هلال: الصحراء المغربية قطب للتنمية .. وركيزة للأمن والاستقرار في إفريقيا    "إيزي جيت" تراهن على المغرب بإفتتاح أول قاعدة لها في إفريقيا بمطار مراكش عام 2026    "الأشبال" أمام الأرجنتين بنهائي المونديال    توقعات طقس اليوم الخميس بالمغرب    كنز منسي للأدب المغربي.. المريني تكشف ديوانا مجهولا للمؤرخ الناصري    وسيط المملكة يثمّن منشور أخنوش الداعم للتعاون بين الإدارات ومؤسسة الوسيط    المنتخب المغربي يعبر إلى نهائي مونديال الشيلي محققا إنجازا تاريخيا غير مسبوق لكرة القدم المغربية    إنجاز تاريخي.. أشبال المغرب يبلغون نهائي كأس العالم للشباب لأول مرة    ريتشارد ديوك بوكان.. رجل ترامب في الرباط بين مكافأة الولاء وتحديات الدبلوماسية    تركي آل الشيخ يهنئ الملك محمد السادس والشعب المغربي بتأهل أشبال الأطلس إلى نهائي كأس العالم    فعاليات مغربية تحتفل وسط العاصمة بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة    بنعليلو يأمر بوقف "صفقة مشبوهة"    الاتحاد المغربي للشغل يعقد حوارا اجتماعيا مثمرا مع كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية    قصص عالمية في مهرجان الدوحة    عشية زيارة بوريطة، موسكو تعتبر المغرب "شريكا مهما" لروسيا في القارة الإفريقية    هشام الدكيك يستدعي 23 لاعبا للمشاركة في وديتي المغرب ضد إسبانيا    ريتشارد ديوك بوكان الثالث يحل بالمغرب سفيرا جديدا لواشنطن... ذو خلفية اقتصادية ومقرب من ترامب (بروفايل)    طقس الخميس ..امطار متفرقة مرتقبة بالريف    لقاء يجمع ولد الرشيد ببرلمان "سيماك"    أحكام ثقيلة ضد مثيري الشغب بسوس    رئيس مجلس النواب يتباحث مع الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالمغرب    تحذير أممي من زيادة ثاني أكسيد الكربون في الجو    الذكاء الاصطناعي الدامج يفتح آفاقاً جديدة للشركات في الاقتصادات الناشئة    نشرة إنذارية: زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بهبات رياح مرتقبة غدا الخميس بعدد من مناطق المملكة    بسبب المهاجرين غير النظاميين.. تشديد المراقبة الأمنية بمحيط الفنيدق    طنجة.. نهاية مطاردة مثيرة لمتهم فرّ من الأمن خلال إعادة تمثيل جريمة قتل    محكمة الإستئناف بتونس تصدر أحكاما في قضية اغتيال شكري بلعيد منها حكمان بالإعدام    منتخب الفتيات ينشد التألق المونديالي    تجدد المطالب لأخنوش بالحد من خسائر تعطيل التكرير بمصفاة "سامير" والحفاظ على حقوق الأجراء    استخراج جثة "الراعي الصغير" للتشريح.. وسط مطالب مستمرة بكشف الحقيقة    «تمغرابيت».. عمل فني جديد يجسد روح الوطنية والانتماء في الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    عبد الله ساعف يحاضر حول «العلوم الاجتماعية في المغرب» بتطوان    «مغربيات ملهمات» لبنحمو بالمقهى الثقافي بالرباط    طنجة تتربع على عرش السياحة بالمغرب سنة 2025..    لقاء بنيويورك يعزز التعاون اللامركزي بين جماعتي الداخلة وغريت نيك الأمريكي    وهبي: سنلعب أمام فرنسا بأسلوبنا وقوتنا المعتادة    "ذاكرة السلام" شعار الدورة 14 لمهرجان سينما الذاكرة المشتركة بالناظور    بركة: الموسم الفلاحي المنصرم سجل تحسنا نسبيا    أسعار الذهب ترتفع قرب مستوى قياسي جديد    الدين بين دوغمائية الأولين وتحريفات التابعين ..    هل يمكن للآلة أن تصبح مؤرخا بديلا عن الإنسان ؟    وليد الركراكي: التصفيات الإفريقية المؤهلة لمونديال 2026..المنتخب المغربي يواصل استخلاص الدروس والتحسن استعدادا لكأس أمم أفريقيا    إسرائيل تستعد لإعادة فتح معبر رفح للسماح بدخول شاحنات المساعدات إلى غزة    أزيد من 36 ألف شاب دون 40 سنة استفادوا من برنامج دعم السكن منهم 44.5 في المائة من النساء الشابات    أمني إسرائيلي يعلن التوصل بجثة رهينة "خاطئة"    برلماني يسائل تدبير مؤسسة في وجدة    واشنطن.. صندوق النقد الدولي ومحافظو بنوك مركزية إفريقية يجددون تأكيد التزامهم بالتنمية المستدامة في إفريقيا    كرة القدم: 16 فوزا متتاليا.. رقم قياسي عالمي جديد من توقيع أسود الأطلس    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    دراسة يابانية: الشاي الأخضر يقي من مرض الكبد الدهني    المغاربة متوجسون من تداعيات انتشار الأنفلونزا الموسمية خلال فصل الخريف    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعلان الدولة الفلسطينية والشرعية الدولية :

لقد شاع في الآونة الأخيرة الحديث عن إعلان الدولة الفلسطينية وكثرت المقالات والتعاليق الإذاعية والتلفزيونية التي تتناول هذه المناسبة لتحليل مسار مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، ويكاد معظم الكتاب والمراقبين يجمعون على أن هذه المفاوضات لن تحقق أي تقدم لصالح القضية الفلسطينية بصفة عامة والقدس العربي بصفة خاصة، ومن الغرابة أن وسائل الإعلام العربي تستعمل كلمة : فلسطينيين بدلا من كلمة فلسطين بمعنى شعب بلا أرض في حين تستعمل كلمة « إسرائيل» بمعنى دولة قائمة، والواقع أن اليهود هم الشعب التائه وأن الفلسطينيين هم أصحاب الأرض الحقيقيين الذين طردوا من أرضهم وتم تهجيرهم وفي المقابل كانت هجرة يهودية معاكسة إلى فلسطين وتوطين الصهاينة الغرباء.
إن فهم ما يجري في العملية التفاوضية وفي مواقف الطرفين رهين بفهم تاريخ القضية الفلسطينية.
جاء القرن التاسع عشر، والإمبراطورية العثمانية في أشد حالات تفككها وانحلالها، فبدأت المخططات الاستعمارية الغربية تستهدف فلسطين وعروبتها، وقد تبلورت هذه المخططات عندما حاول علي الكبير خديوي مصر أكثر من مئة عام توحيد المشرق العربي والقضاء على الامبراطورية العثمانية المتداعية, إذ ثار ذعر الأقطار الغربية ولا سيما بريطانيا الدولة الاستعمارية الأولى في ذلك الوقت فأصبحت سياسة الدول الغربية عموما وبريطانيا خصوصا تقوم على أساس سياسة ثابتة عمادها الحيلولة دون توحيد العالم العربي والتدخل مباشرة حينا ومداورة حينا آخر تحت ستار حماية الأقليات الدينية إلى أن أتاحت لها الظروف إقامة دولة «إسرائيل» لتتولى عنها هذه المهمة وذلك عن طريق استغلال المسألة اليهودية التي هي في التحليل الأخير مشكلة أوروبية غربية بحتة وتشجيع الحركة الصهيونية العالمية التي تهدف إلى اقتلاع يهود العالم من مجتمعاتهم التي يقيمون فيها من مئات السنين وإحلالهم محل سكان فلسطين الأصليين الذين يقيمون فيها منذ آلاف السنين. وهكذا بدأت الصهيونية تترعرع في أحضان الغرب الأوروبي المتواطئ، فتمكنت سنة 1897 من عقد مؤتمرها الأول في مدينة بازل السويسرية بفضل جهود «تيودور هرتزل» الذي تمكن فيما بعد من الحصول على تأييد بريطانيا الرسمي من خلال وعد بلفور المشؤوم سنة 1917 الذي يعتبر وثيقة رسمية، ومن أغرب الوثائق الدولية في التاريخ إذ منحت بموجبه دولة استعمارية أرضا لا تملكها وهي فلسطين إلى جماعة الصهاينة التي لا تستحقها على حساب من يملكها شرعا ويستحقها قانونا وهو الشعب العربي الفلسطيني, مما أدى في النهاية إلى اغتصاب وطن وتشريد شعب بكامله على نحو لا سابقة له في التاريخ الإنساني.
بعد ذلك تطورت الأحداث بسرعة وفرض على فلسطين الانتداب البريطاني وبدأ تنفيذ المخطط الاستعماري الصهيوني عن طريق تهجير اليهود المشتتين في العالم إلى أرض فلسطين، ثم تخلت بريطانيا عن القضية الفلسطينية لتعرضها على الأمم المتحدة التي أصدرت قرارا بتقسيم فلسطين، ثم انسحبت بريطانيا فجأة في 15 مايو 1948 لتترك المجال أمام العصابات الإسرائيلية لتعلن باسم زعيمها بن جوريون ولادة ما يسمى اليوم بدولة إسرائيل، وكانت النتيجة احتلال اليهود لمعظم أراضي فلسطين، أما الفلسطينيون سكان الأرض الأصليين فقد لجأ القسم الأكبر منهم إلى الدول العربية المجاورة تحت ضغط المذابح والمجازر الوحشية التي قام بها اليهود بمساندة بريطانيا.
ومنذ 1919 بدأت أمريكا تخطط من أجل تمكين إسرائيل من التوسع والسيطرة على فلسطين وفي هذا الصدد جاء في تقرير لجنة الخبراء الأمريكيين إلى الرئيس ويلسون في 12/01/1919 حول فلسطين واستيطان اليهود فيها ما يلي :
«توصي اللجنة بإنشاء دولة منفصلة في فلسطين تحت الانتداب البريطاني ويتم توجيه الدعوة لليهود للعودة إلى فلسطين والاستيطان فيها وتقديم جميع المساعدات اللازمة لليهود»
ولم تتخل أمريكا في يوم من الأيام عن دعم وتأييد المشروع الصهيوني تحت ضغط جماعات اللوبي الصهيونية التي أسسها رجل دين بروتستاني يدعى «بلاكستون» لصالح إقامة دولة يهودية في فلسطين.
ويمكن القول أن جميع رؤساء أمريكا من فرانكلين روزفلت وترمان وبيل كلينتون إلى الرئيس بوش جميعهم ساعدوا وأيدوا وآزروا اليهود لإقامة «دولة إسرائيل»، ومن كلمة كلينتون أمام الكنيست الإسرائيلي عندما زار إسرائيل في 27/10/1994 قال : «رحلتكم هي رحلتنا وأمريكا إلى جانبكم الآن وعلى الدوام»
وهكذا اعترف الغرب باليهود الصهاينة الذين اغتصبوا أرض فلسطين وأخرجوا السكان العرب الأصليين من ديارهم وهم الآن يرفضون عودتهم إلى وطنهم بعد مرور 60 سنة على تهجيرهم من أرضهم وينكرون حقوقهم ويرفضون إعلان دولة فلسطين صاحبة الحق، وكل ذلك تحت ضغط القوى الكبرى الاستعمارية وعلى رأسها أمريكا التي تزعم أنها تدافع عن «الشرعية الدولية» التي تعني في مفهوم القاموس الأمريكي : « الغلبة للقوي»، لكن الأمر المخجل جدا هو تهافت بعض الدول العربية لتطبيع علاقتها مع العدو الصهيوني المغتصب في الوقت الذي لا زال الجرح الفلسطيني داميا، فإذا كان من مصلحة أمريكا وحلفائها قيام دولة إسرائيل في قلب الأمة العربية، فما هي مصلحة بعض الدول العربية في الهرولة إلى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل؟ ومن الأمور المخجلة والمذلة التي ستبقى وصمة عار في تاريخ الأمة العربية إقدام بعض الدول العربية على إنشاء لجان دعم التطبيع مع إسرائيل أليس من الأولى أن يقوم الإسرائيليون بهذا الدور بأنفسهم لأن مصلحتهم تقتضي ذلك, إذ وصلنا إلى زمان أصبح فيه بعض العرب يدافعون عن إسرائيل أكثر من الإسرائليين أنفسهم، ويعترفون بالكيان الصهيوني المعتدي على أرض فلسطين ويترددون ويتحفظون على إعلان الدولة الفلسطينية إلى حين معرفة الموقف الأمريكي من هذه المسألة.
إن الفجيعة الحقيقية التي خصت بها « الشرعية الدولية» الأمة العربية دون سائر الأمم هي النكبة الفلسطينية التي كانت نتيجة قيام الكيان الإسرائيلي حيث اقتلعت شعبا بأكمله من أرضه لتحل محله شعبا غريبا عن المنطقة باللغة والتاريخ والحضارة والدين والثقافة فساعدت الدول الغربية على تهجير اليهود إلى فلسطين الذين كانوا في روسيا وأمريكا وأوربا وإفريقيا والمغرب العربي وغيرها من الأقطار لإنشاء مستوطنات على الأراضي الفلسطينية بقوة السلاح, مما شجع إسرائيل على رفض تطبيق قرارات الأمم المتحدة والتوسع في المنطقة في حين ظل العرب متمسكين بمبدأ « الشرعية الدولية» طوال أزيد من ستين سنة دون نتيجة، فهل الشرعية الدولية تعني رفض عودة اللاجئين أصحاب الأرض الأصليين وتشجيع الاستيطان اليهودي؟ وهل الشرعية الدولية تعني ضم القدس إلى الاحتلال الإسرائيلي واعتبارها عاصمة أبدية له؟ وهل الشرعية الدولية تعني الاعتراف بالعدو المغتصب المحتل فور الإعلان عن دولته بخمسة عشرة دقيقة وإنكار حق الشعب الفلسطيني صاحب الأرض في إقامة دولته؟ وهل الشرعية الدولية تعني احتلال أراضي عربية مجاورة مثل الجولان بقوة السلاح؟ وهل الشرعية الدولية تعني السماح لإسرائيل بامتلاك أسلحة نووية مدمرة والإطاحة بأنظمة عربية تحت ستار امتلاك سلاح نووي مثل ما وقع في العراق وشنق الرئيس صدام في يوم عيد الأضحى المبارك أمام أعين ملايين العرب والمسلمين؟ هذا إذلال لم يسبق له مثيل في تاريخ العرب.
أعتقد أن مفهوم «الشرعية الدولية» أصبح يكيل بمكيالين لصالح الدول الكبرى التي لها السلطة التقديرية في أن تطبق قرارات الأمم المتحدة أو لا تطبقها، وفي أن تتدخل عسكريا أو لا تتدخل وفي أن تعتبر هذه الدولة أو تلك خارجة عن القانون وعن الشرعية الدولية أو لا، وكل ذلك حسب مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية، فإيران وحماس وحزب الله في نظر أمريكا يدخلون في زمرة الذين شقوا عصا الطاعة، يستحقون أشد العقوبات المنصوص عليها في قانون الأقوياء، أما إسرائيل «إبنة أمريكا» المعتدية على أرض فلسطين فهي تستحق كل تشجيع على المزيد من الاستيطان والتوسع. فهل هذه هي «الشرعية الدولية» التي تتحدث عنها أمريكا وحلفاؤها الغربيين الذين يدعون أنهم يدافعون عن الحرية وحقوق الإنسان.
المحامي بهيئة وجدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.