أبو المعاطي: مكتب الفوسفاط في الريادة .. وتطوير الأسمدة ضرورة إستراتيجية        "البارصا" تفشل في افتتاح "كامب نو"    الفترة الانتقالية بين الصيف والخريف تتسبب في ارتفاع الحرارة بالمغرب    الممثل الهوليوودي روبرت ريدفورد يفارق الحياة            "يكذب، يهرب".. أول كليب لنور يكشف بدايتها الرسمية في عالم الغناء    لوكسمبورغ تعتزم الاعتراف بفلسطين    إسبانيا تشترط للمشاركة في "يوروفيجن 2026" استبعاد إسرائيل    وزير الصحة يعفي مسؤولين بأكادير    انتخابات 2026 .. الاتحاديون يطالبون بلجنة وطنية و"روبوتات بالأمازيغية"    مايسة سلامة الناجي تلتحق بحزب التقدم والاشتراكية استعدادا للاستحقاقات المقبلة    المغرب يتقدم في مؤشر الابتكار العالمي    احتجاجات "مستشفى الموت" تدفع وزارة الصحة إلى إعفاء مسؤولين كبارا بجهة سوس ماسة    الأرصاد الجوية تحذر من زخات ورياح        ضوابط صارمة.. منع "التروتنيت" في المحطات والقطارات وغرامات تصل 300 درهم    حفل الإعلان عن الفائزين بجائزة علال الفاسي لسنة 2024    "التغذية المدرسية" تؤرق أولياء أمور التلاميذ    عصبة الأبطال الأوربية.. أرسنال يحرم من خدمات ساكا و أوديغارد في مواجهة بلباو    كلاسيكو الرجاء والجيش يلهب الجولة الثانية من البطولة الإحترافية    الأمير مولاي رشيد يلتقي الرئيس محمود عباس في الدوحة لبحث مستجدات العدوان على غزة وتعزيز العلاقات الثنائية    أدب الخيول يتوج فؤاد العروي بجائزة بيغاس            أساتذة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بطنجة يلوّحون بالتصعيد احتجاجًا على "الوضعية الكارثية"    الذهب يسجل ارتفاعا قياسيا مع تراجع الدولار قبيل اجتماع المركزي الأمريكي    تحقيق للأمم المتحدة يؤكد ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة    ترامب يقاضي صحيفة نيويورك تايمز بتهمة التشهير ويطالب ب15 مليار دولار تعويضًا    مجلة أمريكية: المغرب يفرض نفسه كإحدى أبرز الوجهات السياحية العالمية    مهرجان "موغا" يكشف برنامج "موغا أوف" بالصويرة    غزة تتعرض لقصف إسرائيلي عنيف وروبيو يعطي "مهلة قصيرة" لحماس لقبول اتفاق    الأداء الإيجابي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    أمرابط: رفضت عروضا من السعودية    دراسة: الأرق المزمن يعجل بشيخوخة الدماغ    صحافة النظام الجزائري.. هجوم على الصحفيين بدل مواجهة الحقائق        البنك الدولي يستعرض نموذج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في تقريره لسنة 2025    إلى متى ستظل عاصمة الغرب تتنفس هواء ملوثا؟            افتتاح الدورة الثانية من مهرجان بغداد السينمائي الدولي بمشاركة مغربية    قناة الجزيرة القطرية.. إعلام يعبث بالسيادة المغربية    فيدرالية اليسار الديمقراطي تنخرط في الإضراب العالمي عن الطعام تضامناً مع غزة    منظمة النساء الاتحاديات تدعو إلى تخصيص الثلث للنساء في مجلس النواب في أفق تحقيق المناصفة    في ذكرى الرحيل الثلاثين.. فعاليات أمازيغية تستحضر مسار قاضي قدور    موسكو تعزز علاقاتها التجارية والاقتصادية مع المغرب    بوصوف يكتب.. رسالة ملكية لإحياء خمسة عشر قرنًا من الهدي    الملك محمد السادس يدعو لإحياء ذكرى 15 قرناً على ميلاد الرسول بأنشطة علمية وروحية    مونديال طوكيو… البقالي على موعد مع الذهب في مواجهة شرسة أمام حامل الرقم القياسي    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية        الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    المصادقة بتطوان على بناء محجز جماعي للكلاب والحيوانات الضالة    أبرز الفائزين في جوائز "إيمي" بنسختها السابعة والسبعين    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب ومجلس التعاون الخليجي: انضمام كامل العضوية أم شراكة متقدمة؟
نشر في الدار يوم 21 - 01 - 2022

أدت التطورات والتداعيات، بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي وتكسير جدار برلين، إلى ظهور مفاهيم جديدة على صعيد العلاقات الاقتصادية الدولية، ترتبط أساسا بظاهرة العولمة وبروز تجمعات وتكتلات اقتصادية وتجارية حديثة إقليمية ودولية، والتي تجاوزت في معظمها الأهداف الاقتصادية لتشمل كافة مناحي الحياة المُعاصرة.
وقد أدت المصالح والأهداف المشتركة بين هذه الدول إلى إنشاء تكتلات مثل "الاتحاد الأوروبي" و"منطقة التجارة الحرة آسيان" و"منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية". وفي العالم العربي، تأسس "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" في 25 مايو 1981 خلال القمة الخليجية المُنعقدة بأبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة. وكانت المنطلقات واضحة في ديباجة النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي التي شدّدت على ما يربط بين الدول الست من علاقات خاصة، وسمات مشتركة، وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية، وإيمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف، وأن التعاون فيما بينها إنما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية.
ورغم أن "مجلس التعاون الخليجي" ظل يُحافظ على طابعه الإقليمي، باستثناء انفتاح محدود في بعض القطاعات على العراق واليمن، فإن أحداث الربيع العربي التي انطلقت نهاية 2010 وبداية عام 2011، أبانت عن الحاجة المُلحة لتعزيز التكتل الخليجي المغربي في إطار المنظومة العربية لتعزيز الاستقرار والتعاون الاقتصادي والتجاري بين هذه الدول وتحقيق توسع ذكي وبراغماتي من الناحيتين السياسية والاقتصادية. ومن هذا المُنطلق، وجه قادة دول مجلس التعاون الخليجي في 10 مايو 2011 بالرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، الدعوة إلى المملكة المغربية للانضمام للمجلس، ورحبوا بطلب الأردن بالانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي.
وقال الأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف الزياني، إنه "وتماشيا مع النظام الأساسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وميثاق جامعة الدول العربية.. وبُناء على طلب المملكة الأردنية الهاشمية الانضمام إلى المجلس، فقد رحب قادة دول المجلس بهذا الطلب"، وفي الجانب المغربي، قال البيان "وبناء على اتصال مع المملكة المغربية ودعوتها للانضمام، فقد فوض المجلس الأعلى للمجلس الوزاري لدعوة وزير خارجية المملكة المغربية للدخول في مفاوضات لاستكمال الإجراءات اللازمة لذلك".
وردت المملكة المغربية ببيان رحبت فيه بالدعوة للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، وأشادت بالعلاقات الأخوية المغربية-الخليجية وبروح التضامن بين الجانبين، وعبرت عن استعدادها الكامل لإجراء مشاورات معمقة مع مجلس التعاون الخليجي لوضع إطار للتعاون الأمثل مع هذه المنطقة المهمة في العالم العربي الإسلامي، وأكدت تمسك المغرب ببناء اتحاد المغرب العربي باعتباره خيارا استراتيجيا أساسيا للأمة المغربية.
منذ توجيه الدعوة الخليجية إلى المغرب للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، عام 2011 إلى الآن، تحققت الكثير من المكتسبات بين الجانبين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتم إنشاء لجان مشتركة خليجية-مغربية في مختلف القطاعات لتفعيل التعاون الأمثل بين الجانبين. لكن، في الواقع، لم يعد النقاش مطروحا حول الانضمام كامل العضوية، بل أصبح التركيز أساسا على الشراكة الخليجية-المغربية.
إن التكتل الإقليمي الخليجي-المغربي، رغم البعد الجغرافي، ستكون له انعكاسات إيجابية على التعاون الاقتصادي والتجاري العربي-العربي. وقد أثبتت هذه الشراكة منذ إعطاء انطلاقتها عام 2011 نجاحاتها في عدة مجالات منها، على وجه الخصوص، رفع مستوى الدعم السياسي للقضايا السياسية ذات الأولية للمغرب وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية، الشيء الذي أكد عليه قادة دول مجلس التعاون الخليجي بمساندتهم المطلقة للوحدة الترابية للمملكة المغربية، ورفض أي مساس بالسيادة المغربية على الصحراء، وهو ما أشاد به جلالة الملك محمد السادس في اتصالات مباشرة مع القادة الخليجيين.
وبالمقابل، أكد المغرب وقوفه الدائم إلى جانب الدول الخليجية في تعزيز أمنها واستقرارها ورفض أي مساس بالأمن القومي الخليجي خصوصا ما يرتبط بالتهديدات الإيرانية لدول المنطقة إلى درجة جعلت الرباط تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران. كما أن المغرب تعامل بحزم مع اعتداءات ميليشيات الحوثيين ضد الأراضي الإماراتية والسعودية، واستنكر بشدة ما تعرضت له أبوظبي من اعتداءات باستعمال الطائرات المسيرة من طرف الحوثيين، وعبر عن تضامنه مع دولة الإمارات ووقوفه ضد هذه التهديدات، وهذا ليس بغريب عن المغاربة الذين انضموا للقوات الخليجية في مواجهة الغزو العراقي للكويت، وشاركوا في قوات التحالف العربي لإعادة الشرعية إلى اليمن.
ومن الانعكاسات الاقتصادية الإيجابية لهذه الشراكة هو تقديم منحة خليجية للمغرب بقيمة 5 ملايير دولار بمساهمة أربع دول (الإمارات والسعودية وقطر والكويت) لتمويل مشاريع إنمائية في المرحلة الأولى، بينما كان من المتوقع تقديم منحة مماثلة في مرحلة ثانية لازالت لم تجد طريقها إلى الوجود، بالإضافة إلى إطلاق صناديق استثمارية مثل إنشاء صندوق "وصال كابيتال" عبر شراكة بين مؤسسات تتبع الصناديق السيادية في قطر والإمارات والكويت فضلاً عن المغرب بهدف استثمار ما بين 2.5 و4 مليار دولار في المشاريع السياحية في المملكة المغربية. والمؤسسات المعنية، تشمل "قطر القابضة" و"آبار للإستثمار" التابعة ل"صندوق (أبو ظبي" وصندوق "الأجيال" الكويتي و"الصندوق المغربي للتنمية السياحية".
وعلى الصعيد الاقتصادي، فإن المعارض والمؤتمرات الإقتصادية والاستثمارية التي نظمت بين الجانبين ساهمت في الانفتاح على رجال الأعمال المغاربة والخليجيين، وإطلاق مشاريع في قطاعات مختلفة. ولم تعد الاستثمارات الخليجية تقتصر على القطاعين العقاري والسياحي، بل تمتد إلى قطاعات الطاقة والطاقات المتجددة والصناعات الغذائية والزراعة والاتصالات إلى درجة أصبحت الاستثمارات الخليجية وعلى رأسها الاستثمارات الإماراتية تحتل المرتبة الثانية على صعيد الاستثمارات الخارجية في المغرب باستثمار يفوق 30 مليار دولار. بينما تضاعفت المبادلات التجارية بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي ثلاث مرات وتجاوزت 3 مليار دولار.
إن الشراكة المتقدمة بين المغرب ومجلس التعاون الخليجي من شأنها تعزيز دور هذا التكتل العربي على الصعيد الدولي بحكم الموقع الاستراتيجي للمملكة وعضويتها في عدد من التكتلات الإقليمية والدولية (حركة عدم الإنحياز، الاتحاد الإفريقي، منظمة التعاون الإسلامي، الشراكة المتقدمة مع الإتحاد الأوروبي…). وبالتالي، فإن هذا التكتل سيُساعد على الاستفادة من المزايا التي تتوفر لدى الطرفين الخليجي والمغربي أخذا بعين الاعتبار اتفاقيات التبادل الحر التي وقعها الجانبان مع الدول الكبرى والتكتلات الإقليمية والدولية.
إن الشراكة المتقدمة المغربية-الخليجية تكتسي أهمية بالغة من خلال تزايد الحاجة الماسة في العالم العربي لبناء التكتلات التي من شأنها تعزيز التعاون العربي-العربي، وتجاوز حالة الانقسام والخلافات العربية-العربية التي تنعكس سلبا على الاقتصاد والتجارة بين الدول العربية، خصوصا أننا نعيش في عالم معولم يسير نحو بناء تكتلات قوية تتحكم في الاقتصاد العالمي.
وختاما، فإن الآمال ستظل معلقة على الشراكة المغربية-الخليجية لتحقيق مزيد من التضامن والتنسيق السياسي، وإنشاء منطقة حرة مشتركة بين الجانبين، وإطلاق صناديق استثمارية مغربية-خليجية لدعم الأمن الغذائي والطاقات المتجددة والصناعة وتعزيز التعاون في مجال التصنيع العسكري وإنشاء "مجلس أعلى مغربي-خليجي" برئاسة قادة هذه الدول لرسم خارطة طريق مستقبل العلاقات المغربية الخليجية.
*باحث في العلاقات المغربية-الخليجية، ورئيس "ملتقي الإستثمار المغربي-الخليجي".
*مداخلة الباحث محمد آيت بوسلهام في ندوة "العلاقات المغربية-الخليجية: شراكة استراتيجية متعددة الجوانب" التي نظمتها "مؤسسة الفقيه التطواني" يوم الخميس 20 يناير 2022 عبر تقنية التناظر المرئي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.