في أطار أنشطتها بمناسبة المعرض الدولي للكتاب والنشر، نظمت وزارة الثقافة، مساء أول أمس الثلاثاء، بقاعة عبد الجبار السحيمي بالمعرض الدولي، ندوة حول موضوع: «الملكية الأدبية والفنية ورهاناتها»، طرحت خلالها أسئلة أولية شكلت أرضية النقاش، حيث أكد الدكتور عبد الوهاب الرامي، أستاذ وباحث بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، مسير اللقاء، أن هناك عدة اختلالات على مستوى الملكية الأدبية بالمغرب منها مداخيل متعددة يمكن تصورها في القوانين التي تحكم القطاع، وتساءل هل هناك حاجة ملحة لتحديث القانون، موضحا أن هناك معطيات غائبة عن الأذهان منها تقنيات التواصل الحديثة كالإنترنت. ثم أشار إلى بعض الدول التي استحدثت قوانين منها مشروع قانون خاص بإسبانيا من أجل الخروج من حالة اللاعقاب المرتبطة بالتحميل (T?l?chargement)، وهو قانون حديث يقنن وينظم التكنلوجيا الحديثة في ارتباطها بالملكية الأدبية. واقترح د.الرامي ضرورة إعادة النظر في المؤسسات التي تدبر قطاع الإبداع بالمغرب، أو إضافة أذرع أخرى من أجل ضبط ورصد ومراقبة الخروقات في هذا المجال، ثم تحدث عن الشركاء التقليديين في تدبير مجال الإبداع المتمثلين في وزارة الثقافة والاتصال، وتساءل هل هناك تكافؤ بينهما من أجل تدبير حقوق الفنانين والمبدعين على مستوى القوانين، وأوضح أن هناك مشاكل شخصية وذاتية كابتذال المثقفين والمبدعين لأنفسهم بعدم الإصرار على الدفاع عن حقوقهم، وتساءل هل يمكن تجاوز هذا المشكل في إطار المجتمع المدني عن طريق خلق جمعيات تدافع عن حقوق الفنانين تمثل قوة ضاغطة كمحاور وضاغط على الجهات المسؤولة. وفي الأخير تطرق إلى جشع وسطاء الفكر والثقافة والفن الذين يتطاولون على حقوق المبدعين ويجهزون على حقوقهم المادية، حيث يعتاشون ويقتاتون دون إبداع اللهم الاحتواء على إبداع الآخرين. الصحفي والكاتب الفرنكفوني رضى العلالي، ضيف اللقاء، أكد على ضرورة طرح الإشكاليات الحقيقية في القطاع، وأوضح أن هناك ثلاث ملاحظات أساسية عند الحديث عن الملكية الفكرية، مشيرا إلى الخلط - يوضح - أحيانا عن حسن نية وأحيانا أخرى نظرا لأن هذه التيمة غير متداولة بشكل كاف بين المعنيين من الفنانين والمبدعين من مهنيي القطاع وكأنهم -يقول- يتجاهلون معنى وجودهم ومكانتهم الاعتبارية ودورهم في المجتمع، وكذا واجب المجتمع تجاه هذا المبدع الذي ينتج الجمال في الشعر والكتب والمقالات... وأوضح ذ.العلالي أنه لا يمكن الفصل بين الحقوق المعنوية والحقوق المادية للمبدعين، مؤكدا على ضرورة وجود توازن وإلا - يقول- سوف يضرب الإبداع في غاية وجوده، معتبرا ذلك معادلة مختلة للغاية، بل جريمة يرتكبها المجتمع في حق مبدعيه. وأشار أيضا إلى وجود خلط آخر في الملكية الفكرية، حيث هناك مزج للأصناف، بينما يتم الحديث عن المجال الفني والثقافي بمعزل عن المجال الاقتصادي والتجاري والعلمي، ثم تطرق للحقوق المجاورة كمفهوم جديد لتدعيم الجانب المادي للمبدعين في بداية الستينيات. وبعد تساؤله حول راهنية الحديث عن حقوق المؤلفين والمبدعين والإلحاح في ذلك، من حيث حقوق التأليف والحقوق المجاورة، أوضح أن ذلك ليس مجالا لتعزيز موقف الفنان وضمان حقوقه المؤسساتية، وليس ترفا، بل هو جزء من الحكامة المؤسساتية في كل بلد. وتطرق إلى إصلاح قانون حقوق المؤلفين بالمغرب الذي وضعته أمريكا كشرط للتفاوض مع المغرب للدخول في شراكات في ميدان التبادل الحر والمبادلات التجارية. وركز ذ.العلالي على الإشكالات العويصة التي يعرفها المغرب في مجال القوانين، متسائلا هل للمغرب ترسانة قانونية تؤطر وتنظم وتحمي القطاع وتحدد العلاقات بين الجميع داخله وتضمن تحصيل الحقوق المادية لذوي الحقوق بشكل نزيه وشفاف تسوده الحكامة والموضوعية. وأبرز ذ.العلالي أن المغرب وقع أول اتفاقية كونية لحماية الملكية الأدبية والفنية سنة 1917 ضمن حوالي 15 دولة في العالم، وقبلها سنة 1843 اتفاقية دولية أخرى لحماية الملكية الصناعية والتجارية، كما كان يتوفر، منذ الثلاثينيات، على هيئة متمركزة بالمغرب لتدبير وحماية الحقوق على مستوى أفريقيا. لكن بعد 50 سنة من الاستقلال يتخلف المغرب عن الركب ويعيش وضعا مختلا، حيث يتوفر على مكتب ليس له أي صفة قانونية تذكر: فلا هو مؤسسة عمومية، ولا هو مؤسسة خاصة، ولا هو مؤسسة شبه عمومية، بل هو كائن غريب وغريب الأطوار في تدبير وحماية حقوق المبدعين، والطرفة -يقول ذ.العلالي- أن هذا المكتب (المكتب المغربي لحقوق المؤلفين والحقوق المجاورة) أنشئ بمرسوم أصدره وزير الإعلام وليس وزير الثقافة محدد في فصول هزيلة وضعيفة جدا. وكان جريمة ضد الإبداع، تتجلى مواصفات هذه الجريمة في كونه يسير على شكل بقالة (محلبة)، ويدبر تدبيرا انفراديا ومزاجيا يعتمد المحسوبية والزبونية والغموض.