عبد العزيز الطاهري صغيرا في دربه بالمدينة العتيقة يمارس شغبه الطفولي وهو يجري وراء عجلة، عبد العزيز الطاهري يطلق العنان لشعره ويعزف على آلة الهجهوج.. وتمر الصور عبر المراحل، من طفولة إلى شباب إلى كهولة عبر مسار مليء بالنجاح، انطلاقا من العمل الجمعوي وحفظ عشرات قصائد الملحون، مرورا بالذهاب إلى الرباط، حيث فتحت له آفاق التكوين، وحكاية تأسيس ناس الغيوان ومغادرتها بشكل فجائي لأنه كان يؤمن أن المجموعات الغنائية لا يقبل أن يكون فيها فرد تحت إمرة رئيس، تم تأسيس جيل جيلالة ومغادرتها أيضا لأنه اعتبر أنه لا يجب أن نجتر ونكرر أنفسنا، فالعمل بأٌفق أكبر وأرحب في الكتابة والتلحين على مختلف أصعدة الإبداع من مسرح وتلفيزيون وسينما وإعلانات أيضا.. ذلك ما حاول الشريط القصير والدردشة التي أدارها الشاعر عدنان ياسين يوم الخميس الماضي بمسرح دار الثقافة الداوديات بمراكش خلال الحفل التكريمي للمبدع الكبير مولاي عبد العزيز الطاهري.. لحظة فنية بامتياز حضرتها الكثير من الوجوه الفنية والتشكيلية والإعلامية والجامعية وعدد من المثقفين وجمهور غفير من عشاق الظاهرة الغيوانية.. إخراج جميل للمبدع حسن هموش،على اليسار جلسة الحوا، وعلى اليمين مجموعة من الفنانين تتقدمهم الممثلة القديرة فضيلة بن موسى والمسرحي الكبير مولاي إدريس معروف ونجم المشاهب حمادي والفنان الملتزم عزيز باعلي والممثل المسرحي محمد بلمقدم ومجموعة من افراد الارصاد واخرون.. لم يكن مولاي عبد العزيز محتفى به فقط، بل كان هو الدينامو في التحرك على الخشبة، فبعد كلمته التي درجها ووسمها بالكثير من الإشارات في تفاعل مع القاعة، كان ينسحب من مقعد الحوار ليلتقط الميكرو ويلتحق بمجموعة الفنانين في أداء الكثير من الروائع الغيوانية والجيلالية.. لكن المثير في هذا الحفل أن لا أحد من ناس الغيوان أو من جيلالة حضر، وإن كان مولاي عبد العزيز الطاهري ممثلا للمجموعتين معا.. تساؤول لم يرغب أحد في طرحه في لحظة احتفاء.. احتفاء سيكون تقليدا التزم المركز الثقافي الداوديات على الاستمرار فيه للاحتفاء بعدد من المبدعين ممن أنجبتهم المدينة الحمراء، كما جاء على لسان الشاعر حسن بنمنصور مدير هذا المركز خلال كلمة افتتاح هذا الحفل التكريمي المتميز.. وكانت اللحظة القوية تلك التي صعد فيها الفنان الفوتوغرافي والتشكيلي احمد بن إسماعيل وعدد من زملائه بتقديمهم لوحات تشكيلية احتفاء بمولاي عبد العزيز الطاهري، فامتزج اللون بالإيقاع وعمت الفرحة القاعة المتدفقة حبا لهذا الفنان الذي أعطى الكثير ومازال يعطي.. كانت النساء الحاضرات ينسمن السهرة بزغاريدهن ويقرأن الصلاة على محمد.. عدنان ياسين الذي طرح أسئلة حذر مولاي الطاهر قبل الخضوع لها في كلمته أن ينجو من فخخها ونجا منها بقدرته على الإجابة الديبلوماسية بلمسة الجرأة، لكن أجمل ما قال أن ما أنجزه لم يكن عملا فرديا، بل كان عملا جماعيا وهي تعبير عن تواضع الرجل وتلك شيم المبدعين الكبار.