تعيش جل الدول المتجاورة والتي تتشارك في الحدود مع بعضها البعض صراعات في ما بينها سواء أكانت صراعات مباشرة بالسلاح أو صراعات اقتصادية ودبلوماسية. ويبدو أن بين الجزائر والمغرب قصة طويلة في هذه الاختلافات التي ووصلت في وقت مضى للاشتباك العسكري، غير أن هذا الصراع يتصاعد تارة وتنخفض حدته بدواعي الأخوة والقومية والتاريخ المشترك الذي يربط البلدين.
إذا كان من الصعب جدا أن يحدث صراع مسلح بين الجارين الشقيقين في ظل التوترات و التصريحات المستفزة التي نشهدها بين الفينة و الأخرى، فإن صراعات ما وراء السياسة أصبحت تسيطر بشكل أكبر على مواقع التواصل الاجتماعي بين المغاربة و الجزائريين.
فالجزائريون يؤكدون أن عميد المنتخب المغربي المهدي بنعطية جزائري و ندم ندما شديدا لأنه قبل اللعب مع منتخب المغرب (والده مغربي و والدته جزائرية)، بينما المغاربة يؤكدون بدورهم أن نجم مانشستر سيتي الانجليزي رياض محرز ما كان عليه أن يقبل اللعب مع الجزائريين لأنه مغربي من جهة الأم. و يتواصل الشد و الجذب لتطفو "نزاعات غير مسلحة" حول أصل الكسكس والقفطان وأكبر مسجد في إفريقيا والسيطرة على مساجد فرنسا والطريقة التيجانية.
خلاصة الكلام، هي أن المغرب و الجزائر دولة واحدة متكاملة، فمن الصعب جدا أن تجيب بحياد عن الكثير من الأسئلة المثارة. فالكسكس تقليد مغربي - جزائري، و كذلك الأمر نفسه بالنسبة لموسيقى الراي و القفطان و السلهام و البرنس، و الطريقة التيجانية و أشياء أخرى.
وفي السنوات الأخيرة احتدم الصراع بين المغرب و الجزائر من أجل استمالة اللاعبين المزدوجي الجنسية، فتمكن المغرب من إقناع المهدي بنعطية ذو الأب المغربي و الأم الجزائرية من اللعب مع أسود الأطلس، بينما أقنع الجزائريون رياض محرز (أمه مغربية و والده مغربي) من اللعب مع منتخب بلادهم.
هذا الصراع ما زال مستمرا، فبعد المد والجزر في قضية إسماعيل بن ناصر، لاعب أرسنال، جاء الدور على زين الدين مشاش، لاعب مارسيليا، و لاعبين آخرين يتجاوز عددهم العشرة مازالو ينشطون في البطولة الفرنسية على الخصوص، و يحملون جنسيتين أو ثلاث جنسيات مختلفة.
ويتواصل الصراع الخفي بين الاتحادين، لضم الموهبة مشاش، فرغم تأكيد مصادر إعلامية جزائرية على منحه الموافقة لرئيس الاتحاد الجزائري إلا أن جامعة الكرة والمدرب الفرنسي هيرفي رونار، يراهنان كثيرا على إقناعه لتحويل وجهته لحمل قميص "الأسود"، و يقال أنه حسم اختياره النهائي مؤخرا باللعب مع المغرب.
الصراع يحتدم أيضا حول اللعب رفيق قيتان، لاعب فريق رين الفرنسي، الذي يعتبر إحدى المواهب الصاعدة في الدوري الفرنسي، كما أنه يمتلك قدرات كبيرة، وهو ما دفع رين لشراء عقده من نادي لوهافر الفرنسي في يناير 2018، مقابل 10 ملايين يورو، رغم أن اللاعب لم يكن يتعدى سنه وقتها 19 سنة.
و يبحث اليوم الجزائريون عى خطف هذا اللاعب، بعدما علموا برغبة المنتخب المغربي في ضمه لصفوف "أسود الأطلس"، كون اللاعب مولوداً في فرنسا لأب جزائري وأم مغربية، وبالتالي يمكنه اختيار اللعب لأحد منتخبات البلدان الثلاثة.
ناصر لاركيط، المدير التقني الوطني، يرى أن التسابق الحاصل بين المغرب والجزائر، للظفر بالمواهب الكروية من "مزدوجي الجنسية" التي تزخر بها الدول الأوربية، جد عادي، يكون بدافع دعم صفوف منتخبات هذه البلدان، غير أن الكلمة الأخير تبقى لهذه المواهب في اختيار البلد الذي ستحمل ألوانه.
وما زال المغاربة و الجزائريون يتصارعون على مواهب صاعدة من قبيل الموهبة آدم أوناس، موجود في لائحة الإدارة التقنية، وسيتم التواصل معه في الوقت المناسب، من أجل اللعب لفائدة المنتخبات الوطنية.
وعند العودة إلى أرشيف المقالات الصحفية المكتوبة في الصحف المغربية و الجزائرية، نجد أن كل بلد يتحسر على ضياع موهبة كسبها الطرف الآخر، ف "الصراع" المغربي الجزائري على المواهب الكروية، ليس وليد اليوم، إذ سبق أن تنافس الطرفان على المهدي بنعطية، الممارس في فريق يوفنتوس الإيطالي، ثم أدريان ريغاتن، وعندما اختار العميد بنعطية حمل قميص "أسود الأطلس"، شنت وسائل الإعلام الجزائرية "حربا" على اللاعب، وادعت أنه ندم على اختياره.