دعم المقاولات الصغرى بالمغرب .. "الباطرونا" تواكب والأبناك تقدم التمويل    مؤتمر نصرة القدس و"معا للقدس": أية قوة يتم إرسالها لغزة يجب تحديد ولايتها بواسطة مجلس الأمن بالتشاور مع الشعب الفلسطيني    الوالي التازي: المشاريع يجب أن تكون ذات أثر حقيقي وليست جبرا للخواطر    47735 شكاية وصلت مجلس السلطة القضائية والأخير: دليل على اتساع الوعي بالحقوق    مقترح عفو عام عن معتقلي حراك "جيل Z"    الحموشي يتقلَّد أرفع وسام أمني للشخصيات الأجنبية بإسبانيا    "لارام" تدشن أول رحلة مباشرة بين الدار البيضاء والسمارة    اتفاق مغربي سعودي لتطوير "المدينة المتوسطية" بطنجة باستثمار يفوق 250 مليون درهم    تحيين مقترح الحكم الذاتي: ضرورة استراتيجية في ضوء المتغيرات الدستورية والسياسية    انتخابات العراق: ما الذي ينتظره العراقيون من مجلس النواب الجديد؟    هجوم انتحاري خارج محكمة في إسلام آباد يودي بحياة 12 شخصاً ويصيب 27 آخرين    ماكرون يؤكد رفض الضم والاستيطان وعباس يتعهد بإصلاحات وانتخابات قريبة    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب وإيران في نهائي "الفوتسال"    "أسود الأطلس" يبدؤون استعداداتهم لمواجهتي الموزمبيق وأوغندا    مونديال أقل من 17 سنة.. المغرب يتعرف على منافسه في الدور المقبل    الرصاص يلعلع بأولاد تايمة ويرسل شخصا إلى المستعجلات    مديرية الأرصاد الجوية: أمطار وثلوج ورياح قوية بهذه المناطق المغربية    الرشيدي: إدماج 5 آلاف طفل في وضعية إعاقة في المدارس العمومية خلال 2025    إطلاق طلب عروض دولي لإعداد مخطط تهيئة جديد في 17 جماعة ترابية بساحل إقليم تطوان وعمالة المضيق-الفنيدق    بنسعيد في جبة المدافع: أنا من أقنعت أحرار بالترشح للجمع بين أستاذة ومديرة    "رقصة السالسا الجالسة": الحركة المعجزة التي تساعد في تخفيف آلام الظهر    "الفتيان" يتدربون على استرجاع اللياقة    استئنافية الحسيمة تؤيد أحكاما صادرة في حق متهمين على خلفية أحداث إمزورن    نادية فتاح تدعو إلى وضع تشغيل النساء في صلب الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. تعبئة 15 ألف متطوع استعدادا للعرس القاري    إصدارات مغربية جديدة في أروقة الدورة ال44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب    قراءة تأملية في كتاب «في الفلسفة السياسية : مقالات في الدولة، فلسطين، الدين» للباحثة المغربية «نزهة بوعزة»    التدبير‮ ‬السياسي‮ ‬للحكم الذاتي‮ ‬و‮..‬مرتكزات تحيينه‮!‬ 2/1    مراكش تحتفي بعودة السينما وتفتح أبوابها للأصوات الجديدة في دورة تجمع 82 فيلما من 31 دولة    والآن سؤال الكيفية والتنفيذ .. بعد التسليم بالحكم الذاتي كحل وحيد    حادثة سير خطيرة بالطريق السيار العرائش – سيدي اليماني    تعاون اليونسكو ومؤسسة "المغرب 2030"    رسميًا.. المغرب يقرر منح التأشيرات الإلكترونية لجماهير كأس إفريقيا مجانا عبر تطبيق "يلا"    برلمانية تستفسر وزير التربية الوطنية بشأن خروقات التربية الدامجة بتيزنيت    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    ملايين اللاجئين يواجهون شتاء قارسا بعد تراجع المساعدات الدولية    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المناضل السياسي العراقي، الدكتور عثمان الرواندوزي ل «الاتحاد الاشتراكي» (9) ... التدخل الأجنبي هو الذي أدى إلى قيام «داعش»

بين لندن والعراق، يعيش اليوم المناضل السياسي والمحامي الدكتور عثمان الرواندوزي، ولد سنة1951، وترعرع في مدينة تدعى رواندز، وهي مدينة كوردية صرفة، تقع في منطقة المثلث الحدودي بين كل من العراق وتركيا وايران. متزوج وله ولدان وبنت، بالإضافة الى عمله في المحاماة. يقوم الاستاذ الرواندوزي بالمشاركة والإشراف على بعض البحوث والرسائل للدراسات العليا كأستاذ خارجي لعدد من الدارسين في إقليم كردستان العراق.
عاش عثمان الرواندوزي مجموعة من الأحداث الداخلية للعراق وإقليم كوردستان العراق. التقى بشخصيات كبيرة، تأثر وأثر في مجموعة من الأحداث التي طبعت تاريخ العراق الحديث والمعاصر. لجأ الى المنفى الاضطراري بعدة دول أوربية وعربية، إما للتحصيل العلمي أو نفيا اضطراريا حفاظا على حياته. التقى صدام حسين وجها لوجه بعد العفو الشامل وتحاور معه وحاول إبلاغه حقيقة معاناة الشعب العراقي. أسس حركته «حركة» سرية نخبوية للتأثير في مسار الأحداث بالعراق إبان سقوط نظام صدام حسين. رفض أي دعم خارجي لحركته مهما كانت طبيعته. تكهن بسقوط نظام صدام حسين بتعداده لمجموعة من المؤشرات، وترابط العديد من الأحداث يرويها لنا بكل دقة وعمق بغية إماطة اللثام عن جزء من الأحداث التاريخية والراهنة للمنطقة، جدية وعمقا جعلتنا نغوص معه في مجموعة من القضايا التي يعرفها اليوم الشرق الأوسط من جهة من أحداث، ومن جهة أخرى ما تولد عما سمي ب»الربيع العربي» وما هي التكهنات التي يمكن استلهامها من تطور الأوضاع خاصة بسوريا والمنطقة المحيطة بعد التطورات الأخيرة.
o إذن يمكن القول ان هناك مؤامرة ايقاظ الفوضى دون القدرة على التحكم في نتائجها؟
n لكل ما تقدم، لا أعتقد بأن الفوضى الخلاقة هذه حصلت من أجل إعادة خريطة المنطقة أساساً، ولا يمكن تأكيد حصول ذلك لوحده. قد تكون فلتان السيطرة على الامور، أو خلافات ومنافسات ونزاعات داخلية عميقة، أو حرب بالوكالة في منطقة أو حالة ما، وفي غيرها الحفاظ على المصالح الاستراتيجية، وفي غيرها محاولة الحصول على مواقع جديدة، وأخرى خلاف آيديولوجيات وعقائد وإلهاء، وربما الاستحلاب والاضعاف، أو إجراء التجارب على الأسلحة أو التخلص من بعضها والتجارة ببعضها أو أكثر من سبب... الخ. ولكن ليس من المستبعد أن ينتج عن ذلك إعادة الخريطة الجغرافية أو السياسية أو كلاهما معاً في منطقة أو أكثر في جزء من الشرق الأوسط أو حتى خارجها كنتيجة لها أو إحدى إفرازاتها أو فرصة لتحقيق شيء من ذلك، بحكم الأمر الواقع أو بالاستناد الى المستجدات أو الضرورات.
دأب الكثير من الناس ومنهم سياسيون وباحثون ومفكرون وإعلاميون على تقبل فكرة أو نظرية المؤامرة، وكلما حصل شيء في مكان ما يعيدونه أو يعتبرونه مخططاً مسبقاً له من قبل بعض الدول الأجنبية أو بعض أجهزة تلك الدول. أنا شخصياً لا أنكر وجود نظرية المؤامرة إنكاراً مطلقاً، ولكن أتحفظ على إعتبار كل شيء يحدث في أي مكان في العالم أو في مناطقنا إبتداءاً نتيجة مؤامرة مسبقة مخطط لها من الخارج. نعم أن العالم بالنسبة لأقطاب القوى العظمى مترابطة وعبارة عن مناطق نفوذ مقسمة بينها بأدوار مختلفة، قد يجري تغيير أو تبادل هنا أو هناك في زمن أو وقت ما، ولا أنكر بتدخل واحد أو أكثر من تلك القوى في أي حدث قد يقع وفق مخطط مسبق له من قبل أحدهم أو أكثر قبل وقوعه، أو بعد حصوله، في أي موقع من العالم، وفي المقابل تدخل الطرف المنافس في التدخل في نفس الموقع أو خلق وإيجاد أو المساهمة في التدخل في موقع آخر. ومنطقة الشرق الأوسط تتمتع بالعديد من الأسباب التي تدعو تلك القوى العظمى للتدخل في شؤونها، ووضع المخططات المختلفة لها. والتاريخ الجغرافي والسياسي للمنطقة يثبت حصول العديد من التغييرات فيها وفي خرائطها، وبالاستناد على كل ما ورد لا أستبعد حصول تغيير مجدداً فيها بناء على الاحداث التي تجري فيها.
أما آراءنا ووجهات نظرنا فليست إلا توقعات وتخمينات مبنية على أحداث وممارسات وقرارات وكتابات حالية وسوابق نستدل عليها. فهي تحمل الوجهين الصواب والخطأ، لاسيما إن مسألة الشرق الأوسط ليس بعمومها، إنما حتى بجزئياتها معقدة لدرجة يصعب التكهن بها وبنتائجها الدقيقة والأكيدة حتى على أفضل مراكز البحوث والدراسات ولدى الأجهزة المعنية للدول المتصارعة حولها، وخير دليل على ذلك عدم توصل كبريات دول العالم والامم المتحدة ودول المنطقة الى إيجاد حل لأي من قضايا هذه المنطقة وحروبها المدمرة كما هو الحال في العراق وسوريا واليمن وليبيا وفلسطين، لا بل وحتى الاستقرار التام لبعض غير تلك الدول في المنطقة. كما وان التحالفات والمواقف بين الدول غير مستقرة وتتعرض الى تغييرات، وما نشاهده بعد الحوادث الارهابية الاخيرة، وربما المستقبل يشهد المزيد منها للأسف، فيما لو لم يتم المعالجة الجذرية لكل تلك المشاكل والصراعات وحل كل تلك الاشكاليات والتناقضات، والاتفاق على استراتيجيات عادلة ومتوازنة.
o في علاقة بالموضوع في نظركم هل فعلا هناك تنظيم يدعي انه «دولة» تحث اسم «داعش»؟ كيف نشأ وما هي مسببات وجوده؟ وأين يكمن الرهان من صنعه؟
n للدولة عناصر ثلاث هي الإقليم والشعب والسلطة، فمتى ما توفرت هذه العناصر يمكن قيام الدولة. وليس من عناصر الدولة الانضمام الى الأمم المتحدة، فحتى عهد قريب لم تكن دولة سويسرا عضوة في الامم المتحدة على سبيل المثال. وليس هناك ما يوجب نوعية السلطة فيما أن تكون ديمقراطية أو دكتاتورية، ملكية أو جمهورية، سلطنة أو إمارة وما الى ذلك. كما ولم يحدد حجم الشعب وعدد الساكنة، أو الشعب الواحد أم عدة شعوب، أو المساحة والجغرافيا. هذا بالمقياس العام، ولكن ليس كل إدعاء دولة هي دولة بمعناها الواقعي المقبول دولياً. وعلى سبيل المثال، فبالرغم من إعتراف العديد من الدول بدولة فلسطين وقبول الأمم المتحدة لفلسطين كدولة مراقب في الجمعية العامة للامم المتحدة، ورغم وجود علم وتمثيل دبلوماسي والعلاقات الواسعة مع جميع دول العالم، لكنها لا تزال لا تعامل كدولة كاملة حالها حال بقية دول العالم. ومثال آخر هو إقليم كوردستان العراق، فرغم تحقق عناصر الدولة الكاملة فيه، ورغم وجود بعض العلاقات الدبلوماسية مع العديد من دول العالم وتبادل الزيارات بين المسؤولين الدوليين، ورغم عقد الاقليم لبعض الاتفاقات مع بعض البلدان والتجارة معها بيعاً وشراء والتعاملات التجارية والاقتصادية دون الرجوع الى حكومة بغداد إلا انه لا يعتبر دولة.
فمسألة وجود دولة تحت إسم (داعش) كتسمية موجودة ويتداول ذكره في وسائل الاعلام المختلفة وفي التقارير الدولية لأن القائمين على تلك المنظمة يعتمدون التسمية تلك. إلا انه لا يوجد في الواقع أي شيء من قبيل القبول بها كدولة وإنما تعرف كمنظمة إرهابية وليست دولة بمعناها المعتبر دولياً وقانونياً.
لم يقتصر ظهور الارهاب على الزمن الحالي، فالاعمال والممارسات الشبيهة بما تمارسها المنظمات التي تسمى بالارهابية ظهرت منذ الأزمنة السحيقة وفي مختلف بقاع العالم. كما وإنها لم تقتصر فقط على البعض الذين يدعون أنفسهم بالمسلمين، إنما مارسها غير المسلمين وحتى غير المتدينين، وحتى في الدول المتقدمة في زمن ما. إلا انها لم تسمى بالإرهابية. وحتى بعض الجرائم والممارسات الاجرامية التي يقترفها البعض من غير المسلمين أحياناً الشبيهة بما يقترفها غيرهما من المسلمين وتوصف بالارهابية، لا توصف ضد هؤلاء بالاعمال الارهابية، وإنما يتم استخدام أوصاف أو مسميات أخرى بذرائع مختلفة. فضلا عن أن بعض تلك الاعمال والممارسات تعتبر حق دفاع شرعي أو مقاومة مشروعة أو ماشابه ذلك، بينما نفس الممارسات والاعمال تعتبر للبعض الآخر أعمال إرهابية. فتعريف الارهاب نفسه محل وقفة.
أعلن «داعش» إنتماءه للقاعدة في بداية الأمر، إلا انه سرعان ما أعلن تراجعه عنها، وأصبح أكبر منظمة إرهابية على مستوى العالم، وأعلن العديد من الجماعات الإرهابية والعنفية في مختلف البلدان قبولهم بها وإنتمائهم إليها.
ان قيام «داعش» وظهوره وبروزه ووجوده يتمثل في أكثر العوامل والأسباب والظروف التي وردت في أجوبتنا على بعض الأسئلة السابقة كانت جزءاً من مسببات قيامه ووجوده، يضاف إليها بالدرجة الأساس ما أل إليه الوضع في العراق بعد عام 2003م، وما إرتكبته بعض القوات الأجنبية وشركات الحماية والأمن هناك من جرائم، والوضع المتردي في البلاد، وبعض القرارات والممارسات القائمة على روح الانتقام والثأر والاجرام بحق مكون اساسي في البلاد، وصعود النزعة الطائفية وإذكائها بدرجة كبيرة لدى بعض الأحزاب الدينية المحلية فيها، فضلا عن إرتفاع بعض الأصوات لمحاربة القوات الأجنبية، الى جانب توجه أعداد غفيرة من المقاتلين الارهابيين الهاربين من أفغانستان ودول اخرى وإستقرارهم في العراق، وإخراج أو خروج كل المجرمين الخطرين من السجون العراقية، والى ذلك من أسباب مشابهة.
كما ورد في إحدى الأجوبة السابقة فان وسط العراق بالذات أصبح مرتعاً خصباً للعمليات الارهابية والعصابات الى جانب ما أعتبره البعض مقاومة وطنية ضد الاحتلال وضد الظلم الطائفي، وللدفاع عن الحقوق المسلوبة. فانتشر في البلاد عمليات حربية وقتالية وقتل على الهوية وعمليات إرهابية وإنتحارية وكل أنواع الجرائم ومنها الكبرى. وفي هذه الحالة لن يكون هناك إستقرار وأمن اللازمين لتأمين المصالح، مما يدعو الى البحث عن وسائل لتأمينها والحفاظ عليها. هذا ما دفع بالبعض لتقبل فكرة التدخل الأجنبي في كل ما جرى ويجري، وهناك تصريحات وكتابات على مختلف المستويات وفي بقاع العالم المختلفة في هذا الشأن. وكل ذلك على ما أعتقد كان سبب قيام ونشأة «داعش».
وبعدما قامت أحداث سوريا بتناقضاتها المتعددة المتباينة الواضحة والصريحة، وتهاون وتأرجح بعض الدول الكبرى أحياناً وبعض دول الاقليم في إتخاذ القرارات والعمل ضدها لأسباب عديدة ومتباينة. فقد وجدت هذه المنظمة الإرهابية مرتعاً خصباً مضافاً آخراً لها على أراضي تلك الدولة التي تكون المصالح الاستراتيجية للدول الكبرى ولدول الاقليم ربما أكثر تناقضاً وإهتماماً وتعدداً. ووجدت في تلك الأراضي ملعباً أكثر جذباً لها ولتطعاتها وإنتشارها والتواصل مع العالم الخارجي ولعملياتها، لاسيما سهولة الوصول إليها والالتحاق بها عن طريق تركيا وما يمكن الحصول عليها من خلالها وتسهيلاتها لها في مختلف المجالات. وبالنظر للعدد الكبير والهائل لأفراد ومقاتلي هذه المنظمة الارهابية، ولما لم يكن جميع أفرادها من أبناء المنطقة، إنما ثبت بالدليل القاطع وجود الآلاف من مواطني دول أوربا ودول أمريكا ودول العالم المختلفة بين مقاتليها، لهذا لابد من وجود أسباب إضافية أخرى على ما سبق ذكره، وهي الاسباب التي دفعت بهؤلاء للإنضمام إليها، ولا نريد الخوض في ذلك هنا. فضلا عن حصولها على الكثير من الدعم من بعض البلدان الأخرى ومن التجارة خاصة البترولية بعد سيطرتها على العديد من آبار النفط وغيرها من وسائل البقاء والتوسع والقوة. كما تشير الى ذلك وسائل الاعلام المختلفة باستمرار، فضلاً عن سيطرته على الكثير من مختلف أنواع الأسلحة والعتاد والذخائر والأموال والمخدرات والطرق والأماكن الاستراتيجية والمقاتلين والخبراء في مختلف المجالات ومنها العسكرية والتقنيات الحديثة والاعلام وكذلك التجار والسماسرة الذين يسهلون مختلف العمليات التجارية لهم، وغيرها من وسائل الدعم والاسناد. فاختارت من مدينة الرقة السورية (عاصمة) لها، والزحف في وقت آخر على الحدود العراقية من ناحية الشمال الغربي واحتلال بعض المدن والمناطق العراقية المختلفة ومنها الكوردستانية العراقية، وإعلان إلغاء الحدود الدولية بين البلدين في تلك المناطق، وإعلان ما أسموها (دولة العراق والشام الاسلامية، أي داعش).
o هل دواعي وظروف قيام «داعش» تتشابه فيما بينها باختلاف مناطق تواجدها؟
n لما لم يكن هناك الدقة التامة لحده في كيفية القيام بصنع «داعش»، لذا نركن الى نظرة الأطراف المهتمة به من وجوده. فالنظرة الى داعش تختلف بين المحلي والاقليمي والدولي. ففي العراق مثلاً، قد تكون الضرورة والمصلحة في قيامه ووجوده وفق تصورات جهة ما كبعض السنة مثلاً، ربما فكروا في إعتبارهم حماية لهم لما يتعرضون له في البلاد من ظلم وقتل وتهجير وغير ذلك. وبعض الشيعة ربما وجدوا في وجودهم ذريعة للمزيد من تحجيم دور السنة ونبذهم كون هؤلاء من السنة، وفي عين الوقت لإيذاء الكورد وتقليل دورهم في البلاد. وإيران ربما تجد في وجودهم فرصة للمزيد من التوغل المسلح والتدخل في الشأن العراقي وبسط المزيد من النفوذ عليها. وتركيا قد ترى بأن وجود داعش لمصلحة سنة العراق ضد الشيعة وكورد العراق ولو أن لتركيا علاقات تجارية واسعة معها ومستفيدة منها كثيراً، لكن معلوم أن لها علاقات مع بغداد ايضاً ولا يتغير في الأمر شيء لو تغير الأمر في كوردستان، أو ربما كان يكون من مصلحته أكثر بالتعاون مع داعش أو مع بغداد في حالة خسارة مصالحه مع كورد العراق. كذلك بالنسبة لتركيا في سوريا من جهة التخلص من نظام حافظ الأسد العلوي، ومن كورد سوريا الذين سيطروا على العديد من مناطق كوردستان سوريا والتي هي حدودها مشتركة مع تركيا، والخوف من حزب العمال الكوردستاني (PKK) والأحزاب الكوردية السورية، وعدم فسح المجال لقيام أي كيان مهما كان بسيطاً لكورد سوريا. وهذا لم تخفيه السلطات التركية وفق تصريحات أكبر زعماء البلاد وممارساتهم. أما سوريا، فربما تصورت بعض فصائل المعارضة السورية وجود "داعش" يسهم في تضعيف وتمزيق نظام حكم بشار الاسد ويسهل إسقاطه، في حين كانت الحكومة السورية ربما ترى في ذلك تفتيتاً للمعارضة مستنداً على مبدأ "فرق تسد" المشهورة، وفي ذات الوقت إخافة دول العالم المختلفة بهم، من خلال ما قامت بها تلك المنظمة من أعمال إرهابية وإجرامية كبرى في سوريا والعراق، والخشية منهم ومن أمثالهم من إحتمالية تمكن الاصولية الاسلامية الراديكالية الوصول الى السلطة وحكم البلاد، وبذلك ستدفع بالدول الكبرى المناوءة لها لتغيير موقفها تجاهه وتجاه نظام حكمه. أما بالنسبة لإسرائيل، فالموقف واضح حيث ان المسلمين ينشغلون بالقتال بين بعضهم البعض وسيدمرون بلدانهم وأنفسهم، وينسونه ويتركون قضية فلسطين، فضلا من ان العالم بشكل عام سينبذون هذه الدول الاسلامية والاسلام، خاصة إذا إستمرت الحالة وتطورت للمزيد بين السنة والشيعة، عندها تكون أخطر حالة على الاطلاق بين المسلمين عامة. أما للدول الكبرى، فبالرغم من إعلان الجميع وقيامها بمحاربة وضرب "داعش"، إلا ان الموقف مختلف بالنسبة لهم، ليس تجاه "داعش"، وإنما بشكل عام. فالعالم بالنسبة لها عبارة عن سلسلة حلقات مترابطة، وحينما تنقطع حلقة ما منها تختل تلك السلسلة، كل حسب مصالحه الاستراتيجية التي تكون متناقضة فيما بينها، وبالذات بين القطبين الرئيسيين- بعد أن أصبحت روسيا تعود الى درجة من سابق عهدها حينما كانت تشكل القطب الند للغرب-، ولو حدث وتسببت بعض الأحداث في تقريب المصالح بين القطبين المتنافسين في أي موقف، يبقى التناقض والتنافس ولا ينتهي بشكل كامل أو نهائي، إنما يسري العمل نحو توافق وإتفاق على إستراتيجيات معينة ومصالح محددة يتفق عليها بينهم، سواء في نفس المنطقة أو الحالة أو في منطقة أو حالة اخرى. وهذا ما يحصل بالنسبة لمواقفها تجاه "داعش" في كل من العراق وسوريا، وكذا الحال بالنسبة لمجمل مناطق العالم. كانت هذه النظرة لمختلف الجهات بشأن "داعش" ربما تمثل الرهان على صنعه ووجوده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.