الدمناتي: مسيرة FDT بطنجة ناجحة والاتحاد الاشتراكي سيظل دائما في صفوف النضال مدافعا عن حقوق الشغيلة    تيزنيت: الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب ينظم تظاهرته بمناسبة فاتح ماي 2025 ( صور )    عندما يهاجم بنكيران الشعب.. هل زلّ لسانه أم كشف ما في داخله؟    وزراء خارجية "البريكس" وشركاؤهم يجتمعون في ريو دي جانيرو    كأس إفريقيا لأقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي يدشن مشاركته بفوز صعب على كينيا    في عيد الشغل.. أمين عام حزب سياسي يتهم نقابات بالبيع والشراء مع الحكومة    صادرات الفوسفاط بقيمة 20,3 مليار درهم عند متم مارس 2025    تنفيذ قانون المالية لسنة 2025.. فائض خزينة بقيمة 5,9 مليار درهم عند متم مارس    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينتصر على كينيا ويشارك الصدارة مع نيجيريا قبل المباراة المرتقبة بينهما    أمطار طوفانية تغمر زاكورة.. وسيول كادت تودي بأرواح لولا تدخل المواطنين    الشرطة الإسبانية تعتقل زوجين بسبب احتجاز أطفالهما في المنزل ومنعهم من الدراسة    كلية الناظور تحتضن ندوة وطنية حول موضوع الصحة النفسية لدى الشباب    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    فرنسا.. ضبط 9 أطنان من الحشيش بعد سطو مسلح على شاحنة مغربية قرب ليون (فيديو)    فوائد القهوة لكبار السن.. دراسة تكشف علاقتها بصحة العضلات والوقاية من السقوط    نشرة إنذارية: زخات رعدية وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    كرة القدم.. برشلونة يعلن غياب مدافعه كوندي بسبب الإصابة    توقيف لص من ذوي السوابق لانتشاله القبعات بشوارع طنجة    لماذا أصبحت BYD حديث كل المغاربة؟    عمر هلال يبرز بمانيلا المبادرات الملكية الاستراتيجية لفائدة البلدان النامية    موخاريق: الحكومة مسؤولة عن غلاء الأسعار .. ونرفض "قانون الإضراب"    رحيل أكبر معمرة في العالم.. الراهبة البرازيلية إينا كانابارو لوكاس توفيت عن 116 عاما    المركزيات النقابية تحتفي بعيد الشغل    "تكريم لامرأة شجاعة".. ماحي بينبين يروي المسار الاستثنائي لوالدته في روايته الأخيرة    باحثة إسرائيلية تكتب: لايجب أن نلوم الألمان على صمتهم على الهلوكوست.. نحن أيضا نقف متفرجين على الإبادة في غزة    اتحاد إنجلترا يبعد "التحول الجنسي" عن كرة القدم النسائية    المغرب يجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 9.16 مليار درهم في ثلاثة أشهر    تقرير: المغرب بين ثلاثي الصدارة الإفريقية في مكافحة التهريب.. ورتبته 53 عالميا    الحكومة تطلق خطة وطنية لمحاربة تلف الخضر والفواكه بعد الجني    تراجع طفيف تشهده أسعار المحروقات بالمغرب    أمل تيزنيت يرد على اتهامات الرشاد البرنوصي: "بلاغات مشبوهة وسيناريوهات خيالية"    المملكة المتحدة.. الإشادة بالتزام المغرب لفائدة الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل خلال نقاش بتشاتام هاوس    معرض باريس.. تدشين جناح المغرب، ضيف شرف دورة 2025    عادل سايح: روح الفريق هل التي حسمت النتيجة في النهاية    العثور على جثة مهاجر جزائري قضى غرقاً أثناء محاولته العبور إلى سبتة    تسارع نمو القروض البنكية ب3,9 في المائة في مارس وفق نشرة الإحصائيات النقدية لبنك المغرب    الإسباني لوبيتيغي يدرب منتخب قطر    السكوري بمناسبة فاتح ماي: الحكومة ملتزمة بصرف الشطر الثاني من الزيادة في الأجور    أغاثا كريستي تعود للحياة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي    دول ترسل طائرات إطفاء إلى إسرائيل    الإعلان في "ميتا" يحقق نتائج أرباح ربعية فوق التوقعات    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدعو الحكومة إلى تحسين الأجور بما يتناسب والارتفاع المضطرد للأسعار    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    أكاديمية المملكة تشيد بريادة الملك محمد السادس في الدفاع عن القدس    الدار البيضاء ترحب بشعراء 4 قارات    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توم هانكس مبدع يمتطي الصعاب

ولد توم جيه هانكس في مدينه كونكورد بولاية كاليفورنيا في 9يوليو عام 1956, ولد توم لأب يعمل طباخ متجول بين الولايات وأم تعمل في مستشفى وكان الثالث بين أشقائه، تعرض توم لصدمة كبيرة في حياته عام 1961حينما قرر أبواه الطلاق ولم يكن قد تجاوز الخامسة من عمره بعد، احتفظ الأب اموس توم هانكس بتوم واثنان من أخوته ساندرا ولاري, بينما بقى الأخ الأصغر جيم مع أمة جانيت توم هانكس ,

مهداة إلى صديقي العزيز المخرج الشاب مالك القلاف
لن يصدق أحد بأن هذا النجم الساطع في سماء هوليوود , هو نفسه ذلك الطفل الذي عاش حياة قاسية بائسة , ينتقل من بلد إلى آخر , بصحبة أبيه الذي كان يعمل طباخا متجولاً , يكسب قوته القليل بالجهد و العرق و الدموع ؟ .

ولد توم جيه هانكس في مدينه كونكورد بولاية كاليفورنيا في 9يوليو عام 1956, ولد توم لأب يعمل طباخ متجول بين الولايات وأم تعمل في مستشفى وكان الثالث بين أشقائه، تعرض توم لصدمة كبيرة في حياته عام 1961حينما قرر أبواه الطلاق ولم يكن قد تجاوز الخامسة من عمره بعد، احتفظ الأب اموس توم هانكس بتوم واثنان من أخوته ساندرا ولاري, بينما بقى الأخ الأصغر جيم مع أمة جانيت توم هانكس , بحكم عمل الأب كطباخ في المطاعم أجبرت تلك العائلة على التنقل باستمرار من بيت إلى بيت ومن مدرسة إلى مدرسة مما جعل توم هانكس ينشأ في ظروف لا تلاءم الطفولة الطبيعية, فأصبح خجولا لعدم قدرته على تكوين علاقات و صداقات في فترة زمنية قصيرة, ولم يساعد زواج الوالد اموس مرتان بعد انفصاله عن والدة توم هانكس في تحسين وضعهم الاجتماعي و العائلي و بالتالي وصف توم هانكس حياته بسخرية و مرارة عندما بلغ العاشرة من عمره بجملة تدل على مدى تأثره بهذه الفوضى من جراء هذا الطلاق و هذه الطفولة البائسة فقال "أستطيع أن اصف طفولتي هكذا, ثلاث أمهات , خمس مدارس ابتدائية و عشر منازل".

بدأ "توم هانكس" حياته الفنية بولاية كاليفورنيا حيث بدأت موهبته في الظهور من خلال بعض المسرحيات المدرسية في ثانوية سكايلاين حيث بدأ اهتمام توم في التمثيل . وكان معجباً بدور يؤديه احد أصدقائه لدراكولا . بعد ذلك تمكن من الحصول على دور مدير خشبة المسرح في مسرحية "سيدتي الجميلة" و بعد ذلك حصل على دور آخر في Night Of The Iguana بينما دوره الأخير في تلك المدرسة الثانوية Twelfth Night and South Pacific مكنه من الحصول على جائزة أفضل ممثل .
بعد ذلك أكمل توم دراسته في جامعة كاليفورنيا ومن ثم انتقل إلى ولاية نيويورك محاولا إيجاد عمل بعد أن تطورت قدراته التمثيلية حيث شارك في عدة مسلسلات تلفزيونية , كان أهمها المسلسل الكوميدي (( سبلاش )) وفي تلك الفترة تزوج من سامنتا لويس عام 1978 واستمر هذا الزواج إلى عام 1985 حيث يشاع بأن توم هانكس قد أمضى سنوات عديدة في معالجة مشاكله الشخصية التي ظلت تأخذ بتلابيبه فلا يجد فكاكاً إثر طفولة بائسة في أسرة محطمة ومفككة الأوصال وبعد طلاق مدمر.
وإذا كان زواجه الثاني الذي جمعه بالممثلة ريتا ويلسون قد اكتسى بثوب السعادة والرضا، فإن زواجه الأول من زميلته سامانثا لم يكن سوى سلسلة من الإنتكاسات والمشاكل التي انتهت بالطلاق بعدما تحطم ذلك الزواج على صخرة الاتهامات المتبادلة والضغائن والملاسنات الحادة.
وقد بدأت تلك الخبايا والخفايا تسفر عن وجهها وتكشر عن أنيابها بعد أن أصاب توم نصيباً من النجاح لأول مرة في فيلمه الناجح سبلاش (Splash) وبعد أن قابل ريتا - الأمر الذي أثار حفيظة زوجته سامانثا فاندفعت على الفور إلى محكمة الأحوال الشخصية مطالبة بالطلاق. وقد تحدثت في هذا الصدد فقالت: «إن زوجي دأب على إهانتي ودرج على إساءة معاملتي مما سبب لي إحباطاً عاطفياً حاداً». وأدلت أيضاً بإفادات أمام المحكمة ذكرت فيها أن توم هددها بحرمانها من الملايين التي حصل عليها من السينما إذا رفضت الإذعان لرغباته والرضوخ لطلباته. وأكدت ذلك بقولها: «إن زوجي أوضح لي خلال الشهرين المنصرمين أنني إذا لم أوافق على أشياء معينة سوف لن أحصل على دعم أو مساندة».
وقد ارتأى القاضي أن القضية جادة وخطيرة لدرجة تقتضي إصدار أمر تقييدي بحق النجم الهوليوودي؛ هو أمر يقضي بحظره وتحذيره عن زوجته السابقة. وهكذا وجد توم نفسه في دوامة بسبب هذا الطلاق حتى أن الأمر تطلب منه تعاطي العقاقير والعلاج للتمكن من اجتياز المحنة.
وبعد أن خرج توم من حياة سامانثا وترك طفليهما كولين البالغ من العمر سبع سنوات وإليزابيث التي أكملت ربيعها الثالث، بدأت الاعترافات تترى تباعاً على لسانه. فقد أقر بأنه لم يكن دائماً بجانبهم عندما يكونون في حاجة إليه. وأردف يقول: «ظللت أتساءل: «ليت شعري، هل كنت بطلاً أمام طفليَّ؟»، حيث اعترف بأنه لم يكن يتكفلهما بالرعاية والعناية كما ينبغي.
وواصل اعترافاته قائلاً: «كانت لديَّ بعض المشاكل الشخصية, وكل ما في الأمر هو أنني تماديت ومضيت معانداً في الغي بعض الشيء. لقد أبعدني عملي كثيراً من منزلي. وأعتقد أن صرح زواجي قد انهار بعد خمس سنوات لذات الأسباب التي تفضي إلى إنهاء أي علاقة زوجية. إنه انعدام التواصل وغياب التفاهم مع الطبيعة الجوهرية للعلاقة بين الزوجين. ومن المؤكد أن قطار الأبوة فاتني في غمرة هذه الأحداث ولم أتمكن من اللحاق به».
وربما كان هذا هو سر المناشدة المستمرة والإلتماسات المتواصلة التي يطلقها توم. وخلافاً للعديد من نجوم هوليوود، فإن توم كان أميناً مع نفسه لأبعد الحدود وصادقاً فيما يتعلق باخفاقاته وأخطائه. وهو بطبيعة الحال، وكشأننا جميعاً، ليس كاملاً أو مبرأً من كل نقيصة وعيب، ولهذا السبب يظل توم شخصياً عادياً مثل غيره بكل حال.
اكتشف موهبته الفنية الواعدة حين استقر في نيويورك, و كانت سنة 1993 انطلاقة مجيدة لهذا النجم الموهوب حيث تجلى و تألق من خلال الأداء الجيد الذي أظهره في كل من أدوارة في " "Punch lineو " big" و. بعد هذين العملين أصبح " توم " من نجوم التذاكر في السينما الأمريكية ونمت شعبيته التي أكدها في عام 93 من خلال الفيلم الرومانسي الرائع "Sleepless in Seattle " في نفس العام تأكدت موهبة توم من خلال أدائه المذهل في الفيلم المثير للجدل " فيليدافيا " مع دينزيل واشنطون ويمثل فيه توم شخصية مريض بالإيدز تم فصله من العمل ليرفع بعدها شكوى قضائية ضد الشركة التي كان يعمل بها، ويتجرع مرارة احتقار المجتمع له , وإعراضه عنه , حتى يموت . وقد حاز على جائزة الأوسكار فأفضل ممثل رئيسي عن ذلك الدور.
في عام 1994 فاز توم هانكس بجائزة أوسكار ثانية على دوره في فيلم (( فورست غامب )) وهو شاب ساذج بالغ الطيبة ينتصر بإرادة من حديد , على عاهة في ساقيه كانت تحول بينه وبين الحركة , فإذا هو في لحظة اضطرار يتحرر تلك العاهة ويغدو من أسرع العدائين ... وكان له من تجربته الصعبة تلك , معين من الإنسانية لا ينضب , أمدة بالقدرة على العطاء والإيثار والتضحية من دون أن يرى لنفسه فضلا على أحد .

وفي فيلم (( أبوللو 13 )) تألق توم هانكس في دور قائد سفينة الفضاء , التي أعيدت إلى الأرض سالمة بعد تعطل بعض أجهزتها . وفي عام 1998 قدم فيلم (( إنقاذ الجندي ريان )), من إخراج (( ستيفن سبيلبرغ )) ، مؤديا دور الكابتن جون ميلر الذي قاد وحدة عسكرية لإنقاذ أحد الجنود وإعادته إلى أمه , التي سبق أن فقدت ثلاثة من أبنائها خلال الحرب .

في عام 1999 ظهر له فيلم (( الميل الأخضر )) ويؤدي دور قائد سجن يضم مجموعة من المحكوم عليهم بالإعدام , وكان بينهم زنجي ضخم اسمه (( جون كوفي )) , أدين في جريمة لم يرتكبها , ولكنه رضي بالحكم , مرحبا بالموت في براءة طفل يحتفظ ببكارة الفطرة , ويصنع الأعاجيب لخدمة الآخرين .

لقد احتل توم هانكس الدرجة السابعة عشرة بين أفضل مائة ممثل على امتداد تاريخ السينما . وقد أفضل علل النقاد نجاحه الكبير بدقته في اختيار أدواره التي يصر على أن تتصف بالعمق الإنساني الذي يرشحها للخلود. ولعل أعظم أدواره, حتى الآن, دوره الرائع في فيلم ((Cast Away)) أو"جرف بعيداً" الذي أنتج عام 2000, عن الأداء الرائع لشخصية تشوك نولد مدير مرموق يعمل بشركة فيديكس هوت به الطائرة في لجة المحيط, لكنه نجا بأعجوبة, ليجد نفسه وحيدا في جزيرة صغيرة مقفرة... وكان عليه أن يتدبر أمر طعامه وشرابه وسلامته من أي مجهول يتربص به... وينجح في ذلك كله بعد طول معاناة, ويراوده الأمل في أن سفينة أو طائرة لا بد من أن تجيء لإنقاذه.. ولكن عبثا , وتمر عليه أربع سنوات في عزلة تامة بلا صديق و تجلت قدرات توم هانكس في هذا الفيلم من خلال إبداعه وهو يحدث نفسه تارة و تارة أخرى يحدث ما تبقى من كرة طائرة نجت معه من سقوط الطائرة, منح توم هانكس تلك الكرة اسماً و هو ويلسون وهذا الاسم هو اسم الشركة المنتجة للكرات الطائرة, و استطاع أن يسرق أنفاس المشاهدين في من خلال الحوار مع ويلسون الكرة التي منحته حافز للحياة فقام بصنع ما يشبه القارب ليبحر خارج تلك الجزيرة في رحلة البحث عن النجاة. أشرف على الغرق مرارا , حتى انتشلته سفينة في عرض المحيط .
وليس الفيلم , كما يبدو لأول وهلة , فيلم مغامرات يشبه قصة روبنسون كروزو مثلا , إنه رحلة في أعماق النفس البشرية , عندما تفيء إلى فطرتها تحت وطأة اضطرار , ثم تعود إلى عالم الناس , فإذا هي في غربة رهيبة تتقلب بين دهشة وألم . لقد استيقظت في نفس الرجل خلال مأساته كل مشاعره الإنسانية الدفينة, و أقبل على الحياة بكل اللهفة والأمل . فإذا لكل لحظة تأتيه ثقلها ومعناها وألقها وغايتها. ويعود إلى مدينته إنسانا آخر , ليفاجأ بأن الحياة لم تزل هناك في مواتها المألوف ... ويجد أن خطيبته الوفية تزوجت ولم تحفظ له عهدا , بل لم تسع إلى لقائه بعد عودته ... ويرى زملائه القدامى بعينيه الجديدتين فإذا هم قطع صدئة في آلة ضخمة تدور بلا هدف... وينظر إلى المتع المادية المتراكمة حوله في كل مكان, وقد فقدت طعمها في مستنقع البطر و الرتابة والأنانية و الجحود... وتذكر كيف أشعل نارا في جزيرته النائية, بعد تجارب استغرقت أسابيع ... وكم كان فرحه عارما بهذه النعمة الجزيلة التي مكنته من أن يطبخ طعامه, ويتقي خطر الوحوش التي ربما كانت تحيط به... ويتذكر تلك الدمية التي صنعها و سماها ويلسون الذي صادقها و حاورها طيلة السنوات التي قضاها وحيداً في تلك الجزيرة. وها هو ذا الآن يرى الناس الذين معه يتبادلون صخب الألفاظ , وقلوبهم جرداء دونما قطرة من الحياة .. فأني يكون بينه وبينهم لقاء ؟ .
لم يستطيع توم التخلي عن هوسه بالفضاء ولم ينتظر استحقاق جوائز تمجد أدائه الساحر في التمثيل فقد أراد أن يقوم بشي آخر يستحق عنه جائزة أو ترشيحاً أو على الأقل ثناء من قبل نقاد السينما المخيفين . ففي عام 1998 عاد توم هانكس إلى الكتابة والإخراج بالاضافه إلى الإنتاج في فيلم "من الأرض إلى القمر" From The Earth To The Moon و هو من أشهر المسلسلات الوثائقية القصيرة التي صنعت على الإطلاق , برنامج وثائقي درامي يغطي برامج وأبحاث منظمة ناسا NASA في الستينات والسبعينات . و بهذا حقق ما يطمح إليه و استطاع الفوز بجائزة ايمي لأفضل سلسلة بارزة فقد قام بكتابة أربع حلقات من ضمن 12 حلقة جعلته يستحق الفوز بعدة جوائز ايمي أيضا ترشح للاخراج البارز عدة مرات .
في عام 2002 أتت سنة مثيرة أخرى لتوم افتتحها مع المخرج سام مينديس في "الطريق إلى الجحيم" حيث قام بدور مايكل سوليفان قاتل يعمل لحساب رجل من رجال الجريمة المنظمة و قام بدور هذا الرجل الممثل الفذ "بول نيومان" , الذي اجبر مايكل (هانكس) على القتل حتى كانت إحدى المرات حين - فجأة - شاهده ابنه الصغير و هو يمارس جريمة القتل, و بالتالي أصبح ابنه هدفاً لابد من قتله أيضاً على أساس أنه شاهداً يجب تصفيته , و لمنع ذلك قام مايكل بالهرب هو و ابنه بعيدا عنهم , لكن العصابة تكلف القاتل المهووس جود لو بمهمة ملاحقة الاثنين و تصفيتهم .
بعد ذلك لم يبتعد سبيلبيرج كثيراً عن هانكس فقد عاد ومعه موهبة شابة مخادعة في فيلم Catch Me If You Can مع ليوناردو دي كابريو , فقد لعب هانكس دور عميل الاف بي اي كارل هانراتي الذي يتعقب بطريقة باردة . دي كابريو " فرانك اباقنالا " الرجل الأكثر احتيالاً في العالم وسيد الخداع الأعظم ( عندما يريد سبيلبيرج شخصاً جيداً في وضع سيئ ليصنع اهتماماً مثيراً فأنه يطلب هانكس وعندما يريد سام مينديس قاتل لامبالي بارد القلب يحب ابنه فأنه يطلب هانكس أيضا ) . لم تنته سنة هانكس المرعبة بعد , فقد قام بإنتاج الفيلم الكوميدي الرومانسي " My Big Fat Greek Weddingزفافي اليوناني الكبير السمين" الذي بلغت تكلفة الفيلم 5 ملايين دولار و حقق نتائج مذهلة في شباك التذاكر . أيضا فيلم Can't Buy Me Lunch "ألا تسطيع دعوتي للغداء" لم يخيب أماله في شباك التذاكر.

في عام 2004 لم يتوقف توم هانكس عن امتاعنا عندما ظهر في فيلم " THE TERMINAL" للمخرج العملاق ستيفن سبيلبيرغ وهو يقوم بدور فيكتور نافروسكي المسافر القادم إلى مطار نيويورك من دولة افتراضية تدعى "كراكوزيا" و في مطار نيويورك يكتشف بأن انقلاب عسكري قد وقع في بلادة و لذلك فقد الغت الحكومة الامريكية تأشيرة الدخول التي سبق و أن منحت له للدخول إلى أمريكا. و من تلك النقطة يبدأ صراع خفي بين فيكتور نافروسكي و مأمور الجمارك في مطار نيويورك الذي يمثل فظاظة البيروقراطية و لا يرغب سوى بالتخلص من مشكلة وجود فيكتور نافروسكي في المطار بدون أن يقدم له مساعدة إيجابية و تتوالى الأحداث لتلك الشخصية بطريقة درامية و كوميدية حيث استطاع توم هانكس الذي كان لابد له من التعايش في واقع غريب وهو أروقة صالات الترانزيت فقط, حيث يقول قائد الامن لفيكتور نافروسكي "الشيء الوحيد الذي تستطيع القيام به هنا هو التسوق" و لكن الكم الإنساني الفطري الخالي من الخبث و المكر يجعل من هذا الرجل شخصية محبوبة من الجميع, بل انة وهو في تلك الظروف يقع في حب مضيفة الطيران اميلي التي تقوم بدورها الممثلة كاثرين زيتا جونز و التي تتمكن من مساعدة فيكتور للدخول للولايات المتحدة ليحقق وعد سبق و أن أخذة على نفسه بجمع تواقيع جميع عازفي موسيقى الجاز الذين كان يعشقهم والدة قبل أن يموت و الذي لم يتبقى منهم سوى عازف واحد فقط في نيويورك, هكذا ببساطة كان السبب لقدوم فيكتور نافروسكي للويات المتحدة بعيداً عن اي اسباب أخرى تستدعي الآخرين لفعل المستحيل للوصول إليها بلا رجعة لأوطانهم.
تعرض فيلم شفرة دايفنشي الذي قام بتمثيله لهجوم شديد الضجة التي إثارتها رواية 'شفرة دافنشي' في الأوساط الدينية علي مستوي العال و رغم ذلك قرر المخرج "رون هاورد" أن يخوض المغامرة ويتحمل مخاطرة تحويل الرواية الشهيرة إلي فيلم سينمائي ضخم يقوم ببطولته النجم توم هانكس.. بينما أعلنت الكنيسة الحرب علي الفيلم ورفضت تصوير مشاهده بداخل أحد الأديرة الشهيرة وهو ما جعل من الفيلم يبدو قوياً بفضل الدعاية و الاحتجاجات و لكن يبدو أن طبيعة الدور لم تمنح توم هانكس تلك المساحة من نفس النجاحات التي حققها في أفلامه السابقة.
حيث كانت أحداث الفيلم تدور حول مقتل حارس في متحف اللوفر بعد اكتشافه سر شفرة علي احدي لوحات دافنشي.. وتقوم حفيدة الضحية ومحلل الشفرات والرموز الأمريكي الشهير روبرت لانجدون بالتحقيق في هذه الجريمة حيث تحول كلاهما إلي مخبرين للبحث فقط عن القاتل وأيضا سر هذه الشفرة الذي يعود لأيام السيد المسيح وينضم إليهما في البحث ضابط المباحث الفرنسية الذي يقوم بدوره النجم جون رينو، ويواجه لانجدون أو توم هانكس بشبكة من الشفرات الغريبة حتى يكتشفا سر الشفرة التي وضعها الفنان الايطالي ليوناردو دافنشي علي لوحة الموناليزا والتي ترتبط بشفرة أخري علي لوحة العشاء الأخير لنفس الفنان وهي شفرات تتعرض لمنطقة شائكة في العقيدة المسيحية حيث تدعي زواج السيد المسيح من مريم المجدلية وهو ما تكذبه الكنيسة تماما.. ورغم الجدل الذي أثارته هذه القصة, فقد جاءت الأحداث شيقة للغاية مثلما وصفها النقاد والمحللون الفنيون.
استطاع توم هانكس أن يخطف الدور بعد أن كان مرشحا للدور باقة من كبار نجوم هوليوود علي رأسهم هيوجاكمان وجورج كلوني وراسل كرو، أما البطولة النسائية لدور صوفي العميلة وخبيرة الشفرات الفرنسية فكان من نصيب اودري تاتو بعد ترشيح النجمة الفرنسية جولي دبلن وقد استعان المخرج رون هاورد بكاتب السيناريو أكيفا جولدمان صاحب فيلم 'تائه في الفضاء' 'وباتمان وروبن' و'العقل الجميل' ورغم عدم تألق توم هانكس غير أن الفيلم على الصعيد الإعلامي و التجاري حقق نجاح ملحوظ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.