المغرب يدين إغلاق متطرفين إسرائيليين باب المغاربة في القدس    بعد استئنافه الحكم.. حامي الدين يمثل أمام محكمة فاس في هذا التاريخ    وزير التجهيز: 3000 كلم طرق سيّارة ستواكب تنظيم المغرب لكأس العالم    الدرك يحتفل بذكرى تأسيس القوات المسلحة    رئيس رابطة "لاليغا": كيليان مبابي سينضم إلى ريال مدريد لخمسة مواسم    كيف يمكن الاستعداد لامتحانات البكالوريا بهدوء وفعالية؟    تاريخها يعود ل400 مليون سنة.. الشيلي تعيد للمغرب 117 قطعة أحفورية مهربة    شبيبة "البيجيدي": تصريحات ميراوي غير مسؤولة وعلى الحكومة تحمل مسؤوليتها في أزمة طلبة الطب    الاتحاد الأوروبي يمنح الضوء الأخضر النهائي لميثاق الهجرة واللجوء الجديد    التوقيع على مذكرة إنشاء المركز الدولي للبحث والتكوين في الذكاء الاقتصادي بالداخلة    القضاء يتابع مُقتحم مباراة نهضة بركان والزمالك    الجامعة تعين مساعدا جديدا لطارق السكتيوي    تنسيقيات التعليم تؤكد رفضها القاطع ل"عقوبات" الأساتذة وتحذر من شبح احتقان جديد    340 نقطة سوداء على مستوى الطرق الوطنية تتسبب في حوادث السير    "أمنستي المغرب" تدعو إلى إلغاء تجريم الإجهاض والعلاقات الجنسية خارج الزواج    قيمة منتجات الصيد الساحلي والتقليدي المسوقة ارتفعت لأزيد من 3,5 مليار درهم    "الطابع" لرشيد الوالي يكشف عن مأساة مهاجر مغربي في رحلة بحث عن الهوية    حيتان "الأوركا" تحطم قاربا شراعيا بسواحل طنجة.. وتنسيق مغربي إسباني ينقذ طاقمه    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    جماعة طنجة ترصد نصف مليار لتثبيت مئات الكاميرات لمراقبة شوارع المدينة    دار الشعر بمراكش تواصل الانفتاح على التعدد اللساني والتنوع الثقافي المغربي    "أكديطال" تفتتح مستشفى ابن النفيس    إدارة السجن المحلي بتطوان تنفي تعرض سجين لأي اعتداء من طرف الموظفين أو السجناء    ارتفاع حصيلة قتلى العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 35173 منذ بدء الحرب    بسبب إياب نهائي الكونفدرالية.. تأجيل مواجهة نهضة بركان والرجاء إلى يوم 23 ماي القادم    الخط الأخضر للتبليغ عن الفساد يسقط 299 شخصا        طبعة ثانية من « أوراق من دفاتر حقوقي «مهنة الحرية « للنقيب محمد الصديقي    "أطلنطا سند" تطلق التأمين المتعدد المخاطر منتوج "برو + المكتب"    الباحث البحريني نوح خليفة: جهود المغرب تأتي موازية لتطلعات العالم الإنساني وعالم الطبيعة    قُصاصة حول إصدار    بعد القضاء.. نواب يحاصرون وزير الصحة بعد ضجة لقاح "أسترازينيكا"    هاشم تقدم مؤلف "مدن وقرى المغرب"    بيع لوحة رسمها الفنان فرنسيس بايكن مقابل 27.7 مليون دولار    دعوات متزايدة عبر الإنترنت لمقاطعة مشاهير يلتزمون الصمت حيال الحرب على غزة    الصين تدعو لعلاقات سليمة ومستقرة مع كوريا    أسعار النفط تواصل الارتفاع وسط توقعات شح الإمدادات    هل تكون إسبانيا القاطرة الجديدة للاقتصاد الأوروبي ؟    توظيف مالي لمبلغ 3,8 مليار درهم من فائض الخزينة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    10 لاعبين يحرجون ريال مدريد قبل انطلاق الميركاتو    الجمعية الرياضية السلاوية للدراجات تتوج بسباقي القصر الكبير وأصيلا    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    المغرب يفكك خلية إرهابية موالية ل"داعش" ينشط أعضاؤها بتزنيت وسيدي سليمان    دراسة: البكتيريا الموجودة في الهواء البحري تقوي المناعة وتعزز القدرة على مقاومة الأمراض    جامعة شعيب الدكالي تنظم الدورة 13 للقاءات المغربية حول كيمياء الحالة الصلبة    بطولة فرنسا: مبابي يتوج بجائزة أفضل لاعب للمرة الخامسة على التوالي    تبون يلتقي قادة الأحزاب السياسية.. هل هي خطوة لضمان دعمها في الاستحقاقات الرئاسية؟    اعتقالات و"اقتحام" وإضراب عام تعيشه تونس قبيل الاستحقاق الانتخابي    قناة أرضية تعلن نقلها مباراة الإياب بين بركان والزمالك    إسبانيا ترد على التهديد الجزائري بتحذير آخر    لماذا يجب تجنب شرب الماء من زجاجة بلاستيكية خصوصا في الصيف؟    الأمثال العامية بتطوان... (597)    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو فعل قراءة جديد لأدب رقمي جديد
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 04 - 03 - 2016

حين ينكتب النص ويستقيم معماره ويستوي جنسه ويحدد خطابه ويشرع نوافذه على أفق إنتظاره يكون قارئه المفترض أيضا قد أعلن عن جاهزيته لتشغيل آليات القراءة قصد استكناه هذا النص واستغوار دلالاته وتفكيك شفرات ورمزية خطابه . فهل إنخراط النص الأدبي في مدارات التكنولوجيا والرقمية قد خلق بدوره قارءا جديدا قادرا على التفاعل مع هذا النص وفق قواعد إقرائية يحددها شرط التشعبية وتفريعاتها وتفرضها الوحدات القائمة على عناصرالعقد والصورة المتحركة والإيبيرميديا السمعية البصرية وغيرها . ؟
وتقول الدكتورة زهوركرام في مقال لها بعنوان «»تقنية الضفيرة في النص الترابطي» الذي صدر بجريدة القدس العربي بتاريخ 22 دجنبر2014 : لقد بات مع الأدب الرقمي ووحدة نصه القائمة على تفريعات العقد الترابطية وافتراضات المعاني من خلال إختيارات النقرعلى الروابط مما يترتب عن ذلك إنتقال موقع القارئ من موقع تابع أومرافق إلى موقع الفاعل في تحقق نصية المادة الترابطية( .يبدو إذن مما سبق قوله عن فعل الترابط النصي أن الشبكة العنكبوتية والرقمية وابتكارات التكنولوجيا بقدرما أتاحت لظاهرة الكتابة والظاهرة الأدبية على الخصوص عناصر التحقق والوفرة في الفضاء التواصلي الإفتراضي المشاكس للفضاء الواقعي فإنها قد قامت بالأساس على دمقرطة جل مظاهرالعلاقات المجتمعية وجل تجليات الحوار بين الأشخاص والفضاءات الرمزية ... وقامت أساسا على قيمة التكافؤ في التشارك في بناء مقومات الحياة الإنسانية المادية والعنوية والرمزية والإبداعية ... لم تعد علاقة الكاتب بالقارئ علاقة إستعلاء نابعة من سلطة رمزية الكتابة وخطية فعل القراءة وخضوعه للآليات التي يشتغل بها النص «لتوقيع شعريته وشعرية تلقيه من جهة أخرى ... لقد بات بإمكان القارئ اليوم من خلال تفاعله مع النص الرقمي أن يحدد رحلة القراءة في جغرافية النص بمعنى أن يمارس حقه الديموقراطي وشراكته في إنتاج النص المفترض أي أن النص الرقمي الأدبي بات نصا مفتوحا على جميع احتمالات الشكل والمعنى ...
من فعل الكتابة الرقمية إلى فعل القراءة الإلكترونية المتعددة
مما لاشك فيه أن التكنولوجيا قد أثرت إيجابا وسلبا أيضا في علاقتنا بذواتنا وعلاقتنا بالآخروبالمحيط على مستوى التواصل المجتمعي والشعور بالإنتماء الطبقي وعلى مستوى طي المسافات وتحقيق المتعة الحسية والإرتقاء بالوعي الفردي والجمعي وتغيير بعض عاداتنا القديمة في إكتساب المعرفة والحصول على المعلومة ... كما أسهمت أيضا في إغترابنا وبناء علاقاتنا الحميمية على الإستجابة لإمكانياتها وخدماتها .
ولعل أن أهم إختراعات التكنولوجيا في العصرالحاضربعد إختراع الحاسوب المكتبي والحاسوب المحمول كان إختراع الهاتف الجوال والألواح الإلكترونية «الآيباد» التي جعلت الإنسان قادرا على إنجاز العديد من الخدمات الإدارية والتواصلية والإعلامية والعلمية خارج إرتباطه التقليدي بالفضاءات العامة لتنفيذ ذلك ولعل أن تطورالهاتف الجوال كان بحق أهم إختراع تنافست في تطويره التكنولوجي والرقمي وماتزال أشهرالشركات العملاقة في العالم كيما يرتقي هذا الجهازالسحري إلى درجة العضوالآدمي الوظيفي والأساسي الملتصق بنا في كل لحظة وحين من أجل تدبيرمجريات حياتنا اليومية كما تمكننا تطبيقاته المتعددة من التواصل والإطلاع على آخرالأخبار في مواقع القنوات العالمية وتصفح الجرائد الإلكترونية والتعرف على آخر المستجدات عن حالة الطقس ومواقيت القطارات وأسعار العملات والحسابات البنكية والأخبارالسريعة والتقاط الصورالتذكارية وتسجيل الفيديوات لأغراض شخصية وإعلامية وتحميل الكتب الإلكترونية والولوج إلى المواقع الثقافية والأدبية وإرسال الرسائل النصية القصيرة وغيرها ...
إن ما يميزوقتنا الراهن على مستوى إبتكارات تكنولوجيا التواصل والمعرفة هوإختراع أجهزة الهواتف الذكية والآيباد الذي لم يكن مخصصا لمهمة القراءة الإلكترونية في البداية بمفهومها الثقافي الأدبي والعلمي كما هو الحال عند جهاز أمازون الذي يسمى «كيندل « والذي يشتهر على أنه رائد القراءة إلإلكترونية « فلم يعد مفهوم القراءة يقتصرعلى صفحات الورق بما أن هذه الأجهزة الإلكترونية تقدم لنا نفس المؤثرات وبتطيقات ذات جودة فائقة وممتعة حتى تلك التي تتعلق بتقليب الصفحات مثلما نقوم بتقليبها بين دفتي مذكرة أوكتاب ورقي . لقد أصبح بإمكان أي إنسان أن يخزن في حاسوبه اللوحي العشرات من الدواوين والروايات والمجاميع القصصية والدراسات النقدية والبحوث العلمية ، هذا فضلا عن إمكانيته اللامحدودة في كل وقت وحين لتشغيل محركات البحث قصد الحصول على معلومة أدبية أوالولوج إلى مواقع المكتبات العالمية .
فبعد أن جعلت الرقمية من النص الأدبي نصا مفتوحا على تعدد القراءات البصرية واللغوية وأتاحت للقارئ أيضا حرية التجوال في مساراته السردية عبرالنقرعلى الروابط التشعبية بمعنى آخرمنحت للقارئ المفترض إمكانية إنتاج نصه الخاص وفق تصور جمالي ووفق مراهنته على أفق إنتظاره الخاص ، فإن هذه الأجهزة الإلكترونية (الآيفون والسمارتفون والآيباد ) قد جعلت الكاتب من جهة أخرى خير جليس حقيقي للقارئ يرافقه أينما حل وارتحل ويستجيب لدعوة الإنصات إليه وقتما كان هذا القارئ الشريك في حاجة إلى تصفح أعمال الكاتب الأدبية ... أليس باستطاعتنا اليوم أن نقرأ روايات نجيب محفوظ الإلكترونية ونحن في وضعياتنا الشخصية المختلفة إما في القطارأو في الباص أوالطائرة أوالمقهى أوفي قاعة الإنتظار دونما حاجتنا إلى حمل هذه العشرات من المجلدات الثقيلة في حقائب السفرأو محافظنا ؟ أليس باستطاعتنا اليوم تحميل دواوين شعرية قديمة وحديثة أوالإصغاء إلى الدواوين المسموعة لأبي الطيب المتنبي ولبيد بن أبي ربيعة وأن ننصت لهمس شهرزاد وهي تحكي لنا قصص ألف ليلة وليلة مسموعة أونشنف مسامعنا بأشعار محمود درويش ونزارقباني وتشغيل ملفاتها على السمارتفون والأيباد بل والتفاعل معها من خلال توثيق شهاداتنا وتعليقاتنا أسفلها بكل حرية ومن دون رقابة ؟ أليس باستطاعتنا اليوم أن نقرأ في موقع إلكتروني مقالة نقدية أو قصيدة شعرية أوقصة قصيرة لكاتب مغربي وفي نفس الوقت يمكننا أن نهاتفه من الجهاز نفسه للتنويه بعمله أو للتعليق على فكرة من أفكاره أوعقد موعد معه ؟ وأخيرا أليس باستطاعتنا أن نلج أي مكتبة أوأكاديمية رقمية للإطلاع على مصنفات تراثية وكتب لمؤلفين عالميين أمثال تولستوي وجيمس جويس ومارسيل بروست وغارسيا لوركا وماركيز وبورخيص وغيرهم في أي وقت وحين وفي أي مكان يكفي فقط أن نتوفر على حامل إلكتروني مزود ببطارية ومتصل بالإنترنت وفضاء هادئ ومريح للتفاعل مع هذه المؤلفات ؟
في المقابل إذا كانت هذه الوفرة وهذا الفائض إن لم نقل هذا التسونامي المعلوماتي والمعرفي الذي بات يغمرنا في كل يوم بالجديد من الإبداعات الفنية والأدبية والتشكيلية والموسيقية والسينمائية بسهولة ومن دون عناء بحث مضن وطويل في فضاءات القراءة التقليدية مثلما كان الأمر قبل ظهورالشبكة العنكبوتية واختراع الحوامل الذكية ، ألسنا مجبرين من جانب آخر على التفكير في تغيير أنماط عاداتنا وسلوكاتنا الفردية والإجتماعية والتفكيرالجدي والهادف في تحديث مناهجنا البيداغوجية والنقدية والتثقيفية من أجل الوقاية من حالة طمس الهوية والتشتت الذهني وفقدان التركيز ونحن نمارس عاداتنا المختلفة في تشغيل هذه الوسائط بحيث نقوم بالعديد من الخدمات في نفس الوقت ونحن موزعين بين الولوج إلى مواقع التواصل الإجتماعي والإستماع إلى الموسيقى والرد على المكالمة الهاتفية وإرسال الرسائل النصية القصيرة ومشاهدة التلفاز أو التحدث مع صديق وقراءة الجريدة الورقية كل هذا في نفس اللحظة ... أليس لهذا التشتت الذهني والسلوكي دورا سلبيا في حرماننا من الإستمتاع بجمالية وفتنة النص الأدبي وانغمارنا الصوفي في فضاءاته الرمزية والفكرية مثلما كان الأمر بعلاقتنا بالكتاب الورقي قبل عشرين سنة وهو يستفرد بنا ونستفرد به في البيت أوالحديقة أوعلى ربوة ساكنة ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.