مونت-لا-جولي.. مغاربة فرنسا يحتفلون في أجواء من البهجة بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    طقس الأحد: كتل ضبابية بعدد من الجهات    طقس الأحد: ضباب وسحب منخفضة بعدة مناطق بالمملكة    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    بنكيران: النظام الملكي في المغرب هو الأفضل في العالم العربي    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    لماذا تصرّ قناة الجزيرة القطرية على الإساءة إلى المغرب رغم اعتراف العالم بوحدته الترابية؟    بطولة ألمانيا لكرة القدم.. فريق أونيون برلين يتعادل مع بايرن ميونيخ (2-2)    كوريا الشمالية تتوج ب"مونديال الناشئات"    البطولة: النادي المكناسي يرتقي إلى المركز الخامس بانتصاره على اتحاد يعقوب المنصور    مدرب مارسيليا: أكرد قد يغيب عن "الكان"    موقف حازم من برلمان باراغواي: الأمم المتحدة أنصفت المغرب ومبادرته للحكم الذاتي هي الحل الواقعي الوحيد    نبيل باها: "قادرون على تقديم أداء أفضل من المباراتين السابقتين"    عائلة سيون أسيدون تقرر جنازة عائلية وتدعو إلى احترام خصوصية التشييع    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. البطلة المغربية سمية إيراوي تحرز الميدالية البرونزية في الجيدو وزن أقل من 52 كلغ    طنجة.. وفاة شاب صدمته سيارة على محج محمد السادس والسائق يلوذ بالفرار    "جيل زد" توجه نداء لجمع الأدلة حول "أحداث القليعة" لكشف الحقيقة    بحضور الوالي التازي والوزير زيدان.. حفل تسليم السلط بين المرزوقي والخلفاوي    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    الرباط وتل أبيب تبحثان استئناف الرحلات الجوية المباشرة بعد توقف دام عاماً    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    شبهة الابتزاز والرشوة توقف مفتش شرطة عن العمل بأولاد تايمة    لقاء تشاوري بعمالة المضيق-الفنيدق حول إعداد الجيل الجديد من برنامج التنمية الترابية المندمجة    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    تشريح أسيدون يرجح "فرضية السقوط"    تتويج مغربي في اختتام المسابقة الدولية للصيد السياحي والرياضي بالداخلة    دكاترة متضررون من تأخير نتائج مباراة توظيف أساتذة التعليم العالي يطالبون بالإفراج عن نتائج مباراة توظيف عمرت لأربع سنوات    قطاع غزة يستقبل جثامين فلسطينيين    فضيحة كروية في تركيا.. إيقاف 17 حكما متهما بالمراهنة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    كاتبة الدولة الإسبانية المكلفة بالهجرة: المبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس تشكل نموذجا للتنمية المشتركة والتضامن البين إفريقي    حمد الله يواصل برنامجا تأهيليا خاصا    العرائش.. البنية الفندقية تتعزز بإطلاق مشروع فندق فاخر "ريكسوس لكسوس" باستثمار ضخم يفوق 100 مليار سنتيم    "صوت الرمل" يكرس مغربية الصحراء ويخلد "خمسينية المسيرة الخضراء"    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    عيد الوحدة والمسيرة الخضراء… حين نادت الصحراء فلبّينا النداء    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    أشرف حكيمي.. بين عين الحسد وضريبة النجاح    انطلاق فعاليات معرض الشارقة للكتاب    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زلزال أوسلو وتسو نامي المفاوضات.

الإدراك هو السِمة المميزة للوجود الإنساني،وعند ضياعه أو تشتته لدى البعض نتيجة خلل مرضي فكري، أو في استجابات لإرادات مغايرة ومعارضة لما يُراد ويُطمح إليه ترتبك الحياة،وتختّل التوازنات فالإدراك الصحيح يتطلب ربط مصادر معلومة عديدة ليست حسيّة فقط , وإنما تخصّ الذاكرة والتقييم، فالإحساس كشف وتحويل، بينما الإدراك انتماء وتنظيم وتفسير
،ولغتنا بشقّها الجمّالي والعلمي تضيف رابطاً مهماً وأساسياً وهو إدراك الزمن واللحاق به وعدم ترك القضايا المصيرية على تعدد مستوياتها للتيه أو لمجهول الوقت،وإلا فإن الأمور واصلة إلى الدرك،لا بل إلى الدرك الأسفل.
هذه الضوابط المنهجّة للعقل تُلزمنا بالتقيد بها في جميع مراحل الحياة،وفي كل الفروع والتوزعات.
ثلاث ركائز لابد منها: الذاكرة......الدوافع.......والتقييم.
ولنحاول تطبيقها على قضية أمتنا العربية الأولى وهي القضية الفلسطينية فهي الأصل ، وما لحق بها من أحداث على الأرض العربية هي توابع لهذا الزلزال الأكبر الذي أصبنا به،ومهما حاول البعض التمويه والإخفاء لتوابع كوارثه فإنها ماثلة تتزايد آلامها يوماً إثر يوم.، ففي إطار الذاكرة الموثقة يتجلى - الحلم الصهيوني القديم في شعار - "أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل"وفي عودة شعب بلا أرض إلى أرض بلا شعب، و الاعتقاد بالشعارات الزائفة المرتبطة بالمصالح يحرك النوايا الخبيثة مستخدمة كل السُبل الدنيئة للوصول إلى مراميها .
لقد تحالف الغرب مع الصهاينة لإيجاد " وطن " لهم، وتعزيزه بكل وسائل الحماية...بالأسلحة وبالدعم المادي،وحتى بالسلاح النوّوي.. لقناعتهم بأن أفراده سيكونون الرديف والحماة والعاملين من أجل مصالحهم، ومازال حرصهم يزداد بين الحين والآخر، ومؤخراً تربّعت أمريكا على عرش الدعم.
وفي مسرحيات المفاوضات التي جرت يبدو أن الزمن لم يكن مهماً للمفاوض الفلسطيني، بل تعوّد على أن يجتّر ما في جعبته، فالدكتور صائب عريقات كبير المفاوضين وفي تصريح له لوكالة الأنباء الفرنسية يقول:"لقد جاءت لحظة الحقيقة بمصارحة الشعب الفلسطيني أننا لم نستطع أن نحقق حل الدولتين من خلال مفاوضات استمرت ثمانية عشر عاماً" هذا النهج بدأ مع عام1991، ومازالت خيالاته وتخيلاته تداعب أحلام مضيّعيّ الإدراك معنىً وزمناً عمْداً، ولو نبشنا ذاكرة التاريخ برمتها لم نجد شعباً اكتفى بالمفاوضات طريقاً واحداً للوصول إلى حقه كما أن قادته لم يتركوا استلاب حقوقهم للزمن، أو لبعض الظروف السياسية المُساعدة في إطار متغيرات إقليمية، مؤمنين أن الحق بلا قوة تدعمه لا قيمة له.
وفي تجنّ على حكم التاريخ ومأثوراته وفلسفته يبتكر كبير المفاوضين في كتابه "الحياة مفاوضات " شعاراً لم يُسمع به، وحتى لن يُسمع به مستقبلا ًفقد ولِدَ من رحم الفراغ والضياع منطلقاً ومروّجاً لسيادة المنطق وقوته في حالة الطرف الأضعف مقابل منطق القوة لدى الطرف الآخر القوي، ولو صحت هذه المقولة لعاش العالم منذ أقدم عصوره بسلام بلا حروب ولم تهدر أرواح ملايين الملايين من البشر ولكان الحديث عن تصادماتها حكايات أوهام وخيالات وهوس مرضي, ورغم توّصله إلى النتائج"بأن دولة الاحتلال كانت دوماً تضع العراقيل وتمنع الوصول إلى حلّ الدولتين"لكنه يؤكد أن المفاوضات مثل التنفس لا يمكن الاستغناء عنه،بينما يرى محلل إسرائيلي في عملية التنفس هذه تنفسا اصطناعيا لوفاة عملية السلام . ويسترسل في تماديه وتبريراته مستنداً إلى مثل شعبي يرويه"من يقف وراء شجرتنا"مبيّناً أن أمريكا تقف خلف شجرة إسرائيل،بينما لا يقف أحد وراء شجرتهم رامياً العبء على بعض الأنظمة الرسمية،وهو على حق في ذلك لكنه يتجاهل وبجرأة لا مثيل لها الواجب النضالي الذي أسقطته السلطة منذ توقيع اتفاقية أوسلو وفي مصادقتها على البند الأساسي في خارطة الطريق إذ وجّه بندها الأول"أن يقوم الطرف الفلسطيني بالقضاء على البُنية العسكرية والاجتماعية والاقتصادية للمقاومة الفلسطينية".
ورغم كل الإجراءات التنفيذية لها التي اتخذتها السلطة من قتل واعتقال بحق العديد من المجاهدين وفق إستراتيجية التعاون الأمني مع إسرائيل والموضوعة من قبل الجنرال الأمريكي - دايتون - القائد الفعلي لقوات الأمن في الضفة الغربية،فإسرائيل لم تنفذ أي بندٍ منها وحتى وقف مشاريع الاستيطان،بل على العكس ازداد عددها وترامت مسافات أطرافها مبتلعة الأرض الفلسطينية التي احتلت بعد عام1967،فبعد توقيع اتفاقية أوسلو ضاعفت إسرائيل ثلاث مرات عدد المستوطنين،ومرتين عدد المستوطنات، مستغلة ومستفيدة من التحالف الاستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي والذي عبّر عنه الرئيس أوباما في خطابه "التبشيري" في القاهرة قائلا ً:"إن متانة الرابطة بين أمريكا وإسرائيل معروفة على نطاق واسع،ولا يمكن قطع هذه الأواصر أبداً،وهي تستند إلى علاقات ثقافية وتاريخية،وبأن رغبة اليهود في وجود وطن خاص بهم هي رغبة متأصلة في تاريخ مأساوي لا يمكن لأحد نفيه"ورغم أن الوطن المزعوم كان على حساب الشعب العربي الفلسطيني المظلوم عبر شهدائه وتعاظم جراحاته،فقبل أيام عاد ليؤكد حمايته"لإسرائيل"ضد أي اعتداء،ودعمه لها بينما في قرارة نفسه يعرف أن المعتدي الدائم من يريد حمايتها.
وعن الدوافع , فالمصالح هي الدافع للسياسات العالمية سيما الدول الكبرى لا المنطق،ولا العدالة،ولا حتى الحقوق....وإمعانا في تأكيد هذه الحقيقة تحدثت لجنة تشكلت من عشرةٍ من كبار الشخصيات الأمريكية أشرف على عملها"هنري سيغمان"الكاتب الصحفي المخضرم والمدير التنفيذي للمؤتمر اليهودي من خلال رئاسته لمؤسسة ومركز(المشروع الأمريكي للشرق الأوسط) ومن بين الذين ضمتهم اللجنة في عضويتها مستشار الأمن القومي الأسبق"زيينغيو بريجنسكي"و"لي هاملتون"مدير مركز(وودر ويلسون الدولي للدراسات)و"بول فولكر"رئيس المجموعة الاستشارية الاقتصادية في إدارة الرئيس أوباما والتي قدمّت تقريرها وتوصياتها له للإسراع بمعالجة قضية الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل ضمن بنودٍ اقترحتها،وأن لا غنى عن أن السلام الشامل سيعمل على تجفيف المستنقع الذي تنمو فيه المنظمات الإرهابية،واللافت للنظر في هذا التقرير ما جاء فيه،وإن لم يكن بجديد،لكنه اعتراف بسبب العداء للأمة العربية "لطالما كانت لنا مصالح إستراتيجية في الشرق الأوسط من عهد بعيد فبقاء إسرائيل هو الضمان للوصول إلى الثروات الحيوية،وأمن خطوط النقل الاستراتيجية،وعلاقات جيدة وطيدة مع الأصدقاء والحلفاء في العالم العربي" ، والتقرير يتضمن مقترحات للحل تحث الإدارة الحالية على بذل الجهود،وبإرادة قوية للوصول إلى حلّ فوريّ لقضية الصراع بتقسيم مدينة القدس،وحلّ مشكلة اللاجئين بالتعويض والتوطين،ومبدأ مبادلة الأراضي،وأن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح مع ترتيبات أمنية تأخذ المخاوف"الإسرائيلية"بعين الاعتبار وتحترم السيادة الفلسطينية،وكذلك ينبغي نشر قوات دولية بقيادة أمريكية لضمان فترة انتقالية.
وعن السياسات الأمريكية الثابتة الأسس تقول السيدة"هيلين هيوز"سيدة الصحافة الأولى في أمريكا،والتي عرفها الرؤساء الأمريكيون على مدى سبع وخمسين سنة كمراسلة لوكالة يونايتد برس: "لن تتمكن الولايات المتحدة من حلّ مشكلتي الإرهاب والمشاعر المُعادية لها في العالم العربي طالما واصلت غضّ الطرف عن أسبابهما".
" إن إستراتيجية المحافظين إزاء الشرق الأوسط،والتي لم يُخفوها، بل ضمّنوها في وثيقة تُعرف باسم مشروع القرن الأمريكي الجديد والذي يستند إلى منطقٍ يقول"بما أن الولايات المتحدة أصبحت أكبر قوة عسكرية في العالم فإنه ليس بوسع أحد أن يتحداها، ولذلك يجب فرض السلام عن طريق القوة بدءاً من العراق، وفرض الهيمنة على الشرق الأوسط باحتواء سوريا وإيران، وعدم تقديم تنازلات للعرب في أي عملية سلام حيث يجب أن تتم مقايضة السلام بالسلام وليس بالأرض"لافتة الانتباه إلى علاقات التحالف المتزايد بين اليمين المسيحي الأمريكي وحزب الليكود الإسرائيلي،وزيادة تأثير اليمين المسيحي على البيت الأبيض.
والإدارة الأمريكية الحالية لم تخرج البتة عن الاستراتيجية الأمريكية المرسومة والثابتة،لكن الإخراج الجديد لها تركز في كلام معسول وتراجعات مستمرة , فطلب وقف التوسع الاستيطاني تَراجع إلى تجميد مؤقت لمدة عشرة أشهر ولا يشمل التجميد ما بُدء بإنشائه ولا مدينة القدس ، وعن التجميد قال معلق " إسرائيلي" :"إنها حبة أسبرين لمريض السرطان" وأخيرا وبعد جولات عديدة وتراجعات عدة للمبعوث الأمريكي"جورج ميتشل" الذي حمل معه في زيارته الأخيرة مقترحات خمس لاستئناف المفاوضات:
1-أن توقف إسرائيل اقتحاماتها إلى مناطق(آ)الخاضعة للسيطرة الأمنية الفلسطينية " وفي رأينا أن الخضوع المعني نظري " .
2-أن يتم تحويل أجزاء من مناطق(ب)إلى مناطق(آ).
3-أن يُسمح للسلطة الفلسطينية وأمنها بالدخول إلى مناطق(ج)وأن يتم الإفراج عن دفعات من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية،والمناطق المُسماة(ب)تقع تحت السيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية،أما المناطق(ج)فتخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة وجميعها في الأراضي المحتلة بعد عام 1967
4- تحويل عائدات الضرائب الفلسطينية التي تجبيها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية شهرياً وبشكل دائم،
5- أن تسهل إسرائيل إدخال المواد الغذائية،ومواد البناء إلى قطاع غزة.
المصدر:مجلة نضال الشعب الفلسطينية
وعودة الى حديث كبير المفاوضين في كتابه (الحياة مفاوضات) عن المثل الشعبي"من يقف خلف شجرتنا"ناسياً أن الأشجار لها قدسية خاصة يحميها صاحبها أولا ًمن أن تقتلعها الأيدي الآثمة،وبالتالي يأتي تبنيه ودعمه ممن خلفها.....وسؤال يُطرح:هل إسرائيل ترمي كامل عبئها على الحليف الأمريكي،أم تؤدي ما عليها لحماية شجرتها ومصالحها؟!.....والحديث عن الشجرة يثير الشجون لدى رئيس السلطة الفلسطينية لأنه فوقها معلق ، ففي اجتماع"شمعون بيريز"مع وزير خارجية النرويج يروي له - أن أبا مازن - صديقه- قال له:"إن الأمريكيين قد جعلوه يصعد إلى شجرة عالية،ثم أخذوا السلم وتركوه معلقاً".
الأول يبحث عن داعم خلف الشجرة وقد نسّي أن المقاومة والأمة العربية بكاملها خلف الحق العربي، لكن الثاني صعد إلى أعاليها وعَلق.
إنما الشاعرة العربية زمن الجاهلية "زرقاء اليمامة" واسمها مأخوذ من زرقة عينيها،وكان يُعتقد أنها تبصر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام تقول وقد نبّهت قومها إلى اعتداء سيقع عليهم،فالغزاة يتخفون خلف أشجار اقتلعوها:
إني أرى شجراً من خلفها بشر وكيف تجتمع الأشجار والبشر
ثوروا بأجمعكم في وجه أولهم فإن ذلك منكم فاعلموا ظفرُ
ضموا طوائفكم من قبل داهية من الأمور التي تُخشى وتُنتظرُ
ما أروع هذه النبوءة والحلول لها،أليس فيها عِبر لمن يريد جنيّ قطاف نضاله ودفاعه عن كرامة الأهل وعزتهم.
وبينما يدور أركان السلطة في الدوامات التي وضعتهم فيها " إسرائيل " ،وساهموا في الدخول إليها فدوخهم يتزايد باستمرار....والدوخ في اللغة تعبير عن الذل والخضوع، تستمر هي في مواقفها بدعم أمريكي مطلق مقدمَة الفتات للذين يفاوضونها .
ورغم كل ما جرى من دجل ورياء فما زالت الابتكارات والشعارات للمفاوضات مستمرة!!..... إذ قدمت لمؤتمر "هرتسيليا" وهو مؤتمر يعقده بعض أقطاب السياسة سنوياً وبشكل دوري ورقة تضمنت تقليعة جديدة بعنوان-تبادل الأراضي كوسيلة لحلّ النزاعات الإقليمية بين إسرائيل وجاراتها-منطلقة من أن الحدود في الحيّز المحيط بإسرائيل رُسمت في الأصل من قِبل قوى خارجية وهي قابلة للتعديل،والتغيير،والاتفاق،والهدف الأول منها تقليص أعداد غير اليهود راسمة حدوداً جديدة لجميع الأقطار العربية المحيطة بما فيها مصر عن طريق التبادل تحت شعار ضمان الأمن الإسرائيلي.
وكالعادة فالنظرة الخبيثة ظهرت جليّة إذ جاء فيها"إن مثل هذه التسوية الإقليمية الشاملة المُستندة إلى تبادل أراضٍ في إطار متعدد الأطراف يوفر هامشاً أكبر للمناورة بما يتيح تجاوز العقبات التي لا يمكن تذليلها في ظل قلة عدد اللاعبين"وتتصدر الورقة رسوم ومقترحات جديدة للحدود السورية،واللبنانية،والمصرية والأردنية ، والأراضي المحتلة.
أمام هذا التيه الكبير تتبدى ثوابت في الواقع العربي:
1-الشعب العربي برمته يعتبر القضية الفلسطينية قضيته الأولى، وعودة الأراضي المحتلة الرمز الأول لكرامته، واستمراراً لأصالة تاريخه.
2-النضال والمقاومة بكل صنوفهما الأساس،ولابد من العودة إلى الطريق الكفاحي بمختلف فروعه الجهادية،والاقتصادية،والثقافية.
3-حشد الدعم الإسلامي المؤيد لهذا النضال،وتباشيره ظهرت في الموقف التركي.
4-حشد الرأي العالمي لأهميته أيضاً،وكان من إشراقاته قوافل"شريان الحياة"لقطاع غزة.
5-الضغط الشعبي وخاصة على النظام المصري للبدء بفك الحصار عن غزة ونحن على أبواب مؤتمر قمة جديدة، وإعادة القضية الفلسطينية الى أول سلم الاهتمامات وبذلك تنفتح آفاق واسعة لتلاحم شعبي مع أجهزة السلطات الرسمية، وإن كان ذلك كله بمثابة حلم .
وعن التقييم ورؤى المستقبل، فلقد وَضع فريق فلسطيني من مجموعة شخصيات من حماس وفتح،وأكاديميين،ورجال أعمال اقتراحات بوقف وإنهاء الخيار التفاوضي،وإعادة تشكيل السلطة الفلسطينية بحيث لا تخدم مصالح إسرائيل معتبرين أن السلطة الفلسطينية قد تصبح سلطة مقاومة،واعتماد المقاومة الذكية وتقديمها على المفاوضات كوسيلة أساسية للفلسطينيين مع إعادة تأكيد الوحدة الوطنية من خلال منظمة التحرير،والتحول عن مسألة حلّ الدولتين إلى حلّ الدولة الواحدة كخيار استراتيجي مفضل لدى الفلسطينيين مما سيشكل تحدياً لوجود"دولة إسرائيل"بشكلها الحالي، والحركة العالمية لمناهضة العولمة والهيمنة الأمريكية والصهيونية انطلقت للعمل تحت شعار إغاثة بلا حدود لغزة ضمير العالم،وكان قد عُقد قبلها مؤتمر في بيروت لدعم المقاومة حضرته شخصيات فكرية عديدة.
هي نتائج التقييم للإدراك الجليّ والواضح للحلول لقضية طال عمرها،وكلمة أخيرة فمن يعقد أملا ًعلى أمريكا وحلولها فهو في أضغاث أحلام،فكل ما مرّ يثبت ذلك،والظروف الإقليمية تشدُ من وشائج تحالفها مع العدو في ظل ما سمي بالأزمة الإيرانية التي غدت شبه أزمة عالمية وتناغمهما المشترك لإيجاد الحلول وحتى ضرب مفاعلاتها النووية , وهذا التصرف سيدخل المنطقة برمتها في أتون حروب النصر فيها للمؤمنين بالله والوطن .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.