مدرب السنغال: من الجيد تحقيق الفوز في المباراة الأولى ولدينا مجموعة قوية تلعب بأساليب مختلفة    نيجيريا تفوز على تنزانيا بملعب فاس    تبادل إطلاق النار وإجهاض محاولة تهريب 458 كغ من الشيرا بورزازات    اتفاقية تجلب ميناء جديدا للصويرة    وهبي: الحكومة عجزت عن حماية حياة الناس.. وأكره نقاش الإثراء غير المشروع    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (الجولة 1/المجموعة 4).. منتخب السنغال يفوز على نظيره البوتسواني (3- 0)    تكريم الفنان عبد الكبير الركاكنة في حفل جائزة النجم المغربي لسنة 2025    فجيج في عيون وثائقها    منتخب الكونغو الديموقراطية يستهل مشواره بفوز على نظيره البينيني (1-0)    مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا    وزير العدل: "القانون لا يسعف دائما" لتنفيذ أحكام الأجراء ضد شركات في أزمة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء قريب من التوازن    تقتسم صدارة المجموعة الثانية رفقة جنوب إفريقيا .. مصر تنجو من كمين زيمبابوي بفضل خبرة صلاح    تساقطات ثلجية وأمطار قوية بعدد من المناطق    164 ألف صانع مسجلون بالسجل الوطني للصناعة التقليدية    الهيئة الوطنية للمعلومات المالية.. تقديم التقرير السنوي برسم 2024 لرئيس الحكومة    إيطاليا تغر م شركة "آبل" أزيد من 98 مليون أورو لخرقها قواعد المنافسة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    بالأحضان يا أهل الكان ..وعلى بركة الله        منصة رقمية للطلبات والسحب عند الرشد .. تفاصيل الإعانة الخاصة لليتامى    فتح تحقيق مع 8 أشخاص متورطين في المضاربة في تذاكر الكان    الأغنية الرسمية لكان المغرب-2025 "AFRICALLEZ" أنشودة الوحدة    الولايات المتحدة توافق على أول نسخة أقراص من علاج رائج لإنقاص الوزن    "أكديطال" تستحوذ على مجموعة تونسية    في عالم الخداع الشامل، يصبح قول الحقيقة فعلاً ثورياً    الصحافة الإسبانية تشيد ب"كان المغرب" وتبرز جاهزية المملكة لكأس العالم    تشجيعات المغاربة لمنتخب "الفراعنة" تحظى بإشادة كبيرة في مصر    وزارة العدل الأميركية تنشر 8 آلاف وثيقة جديدة في قضية "إبستين"    قناة كندية تصنّف المغرب ضمن "سبع وجهات الأحلام" للسياح الكنديين نهاية العام    اليوم العالميّ للغة الضّاد    "البيجيدي" ينبه إلى الأزمة الأخلاقية والتحكمية في قطاع الصحافة ويحذر من مخاطر الاختراق الصهيوني    اضطراب جوي قوي يهم عدداً من مناطق المغرب والأرصاد تدعو إلى الحذر    كأس إفريقيا .. برنامج مباريات الثلاثاء    قناة كندية تصنف المغرب ضمن "سبع وجهات أحلام" للسياحة    بستة أصوات مقابل خمسة.. مجلس المستشارين يمرّر مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة وسط انتقادات لغياب البرلمانيين    ارتفاع أسعار الذهب إلى مستوى قياسي    النفط يتراجع مع تقييم الأسواق للمخاطر الجيوسياسية مقابل عوامل سلبية        تراجع مستمر في معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم ببلادنا    بنسبة %52.. نمو قياسي في مرافق شحن السيارات الكهربائية بالصين    دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    دراسة صينية: تناول الجبن والقشدة يقلل من خطر الإصابة بالخرف    ترامب يوجه تحذيرا جديدا إلى مادورو    كيوسك الثلاثاء | الحكومة تعالج ملفات الترقي والأقدمية والحراسة بالمستشفيات    غضب دانماركي وأوروبي من تعيين موفد أمريكي في غرينلاند وترامب يعتبر الجزيرة "حاجة أمنية"    إسرائيل تقتل ثلاثة عناصر من حزب الله    ميسور: حملة واسعة لتوزيع المساعدات الإنسانية لفائدة الأسر بالمناطقة الأكثر هشاشة بجماعة سيدي بوطيب    ماذا تريد الدولة من اعتقال الأستاذة نزهة مجدي؟    تراجع عن الاستقالة يُشعل الجدل داخل ليكسوس العرائش لكرة السلة... وضغوط في انتظار خرجة إعلامية حاسمة    في ندوة وطنية بأزمور لمختبر السرديات: الخطاب والمرجع في النقد المغربي    خطر صحي في البيوت.. أجهزة في مطبخك تهاجم رئتيك    تيسة تحتضن إقامة فنية في الكتابة الدرامية والأداء لتعزيز الإبداع المسرحي لدى الشباب    وفاة الممثل الأمريكي جيمس رانسون انتحارا عن 46 عاما    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب "بابلو إسكوبار والدي"… الدار تقدم النسخة العربية (الحلقة 5)
نشر في الدار يوم 11 - 12 - 2019


الفصل الثاني
ما هو مصير المال؟ (1)
عند العودة إلى "ريسيدينسياس تيكينداما"، بتاريخ الثالث من دجنبر 1993 بعد الرحلة المؤلمة والفجائية لدفن رفات والدي في ميديين، اتخذنا قرارا لا رجعة فيه بضرورة عيش حياة طبيعية في حدود ما تسمح به الظروف.
أنهيت أنا وأمي ومانويلا للتو أول أربع وعشرين ساعة الأكثر مأساوية في حياتنا، لأننا لم نتحمل ألم الفقدان بتلك الطريقة العنيفة لرأس الأسرة فحسب، وإنما كان الدفن أكثر صدمة.
وسبب ذلك أنه ساعات على تأكيد آنا مونتيس، المديرة الوطنية للنيابة العامة، شخصيا خبر موت والدي، اتصلنا بمقبرة "كامبوس دي باث" في ميديين ورفضوا الموافقة على الدفن؛ نفس الشيء كان سيحصل في "خاردينيس دي مونتيساكرو" لولا أن بعض أقارب محامينا في تلك الفترة، فرانثيسكو فيرناندث، كانوا مالكين للمكان.
وكانت جدتي إيرميلدا تمتلك في المقبرة مكانين قررنا دفن والدي وألفارو دي خيسوس أغوديلو، الملقب ب "ليمون"، آخر حارس كان في رفقته.
وبعد تقييم مخاطر حضور مراسيم الدفن، خالفنا للمرة الأولى أمرا قديما لوالدي: "لا تذهبوا للمقبرة عند موتي، فقد يحصل شيء هناك". وأضاف بضرورة عدم إحضار ورود ولا حتى زيارة قبره.
ومع ذلك قالت أمي إنها ستذهب إلى ميديين ضدا على رغبة بابلو.
–حسنا سنذهب جميعا وإن قتلونا فليحدث إذا –هذا ما قلته واكترينا طائرة للتوجه إلى ميديين رفقة حارسين عينتهما النيابة العامة.
وبعد أن حطت الطائرة في مطار "أولايا هيريرا" وتجاوُزِ الحصار الذي فرضه عشرات الصحفيين ممن خاطروا بأنفسهم بعبور المدرج قبل أن تتوقف الطائرة. نقلت مانويلا وأمي على متن سيارة رباعية الدفع حمراء اللون وأنا وصديقتي على متن أخرى سوداء.
وما إن وصلنا إلى "خاردينيس دي مونتيساكرو" حتى اعترني دهشة عظيمة وأنا أرى حشود الحاضرين. ولقد كنت شاهدا على حب الناس البسطاء لوالدي، ولشد تأثري وأنا أسمع نفس الشعارات التي كانت تطلق حينما كان يدشن الملاعب الرياضية أو المراكز الصحية في المناطق المهمشة: "بابلو، بابلو، بابلو".
وبين الفينة والفينة كان العشرات يحيطون بالسيارة الحمراء ويشرعون في ضربها بشكل عنيف وهي تتوجه نحو المكان المخصص لدفن والدي. وسألني أحد حراس النيابة العامة وهو قلق إن كان بإمكانه النزول، فاستنتجت بداهة أن شيئا سيئا قد يحدث وأجبته بفكرة الانسحاب والتوجه إلى إدارة المقبرة وانتظار أمي وأختي. وفي تلك الأثناء تذكرت تحذير والدي وقررت أن من باب الحذر التراجع خطوة إلى الوراء.
ودخلنا أحد المكاتب وبعد مرور دقائق جاءت الكاتبة وهي مرتعبة تبكي، وقالت إن أحدهم تحدث للتو عن إعلان هجوم. خرجنا نهرول وركبنا السيارة السوداء مجدد وظللنا هناك إلى أن انتهى كل شيء. ظللت هناك على بعد حوالي ثلاثين مترا، لكني لم أستطع حضور مراسيم الدفن، لم أستطع قول كلمة وداع لأبي.
وفي لحظة عادت والدتي ومانويلا وذهبنا إلى المطار للتوجه إلى بوغوتا. أحسست بنفسي منهارا محتقرا. وأتذكر أنه قبل الوصول إلى الفندق بعدة أمتار توقفنا عند إحدى إشارات المرور. ورأيت في الخارج خلف الزجاج المدرع رجلا يضحك ملئ شدقيه على الرصيف، لكن بعد التدقيق رأيت أنه كان يفتقد إلى أطرافه الأربعة. دفعتني تلك الصورة القاسية إلى التأمل في أنه ما دام ذلك الشخص المعاق لم يفقد القدرة على الضحك، فما هو عذري لأشعر بذلك القدر من الأسى. ولقد حُفرت صورة وجه ذلك الشخص المجهول في ذاكرتي إلى الأبد، كما لو أن الله وضعه هناك ليبعث لي رسالة تطمين.
وبالعودة إلى "ريسيدينسياس تيكينداما"، عرفنا أن الراحة التي كنا نبحث عنها بعد موت والدي عابرة وأننا سنحط عما قريب في الواقع الغامض الذي كان ينتظرنا. ولم يسبب لنا ما وقع لوالدي آلاما عميقة فحسب، بل تأكدنا من أن الحجز في ذلك الفندق في مركز بوغوتا محاطين بعملاء سريين وبعشرات الصحفيين المتربصين سيكون متعبا جدا.
وظهر في نفس الوقت شبح قلة المال كأنه كابوس مزعج. كيف لا ووالدي مات وليس لنا أحد نطلب منه المساعدة.
كنا ننزل في فندق بوغوتا المكلِّف منذ 29 نونبر، بعد رجوعنا من السفر الفاشل إلى ألمانيا، ولتقليل الخطر على محيطنا اكترينا الطابق التاسع والعشرين بأكمله لنقطن في خمس غرف فقط. بدأت وضعيتنا الاقتصادية تتأزم في أواسط دجنبر بعدما أرسل الفندق أول فاتورة للإقامة والمأكل شملت للمفاجأة استهلاك كل عناصر أمن الدولة.
وكانت التعريفة فلكية بسبب المأكولات والمشروبات المفرطة التي طلبها من كانوا يعتنون بنا. كانوا يتناولون الجمبري وسرطان البحر وأطباق فواكه البحر واللحوم الطيبة، بالإضافة إلى كل أنواع الخمور، سيما الويسكي منها. يبدو أنهم كانوا يختارون الأطباق والماركات الغالية.
دفعنا الفاتورة، لكن القلق من نفاذ المال كان يزداد كل حين ولم يبد أي حل في الأفق، إلى اللحظة التي قدم فيها عماتي ألبا مارينا ولوث ماريا وزوجها ليوناردو وأبناؤهما الثلاثة ليوناردو وماري لوث وسارة. لقد استحسنا الزيارة مع أنهم لم يأتوا إلينا منذ عدة أسابيع وأن العلاقة العائلية لم تكن على ما يرام.
وأخيرا جاء أحد تستطيع أختي أن تلعب معه بدماها، فقد قضت حوالي العام محتجزة لا تستطيع النظر عبر النافذة حتى، دون أن تعلم أين كانت ومن دون أي تفسير لسبب وجود أزيد من عشرين رجلا بأسلحتهم حولها، كما لو كانوا ينتظرون حربا تنشب.
جلسنا حول المائدة في غرفة الأكل، وبعد الحديث عن كل ما حدث في الأسابيع الأخيرة، تطرقت والدتي إلى قلقها من نفاذ المال. توقفنا عند الموضوع وقتا مهما، ووقع في خلدي أن ألبا مارينا ستكون الشخص المناسب لاسترجاع كمية غير محددة من المال بالدولار سبق وأخفاها والدي في مكانين مختلفين في المنزل الأزرق وذلك بسبب الموقف المتفهم والكريم الذي أبدته عائلة والدي. واعتقدت أن الوقت قد حان لاسترجاعها والحصول على نوع من الرخاء الاقتصادي.
جلست على الكرسي المجاور، وقبل أن أقترح عليها الأمر، تذكرت أن الشقة التي كنا نجلس فيها موضوع تنصت من طرف السلطات، إذ لم تكن تراقب الهواتف فحسب، وإنما قامت بزرع الميكروفونات في كل زاوية من الزوايا لأسباب أمنية. وسبق لي وبحثت عن تلك الأجهزة لدرجة الإرهاق، فقد فككت المصابيح والهواتف والأثاث وكل الأجهزة، وفتشت في قواطع الكهرباء، لكني لم أستفد إلا أن تسببت في قطع التيار كهربائي فانطفأت الأنوار في الطابق ككل.
في الأخير آثرت أن أسر لها في أذنها، وقبل أن أفعل ذلك شغلت التلفاز ورفعت صوته، ثم أخبرتها أنه حينما كنا نعيش في المنزل الأزرق أثناء فرارنا قرر والدي في ليلة من الليالي وضع جرد للوضع الاقتصادي. وبينما كان الجميع ينام أخذني إلى مكانين في المنزل، أحدهما في الغرفة القريبة من المدفئة والآخر في ساحة الملابس خلف حائط سميك، حيث أمر ببناء الأماكن. أراني الصناديق حيث أخفى المال نقدا وقال إنه باستثنائه هو وأنا الآن، الوحيد الذي كان يعلم ذلك المكان هو غوردو. وأضاف أن أمي لا تعلم ولا أخت،ي ولا حتى أشقاؤه يجب أن يعرفوا ذاك السر.
وحسب ما قال لي والدي –واصلت سرد القصة بينما كانت عمتي تستمع بانتباه– فالصندوقين فيهما ما يكفي للانتصار في الحرب والتعافي ماليا. ولهذا، حذرني، كان يجب علينا إدارتهما جيدا. وأخبرني أيضا أنه أمر بإحضار ستة ملايين دولار أخرى لأخيه روبرتو، ثلاثة لمصاريفه في السجن والثلاثة المتبقية يوفرها لنا. وختم الحديث بالقول إنه في حال حدث له شيء ما، فقد أعطى روبرتو أمرا واضحا بإعطائنا المال.
أنهيت القصة وذهبت إلى صلب الموضوع:
–عمتي، هل تتجرئين على الذهاب إلى ميديين في خضم تلك الحرب لاستعادة المال المخفي في الصندوقين؟ ليس لنا أحد آخر نطلب منه هذا المعروف ونحن كما ترين يتعذر علينا الذهاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.