنيين، في حين تواصل النزاعات الأهلية في ميانمار والسودان حصد أعداد كبيرة من الضحايا، إلى جانب تصاعد العنف المرتبط بعصابات إجرامية منظمة في دول مثل البرازيل، والإكوادور، وهايتي، والمكسيك. ويخلص تقرير مؤشر النزاع لمنظمة "أكليد" إلى أن خريطة النزاعات العالمية ما تزال تهيمن عليها بؤر صراع مزمنة في الشرق الأوسط، وشرق أوروبا، وجنوب شرق آسيا، وأمريكا اللاتينية، في حين تبقى بلدان أخرى، من بينها المغرب، خارج دائرة النزاعات الكبرى.