كثيرة هي العوامل التي تساهم في إضفاء المتعة والتشويق على مقابلة في كرة القدم، بدءا من الأداء الجيد للاعبين، والرسم التكتيكي للمدرب، وحماس الجمهور وانضباطه، وتوفير الأمن والنقل التلفزيوني المتابع لكل صغيرة وكبيرة والتعليق المتميز.. وإذا كانت الصحافة الوطنية تركز في كل كتاباتها على اللعب والنتائج والحوارات، فإنها تغفل عامل التعليق الذي يبقى أساسيا، لأن من يتابع المباريات عبر الشاشة يفوق بكثير من يتواجدون بالملاعب، وبالتالي فإن تأثير المعلق يساهم في الإضافة المطلوبة ويزيد من التشويق. غير أن هذا الأمر يبقى مفقودا مع جل المعلقين الذين لا نظن أنهم واعون بقيمة عملهم، ومتناسين أن التعليق الرياضي، كما تعرفه الدروس الأولى في معاهد التكوين، أنه عبارة عن حكاية، بل هو بالفعل حكاية تنطلق أولى فصولها من تدريب الفرق وتنتهي بإعلان الحكم عن نهاية المباراة، حكاية ترصد كل صغيرة وكبيرة، من استعدادات الفرق، وظروف اللاعبين، والإعداد التقني والإداري، وهنا نطرح السؤال عن كيفية تهييء المعلق لورقة المباراة إن كان لا يزور مقرات الفرق ويكتفي بالحضور إلى الملعب والاعتماد على ورقة المقابلة التي يتسلمها من الحكم، أو يعتمد على ما تنشره الصحافة المكتوبة طيلة الأيام التي تسبق اللقاء، لأن تعيين المعلق لأي مباراة في قنواتنا، يتم يوما قبلها أو أقل حسب علمنا. ما نتابع نهاية كل أسبوع هوكثير من الكلام المنحصر دوما على ما يشاهده المتفرج أو تكرارتاريخ الفرق وكأننا نهيء لامتحان تخرج خاص بالبطولة الوطنية، لأن "معلقينا" لا يفهمون أن الكلام والمعرفة يكملون الصورة، فالقاعدة الرياضية، نسبة إلى الرياضيات، تفيد بأن الكلام يساوي واحد على المعرفة، أي كلما كثر الكلام قلت المعرفة والعكس صحيح. فالمعلق الجيد هو من يمتلك المعرفة التي تساعده على الشرح والتوجيه ومن تم الإمتاع، بعيدا عن الزعيق والحماسة الزائدة، وليس المعلق الذي لا يملك جرأة إبداء الرأي ويطلب من المخرج تكرار اللقطة وترك الحكم للمتفرج، كما يرددون دائما، وليس المعلق الذي يكرر التنويه والشكر لجهة معلومة حتى لو قامت القيامة بالمدرجات، معلق متمكن من أدوات اللغة، التي وللأسف، يتم ذبحها والترويج لمصطلحات غريبة " غير الفم أوماجاب " هذا دون الحديث عن فقر المعلومات الخاصة بالثقافة الرياضية ومحاولة تقليد بعض المعلقين بقنوات أجنبية. قد يعتبر البعض أنه من غير الأخلاقي أن ننتقد زملاء في المهنة، لكننا نعتبر أن دور الصحفي هو التنبيه للنقط السوداء، حتى لا نتخصص فقط في توجيه اللوم للاعبين والجمهور والمسيرين والمدربين، لأن اللعبة لن تستقيم إلا بجودة ما يقدمه كل المتدخلين فيها، فغير الأخلاقي هو أن نسكت عن كل الصداع الذي يتسبب فيه بعض المعلقين عن المباريات لنجد أنفسنا، في يوم، ومعنا المتفرجين، نتابع المباريات دون صوت تفاديا لزيادة ضغط الدم أو حتى لا نعرض معلقينا للسخرية.