بكثير من الاحترافية، أدار الوزير السابق العلوي المدغري، النقاش الذي احتضنته أحد فنادق الدارالبيضاء حول موضوع الانتماء والوفاء إلى المقاولة. بحضور مدراء الموارد البشرية في العديد من المقاولات ذات الحضور الوازن على الساحة الاقتصادية الوطنية. ولم يجد الاستاذ العلوي المدغري، صعوبة في فتح النقاش حول هذا الموضوع الذي يعتبر جديدا بالنظر إلى الصعوبات التي ترافق المقاولات ببلادنا، خاصة من جانب العلاقة الجيدة التي يجب أن تربط الموظف والعامل بالمؤسسة التي يشتغل بها. طالبا من المشاركين في البدء أن يجيبوا عن سؤال بسيط يتعلق بما توحي لهم هذه الجملة »»الأسلوب هو الرجل»،« خاصة وأن مدراء الموارد البشرية. هم المسؤولون الأوائل داخل المقاولة، لخلق ثقافة الثقة وأن يجعلوا من جميع مكونات المؤسسة، مساهمين في بنائها وليس فقط أجراء. الملاحظات الأولى حول »الأسلوب هو الرجل«، أكدت على أن المؤسسات والمقاولات بشكل عام. ينتمي إليها أناس عديدون وكل واحد منهم، له طريقته في التفكير والعمل، والمستويات التعليمية مختلفة جدا. لذلك فمن الصعب جدا، أن نجد أسلوبا معينا وواحدا للعمل. على هذا المستوى فطريقة العمل وطريقة التسيير يجب أن تخضع للعديد من المتغيرات، حتى تظل العلاقة مستقيمة و حتى يظل الاحترام قائما بين كل المكونات. وهنا تمت الإشارة إلى أن العلاقات الانسانية، تكون دائما بمثابة الدفء الذي يفتح الكثير من الآفاق، ويساهم إلى درجة قصوى في الرفع من الانتاجية. من ضمن النقط القوية التي ميزت هذا النقاش، منذ انطلاق هذه الندوة، أن »لا أحد ولد مديرا أو مسؤولا كبيرا« بل ذلك تم عبر مسار طويل وشاق. وهذا الأمر يجب أن يظل حاضرا بقوة، حين اتخاذ القرار. لأن التجربة تبدو ثقيلة على هذا المستوى، لهذا لا يمكن إطلاقا أن يتم تسيير المقاولة بالطريقة التي يريدها المسؤول، بل عبر المعطيات والأرقام المتوفرة، خاصة في بلد مثل المغرب، الذي تتقاطع فيه العديد من المعادلات والعديد من الأشياء التي تميز هذا البلد، من قبيل أن المغربي يريد أن يتسلق درجات الحياة بسرعة جنونية وقياسية. فالمغاربة لهم عقليتهم ولهم سلوكهم وطريقة خاصة في التعامل في ما بينهم، ولهم فهم خاص للعلاقات التي يجب أن تسود بين صاحب المسؤولية أي صاحب السلطة داخل المقاولة ، وبين باقي الموظفين والعمال. ومن هذا المنطلق فطريقة التسيير بالمغرب تختلف اختلافا كليا وجوهريا عن الطريقةالتي تدار بها المقاولة في بلدان أخرى، التي لا تسمح بالخطأ. في حين أنه في بلادنا هناك هامش واسع وكبير لذلك. كانت هذه بعض الأفكار والعناوين الكبرى ووجهات النظر التي هي فقط مدخل أولي، للدخول في المحور المركزي لهذه الندوة التي خصصت للجواب عن السؤال المتعلق بكيفية الحفاظ على الموظفين داخل المقاولة. وعبر هذه البوابة، تم التأكيد على أن الحفاظ على العنصر البشري، يجب أن يتم من خلال وعبر مستويات الكفاءة المتوفرة. فالأشخاص ليسوا على مستوى واحد، فالكثيرون كما سبقت الإشارة، لا يربطهم بالمقاولة سوى الأجر الشهري، في حين أن البعض، لهم ارتباط وجداني، وهذا أمر مهم، لأنه بدون أن يكون هذا الارتباط حاضرا فدرجات النجاح تكون أقل. من جانب آخر، فالأشخاص الذين يسعون الى تطوير أدائهم المهني، يفتح لهم باب النجاح، عكس الآخرين الذين لا يسعون لذلك، ويصبحون داخل دائرة ضيقة، تعيق المؤسسة والمقاولة في المقام الأول لذلك فالحفاظ على العامل والموظف الكفؤ داخل المؤسسة، يصبح أمرا صعبا، خاصة في بلاد مثل المغرب الذي بالرغم من أنه أضحى قطبا مهما في الاستثمار، فإنه يعاني من قلة اليد العاملة المؤهلة. وهذا أمر سيغلق الكثير من الأبواب في المستقبل، إذا لم نجد حلولا آنية وسريعة لهذه المعضلة التي تسمى «التكوين». وغير بعيد عن هذا الفهم، فالنقاش الذي يهم خلق علاقة جيدة بين مكونات المؤسسة الواحدة، يجب أن يعتمد على عنصر الاشراك والمشاركة والاستماع. فمن غير هذه الركائز، يبدو أن طريق النجاح بعيد. واستحضر على هامش هذا النقاش أن العديد من المؤسسات العالمية، تحتفل في كل مناسبة، بيوم يسمى يوما للوفاء. حتى ترتفع درجة العلاقات الجيدة داخل المؤسسة. وحتى تكون الأجواء مناسبة ومساعدة للعمل الجيد. ولم يفت المشاركين في هذه الندوة، التركيز على عامل التواصل، باعتباره طريقا جيدا لتحقيق الأفضل. وعامل التواصل يشكل معطى أساسيا في اتخاذ القرار الصائب. وبدون معلومات دقيقة ومؤكدة، فالقرار يفتقد إلى الكثير من عوامل النجاح، إضافة إلى أنه يجب اتخاذ الوقت الكافي لاتخاذ القرار الجيد. في الختام اعتبر البشيري محمد وهو من الأطر العليا المشتغلة في ميدان الموارد البشرية، أن المقاولة تتأثر بشكل كبير بالمستوى التعليمي، فحتى نضمن علاقات مستقيمة، يجب على المدرسة أن تقوم بواجبها في التكوين أولا وفي صناعة إنسان الغد الذي هو الرأسمال الحقيقي. لأنه بدون إنسان متعلم وصاحب كفاءة، فباب المستقبل يصبح بابا مغلقا.