الخدمة العسكرية 2025.. مسؤول يؤكد اعتماد معايير تضمن المساواة والتوازن الترابي في استخراج أسماء المستدعين    المهرجان الدولي لفن القفطان يحتفي بعشر سنوات من الإبداع في دورته العاشرة بمدينة طنجة    عطل مفاجئ يربك رحلات قطار البراق ويثير غضب المسافرين    العرائش تحتضن الجمع العام لعصبة جهة الشمال للدراجات الهوائية بحضور وازن    "درونات" الأمن الوطني.. استشراف ميداني للتهديدات الأمنية المعقدة    الإعدام والمؤبد ينتظران.. تأجيل محاكمة المتهمين بقتل بدر في مرحلة الاستئناف    عطل تقني يشل حركة "البراق" ويعطّل رحلات المسافرين بين الدار البيضاء وطنجة    تعاون استراتيجي بين الأمن الوطني ورونو المغرب لتعزيز الخدمات الاجتماعية لموظفي الشرطة    تحركات وزارة الداخلية تفتح ملفات جماعية وتهدد مستقبل منتخبين    إيهاب أمير يطلق جديده الفني "انساني"    خبراء وإعلاميون وباحثون وأكاديميون يناقشون" مسؤولية الإعلام في صيانة التراث الثقافي والطبيعي الوطني"، في ندوة احتضنها بيت الصحافة بطنجة    تشخيص جو بايدن بنوع "شرس" من سرطان البروستاتا وانتشار المرض إلى عظامه    وفد دولي رفيع المستوى يزور أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني بالجديدة    مزراوي: "أتطلع للتتويج بالدوري الأوروبي واعتدت اللعب تحت الضغط"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    السلطات المحلية بقيادة دردارة تستبق صيف 2025 باتخاذ تدابير صارمة للوقاية من حرائق الغابات    مشاركة مكثفة في "خطوات النصر النسائية" ببن جرير    عصبة كرة القدم تطلب من إدارة أمل تيزنيت تقديم ملف الترشيح للمشاركة في القسم الثاني للنخبة    "الصحة العالمية": إسرائيل تمنع الطعام عمدا.. ومليونا فلسطيني يواجهون الموت جوعا    ورشة مغربية-فرنسية لدعم أولى تجارب المخرجين الشباب    المهرجان الدولي "ماطا" للفروسية يضرب لجمهوره الكبير موعدا جديدا في دورة استثنائية    مدرب منتخب أقل من 20 سنة: اللاعبون قدموا كل ما لديهم والتركيز حاليا على كأس العالم المقبل    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    ارتفاع أسعار الفواكه الموسمية يلهب جيوب المغاربة    مرسيليا تحتفي بالثقافة الأمازيغية المغربية في معرض فني غير مسبوق    جامعة محمد الخامس تحتفي بالابتكار الهندسي في الدورة الرابعة لليوم الوطني للابتكار التكنولوجي    أنشيلوتي: مودريتش سيقرر مصيره بهدوء.. وهذه نصيحتي لثلاثي المستقبل    مباريات السد.. السوالم يواجه أولمبيك الدشيرة والحسنية تلاقي رجاء بني ملال    المغرب ‬يسعى ‬إلى زيادة ‬صادراته من ‬السيارات ‬نحو ‬مصر    أعوان الحراسة والنظافة بزاكورة يحتجون رفضاً للهشاشة ويطالبون بالإدماج في الوظيفة العمومية    تشديد شروط الهجرة: عقابٌ للمهاجرين أم تراجعٌ عن المبادئ؟    الرباط تستضيف أشغال الاجتماع الخامس للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين    22 قتيلاً في غارات إسرائيلية على غزة    مليونا شخص يتضورون جوعا في غزة    إكستازي وكوكايين وسرقة.. توقيف مروج خطير للمخدرات    تيزنيت : شركة نجمة سكن ترد على مقال "فضائح المشاريع السكنية بتيزنيت.."    العلاقات المغربية السورية: بين مدّ قومي وجزر سياسي    سفارة الصين بالمغرب: فيديو الملك الراحل الحسن الثاني وهو يدافع عن الصين بالأمم المتحدة حصد أكثر من 100 ألف إعجاب خلال يومين فقط على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية    وانطلق قطار المؤتمر الوطني الثاني عشر    حين تصبح الرقابة فعلًا شعبياً: الاتحاد يعيد السياسة إلى وظيفتها النبيلة    الذهب يرتفع وسط تراجع الدولار وتهديدات أمريكية بفرض رسوم جمركية    تأخيرات وإلغاءات.. الخطوط الملكية المغربية تحذر مسافريها من وإلى باريس أورلي    العيش البيئي واقتصاد الكارثة    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    إيران ترفض اتهامات تجسس بريطانية    .    النصيري يسكت صافرات استهجان    وزيرة ثقافة فرنسا تزور جناح المغرب في مهرجان "كان" السينمائي    ارتفاع حركة المسافرين بمطار الحسيمة بنسبة 19% خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025    تقرير رسمي.. بايدن مصاب بسرطان البروستاتا "العنيف" مع انتشار للعظام    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غضب عائشة من زواج الرسول من زوجة ابنه بالتبنّي (2

كان لوصول رسالة من العبّاس عمّ الرسول، الذي كانتْ له عيونه بمكّة،، وقع كبير على المدينة. فقد كانَ الرسول يرتاح عند عائشة، حين قدِم رسول من عند عمّه يحمل رسالة مفادها أنّ القرشييّن يتجهون نحو المدينة للهجوم عليْها. حوالي أربعة آلاف مقاتل، ستسلك الطريق الساحلية، في حين سيأخذ جيش ثان أهمّ عدد طريق نجد، مدعومة بحواليْ ست مائة فارس. أجابه محمد قائلا، وهو يحدّق فيه:
- إذا كنتُ قد فهمت، فإنّ المدينة ستتعرّض لحصار في القريب العاجل. وقد آن الأوان للاستعداد.
وقد أعطى محمّد أوامره لمواجهة القرشييّن، ووعدهم بنصر الله لهم وتحقيق الفوز. وكان ممن استشارهم، سلمان الفارسي الذي نصحه بحفْر خندق حول المدينة يكون بمثابة كمين لهم. وبالفعل، فقد استجاب محمد لهذه الإشارة، وخرج مع الناس يعمل معهم في بنائه تحت الشمس المُحرقة وعلى إيقاع الأناشيد المحفّزة. وجعل المسلمون يتناوبون على حراسته.
وقد تمّ جمع المحاصيل الزراعية، وإخفاء النساء والأطفال داخل الأسوار تحسّبا لكل طارئ. وقد فوجئ أبو سفيان من هذه الحيلة التي لم يعتدْها العرب من قبل، واستغرب لاتساع الحفرة وعمقها. وفي الجانب الآخر، كان الرسول يقيم خيْمته في مكان آمن، وهو يتتبع المشهد ساخرا من عجز العدو. لقد أقام المخيّم غير بعيد عن الخندق، وراء أكَمة، رفقة جيشه المكوّن من ثلاثة آلاف مقاتل. وتحت خباء خيْمته الحمراء، لم تكنْ عائشة تخشى من الالتحاق به حين يصل دورها. وقبل التأكّد من النّصر النهائي، جاء جبريل يقول: «إذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ، هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا، وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا» (سورة الأحزاب، الآيات 10، 11، 12).
في سنّ الخامسة والستّين من عمره، لمْ يشعر محمّد من قبلُ بمثل ما يشعر به من نشوة الانتصار والتفوّق. ورفقةَ عائشة، المفتخرة بما حققه زوجها، يعود إلى المدينة متبوعا بثلاثة آلاف رجل، وهو يشكر الله على ما حققه.
غير أنّ الذي كان قد خافتْ منه عائشة وقع. ذلك أنه بمجرّد عوْدة الرسول إلى المدينة، قالتْ سودة لعائشة:
- ينبغي اتخاذ الحيطة من زينب، إنها تحوم حول الرسول وتقول له بأنها طالق الآن من زيْد ابنه بسببه هو.
أجابتها عائشة قائلة:
- معك حقّ. فهو لنْ يصمد أمام جمالها، ولا بدّ أنْ يسعى إلى اكتشافها. لكن عليه أنْ يطبّق أمر الله وشرعه.
كانتْ عائشة تقول هذا الكلام وهي تستحْضر ما ينصّ عليه القرآن، في آياته، الحديثة التي تلفّظ بها الرّسول، والتي تهمّ تعدّد الزّوجات وعدم تجاوز أرْبع نساء في الأقْصى. كانتْ عائشة تعرف نقط ضَعْف زوْجها السريرية لكيْ تصرفه عمّا يفكّر فيه. لكنْ ما لبث، وهي بين أحضانه، أنْ سمعتْه يصيح متبسّما1:
- الله أكْبر، مَنْ يَذْهَبُ إِلَى زَيْنَبَ يُبَشِّرُهَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَنِيهَا مِنَ السَّمَاءِ ؟
فَأَخَذَت عائشة رعشة خوْف وتسمّرتْ في مكانها. حدجته بنظرة مريبة، غيْر أنه اقترب منها قائلا:
- وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا».
فردّتْ عائشة بامتعاض وهي تكفْكفُ دموعها:
- إنّي أرى ربّكَ يسارعُ في هواك2.
ثمّ نادتْ على جاريتها، وبعثتْ معها برسالة إلى زينب بنت جحش التي باتتْ تكرهها. لقد امتزج داخلها الغضب بالكراهية والغيرة والأسى. أصبح العالم يتهاوى أمامها. لم تعدْ إذن هي الوحيدة التي اختارها الله لكيْ تتزوّج برسوله. ولماذا أعطاه الله زينبَ، التي يُقال بأنّ جمالها يفوق كلّ تصوّر؟. وفضْلا عن ذلك، فهي من أقارب الرسول، هي حفيدة عمّه المطّلب، من بني هاشم، وهو الذي زوّجها لزيد، ابنه بالتبنّي، والتي كانتْ قد قبلتْه مرغمة وعلى مضض.
أَلَمْ تقْصد زينب نسيان عدم ستْر جسدها إغراء سيّد المدينة؟ إنها امرأة طموحة من شأنها زوْبعة حريم الرسول.
وبصورة حزينة، عمدتْ عائشة إلى تعْداد محاسنها وإيجابياتها. لكن الذي هدّأت به نفسها هو أنها هي الوحيدة التي تزوّجا بكْرا والأصغر سنّا. وهي على وجه الخصوص التي يتلقى الرسول بين أحضانها الوحي، ويسلّم عليْها جبريل. فهل ستبقى هي الزوجة المفضّلة في سنّ الخامسة عشرة؟
قال لها الرسول، وهو يلاحظ ما يلاحظه من حزْن وغضب:
- لا تبْك يا غزالتي، يجب عليْك أنْ تحبّي ما يسعدني. أنت لم تخرجي من قلبي. أنا أحتاج إليْك، وتعجبني الطريقة التي تحبّينني بها. وأنت التي علّمتها اسرار مُتعتي. أنت الوحيدة ياعائشة، وأنت الحقيقيّة.
غضب عائشة من زواج الرسول من زوجة ابنه بالتبنّي (3)
هامش:
-1 الرواية الرسمية التي توردها كتب التفسير والسير هي التالية:» فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ جَالِسٌ يَتَحَدَّثُ مَعَ عَائِشَةَ إِلَى أَنْ أَخَذَتْ رَسُولَ اللَّهِ غَشْيَةٌ ، فَسُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَتَبَسَّمُ ، وَهُوَ يَقُولُ : « مَنْ يَذْهَبُ إِلَى زَيْنَبَ يُبَشِّرُهَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَنِيهَا مِنَ السَّمَاءِ ؟ « , وَتَلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ سورة الأحزاب آية 37 الْقِصَّةَ كُلَّهَا ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ لِمَا يَبْلُغُنَا مِنْ جَمَالِهَا ، وَأُخْرَى هِيَ أَعْظَمُ الأُمُورِ وَأَشْرَفُهَا مَا صُنِعَ لَهَا ، زَوَّجَهَا اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ ، وَقُلْتُ : هِيَ تَفْخَرُ عَلَيْنَا بِهَذَا ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَخَرَجَتْ سَلْمَى خَادِمَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْتَدُّ فَتُحَدِّثُهَا بِذَلِكَ ، فَأَعْطَتْهَا أَوْضَاحًا عَلَيْهَا». (المترجم)
-2 الزمخشري، الكشاف، مكتبة مصر، المجلد الثالث، ص. 576.
لكن قبل هذا وذاك ، يبقى عاجل الإنسان ، صاحب الذاكرة الثرية والعين الثاقبة هو المستهدف من خلال هذه السلسلة ، التي تسعى إلى إعادة رسم مرحلة من تاريخ جيل عانى وكابد فنجح هنا وأخفق هناك ، غنى ورثى وضحك وحزن ، في مسرح الحياة وحياة المسرح
بعد « الديموغراضي « سيواصل عاجل تجاربه المسرحية في إطار « مسرح الكاف « وهذه المرة ب «سعادة الرايس» ، وهي توليفة تجمع بين التجريبي والشعبي، ومحاولة لتقديم عمل يحظى بإقبال الجمهور مع الحفاظ على جدية الطرح والموضوع، ويؤكد عاجل أن الإقبال الجماهيري الذي عرفته دليل على نجاح هذا الاختيار، رغم بعض النقائص التي عرفتها العروض الأولى وعلى رأسها طول المسرحية الذي ناهز الثلاث ساعات، وهو ما حاول تداركه في العروض اللاحقة
النص الذي اعتمدت عليه المسرحية ، والذي ألفه محمد اليوسفي ، تعود كتابته إلى عقد الثمانينيات لكن عاجل قام بتحيينه ، ليجيب عن التساؤلات الحالية
التوليفة التي تم الاعتماد عليها لتقديم المسرحية ، يوضح عاجل ، تعتمد على الرموز وهو ما يعطي لأي موضوع تفرده ، ففي «سعادة الرايس» يظل الرمز الأساسي الذي تقدمه هو الباب المسدود ، عندما وجد الزعماء أنفسهم محاصرين في غرفة لا منفذ منها ، مع النادل الذي يكشف نقط ضعفهم ، والذي يمكن اعتباره ضمير المسرحية وروحها النقدية ، أي أنه يمثل بشكل من الأشكال رأي الجمهور نفسه وموقفه من هؤلاء الزعماء الذين اجتمعوا فقط ليقرروا عدم الاجتماع، مما يعبر عن خواء هذه الزعامات وعجزها
المسرحية تتضمن جرعة كوميدية يعتبرها عاجل ضرورية ومقصودة ، رغم جدية الموضوع ، وهو أمر ليس بالجديد ، فقد كان لابد من تمرير الخطاب ، وهو هنا ذو حمولة سياسية ، بشكل بسيط وكوميدي حتى لا نقع في فخ الرتابة
اعتمد عاجل خلال إخراجه للمسرحية على تقنيات خاصة ، اغترفها من «المسرح الفقير»، فهناك تقشف واضح في الديكور ، مع الاعتماد على الحضور الجسدي للممثلين ، الذين ملؤوا بأدائهم وحضورهم القويين الخشبة ، وعلى الإنارة وتقنية الفلاش باك ، والحفاظ على التوازن بين الممثل والديكور حتى لا يتم السقوط في فخ المسرح النخبوي.
حصلت المسرحية على دعم وزارة الثقافة لكنها لم تستدعى للمشاركة في المهرجان الوطني للمسرح بمكناس ، بل إنه تم التغاضي عن استدعائها للمشاركة في الإقصائيات المؤهلة للمهرجان ، وهو ما لم يجد له عاجل جوابا لحد الآن
لكن المثير هو أن المسرحية حظيت أيضا بدعم من جهة الدار البيضاء الكبرى آنذاك ، وقد تمت الموافقة كتابيا على الدعم ، وعندما توجه عاجل إلى المصالح المعنية لاستلامه أخبروه أن الغلاف المالي المخصص لدعم الأنشطة الثقافية قد استنزفت ، رغم أن الفرقة كانت تعول على هذا الدعم لتغطية مصاريفها العديدة
نصحه أحد المسؤولين بتغيير القانون الداخلي للجمعية وأن يضيف الاجتماعية إلى الثقافية للاستفادة من دعم الصندوق المخصص للمساعدات الاجتماعية ، لم يفهم عاجل الأسباب التي تضطره لذلك وهذه التخريجات البيروقراطية ، لكنه أراد أن يجرب هذه اللعبة إلى الآخر ، ففعل ما طلبوا منه ، وعندما عاد بملفه جاهزا أخبروه الميزانية المخصصة للقضايا الاجتماعية استنزفت أيضا ، وأن عليه أن يضيف كلمة رياضية للجمعية حتى تستفيد من الدعم ، فعل ذلك أيضا وعندما عاد أخبروه مرة أخرى أن الميزانية المخصصة لدعم الرياضة بدورها استنزفت وأنه لا مناص من الانتظار للسنة الموالية للاستفادة ، لكن عليه أن يغير القانون مرة أخرى ويعيده كما كان في البداية ، ليستفيد من الدعم المخصص للثقافة
هذه الحكاية «الكافكاوية» ستلهم عاجل لتضمينها في سلسلة كوميدية تحمل عنوان « المزاح فيه وفيه « والحلقة المخصصة لتجربته هذه سماها « المحنة عفوا المنحة «
بعد ذلك ، كان لعاجل لقاء مع محمد مهيول ، الذي شارك بدور النادل في مسرحية « سعادة الرايس « وهذه المرة في سلسلة « سير حتى تجي « التي قدمتها القناة الأولى في رمضان ، كان مهيول يقدم دور نادل لكن عاجل ، على هامش تصوير المشاهد ، سيخبر المشاركين أن دور النادل الذي أداه في مسرحية «سعادة الرايس» كان متميزا وأثار انتباه كل من شاهد المسرحية ، فشكره مهيول مضيفا أنه يتمنى أن يشاهده في المسرح الفردي ، وقدرته على تقمص عدة أدوار في نفس الوقت ، وهو ما قام به ساعتها ، حيث قام بثلاثة أدوار في ظرف ثلاث دقائق ، دور الأب وهو جندي والأم غسالة والابن العاق ، لم تكن هذه الأدوار غريبة عن عاجل فقد سبق له أن شاهدها في بداية الثمانينات ، قال ذلك لمهيول فأخبره أن الأمر يتعلق بمسرحية « صرخة عبدو والكراكيز» للراحل حوري الحسين وهي عبارة عن سيرة ذاتية قدمها حوري في إطار المسرح الفردي وشارك بها في المهرجان الوطني لمسرح الهواة وبعد ذلك قدمها مهيول ، بموافقة وتشجيع من حوري الحسين ، حيث اعتمد على دمية ضخمة كان هو من صنعها
طلب عاجل من مهيول أن يلتقيا بعد نهاية هذه السلسلة وهو ما تم ، وقد تم اللقاء بين الاثنين في فضاء المعلمين بعين الشق بالدار البيضاء ، عندها اقترح عاجل تقديم مسرحية « صرخة عبدو والكراكيز» في حلة جديدة تكريما للراحل حوري الحسين واعترافا لما قدمه للمسرح المغربي ، أعجب امهيول بالفكرة واعتبر أنها بالفعل ستكون أفضل تكريم للراحل وتتعدي في رمزيتها كل كلام يقال في حقه
لكن المشكلة أن مهيول لم يكن يتوفر على نص المسرحية ، غير أنه كان يحفظها عن ضهر قلب ، وهكذا سيعقد الاثنان لقاءات متواصلة في نفس الفضاء وعلى مدار 12 يوما ، مهيول يستعرض وعاجل يكتب ، مشهدا وراء آخر حتى انهياها
وضع عاجل تصورا جديدا لإخراج المسرحية ، واختار لها عنوان جديد هو « كان اهنا « ، حيث حولها من تصور المسرح الفردي أو الممثل الواحد الذي يؤدي كل الأدوار إلى تصور يعتمد على ثلاثة ممثلين ، حيث أدى عاجل دور الأب ، حارس السجن ، مدير معمل تصبير السمك وأستاذ الرياضيات ، وقام مهيول بأداء دور الابن في سن الطفولة وفي ريعان الشباب فيما أدت الزوهرة نجوم دور الأم ، الممرضة ومتعهدة الحفلات ، فيما تكفل عصام عاجل بالمسائل التقنية كما فعل ذلك في مسرحية «سعادة الرايس « و « القضية في البرقية»
عرضت المسرحية في عدة مدن وحظيت بإقبال كبير ، وعرضت أيضا في التلفزيون ، وقد تلقى عاجل طيلة العروض تهاني العديد من عشاق المسرح والكتاب والمثقفين ، منهم من كان قد سبق وشاهدها عندا أداها لأول مرة صاحبها حوري الحسين وكانت بالفعل أفضل تكريم لروح المسرحي الراحل
في الموسم الثقافي القادم يستعد عاجل لتقديم مسرحية جديدة مواصلا تجربة مسرح الكاف ، وهذه المرة بمسرحية « صرخة شامة « وهي من تأليف الكاتب والصحافي حسن نرايس
والحقيقة فإن العلاقة بين عاجل ونرايس ، تعود إلى سنوات طويلة ، فحسن نرايس ، ابن الحي المحمدي ، كان متتبعا لتجربة مسرح الحي ، ويؤكد عاجل أنه كان يحرص على متابعة كل المسرحيات التي قدمتها الفرقة وكثيرا ما استفادت المجموعة من ملاحظاته وتعاليقه
بعد أن قرأ عاجل مؤلف حسن نرايس» الضحك والآخر ، صورة العربي في الفكاهة الفرنسية» أعجب كثيرا بأسلوبه في الكتابة وحسه النقدي الساخر فاقترح عليه أن يكتب له نصا يصلح للمسرح
تردد نرايس في البداية ، إذ لم يسبق له أن خاض هذه التجربة ، الكتابة للمسرح ، لكن عاجل ألح ، وبعد عدة أيام سيقدم له نرايس نصا بعنوان « شامة « التي تستلهم أحداثها، وفق رؤية إنسانية ، من تفجيرات 16 ماي الإرهابية
أعجب عاجل بالحبكة الدرامية التي استعملها نرايس في بناء شخصية شامة ، التي تناجي العالم بأسره وتعاتبه عن موت زوجها في هذه التفجيرات ، ويؤكد عاجل بأنه شعر بصرخة قوية ، عميقة وجد مؤثرة ولذلك عنون المسرحية ب « صرخة شامة « التي اشتغل عليها طيلة الأشهر الماضية وأنهاها في رمضان الأخير ، لتصبح جاهزة للعرض في الأسابيع القادمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.