تسعى الجامعة الملكية المغربية ضبط العلاقات المالية للأندية المغربية، وخاصة في عملية انتقالات اللاعبين، حيث ظلت الديون النزاعات قائمة لعدة سنوات، قبل تبادر الجامعة خلال الموسم الماضي إلى حل مجموعة من القضايا العالقة، ولم يتبقى منها سوى خلافات محدودة، أبرزها بين الحسنية والرجاء في قضية انتقال اللاعب عمر نجدي والماص وجمعية سلا في قضية نبيل الداودي. وبين اللاعبين والأندية وجدت الجامعة بين يديها في هذا الموسم مجموعة من النزاعات، حيث بلغ العدد 133 نزاعا يتعين البت فيه قبل 13 من الشهر الجاري، من أجل تمكين اللاعبين من فرصة البحث عم فرق جديدة. ومن أجل وضع حد لهذا الارتباك، وضمان سير عادي للبطولة الوطنية، التي يراد لها أن تكون احترافية، من المنتظر أن تعمد الجامعة إلى ضبط مباريات الفرق، وتدقيقها وضمان حقوق كل أطراف العقود المبرمة سواء بين الفرق فيما بينها أو بين الفرق و لاعبيها. وفي اتصالنا بأحد المسؤولين الجامعيين، فقد اعتبر أن أن السرية في العقود شرط يلزمه الاتحاد الدولي لكرة القدم، وجميع الأندية العالمية تحرص على عدم الكشف عن تفاصيل العقود المبرمة مع لاعبيها، غير أنه للأسف نجد في المغرب لغطا كبيرا يرافق كل انتقال أو توقيع للاعب ما وفي مختلف الفرق، وكثيرا ما نجد أرقاما متضاربة حول صفقات بعض اللاعبين. وأضاف مصدرنا، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أنه مادام العقد شريعة المتعاقدين، فإن الطرفين متى قبلا بعدم الكشف عن تفاصيل العقد، فإن كل من أخل بهذا الشرط قد يتعرض للمساءلة. وبخصوص الصفقات التي تبرم بين الأندية في أي عملية انتقال، كشف مصدرنا أن الجامعة تتوصل بالمبالغ الحقيقية، وتلزم الفرق بعرض تقاريرها المالية على خبير محاسباتي، وكانت في الموسم الماضي قد أعطت مهلة إضافية لثلاثة فرق من أجل المصادقة على حساباتها المالية، وهذا منتهى الشفافية. إن السؤال العريض المطروح الآن، هو هل ميزانية الفرق ستتحمل مصاريف الانتقالات الجديدة أم لا؟، وهل ستكون الأندية قادرة على الوفاء بالتزامتها واحترام عقودها مع لاعبيها القدامى أم لا؟ إن الفرق ملزمة بضرورة الإدلاء بوضعية مالية سليمة إن هي أرادت الإقبال على تعاقدات جديدة، وهنا ارتأت الجامعة - حسب مصدرنا - أن تحدث إدارة جديدة لتتبع وضبط المعاملات المالية للفرق، وأي فريق كانت له مشاكل مالية قد تفرض عليه بعض العقوبات. فالتقرير المالي الذي يحصل على مصادقة الخبير المحاسباتي لا يمكن التشكيك فيه، لأن هذا الخبير لا يقبل إلا الوثائق الجاهزة والثابتة، فعلى سبيل المثال فإن أي مبلغ يقل عن 10 آلاف درهم لا يمكن قبوله إلا إذا كان متضمنا في شيك أو تم بموجب تحويل بنكي. إن التفكير داخل الجامعة الآن - يتابع ذات المصدر - هو التأسيس لعقلية جديدة، والقطع مع كل الممارسات السابقة التي أضرت كثيرا بمستوى كرة القدم الوطنية، فقد اعتادت الغالبية على التصفيق متى كانت النتائج المسجلة إيجابية، والانتفاض في حالة العكس، ويبدأ التشكيك في مصداقية الانتقالات والتجريح في المكاتب المسيرة. صحيح أنه ليست هناك معايير مضبوطة تحدد المسؤول عن الانتدابات داخل الفرق، ويتم الخلط بين المدير التقني، الذي يبقي عمله محصورا على مستوى التكوين و العمل القاعدي، في الوقت الذي ينبغي فيه تعيين مدير رياضي مشرف على هذه العملية. ففي فرنسا مثلا نجد الرئيس مأجورا يتلقى في نهاية كل شهر راتبا، ويكون هو المسؤول عن الانتقالات وتدبير العلاقة مع اللاعبين والأطر التقنية. وحتى يتم القطع مع كل التأويلات التي لا تنبني على أي أساس، فإن أي صفقة تتم بين ناديين حول لاعب ما، فإنها تكون بموجب وثيقة وعقد مصادق عليه من طرف الجامعة. لقد لاحظ الجميع كيف أن فريق الوداد البيضاوي خاطر بالتوقيع مع بعض اللاعبين وبمبالغ كبيرة، وكان ممكنا أن يكون الوضع سيئا للغاية لو أن الفريق لم يحقق نتائج جيدة في منافسات عصبة أبطال إفريقيا، حيث ضمن عائدا ماليا مهما مقابل تأهله إلى نصف النهاية، ولو لم يسجل ذلك الحضور الجماهيري الكبير في المباريات التي خاضها في مركب محمد الخامس. وحتى تحد الجامعة من خطورة هذا الرهان، الذي قد ينعكس سلبا على استقرار الفرق وتوازنها، أكد مصدرنا أن الجامعة قررت إحداث إدارة، ستشرع في مهامها ابتداء من شهر نونبر المقبل، عهد إليها بمهمة ضبط وتتبع ميزانيات الأندية والوقوف على مدى قدرتها على الاستجابة للأعباء الإضافية، التي قد تخلفها العقود والانتقالات الجديدة، وأي فريق عجز عن الحسم في مشاكله المالية قبل نهاية فترة الانتقالات، فإنه سيكون محروما من دخولها، حفاظا على مصالح كل المتعاقدين معه. وهي السياسة التي يتم التعامل بها في البطولة الفرنسية، حيث نجد أن فرقها لا تقدم على صفقات كبرى، وذلك حافظا موازنتها المالية، عكس النموذج الإسباني الذي يترك الحرية للفرق، ولكن في المقابل نجدها تتخبط في الديون المشاكل. إن الأندية ستكون مجبرة على التغلب على صعوباتها المالية قبل شهر دجنبر، وفي حال العكس فإنها ستكون محرومة من دخول سوق الانتقالات الشتوية.