حين تجالسها لهنيهات سريعة خاطفة .. تقتنع بلمحة البصر أنك أمام امرأة معتقة سيالة بالمشاعر الإنسانية الفياضة.. قبضة أصيلة من أثر السخاء الدافق .. والمرح العابق ، بلا بهرج خداع ، تستدرجك بأنوثة طافحة بالمحبة الإنسانية .. إلى رحاب دافئة بالعلاقات العميقة الضاجة بالحياة .. إنها فاطمة بصور . حين تنصت إليها وهي تقرأ زجلياتها .. بكل جوارحها .. وبصوت جهوري، يمتح من رجع مووايل موغلة في الأرض والتاريخ ، وإيقاعات متنامية تشدك لعوالم المسرح بكل حمولاته المتدفقة .. وحركات متناغمة تحول الكلمة إلى فعل مرئي وشاخص .. تقتنع أنك أمام امرأة تحطم الحدود الجمركية المصطنعة بين الأجناس التعبيرية .. يتقاطع المسرح والغناء والزجل .. ثم ينصهر الكل في بوتقة واحدة بنكهة مخللة برائحة خاصة اسمها فاطمة بصور . في مهرجان مشرع بلقصيري المنظم من طرف محترف باناصا .. التقينا هذه البيضاوية التي جاءت من أقصى الدارالبيضاء بقلب سليم نابض بالأحمر الودادي .. فعادت إلى حيها هناك ببوركون بعد أن أطربت الحضور وأثثت فضاء المدينة ببهاء باذخ .. بقلب أضحى موزعا بين الأحمر والأخضر كقوس قزح .. في هذا الحوار .. لا تتردد فاطمة مجنونة الركح والحرف كما يحلو لها أن تلخص هوسها .. في أن تبوح بكل شيء دونما وجل أو مواربة. n في البداية يود قراء جريدة الاتحاد الاشتراكي أن يعرفوا من تكون فاطمة بصور هذه ؟؟ p أولا مرحبا بفاطمة بصور ضيفة خفيفة على قراء جريدة الاتحاد الاشتراكي الجريدة الوطنية المخلصة لقضايا الجماهير الشعبية .. فاطمة بصور إنسانة .. قبل أن تكون فنانة ممثلة مسرح في بداياتها الفنية..ثم التلفزيون والسينما ..إلى دبلجة الأفلام وشاعرة زجالة...من مواليد الدارالبيضاء بحي بوركون. n جريا على الاستهلالات التقليدية .. أسألك كيف تسللت إلى المسرح ؟ ومن أية أرض قدمت إليه ؟ p لم أتسلل إلى المسرح .. بل المسرح هذا الفن الشامل هو الذي تسلل إلى فاطمة بصور.. عشقها.. تملكها وهي بنت الخامسة عشرة من سنها.. عندما كانت ترتاد دار الشباب كعضوة مستفيدة من نادي الكتاب.. فانخرطت في نادي المسرح بالموزاة مع ذلك .. ومن ثمة تملكها العشق ، وبدأ صقل الموهبة.. وكانت المدرسة مسرح الهواة.. بالمشاركة في العديد من الأعمال والتمثيليات الإقليمية والوطنية في العديد من المهرجانات..والحصول على العديد من الجوائز كأحسن ممثلة في العديد من الملتقيات والمهرجانات.. والاستفادة من العديد من التداريب الوطنية التي كانت تنظمها وزارة الشبيبة والرياضة.. ثم لصقل هذا التراكم كان الانخراط في المعهد البلدي قصد التكوين. n طبعا لكل بداية دهشة .. كيف تجاوزت فاطمة عتبة المسرح الأولى وتلمست بإصرار طريقك ؟؟ وما هي الأسماء المسرحية التي شكلت وعيك بهذا الفن التعبيري ؟؟ p طبعا لكل تلميذ أستاذ .. أو من نعجب بهم ممن سبقونا .. أو فيما نعشق حببونا.. هناك أسماء كثيرة منهم من قضى نحبه، ومنهم من لا زال ينتظر .. طبعا هناك الأساتذة شعيب رشاد رحمه الله ومراس عبد الرزاق رحمه الله و أحمد الشاوي والدكتور محمد الأزهر وأحمد الصعري والدكتور أحمد أمل وغيرهم. n يجري الحديث عن هذا الكم الهائل من الفاعلين في المشهد المسرحي المغربي .. وهو كم يقود إلى الحديث عن وفرة أصبحت تسيء إلى المسرح أكثر مما تخدمه ؟؟ p طبعا لكل اختيار ضريبة... المسرح فن الركح... فن المباشرة...الوقفة الفاضحة التي لا ينفع مع أخطائها اللحظية..لا إزاحة كاميرا ولا ماكياج .. n يتحدث البعض عن تراجع رهيب للمسرح المغربي .. يا ترى ما هي الأسباب الكامنة وراء هذه الردة المسرحية ؟؟ p هذا التراجع أسبابه تتعدد بتعدد من كان وراءه بشكل مخطط له ومقصود...وبتعاقب سياسات الجهات الوصية على هذا القطاع...والفاهم يفهم. n من يعرفك .. يسجل إلحاحك الدائم على المزاوجة بين المسرح والكتابة الزجلية .. كيف تزاوجين بين هذين الشكلين ؟؟ وهل تضعين حدودا جمركية بين الجنسين ؟؟ p المزاوجة بين المسرح والزجل هي من تفرض نفسها...وعلي كشاعرة ولدت من رحم المسرح الذي هو أبو الفنون.. فالزجال يوظف حسا مكتوبا.. لا بد له من مطابقة مع المنطوق.. والتي يكفلها الأداء الحس حركي.. والتعبير الجسدي ..والإلقاء السليم...ونقل الصور الشعرية بمنطوق يشخص المحسوس.. حتى ينجح في انتزاع تفاعل المتلقي ذاك المستهدف بالمكتوب والمنطوق معا. وأظن أن هذه الأدوات يتميز فيها الشاعر المستفيد من المسرح عن غيره .. n بلا شك .. هناك إجماع على أن الزجل كممارسة إبداعية في المغرب ، يحتاج إلى الكثير لتكريسه كجنس تعبيري إبداعي .. وأنه لإنضاج الممارسة الزجلية لا بد من تجسير صلاته مع الكتابة الشعرية الفصيحة .. هل تتفقين مع هذا المدخل ؟؟ p أتفق مع أنه لا بد من إنضاج الزجل طبعا... ومع تزاوج اللغة الفصحى والعامية.. وأقول لابد من التمسك به كجنس ..لأنه يوظف لهجة هي في آخر المطاف ، لهجتنا المتداولة في المعيش...فقط يجب أن تمس مواضيع تعيش في خيال الزجال.. ومستنبطة من بيئة المتلقي ..حتى يتأتى التجاوب بين الإثنين...وتجد الرسالة مكانا لها بكل بساطة... إن الزجل يستمد قاموسه من مفردات المنطوق الشعبي...هذا الأخير الذي تطور بدوره...وكل زجال هو ابن بيئته...وبما أن كل بيئة تختلف عن الأخرى بلهجتها المتداولة...فطبيعي أن يختلف القاموس الذي يعتمده كل زجال عن الآخر...فقاموس الزجال البيضاوي مستمد من محيطه.. والعبدي من محيطه..والشمالي كذلك ... وقس على ذلك...وهذا التنوع هو الذي يعطي للزجل تلك الهوية...وأن يوظف الزجال مفردات من الفصيح ..فهو منحى سليم.. وتظهر ضرورته حينما يكون المخاطب خارج المحيط محليا أو خارج الحدود .. فالتفاعل مع الملتقي يبقى في الأخير هو الغاية .. بأي قاموس؟ هنا يطرح السؤال .. فكي يتفاعل معك المتلقي يجب أن يدرك منطوقك حتى يستطيع أن يعيش الصور الشعرية التي في الغالب ما تكون فلسفية .. وهذا سيجرني إلى استحضار مقولة لجان كوكتو يقول فيها: " الفن ليس طريقة معقدة لقول أشياء بسيطة، بل طريقة بسيطة لقول أشياء معقدة... n أعود إلى مناسبة هذا اللقاء .. وأسألك .. لقد كثرت هذه السنوات الأخيرة ظاهرة المهرجانات .. وهناك اختلاف حاد في تقييم جدواها .. هل هي فعلا إطار لتكريس التفاهة والابتذال ، ومناسبة لما يمكن تسميته تجاوزا بالدعارة الفنية ؟؟ p أكيد كثرت هذه السنوات الأخيرة ظاهرة المهرجانات..ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة : ما القيمة المضافة التي تسهم بها في المشهد الثقافي ؟!! وحتى وإن وجدت .. فبأية نسبة ؟ وما هو مقدار التوازن الذي يتحقق من سنة لأخرى؟ من الرابح؟ ومن الخاسر؟ من المخاطب بشكل أوسع؟ .. n باختصار الأخت فاطمة.. ماذا تعني لك هذه الأسماء ؟: فاطمة بصور : فاطمة بصور هي تلك " هي" التي لا زلت " تلك " أنا " أبحث عنها فيا مع إشراقة صبح كل يوم جديد.... المسرحي الطيب الصديقي . الطيب الصديقي اشتغلت معه في الملحمة الوطنية " نحن " هرم من أهرامات المسرح المغربي..الله يشافيه. الزجال الشاعر الزجال أحمد لمسيح : الزجال أحمد لمسيح.. هامة زجلية عربية... أتمنى أن أسير على خطاه...سفير متميز للمغرب..أطال الله عمره.