لندن تنضم لركب الداعمين لمغربية الصحراء وتعتبر الحكم الذاتي حلا واقعيا    تشييع جثمان الراحل عبد الحق المريني إلى مثواه الأخير بمقبرة الشهداء            توقيف فرنسي بطنجة للاشتباه في ارتباطه بجرائم الاختطاف المقرون بالابتزاز وطلب فدية    الوزارة تمدد الدراسة لغير الممتحنين حتى 28 يونيو وتحدد مواعيد الامتحانات    بوريطة يؤكد تحسين بنية الاستقبال بميناء طنجة تزامنا مع عملية "مرحبا 2025"    بنسليمان تحتضن المحطة الثانية من مهرجان "أرواح غيوانية" يومي 5 و6 يونيو    تكريمات ومسابقات.. مهرجان الداخلة السينمائي يكشف عن برنامج الدورة ال13    المغرب الفاسي ينفصل عن مدربه توميسلاف ستيبيتش    المغرب يستعد لصيف سياحي تاريخي في 2025    فتح باب الزيارة لعائلات السجناء دون السماح بإدخال قفة المؤونة    خبراء في فاس يناقشون مصير الترجمة في عصر الذكاء الاصطناعي    العرائش… لقاء تحضيري لتنظيم النسخة الثانية من ملتقى ليكسوس للثقافة والتراث    موسم الحج.. منع تصوير ورفع الأعلام السياسية والمذهبية بالمشاعر المقدسة    الإصابات تضرب الأسود مجددا قبل وديتي تونس والبنين والركراكي ينادي على زحزوح لتعويض دياز    بورصة الدار البيضاء تفتتح تداولاتها على وقع الارتفاع    سطات تقرر إغلاق رحبة بيع المواشي    23.4 مليون مليونير في العالم.. عدد الأثرياء وحجم ثرواتهم في أعلى مستوى تاريخي    بعد نفاد التذاكر.. الجامعة تعلن إجراء مباراة المغرب وتونس بشبابيك مُغلقة    يوميات حاج (5): "يوم التروية" في مِنى .. مقام النيّة ومهد السكينة    دراسة: الإفراط في الأطعمة المصنعة قد يسرّع أعراض باركنسون    طبيب مغربي يروي فظائع الحرب في غزة: ما رأيته لا يخطر على بال بشر!    على هامش تصريح بنكيران بين الدين والسياسة: حدود الفتوى ومسؤولية الخطاب العمومي    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    توتر بين الصيادلة ووزارة الصحة بعد إعلان مراجعة تسعيرة الأدوية دون تشاور        الهيئة العالمية للملاكمة تمنع إيمان خليف مؤقتا حتى إثبات هويتها البيولوجية    أشرف حكيمي بعد تتويجه بدوري الأبطال: لحظة استثنائية وفخور بحمل علم بلدي    عندما يخرج النص عن النص! أو وقفة أمام امتحان إشهادي غير موفق    لامين يامال: اللعب مع ريال مدريد "مستحيل"    ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية    الحجاج يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية    السفير الصيني بالمغرب يكتب: صين واحدة فقط – العدالة التي ندافع عنها معًا    وجدة.. وضع حد لنشاط شبكة إجرامية تنشط في تزوير وتزييف المعطيات التقنية للسيارات    تراجع معدل الخصوبة في اليابان إلى مستوى قياسي    أكثر من مليون مسلم يبدأون الحج    مقتل 12 فلسطينيا في قطاع غزة    الجيش المغربي يعزز ترسانته بمدرعات أميركية تستعملها جيوش نخبوية    "الخرف الحيواني" يصيب الكلاب والقطط مع التقدم في العمر    السبّاح الصيني تشن سووي يعبر مضيق جبل طارق بين طريفة وطنجة في إنجاز فريد بعمر 57 عامًا    مجد من المغرب يشارك في سباق قوارب التنين في نانتشانغ: تجربة مشوقة في قلب تقاليد مهرجان القوارب التنينية    غياب دياز عن وديتي تونس وبنين والزلزولي يثير الشكوك    الوداد يعسكر في "مدرسة لاندون"    فيديو الاعتداء على سيارة نقل العمال بطنجة يقود إلى توقيف المتورط الرئيسي    لقاء دبلوماسي رفيع بين سفيري باكستان والصين في الرباط يؤكد على التعاون الاستراتيجي وتحذير بشأن اتفاقية المياه    السبّاح الصيني تشن سووي يعبر مضيق جبل طارق بين طريفة وطنجة في إنجاز فريد بعمر 57 عامًا    ODT تقود وقفة الكرامة بالإذاعات الجهوية: وحدة الصف المهني في مواجهة التحديات    800 سنة من الصداقة .. المغرب وبريطانيا يرسمان ملامح شراكة مستقبلية واعدة    البرلمان البيروفي يحتفي برئيس مجلس المستشارين ويجدد دعمه لمغربية الصحراء    يوميات حاج (4): السعي .. درب الخوف واليقين بين الصفا والمروة    الناظور.. نفاد حقنة تحمي الرضع من أمراض الرئة    الفنانة سميحة أيوب تغادر بعد مسيرة فنية استثنائية        وفاة الفنانة سميحة أيوب "سيدة المسرح العربي" عن عمر 93 عاماً    السينما المغربية تتألق في مهرجان روتردام    السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    البرازيل تحقق في 12 إصابة جديدة مشتبه بها بإنفلونزا الطيور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تندوف مشتل لصناعة الإرهاب والتطرف في الغرب والساحل الإفريقي
نشر في الدار يوم 22 - 05 - 2025

تتصاعد في الآونة الأخيرة التحذيرات الدولية والإقليمية بشأن تنامي التهديدات الأمنية القادمة من منطقة الساحل الإفريقي، حيث تطرح مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر كأحد أبرز بؤر الهشاشة الأمنية في المنطقة، ليس فقط بسبب غياب الرقابة الدولية الفعلية، ولكن كذلك بفعل تزايد المؤشرات على إستغلال الجماعات الإرهابية لهذه المنطقة المعزولة، سواء لأغراض التجنيد أو كنقطة عبور نحو مناطق التوتر في الساحل وغرب إفريقيا.
لقد شكلت تندوف ، منذ عقود فضاءا معزولا يحتضن مخيمات تخضع لسيطرة جبهة بوليساريو، وسط ظروف إجتماعية وإقتصادية متردية، تنتج قابلية مرتفعة للإستقطاب والتطرف، خاصة في صفوف الشباب المحبط والمهمش. وقد رصدت تقارير أمنية صادرة عن جهات أوروبية وإفريقية تنامي ظاهرة إرتباط بعض عناصر البوليساريو بشبكات تهريب البشر والسلاح والمخدرات، بل وبتنظيمات إرهابية تنشط في منطقة الساحل، مما حول هذه المخيمات عمليا إلى فضاء رمادي خارج سيادة الدولة الجزائرية والتي تديرها مخابراتها العسكرية ، واقع يستغله المتطرفون للتموين والتجنيد ونقل العتاد.
لقد تقاطعت هذه المعطيات مع مؤشرات ميدانية على تورط عناصر من البوليساريو في دعم أو تسهيل تحركات جماعات مسلحة تنتمي إلى ما يسمى "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، التي تنشط في مالي والنيجر وبوركينا فاسو. وقد تم توثيق حالات تعاون لوجستي وتنسيق عسكري في مناطق قريبة من الحدود الجنوبية، ما يطرح أسئلة خطيرة حول تحول بوليساريو، و أجنحتهت الداخلية، إلى فاعل مدعوم من دولة أو أكثر ، (الجزائر -إيران ) يهدد الأمن الجماعي في المنطقة.
أمام هذا الوضع المتفاقم، أطلق المغرب مبادرة إستراتيجية أطلقت عليها المملكة ، المبادرة الأطلسية، وهي رؤية تستهدف تحويل الساحل وإفريقيا الأطلسية إلى فضاء للتعاون الأمني والتنموي المتكامل، بما يعزز قدرات الدول الإفريقية على مواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة. مبادرة لقيت تجاوبا ملحوظا من دول غرب إفريقيا، التي تجد في النموذج المغربي شريكا مؤسساتيا موثوقا يمتلك رصيدا محترما في مكافحة التطرف والإرهاب ،وتعزيز القدرات الأمنية الذاتية.
وفي ظل تراجع الحضور الدولي، خاصة بعد إنسحاب القوات الفرنسية من مالي، وتعثر التحالفات الغربية، برز فراغ إستراتيجي خطير حاولت روسيا ملأه عبر مجموعات أمنية خاصة تقود عمليات و تدخلات عسكرية بالوكالة، مثل قوات فاغنر ، مما زاد من تعقيد المشهد الإقليمي، ورفع من منسوب التوتر والإضطراب، وأعطى فرصا أكبر للجماعات المتطرفة كي تمدد نفوذها في مناطق شاسعة من الساحل و الصحراء.
إن الآفاق المستقبلية توحي بمزيد من التحديات الأمنية المعقدة. فمن جهة، يتوقع أن تتكاثف الضغوط الدولية على الجزائر من أجل إخضاع تندوف لرقابة أممية شفافة، أو على الأقل تمكين وكالات الأمم المتحدة من القيام بمهام التحقيق والرصد. ومن جهة أخرى، قد تتجه دول الساحل نحو ترتيبات أمنية بديلة، تقودها قوى إقليمية فاعلة كالمغرب، لتعويض الفراغ الناتج عن انهيار المنظومة الأمنية التقليدية. أما على المدى البعيد، فإن الجزائر ستكون مدعوة إلى مراجعة إستراتيجيتها القائمة على الإنكار والمواجهة، والانخراط بدل ذلك في منطق التعاون الإقليمي الجماعي، قبل أن تنفلت الأوضاع بما لا يمكن احتواؤه.
ختاما ، تندوف اليوم لم تعد مجرد مخيمات لجوء، بل تحولت بفعل الإهمال والتسييس إلى نقطة سوداء مقلقة، تهدد الإستقرار في شمال إفريقيا الغرب الإفريقي. وإذا لم تتم إعادة النظر جذريا في طريقة تدبير هذا الملف، فإن المنطقة برمتها ستكون أمام سيناريوهات إنفجار أمني.
في المقابل، تمثل المبادرة المغربية فرصة حقيقية لتأسيس مقاربة جديدة، تؤسس لإستقرار دائم قائم على الأمن والتنمية وإحترام القانون الدولي، بعيدا عن الحسابات الضيقة والنزاعات المصطنعة.
*محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.
خبير في نزاع الصحراء المغربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.