اتهامات بالمحاباة والإقصاء تُفجّر جدل مباراة داخلية بمكتب الاستثمار الفلاحي للوكوس    تطوان تحتضن النسخة 16 من الأيام التجارية الجهوية لتعزيز الانفتاح والدينامية الاقتصادية بشمال المملكة    الرجاء يصطدم بعناد اتحاد تواركة ويكتفي بالتعادل السلبي    كأس إفريقيا لأقل من 20 سنة: تعادل سلبي بين المغرب ونيجيريا في قمة حذرة يحسم صدارة المجموعة الثانية مؤقتًا    طنجة تحتضن اللقاء الإقليمي التأسيسي لمنظمة النساء الاتحاديات    التعادل يحسم مباراة المغرب ونيجيريا في كأس إفريقيا U20    الدوري الألماني.. بايرن ميونخ يضمن اللقب ال34 في تاريخه بعد تعادل منافسه ليفركوزن    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    جريمة بيئية مزعومة تثير جدلاً بمرتيل... ومستشار يراسل وزير الداخلية    الإطاحة بشبكة مخدرات ودعارة بتنغير    شركة بريطانية تطالب المغرب بتعويض ضخم بقيمة 2.2 مليار دولار    المغرب يتصدر قائمة مورّدي الأسمدة إلى الأرجنتين متفوقًا على قوى اقتصادية كبرى    تحالف مغربي-صيني يفوز بعقد إنشاء نفق السكك الفائقة السرعة في قلب العاصمة الرباط    انخفاض جديد في أسعار الغازوال والبنزين في محطات الوقود    وزيرة تكشف عن مستجدات بشأن الانقطاع الكهربائي الذي عرفته إسبانيا    الأميرة لالة حسناء تشارك كضيفة شرف في مهرجان السجاد الدولي بباكو... تجسيد حي للدبلوماسية الثقافية المغربية    الفن التشكلي يجمع طلاب بجامعة مولاي إسماعيل في رحلة إبداعية بمكناس    الطالبي العلمي يمثل الملك محمد السادس في حفل تنصيب بريس كلوتير أوليغي نغيما رئيسا لجمهورية الغابون (صورة)    "البيجيدي" يؤكد انخراطه إلى جانب المعارضة في ملتمس "الرقابة" ضد حكومة أخنوش    الخيط الناظم في لعبة بنكيران في البحث عن التفاوض مع الدولة: الهجوم على «تازة قبل غزة».. وإيمانويل ماكرون ودونالد ترامب!    المغرب يطلق برنامجًا وطنيًا بأكثر من 100 مليون دولار للحد من ظاهرة الكلاب الضالة بطريقة إنسانية    الناخب الوطني يعلن عن تشكيلة المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة لمواجهة نيجيريا    توقعات بتدفقات مبكرة للجالية المغربية نحو شمال المملكة    الشرطة البرازيلية تحبط هجوما بالمتفجرات على حفل ليدي غاغا في ريو دي جانيرو    المغرب يجذب الاستثمارات الصينية: "سنتوري تاير" تتخلى عن إسبانيا وتضاعف رهانها على طنجة    للا حسناء تزور مهرجان السجاد الدولي    مراكش تحتفي بالموسيقى الكلاسيكية    إسبانيا: تحديد أسباب انقطاع الكهرباء يتطلب "عدة أيام"    استشهاد 16 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء في قصف إسرائيلي جديد على غزة    العداء الجزائري للإمارات تصعيد غير محسوب في زمن التحولات الجيوسياسية    الحارس الأسبق للملك محمد السادس يقاضي هشام جيراندو    مصادر جزائرية: النيجر تتراجع عن استكمال دراسات أنبوب الغاز العابر للصحراء    معهد الموسيقى بتمارة يطلق الدورة السادسة لملتقى "أوتار"    بريطانيا تطلق رسمياً لقاح جديد واعد ضد السرطان    توقيف 17 شخصا على خلفية أعمال شغب بمحيط مباراة الوداد والجيش الملكي    حريق بمسجد "حمزة" يستنفر سلطات بركان    "الأونروا": الحصار الإسرائيلي الشامل يدفع غزة نحو كارثة إنسانية غير مسبوقة    علماء يطورون طلاء للأسنان يحمي من التسوس    المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين يعبر عن دعمه للوحدة الترابية للمغرب    "صوت أمريكا" تستأنف البث    فوز كاسح للحزب الحاكم في سنغافورة    نجم الراب "50 سنت" يغني في الرباط    من المثقف البروليتاري إلى الكأسمالي !    الداخلة.. أخنوش: حزب التجمع الوطني للأحرار ملتزم بتسريع تنزيل الأوراش الملكية وترسيخ أسس الدولة الاجتماعية    الشرطة البريطانية تعتقل خمسة أشخاص بينهم أربعة إيرانيين بشبهة التحضير لهجوم إرهابي    الجمعية المغربية لطب الأسرة تعقد مؤتمرها العاشر في دكار    دراسة: الشخير الليلي المتكرر قد يكون إنذارا مبكرا لارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب    وهبي: مهمة "أشبال الأطلس" معقدة    طنجة.. العثور على جثة شخص يُرجح أنه متشرد    برشلونة يهزم بلد الوليد    وداعاً لكلمة المرور.. مايكروسوفت تغيّر القواعد    مقتضيات قانونية تحظر القتل غير المبرر للحيوانات الضالة في المغرب    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المبتدأ والخبر في الملف المطلبي للمفوضين القضائيين بالمغرب .. إحالة مشاريع قوانين المسطرة المدنية والمساعدة القضائية والأجور على الأمانة العامة للحكومة تؤسس لأزمة تنظيمية

تجمع المؤشرات والمعطيات المتوفرة لدينا بشأن أوضاع الهيأة الوطنية للمفوضين القضائيين بالمغرب، على أنها تمر بمرحلة توصف بالدقيقة والحاسمة، سواء على مستوى الواجهة المطلبية العامة او التنظيمية الجهوية التي طفت الى سطح الاحداث مؤخرا، جراء إقدام وزارة العدل على تمرير مشاريع مطلبية دون الأخذ برأي الهيأة فيها الى الأمانة العامة للحكومة، وإقدام رئيس الهيأة ، من جانب ثان، على اتخاذ قرار عزل رئيس المجلس الجهوي للدار البيضاء الذي تلقى مؤخرا شهادة تقدير مكتوبة من المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين لدى محكمتي الاستئناف بأكادير والعيون تحمل توقيع رئيس المجلس ذ. رضوان بنهمو.
تطورات إذن بحمولة أبعادها التنظيمية والتدبيرية، وكذا سياقها الاجتماعي والظرفية الزمنية التي تمر منها الهيأة والآثار المترتبة عن تصريف قراراتها ، تفرض فتح نافذة تحقيق إعلامية في محاولة تروم تقريب القارئ والمهتم والمتتبع ، على السواء ، من راهن الوضع المقلق الذي يخيم على فضاء المفوض القضائي ،ومهنته التي ظل يسودها ، ولايزال، الكثير من الغموض والالتباس في الوقت الذي اضحت فيه ركنا أساسيا في معادلة إصلاح القضاء بالمغرب، إذ يجمع الفاعلون على أنه بدون الأخذ برأي الهيأة، لن تستقيم أجندة الاصلاح تماما.
معارك لم تفض إلى نتيجة
قادهم الشعور بالحيف واللامبالاة والتهميش والميز الذي يوثث فضاءهم المهني ، كما تضمنتها بلغة واضحة، بلاغات هيأتهم الوطنية العديدة، الى الدخول الجماعي وعلى الصعيد الوطني، في حركة إضراب مفتوح من 10 مارس 2010 الى 31 منه، وقاموا في سياق حركة التصعيد هذه، بتنظيم وقفتين احتجاجيتين أمام وزارة العدل يومي 18 مارس و 31 منه، حضرها حسب تصريح المنظمين، أكثر من 400 مفوض قضائي، قبل أن يدعو رئيس الجمعية العامة الى تعليق الاضراب والدخول في حوار مباشر مع وزارة العدل.
وإذا كان ذ.سعيد بورمان قد ترجم مأساة المفوض القضائي القانونية والاجتماعية بقوله في جموع المفوضين القضائيين ، على خلفية الوقفة الاحتجاجية التي دعتا إليها، ونظمتها الهيأة الوطنية صبيحة 18 مارس 2010، ب« أن المفوضين القضائيين يعيشون اليوم مؤامرة مكشوفة المعالم لخصوم التحديث والتخليق، وتمثل حربا باردة غير معلنة في الاصلاح القضائي من مجموعة من اللوبيات، وتريد إرجاع المفوض القضائي الى نظام السخرة والرقاص والعريفية»، فإن السؤال الذي يطرحه المتتبع المهني ، على ضوء المواقف والمعارك النضالية، يرتبط بالوضعية غير المريحة للمفوض القضائي، سواء من حيث التشريع الذي ينظم المهنة او من حيث الممارسة الواقعية، او من حيث نصوص قانون المسطرة المدنية التي اصبحت متجاوزة، وذلك في ظل نزول مؤشر حركة التصعيد فيها بدرجة كبيرة.
لكن، لنقرب اولا القارئ من المفوض القضائي الذي ربما يبقى رجلا مجهولا لديه من ناحية الانتساب الوظيفي كمساعد أساسي للسلك القضائي.
حدد المرسوم التنظيمي للمهنة المفوض القضائي في أنه يختص بعمليات التبليغ بإجراءات تنفيذ الأوامر والاحكام والقرارات، وكذا كل العقود والسندات التي لها قوة تنفيذية، ويتكلف بتسليم استدعاءات التقاضي ضمن الشروط المقررة في قانون المسطرة المدنية وغيرها من القوانين الخاصة، وكذا استدعاءات الحضور المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، ويقوم باستيفاء المبالغ المحكوم بها او المستحقة بمقتضى سند تنفيذي وإن اقتضى الحال البيع بالمزاد العلني للمنقولات المادية.
ويقوم ،الى جانب ذلك، بتبليغ الانذارات بطلب من المعني بالامر مباشرة ما لم ينص القانون على طريقة اخرى للتبليغ.
أجرة المفوض القضائي
إذا كان المفوض القضائي يمارس ، يقول ذ. محمد فنكوش رئيس المجلس الجهوي لوجدة في إحدى مقالاته التحليلية، جزءا من السلطة العامة المتمثلة في تسيير جزء من مرفق العدل بالمغرب، ويرى أن ما يطالها اليوم من حيف وتمييز مهني يجعلها جسما منبوذا زرع في الكيان القضائي في لحظة غفلة، تعذر الآن استئصالها، فإن مستحقات المفوض القضائي اعتبارا لهذا الدور، يرى ذ. ميمون بوكرين مفوض قضائي، أن ما نص عليه المشرع في هذا الباب الذي وصف فيه أتعاب المفوض القضائي بالأجور، لا يتناسب مع طبيعة المهام التي يزاولها بصفته ممارسا لمهنة قانونية حرة، والتي تعتمد في مباشرتها على المجهود الفكري والنشاط الذهني بالاضافة الى استخدام ما تراكم لديه من تجربة ودراية بمختلف النصوص القانونية وتطبيقاتها، وكذا قدرته على تجسيد وتنفيذ أحكام القضاء على أرض الواقع، مما يؤكد ، يضيف، «أن مهنة المفوض القضائي لا تعتمد على القوة العضلية والمهارة اليدوية حتى توصف أتعابه بالأجور المرتبطة بمزاولة مختلف الحرف، لذلك يقول، كان من الأسدى أن تعتبر مستحقاته أتعابا وليس أجرا».
هذا ويرى باحثون مختصون أن أجرة ، او بلغة ذ. بوكرين، أتعاب المفوض القضائي عن القيام بالاجراءات في الميادين المدنية والتجارية والادارية ، تتجاوز ال 5 آلاف درهم في الشهر لكل مفوض قضائي بمدينة الدار البيضاء في مادة التبليغ والتنقل فقط دون احتساب أجرة التنفيذ للملفات التي يتقاضي عنها أجرة لا تقل عن 800 درهم كلما زاد المبلغ عن 20 ألف درهم، ولا تتجاوز ال 4 آلاف درهم على اعتبار النسبة المحددة في مرسوم الأجرة.
وحسب ذات الرأي، فإن معظم المفوضين القضائيين غير مصرحين لدى مصالح الضرائب في الوقت الذي تتجاهل هذه الاخيرة استغلال هذه المبالغ بحجة أن المفوضين القضائيين جهاز منتج لخزينة الدولة من خلال الرسوم التي يستخلصها لفائدتها، والتي تصل الى نسبة 0.5 في المائة من مجموع المبالغ المنفذة.
هذا، وتفيد المعطيات المتوفرة لدينا ، بأن خزينة الدولة بمحاكم الدار البيضاء، تستفيد ، نتيجة تنفيذ الملفات من طرف المفوضين القضائيين، بما يزيد عن 28 مليون درهم سنويا.
المد والجزر في مواقف الهيأة
حمل رئيس الهيأة الوطنية للمفوضين القضائيين بالمغرب وزير العدل مسؤولية اتباع الوزارة الوصية أسلوب الإقصاء والانفرادية في اتخاذ القرار واللامبالاة في التعاطي مع ملف المفوضين القضائيين بسبب تمرير الوزارة ، إلى الامانة العامة للحكومة، مشاريع المساعدة القضائية، وقانون المسطرة المدنية، وقرار الأجور، وطلب منه في رسالة موجهة بتاريخ 27 أكتوبر 2010 التدخل الفوري لإيقاف قرار الاحالة.
مصادر موثوقة أكدت ل «الاتحاد الاشتراكي» أن قرار الاحالة أخذ مجراه القانوني، وإن أمر إيقافه لم يعد من اختصاص وزارة العدل، بل أضحى من اختصاص مصالح عمومية متعددة قبل أن يصل إلى البرلمان.
موقف الوزارة هذا ، الذي خلف استياء عارما وسط صفوف أعضاء الهيئة على صعيد مختلف مجالس الجهات، بعد أن راودهم شعور جماعي بقرب تحقيق مطالبهم الاساسية عقب عقد المكتب التنفيذي للهيأة أول اجتماع للحوار مع وزارة العدل من خلال مدير الشؤون المدنية يوم 27 اكتوبر 2010، دفع بالمجلس الجهوي للمفوضين القضائيين لطنجة تطوان ، على ضوء الاجتماع الطارئ لأعضاء مكتب المجلس يوم 2 نونبر الجاري، وفي مقرر مكتبه، إلى المطالبة بعقد اجتماع عاجل للجمعية العامة قصد تحديد المسؤولية في سوء تدبير الملف المطلبي ووضع خريطة الطريق لتحديد التوجهات الكبرى للهيئة الوطنية وتشكيل لجنة مراقبة مالية الهيئة.
هذا وتتحدد مطالب المفوضين القضائيين في خمسة مطالب أساسية، أولها مراجعة مشروع قانون المسطرة المدنية ومشروع قانون المساعدة القضائية، ثانيا التشبث بأرضية مشروع تعديل قانون الأجور المعد من طرف الهيئة الوطنية ، ثالثا المطالبة بحسن تطبيق القانون 03 81 المنظم لمهنة الموظفين القضائيين، رابعا تعديل القانون المنظم للمهنة بما يجسد الاختيار اللارجعي لمهنة المفوضين القضائيين كآلية وحيدة ضمن المنظومة القضائية للتبليغ والتنفيذ، خامسا اعتبار الهيئة الوطنية شريكا أساسيا عند سن أي تشريع يهم الممارسة العامة للمهنة وتعيين ممثلين عن الهيئة الوطنية ضمن لجنة مواكبة التشريع بوزارة العدل.
في سياق التطور هذا، وفي معرض رده على سؤال «الاتحاد الاشتراكي» حول آخر التطورات بشأن مآل الملف المطلبي ومصير مشاريع قانون المسطرة المدنية والمساعدة القضائية والأجور، قال رئيس الهيأة الوطنية الاستاذ عبدالعزيز فوكني ، في اتصال هاتفي مع الجريدة صباح الجمعة الماضي، إن الملف قد أحيل نهائيا على الامانة العامة للحكومة دون أخذ برأي الهيأة ومقترحاتها الواردة في هذا الشأن، مؤكدا أن الوزارة عبرت عن عدم استعدادها لتعديل أي بند من البنود. وعن الآليات المفترض إعمالها دفاعا عن الملف المطلبي للهيأة، وفيما إذ كان خيار الاضراب واردا في أجندة الحراك الاجتماعي، أكد فوكني بهذا الخصوص، استمرار الهيأة في الحوار مع الوزارة نظرا لما أسماه «بالظروف الاقتصادية»، مستبعدا في ذلك الدخول في حركة إضراب، واضعا إياه في خانة التأجيل، وقال بأن الهيأة ستدخل في حوار داخل أجل شهرين، وفي حال ما تبين بأنه لم يسفر عن نتيجة آنذاك سنبحث، يضيف، عن صيغ أخرى للدفاع المشروع عن ملفنا المطلبي».
صراع رئاستين
بالموازاة مع حركة التصدع التي خيمت على نتائج الحركة النضالية لعموم المفوضين القضائيين والاستياء العام الذي ساد صفوفهم ، جراء إقدام الوزارة على تمرير جملة مشاريع إلى الامانة العامة للحكومة، على الرغم من إقدام الجمعية العامة على تعليق الاضراب المفتوح ودعوتها أعضاء الهيأة إلى استئناف العمل بداية فاتح أبريل 2010 ، برزت إلى سطح الأحداث قضية قرار عزل رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بدائرة محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الاستاذ سعيد بورمان، من قبل رئيس الهيأة الوطنية ، وهو القرار الذي رفض تطبيقه بورمان بالاستناد إلى نص القانون المنظم، وهو ذات المرجع الذي يستدل به فوكني في استصدارالقرار. وجهات نظر متباعدة المسافة، يبدو معها من الصعب على المتتبع تشييد قنطرة التواصل بينهما طالما أن كل طرف يتشبث بمواقفه ويعلن صراحة أنها «سليمة وشفافة وغير قابلة للطعن»، فرئيس المجلس الجهوي يعتبر، بنص القانون المنظم للمهنة ،رئيسا ، ورئيس الهيأة يعتبر بدوره قرار العزل نافذا، بنص القانون... هنا وجهتا نظر المسؤولين، كما استقتهما «الاتحاد الاشتراكي» من المعنيين بالقضية .
قرار العزل لا رجعة فيه
قال الأستاذ عبد العزيز فوكني في اتصال هاتفي مع «الاتحاد الاشتراكي» صبيحة الجمعة 12 نونبر الجاري، «إن قرار العزل الصادر في حق الأستاذ سعيد بورمان قرار لا رجعة فيه، وإنه يستند إلى محضر الاجتماع الاستثنائي المؤرخ في 05 أكتوبر الماضي ( 2010)، ومصادق عليه من طرف جميع أعضاء المجلس، وهو الاجتماع، يضيف، الذي حضره رئيس المجلس الجهوي لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، ودافع فيه هذا الأخير ذ. بورمان لمدة أربع ساعات عن ملفه، وبناء على تشكيكه في محضر الاجتماع الاستثنائي، قرر أعضاء المكتب التنفيذي، استدعاء جميع أعضاء المجلس الجهوي لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، حيث تم، حسب قوله، تأكيد جميعهم صحة ما جاء في محضرهم، مشددين في ذات الوقت على استحالة العمل مع الرئيس».
«إلى ذلك، يقول رئيس هيأة المفوضين القضائيين بالمغرب، إن أعضاء المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، رصدوا عشرة خروقات في حق الرئيس، حددوها في تقديم تقرير حول وضعية مكاتب المفوضين إلى السيد وكيل الملك، وعدم الرجوع الى أعضاء مكتب المجلس في صرف مبلغ 10 آلاف درهم، عدم توجيه دعوات مكتوبة بجدول أعمال محدد، إلى جانب التطاول على اختصاصات أمين المال، والقيام بأعمال انفرادية، وعدم تقديم تقرير لأعضاء المجلس بالمقررات التي يتخذها المكتب التنفيذي للهيأة الوطنية، وعدم إشراك أعضاء المكتب في إصلاح وتجهيز مقر المجلس، وعدم رفعه لتقارير حول الأنشطة الرسمية التي يقوم بها، وتوقيعه لاتفاقية مع إحدى المؤسسات البنكية باسم المجلس الجهوي».
وفي ما يتعلق بالقوة الإلزامية التي استند إليها رئيس الهيأة لإعمال قرار العزل في حق ذ. بورمان، قال فوكني، الذي يعد أحد أعضاء مكتب المجلس الذي يرأسه بورمان، «إن المكتب التنفيذي للهيأة، استند إلى المادة 32 من المرسوم المنظم للمهنة»، مؤكداً في ذات الوقت، «إن قرار العزل يعتبر نهائياً وتاماً»، مستبعداً إمكانية التراجع فيه، وقال: «إذا كان ذ. بورمان يرى أن هذا القرار خارج عن القانون، فما عليه إلا أن يلجأ إلى القضاء».
العزل ناشىء عن خلاف
أرجع الأستاذ سعيد بورمان اتخاذ قرار العزل في حقه إلى الخلافات الناشئة بينه وبين رئيس الهيأة وأغلبيته وطنياً، وقال في اتصال هاتفي مع «الاتحاد الاشتراكي» صبيحة الجمعة الماضية، «إن انفراد رئيس الهيئة باتخاذ مجموعة من القرارات، وصرف مبالغ مالية تفوق 500 ألف درهم بمناسبة الندوة الدولية بمراكش، ومحاولة تكسيره للإضراب خلال شهر مارس الماضي، وتجميده للحوار مع الوزارة لمدة تزيد عن ستة أشهر، رغم دعوات الوزارة المتكررة لذلك ، هذه الخلافات انعكست على الجهة مهنياً بإيعاز من رئيس الهيئة ،أنتجت ما تم تسميته بالخروقات العشرة التي يقول، ركب عليها رئيس الهيئة فيما بعد».
وفي ذات السياق، أوضح بورمان أن «قرار العزل هذا لا يستند إلى مرجعية قانونية أو مبدأ شرعي، لأن المادة 32 المستدل بها، لا تعطي الصلاحية لأي جهة في عزل رئيس المجلس، لأنه منتخب لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد من طرف القاعدة العريضة للمفوضين القضائيين بالجهة، وإن اصطلاح التدابير أو الصلاحيات اللازمة لضمان حسن سير الهيئة المنصوص عليها في المادتين 30 و 32 من المرسوم 2.08.372 ، لا تفيد بتاتاً إيقاف صلاحية رئيس أحد المجالس أو تعطيل مهامه. وهذه، يضيف، هي الغاية التي قصدها المشرع حتى تستقر المعاملات وتؤدي المجالس دورها في الرفع من مستوى المهنة وتنظيم الندوات والأيام الدراسية». و«حتى يكون لهذا القرار مفعول قانوني، يقول بورمان، لابد من لجوء رئيس الهيأة إلى القضاء قصد تذييله بالصيغة التنفيذية والسهر على إجراءات التنفيذ، كما هو منصوص عليه قانونا، لأن مؤسسة المفوض القضائي، يضيف، لا يخول لها المشرع صلاحية التأديب، كما هو الشأن بالنسبة لهيأة المحاماة أو قطاع الأطباء، والحال أن دور الهيأة الوطنية استشاري فقط، وعلى وزارة العدل أن تتدخل لفض النزاع في إطار الملاءمة للنصوص القانونية، وبالتالي، فإن صفة رئيس المجلس تظل قائمة ،ويمارس تبعاً لذلك، جميع صلاحيته المخولة له قانوناً».
وزارة العدل، والإحاطة علما
في ظل الصراع الدائر رحاه بين المكتب التنفيذي لهيأة المفوضين القضائيين ورئيس المجلس الجهوي للدار البيضاء، أعلن هذا الأخير في جواب عن مقرر 22 أكتوبر الماضي (2010) إلى رئيس الهيأة المؤرخ بتاريخ 26 أكتوبر الماضي، رفضه شكلا ومضموناً تنفيذ المقرر القاضي بعزله من منصبه كرئيس للمجلس، وقال في معرض جوابه «لا عقوبة إلا بنص، ولأنه القرار حاد عن الصواب والمعقول، فإنه غير ملزم التنفيذ».
إلى ذلك، أحاط ذ. بورمان علماً وزير العدل، في كتابه المؤرخ يوم 26 أكتوبر الماضي «بحيثيات وملابسات قرار المكتب التنفيذي، وببطلان ادعاءات محضر الاجتماع الاستثنائي»، لما تضمنه، حسب قوله، «من افتراءات وأباطيل» يروم من ورائها صناع القرار فيها، استصدار «قرار العزل» و «التسلط على مؤسسات مهنية منتخبة».
وكشف في كتابه إلى وزير العدل، وكان قبل ذلك، قد أحاط به علماً رئيس الهيأة، فيما اصطلح عليه ب «الخروقات»، «إن كل ما قام به يدخل في إطار القوانين المنظمة للمهنة والصلاحيات المخولة له طبقاً لذلك، ورؤيته في تحديث وتطوير وتأهيل وصون كرامة المفوض القضائي كرقم أساسي في معادلة منظومة إصلاح القضاء».
ويبقى السؤال الذي يجثم كسحابة سوداء قاتمة على فضاء بيت المفوض القضائي، يرتهن بمدى قدرة القيادة التنفيذية ، بعد انصرام آجال الشهرين التي حددها رئيس الهيأة لدى الدوائر المسؤولة، في رسم خريطة طريق نضالية لانتزاع كافة الحقوق المادية والأدبية، في ظل صراع الدار البيضاء، الذي تحيط به استفهامات قوية، يرى عدد من المتتبعين أن تعميق الجرح فيه سينعكس لامحالة سلباً على انتظارات المهنة والمهنيين ومستقبل الخدمة فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.