حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    تتويج إسباني وبرتغالية في الدوري الأوروبي للناشئين في ركوب الموج بتغازوت    تشكيلة "أشبال المغرب" أمام كاليدونيا    المنتخب الرديف يدخل مرحلة الإعداد الأخيرة لكأس العرب بقطر..    هذه تشكيلة المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة لمواجهة كاليدونيا الجديدة في مونديال قطر    تشييع جنازة الراحل أسيدون بالمقبرة اليهودية في الدار البيضاء    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    نفاد تذاكر ودية "الأسود" أمام موزمبيق    التجمع الوطني للأحرار بسوس ماسة يتفاعل مع القرار التاريخي لمجلس الأمن حول الصحراء المغربية    أولمبيك الدشيرة يقسو على حسنية أكادير في ديربي سوس    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    بعد حكيمي.. إصابة أكرد تربك الركراكي وتضعف جدار الأسود قبل المونديال الإفريقي    مغاربة فرنسا يحتفلون بذكرى المسيرة    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    بنكيران: النظام الملكي في المغرب هو الأفضل في العالم العربي    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    توقيف شاب متورط في اختطاف واحتجاز وهتك عرض فتاة قاصر بالعنف    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    العرائش.. البنية الفندقية تتعزز بإطلاق مشروع فندق فاخر "ريكسوس لكسوس" باستثمار ضخم يفوق 100 مليار سنتيم    "صوت الرمل" يكرس مغربية الصحراء ويخلد "خمسينية المسيرة الخضراء"    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    عيد الوحدة والمسيرة الخضراء… حين نادت الصحراء فلبّينا النداء    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار مع الأستاذ عبد المومن طالب، مدير الوحدة المركزية للإعلام والتوجيه بقطاع التعليم المدرسي
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 17 - 06 - 2010

يلاحظ المتتبع للشأن التربوي ببلادنا مدى انشغال كافة المتدخلين بتنفيذ مشاريع البرنامج الاستعجالي للنهوض بالمدرسة المغربية. وفي سياق هذه الدينامية، يعرف مجال التوجيه التربوي تطورا نوعيا من خلال الشروع في تفعيل تدابير البرنامج الاستعجالي مركزيا وجهويا وإقليميا ومحليا في أفق وضع نظام ناجع للإعلام والتوجيه.
في هذا الحوار يلامس الأستاذ عبد المومن طالب الإشكالات الكبرى لمنظومة الإعلام والتوجيه ويطلع القراء على تفاصيل مشروع البرنامج الاستعجالي في مجال نظام الإعلام والتوجيه .
بصفتكم مديرا للوحدة المركزية للإعلام والتوجيه، تعتبرون الأقرب عمليا من قطاع التوجيه بوزارة التربية الوطنية، فماهي الإشكالات والاختلالات البنيوية التي تعيق حسن الأداء في مجال التوجيه ببلادنا في ظل البرنامج الاستعجالي؟
أولا لابد أن أتوجه بالشكر لجريدة الاتحاد الاشتراكي على اهتمامها البالغ بقطاع التوجيه ببلادنا وعلى إتاحتها الفرصة لي لكي أطلع القراء على قطاع التوجيه والإشكاليات المرتبطة به.
لقد أثبتت مختلف الدراسات التشخيصية لمجال التوجيه التربوي المنجزة من طرف الوزارة، قبل انطلاق البرنامج الاستعجالي، وخلال المرحلة الأولى من بداية الاشتغال على المشروع E3P7، أو تلك التي أنجزها المجلس الأعلى للتعليم، أن الوضعية ما قبل بداية الإصلاح الحالي اتسمت بوجود مجموعة من الإشكالات والصعوبات التي أثرت بشكل كبير على طبيعة ونوعية خدمات الإعلام والمساعدة على التوجيه المقدمة للتلاميذ والطلبة والآباء.
أين يمكن إجمال هذه الإشكالات والصعوبات؟
عموما، يمكن إجمال أهم هذه الاختلالات والإكراهات حسب مستويات متعددة. فعلى المستوى التنظيمي، عرف المجالُ غيابَ نصوص تنظيمية تحدد بدقة مهام ومسؤوليات ومستوى تدخل البنيات والأطراف الفاعلة في هذا المجال؛ بالإضافة إلى تعدد المتدخلين (قطاع التعليم المدرسي - قطاع التعليم العالي - قطاع التكوين المهني) وضعف التنسيق بينهم؛ أما على مستوى الموارد المالية والمادية، فقد لوحظ غيابُ ميزانيات خاصة ببنيات الإعلام والمساعدة على التوجيه، وعدم ملائمة المقرات المحتضنة لها، وخصاص كبير في التجهيزات المرصودة لها كما وكيفا، بالإضافة إلى النقص الملحوظ في الفضاءات المخصصة للإعلام والمساعدة على التوجيه بالمؤسسات الثانوية الإعدادية والتأهيلية.
وعلى مستوى الموارد البشرية، يعرف المجال خصاصا في الموارد البشرية المؤهلة وضعف التكوين المستمر المخصص لها، مع ضعفٍ في العرض فيما يتعلق بالتكوين الأساسي بمركز التوجيه والتخطيط التربوي وعدم مسايرة هذا التكوين للمستجدات التربوية الحاصلة في الميدان.
وبالنسبة لمستوى الخدمات المقدمة، لا يتضمن الغلاف الزمني المدرسي العام حيزا خاصا بخدمات الإعلام والمساعدة على التوجيه يدرج ضمن استعمالات زمن المتعلمين، مع غياب توجيهات رسمية خاصة بإدراج مفاهيم التوجيه التربوي ضمن المنهاج الوطني بشكل مندمج ومستعرض، ناهيك عن عدم استفادة تلاميذ التعليم الثانوي من مقاربة فردية تمكنهم من بلورة مشاريعهم الشخصية بفعل ضعف نسبة التأطير التي تصل إلى ما يناهز 2500 تلميذ لكل مستشار في التوجيه التربوي. أضف إلى ذلك غياب أو نقص ملحوظ في وسائل العمل الضرورية لأطر التوجيه التربوي، وصعوبات فيما يتعلق بتجميع وإنتاج ونشر المعلومات حول الدراسات والتكوينات والمهن وتعدد مصادر هذه المعلومات وضعف التنسيق فيما بينهم.
تلكم، إجمالا، أهم الاختلالات التي تأسس على ضوئها المشروع E3P7 من البرنامج الاستعجالي في أفق التمكن من التخفيف من حدة ما تم رصده في هذا الباب، وكذا الارتقاء بمجال التوجيه التربوي إلى المكانة اللائقة به ضمن المنظومة التربوية.
طرحتم مجموعة من الإشكالات والاختلالات والتي يتبين من خلالها أن إصلاح مجال التوجيه التربوي لن يكون سهلا ويسيرا، خاصة عندما يتعلق الأمر بتعدد المتدخلين وتنوع مقارباتهم ورؤاهم، فكيف تعامل البرنامج الاستعجالي مع هذه الإشكاليات للتقليص من حجم هذه الوضعية ؟
أولا قبل استعراض الأوراش التي أعطت الوزارة انطلاقتها في هذا السياق، لا بد من التذكير بأن إصلاح مجال التوجيه التربوي يعتبر ورشا ضخما بكل المقاييس بالنظر لامتداداته وتشعباته الأفقية والعمودية، وارتباطاته القوية بجميع مجالات التدخل عل مستوى القطاع، من حيث المناهج التربوية، وعروض التكوين، وأنظمة التمدرس والتقويم والتجسير، والحياة المدرسية... وعلى مستوى القطاعات الشريكة المتمثلة أساسا في باقي القطاعات المكونة ومجمل النسيج الاقتصادي... ومن ثم يقتضي الارتقاء بهذا المجال تضافر جهود جميع الفرقاء المعنيين، من داخل منظومة التربية والتكوين أو من خارجها، لإيجاد تصور مشترك يمكن من معالجة الإشكالات والاختلالات المرصودة وفق مقاربة شمولية ومندمجة.
ووعيا بجسامة التحدي الذي يفرضه هذا الوضع المعقد، كان لابد من خطوة أولى في اتجاه الإصلاح، تجسدت في تخصيص البرنامج الاستعجالي لمشروع كامل (المشروع E3P7) للنهوض بمنظومة التوجيه التربوي، ارتكز، على مستوى التعليم المدرسي، على تدابير همت الارتقاء بالبنيات، وتعزيز الموارد البشرية وتأهيلها، وتحسين ظروف اشتغال الأطر، وتنويع وتطوير الخدمات، وتعبئة الأطراف المعنية...
هل يمكنكم تحديد الخطوط العريضة المقترحة لتفعيل تدابير المشروع ؟
هي تتحدد في أربعة تدابير محورية. يتجلى التدبير الأول في جعل الإعلام رهن إشارة المتعلمين، من خلال تعميم خدمات الإعلام والمساعدة على التوجيه ابتداء من السنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي؛ إحداث وكالة وطنية للإعلام والتوجيه، تتولى الإشراف على المجال وتقنينه وتقويمه وتطويره؛ إحداث مراكز جهوية وإقليمية للإعلام والمساعدة على التوجيه؛ إحداث بوابة وطنية للإعلام والتوجيه؛ تنظيم تظاهرات الإعلام والمساعدة على التوجيه (ملتقيات وأيام، وأبواب مفتوحة، وقوافل،...) على المستوى الوطني والجهوي والإقليمي والمحلي لفائدة مختلف الفئات المعنية؛ تنظيم زيارات لمؤسسات التعليم العالي والتكوين المهني لفائدة التلاميذ الراغبين في ذلك؛ تمكين التلاميذ من دعائم إعلامية مناسبة حول الدراسات والتكوينات والمهن.
التدبير الثاني يقوم على تطوير التوجيه النشيط، من خلال: إرساء المقاربة التوجيهية ضمن المنظومة التربوية؛ إدراج مكون التربية على الاختيار ضمن أنشطة التفتح بالتعليم الثانوي الإعدادي؛ تعميم العمل بالمشروع الشخصي للمتعلم؛ إرساء وتفعيل مسطرة خاصة تسعى للمواكبة الفردية لتلاميذ السنة الثانية من سلك البكالوريا الراغبين في متابعة دراستهم العليا بالمؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح (الكليات)، بهدف مساعدتهم على اختيار الشعب التي تلائم قدراتهم وميولاتهم واستعداداتهم لضمان أكبر نسبة نجاح ممكنة لهم؛
أما التدبير الثالث فيتعلق بتعبئة الفاعلين، من داخل وخارج الوسط المدرسي، حول التوجيه التربوي، من خلال: تكوين الأساتذة وأطر الإدارة التربوية بالتعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي في مقاربات المصاحبة والمساعدة على التوجيه لإكسابهم كفايات تساعدهم على القيام بمهامهم في مجال التوجيه على الوجه المطلوب؛ مأسسة مبدأ «الأستاذ الكفيل (الرئيس)» كمنسق للفريق التربوي ومصاحب للتلاميذ بهدف تعزيز الإشراك الفعلي للأساتذة في الحياة المدرسية عموما، وفي مجال التوجيه التربوي خصوصا؛ تنظيم ودعم تدخلات الآباء والمهنيين في مجال المساعدة على التوجيه للمساهمة في انفتاح المتعلمين أكثر على المحيط المهني (برمجة زيارات تربوية وتداريب استكشافية للمقاولات والمؤسسات المهنية لفائدة المتعلمين / تنظيم عروض حول المهن وسوق الشغل يقدمها الآباء والمهنيون بالمؤسسات الثانوية / تنظيم منتديات المهن بهدف إنماء الحس المقاولاتي للمستهدفين وتمكينهم من استكشاف عالم المهن والشغل).
أما بالنسبة للتدبير الرابع فيهتم بتعزيز الموارد البشرية في مجال التوجيه كما وكيفا، من خلال: تعيين وتكوين مزيد من المستشارين في التوجيه لبلوغ هدف مستشار بكل مؤسسة ثانوية (1000 مستشار في أفق 2012)؛ وضع وتنفيذ استراتيجية وطنية للتكوين المستمر لأطر التوجيه التربوي، وكذا للأطر العاملة في مجال الإعلام والمساعدة على التوجيه، لتطوير كفاياتهم، والرفع من جودة ونجاعة تدخلاتهم؛ تحسين ظروف اشتغال أطر التوجيه التربوي العاملين بالقطاعات المدرسية للتوجيه (إحداث فضاءات خاصة بالإعلام والمساعدة على التوجيه / تزويد أطر التوجيه التربوي بحواسيب محمولة مع الربط بشبكة الأنترنيت وشبكة داخلية للاتصال الهاتفي...).
على أي أساس تم اعتماد هذه التدابير ؟
لقد كانت للفرق التي اشتغلت على هذا المشروع منذ البداية رؤية أكثر وضوحا للوضعية التي ينبغي أن تكون عليها منظومة التوجيه التربوي، وذلك بفضل الدراسات التشخيصية التي سبق القيام بها من طرف الوزارة، وبفضل خبرة أطر التوجيه التربوي الواسعة المكتسبة من ممارساتهم الميدانية في مختلف المواقع التربوية، وهو الأمر الذي انعكس إيجابا على جودة التدابير والإجراءات المقترحة لتطوير نظام ناجع للإعلام والتوجيه. وإن المتمعن في مكونات هذا المشروع سيقف على حجم التحدي المطروح من أجل إنجاح هذا الورش الإصلاحي الذي يكتسي بعدا استراتيجيا في منظومتنا التربوية، الشيء الذي يستدعي منا جميعا، فرقاء تربويين، واجتماعيين، واقتصاديين... مزيدا من الجهد والتعاون لبلوغ الأهداف المتوخاة لما فيه مصلحة ناشئتنا وبلدنا.
كيف تقيمون حصيلة ما تم إنجازه من هذا المشروع، سيما بعد مرور ما يناهز سنة ونصف على انطلاق البرنامج الاستعجالي ؟
بداية، لابد من الإشارة إلى أن الموسم الدراسي 2009/2010 شكل البداية الحقيقية للتفعيل الميداني لجميع مشاريع البرنامج الاستعجالي، حيث خُصصت الفترة التي سبقته لتدقيق هذه المشاريع، وإرساء الآليات الكفيلة بأجرأتها وتتبع تنفيذها ميدانيا.
وعموما، يمكن القول إن أجرأة المشروع E3P7 بدأت تعرف مسارها الحقيقي بفضل جدية وانخراط كافة الفرق المكلفة بتدبيره. ومن المنجزات الممكن الوقوف عليها في هذا الصدد.
فعلى مستوى البنيات، انطلقت العمليات المتعلقة بإحداث المراكز الجهوية للإعلام والمساعدة على التوجيه ب 12 أكاديمية جهوية للتربية والتكوين، بالإضافة إلى إعداد مشروع قانون يتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للإعلام والتوجيه، والشروع في إعداد دفتر التحملات الخاص بالبوابة الوطنية للإعلام والتوجيه؛
وعلى مستوى وسائل وفضاءات العمل، تم إحداث ما يناهز 175 فضاء للإعلام والمساعدة على التوجيه بالمؤسسات الثانوية، بالإضافة إلى الشروع في توزيع الهواتف النقالة والحواسيب المحمولة على أطر التوجيه التربوي العاملين بالقطاعات المدرسية للتوجيه ببعض الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين؛
أما على مستوى التكوين المستمر في مجال التوجيه التربوي، اجتهدت بعض الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في إعداد مصوغات تكوينية جهوية وقامت بإجراء التكوينات الضرورية لفائدة أساتذة التعليم الثانوي بسلكيه، وعلى المستوى المركزي، تم إعداد مصوغة وطنية في هذا الموضوع، ويتم الاشتغال حاليا على إعداد مصوغة وطنية خاصة بأطر التوجيه التربوي حيث تم رصد الحاجيات من التكوين المعبر عنها من طرف هذه الأطر؛
وبالنسبة لمستوى خدمات الإعلام والمساعدة على التوجيه، نُظِّمت عبر مجموع التراب الوطني عدة تظاهرات إعلامية جهوية وإقليمية ناجحة من طرف الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وكذا من طرف شركاء الوزارة كالجمعية المغربية لأطر التوجيه والتخطيط التربوي، وجريدة ملتقى التوجيه، ومجموعة الطالب المغربي، بالإضافة إلى إعطاء الانطلاقة لورش تطوير عدة بيداغوجية داعمة للمشروع الشخصي للمتعلم بتعاون مع منظمة اليونسيف، وتهييئ مشاريع شراكات مع مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل ومركز المسيرين الشباب من أجل دعم الإصلاح الحالي؛
وأخيرا على المستوى التنظيمي، أصدرت الوحدة المركزية للإعلام والتوجيه ثلاثة مذكرات همت الإطار التنظيمي لمجال التوجيه التربوي، وإحداث المراكز الجهوية والإقليمية للإعلام والمساعدة على التوجيه، وأخيرا تنظيم العمل بالقطاعات المدرسية للتوجيه، وذلك في إطار مصاحبة الأجرأة الميدانية لمقتضيات المشروع سالف الذكر.
من خلال ما أسلفتم ذكره ما هي الآليات التي وضعتها الوزارة للتدبير الأمثل لمشاريع البرنامج الاستعجالي بصفة عامة، والمشروع E3P7 بصفة خاصة مع العلم بأن ذلك يتطلب جهودا كبيرة سيما على مستوى تأطير ومصاحبة الفرق الميدانية المكلفة بتفعيل مقتضياته ؟
من المفترض أن يشكل البرنامج الاستعجالي نقلة نوعية في طريقة تدبير المنظومة التربوية من حيث اعتماده على مقاربة المشروع المرتكزة على النتائج. وفي هذا الإطار، عملت الوزارة على إنجاز عُدة خاصة بتتبع الأجرأة الميدانية لكل مشروع من مشاريع هذا البرنامج من خلال مجموعة من المؤشرات، كما أنها شرعت خلال هذا الموسم الدراسي في إنجاز تكوينات في مجال التدبير بالمشاريع لفائدة الفرق المكلفة بتدبير البرنامج الاستعجالي مركزيا وجهويا وإقليميا. وعلى الرغم من قصر المدة المخصصة لهذه التكوينات، إلا أنها خطوة أولى في اتجاه تبني مقاربة التدبير بالمشروع وتمثلها من طرف مختلف القائمين على مشاريع الإصلاح الحالي.
وسيرا على هذا النهج، قامت الوزارة كذلك بإعطاء الانطلاقة الفعلية لدراسة تتوخى وضع آلية جديدة في مجال التدبير بالمشاريع، والمتمثلة في «مكتب تدبير المشاريع Project Management Office - PMO» الذي سيعهد إليه تنسيق جميع مشاريع البرنامج الاستعجالي، والسهر على حسن تفعليها، وكذا رصد الإكراهات والصعوبات التي تعترض أجرأتها، والمبادرة إلى إيجاد الحلول الكفيلة بتجاوزها أو التخفيف من حدتها.
وبموازاة مع هذا الآليات، تعتمد الوحدة المركزية للإعلام والتوجيه، فيما يتعلق بتدبير المشروع E3P7، على مبدأ التواصل والمصاحبة الدائمة للفرق الجهوية والإقليمية، وذلك من خلال عقد لقاءات تأطيرية، وتسخير كل وسائل الاتصال المتاحة لتسريع تداول المعلومات وتقاسم الانشغالات والمبادرات، مما أعطى نتائج مشجعة عل مستوى تقدم الأجرأة الميدانية لمقتضيات هذا المشروع، وإن بشكل متفاوت بين الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.
كيف تعامل باقي المتدخلين مع هذا البرنامج وإن كانت هناك معارضة فكيف تعاملتم معها؟
أكيد فكل إصلاح جديد يصاحبه نوع من المقاومة خصوصا إذا ما تعارضت مقتضياته مع مصالح الفئات المعنية. غير أن ما تمت ملامسته، فيما يتعلق بالمشروع E3P7 من البرنامج الاستعجالي، هو نوع من التخوف المشروع فقط لم تصل إلى درجة المعارضة وهو تخوف من أن يكون هذا الإصلاح الجديد لمنظومة التوجيه التربوي كسابقيه، سيما وأن هذا الإصلاح ما هو إلا امتداد لما سطره الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وهو تخوف في محله على اعتبار أن مجال التوجيه التربوي لم يحظ بمكانته اللائقة به ضمن مخططات الإصلاح التي عرفتها المنظومة التربوية على مر العقود الأخيرة.
هذا التخوف إن دل على شيء، فإنما يدل على مدى انشغال أطر التوجيه التربوي بمستقبل المنظومة التربوية عموما، ومجال التوجيه التربوي خصوصا، الشيء الذي يستدعي وجوبا العمل عل إعادة بناء الثقة بين الإدارة وأطر الميدان حتى يتسنى ضمان انخراطهم الفعلي في أجرأة الإصلاح باعتبارهم رافعته الحقيقية.
إزاء هذا التخوف المشروع، نهجت الوحدة المركزية للإعلام والتوجيه مقاربة قوامها التواصل مع الميدان، سواء بصفة مباشرة من خلال اللقاءات التي تم عقدها على مستوى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، أو من خلال المنابر الإعلامية السمعية والبصرية والمكتوبة، كما قامت كذلك بإصدار نشرة تواصلية «صدى التوجيه التربوي» للتعريف بالأنشطة التي يتم إنجازها عبر ربوع المملكة.
وفي هذا الصدد، أود أن أشيد بالانخراط الفعلي لأطر التوجيه التربوي، على الرغم من محدودية الوسائل الموضوعة تحت تصرفهم، في تفعيل جميع مشاريع البرنامج الاستعجالي، إلى جانب قيامهم بأعباء المهام المسندة إليهم رسميا. ولعل في انخراط الجمعيات المهنية الممثلة لأطر التوجيه التربوي (الجمعية المغربية لأطر التوجيه والتخطيط التربوي والجمعية المغربية لمفتشي التوجيه ومفتشي التخطيط التربوي) في الإصلاح الحالي للمنظومة أملا كبيرا في تحقيق الأهداف التربوية للمشروع E3P7 بالنظر لما عُهد في هاتين الجمعيتين من جدية ومسؤولية في التعاطي مع ملفات من هذا الحجم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.