البكوري يعرض حصيلة عمله في أكتوبر المقبل    الورش الجديد لإصلاح السفن بالدار البيضاء سيعزز مكانة ميناء العاصمة الاقتصادية في السوق العالمية للصناعات البحرية    المغرب والصين يعززان شراكتهما الاستراتيجية عبر توقيع مذكرة لإنشاء آلية حوار دبلوماسي رفيع المستوى    المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة يعلن قائمته النهائية لمونديال تشيلي !!    محمد برادة: أزيد من 4 آلاف مدرسة ريادة جاهزة لاستقبال 2 مليون تلميذ    حجز أزيد من 100 ألف قرص مهلوس بميناء سبتة المحتلة    مساء اليوم فى برنامج "مدارات" : صورة حاضرة فاس في الذاكرة الشعرية    وزارة التربية الوطنية تمنح أكثر من 250 تفرغا نقابيا استفادت منها زوجات مسؤولين    ثقة المغاربة في المؤسسات تنهار: 87% غير راضين عن الحكومة و89% عن البرلمان    عجز ميزانية المغرب يقفز إلى 59.8 مليار درهم في نهاية غشت 2025    المغرب والصين يوقعان على مذكرة تفاهم لإرساء آلية للحوار الاستراتيجي بين الخارجيتين    ثماني تنظيمات نسائية حزبية تتحد لإصلاح النظام الانتخابي وتعزيز مشاركة النساء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    جمعيات نسائية مغربية تنفي مشاركتها في منتدى الصويرة وتؤكد رفضها لكل أشكال التطبيع    المغرب والصين يطلقان شراكة استراتيجية لإنشاء أكبر مجمع صناعي للألمنيوم الأخضر في إفريقيا    بعثة نهضة بركان تشد الرحال صوب الطوغو لملاقاة أسكو دي كارا في عصبة الأبطال    رسميا.. المنتخب المغربي يواجه الفراعنة وديا استعدادا لكأس العرب    الحكومة تصادق على قانون "يستبق" إفلاس الأبناك والمؤسسات المالية    شركة عالمية أخرى تعتزم إلغاء 680 منصب شغل بجنوب إفريقيا    ظهور جزيرة جديدة بفعل ذوبان نهر جليدي في ألاسكا    حركة ضمير تدعو إلى الشفافية وتدين الحملات الإعلامية الأجنبية ضد مؤسسات الدولة    غرفة جرائم الأموال بفاس تفصل في ملف "البرنامج الاستعجالي" الذي كلّف الدولة 44 مليار درهم    ملف الصحراء.. دي ميستورا يجري مباحثات مع روسيا حول تطورات القضية    تقنية جديدة تحول خلايا الدم إلى علاج للسكتات الدماغية        السجن المؤبد لزوج قتل زوجته بالزيت المغلي بطنجة    تمرين مشترك بين القوات المسلحة الملكية والحرس الوطني الأمريكي لمواجهة الكوارث    فرنسا تجمد التعاون مع مالي في مجال مكافحة الإرهاب وتطرد دبلوماسيين    دوري الأبطال.. برشلونة يهزم نيوكاسل ومانشستر سيتي يتجاوز نابولي    الفيفا تفتح تحقيقا بشأن إشراك فريق جنوب إفريقيا للاعب موقوف في تصفيات المونديال        سطاد المغربي يعين الصحافي الرياضي جلول التويجر ناطقا رسميا    الدّوخة في قمة الدّوحة !    زلزال بقوة 7.8 درجات يضرب شبه جزيرة كامتشاتكا شرقي روسيا    حديث البقالي يفتح ملف الجامعات المغربية وتصنيفها العالمي    إشهار الفيتو الأمريكي للمرة السادسة خلال عامين ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة يزيد عزلة واشنطن وإسرائيل دوليًا    "لا موسيقى للإبادة".. 400 فنان عالمي يقاطعون إسرائيل ثقافيا    أسعار النفط دون تغير يذكر وسط مخاوف بشأن الطلب    الجزائر تهتز بهروب "ناصر الجن" وحلقة جديدة في صراع الأجنحة داخل الجيش و المخابرات.            الحضري يتوقع نهائي المغرب ومصر    المغرب في المهرجانات العالمية    شيرين وحسام حبيب يقضيان عطلة في "ماربيا"    الفنان مولود موملال: جمالية الغناء الأمازيغي وفاعليته التوعوية    إسرائيل تجمد تمويل مكافآتها السينمائية الرئيسية بسبب فيلم «مؤيد للفلسطينيين»    فيلم «مورا يشكاد» لخالد الزايري يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان وزان    تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الكشف عن لوحة جديدة لبيكاسو في باريس    350 شخصية من عالم الدبلوماسية والفكر والثقافة والإعلام يشاركون في موسم أصيلة الثقافي الدولي    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر حول التقسيم الجماعي لسنة 1992ومضاعفاته السلبية المتناسلة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 05 - 07 - 2013

«كم حاجة قضيناها بتركها « ، مقولة تصدق على نظرة الحكومات المتعاقبة للتقسيم الجماعي لسنة 1992فالكل وقف على سلبيات هذا التقسيم، خاصة حين يتعلق الأمر بالعالم القروي الذي كان الهدف منه حصول أحزاب الداخلية ظرفذاك على أغلبية المقاعد بالغرفة الثانية بواسطة أعضاء الجماعات المفبركة، مع العلم أن المتتبع لجلسات الغرفتين الأولى والثانية يخالها غرفة واحدة من حيث خلو المقاعد من السادة والنواب المستشارين أثناء كل جلسة، ومن حيث تشابه الأسئلة المطروحة على هذا الوزير وذاك،اللهم إلا إذا كان القصد تبذير المال العام وإغناء الأغنياء وإفقار الفقراء ...
كنت رئيسا لإحدى الجماعات المفبركة 1992 جماعة النحيت ولفترتين متتاليتين، وحاليا أحد نواب الرئيس، واستنتجت أن التقسيم الجماعي خاصة بإقليم تارودانت لم تراع فيه الكثافة السكانية ولا الإمكانيات المادية لهذه الجماعة وتلك، فأغلبية الجماعات المحدثة والمجزأة أقل من ثلاثة آلاف ساكن،على سبيل المثال لا الحصر: جماعة والقاضي التابعة لقيادة أضار دائرة إيغرم إقليم تارودانت جماعة واحدة وصيرها تقسيم 1992 ثلاث جماعات. جماعة والقاضي الأم وجماعة النحيت وجماعة تيسيفان أقل من ثلاثة آلاف نسمة للواحدة ولا إمكانيات مادية. ونفس الشيء بالنسبة لجماعة أضار بنفس الدائرة تفرعت منها جماعة امي نتيرت وجماعة ازاغار ن-ييرس بعض هذه الجماعات تتوفر على سوق أسبوعي لتحقيق أقل من 40.000 درهم سنويا للجماعة ومنها من لا تتوفر على أي مورد وبالتالي فالكل يعتمد على الحصة الهزيلة من الضريبة على القيمة المضافة لأداء أجرة الموظفين وتعويض الرؤساء والأعضاء المعوضين وتدفع منها أيضا أداءات سنوية عبارة عن ديوان المشتريات الخاصة بالمكتب والمحروقات وتنقلات الرئيس وغيره من المستفيدين من تعويضات التنقل وأداءات سنوية عبارة عن قروض فرضتها الشراكة مع الدولة في توفير الكهرباء والطرق والماء خاصة قبل حصول بعض الجماعات على الاستفادة من مبالغ التنمية البشرية التي تنقصها المراقبة القبلية والبعدية من طرف لجن مركزية تقوم بزيارة الأوراش بعد انتهاء الأشغال، فمرض الرشوى للأسف تحول دون إنجاز هذا المقاول وذاك لأشغاله على الوجه الأكمل، وكما قال أحد الفكاهيين بالأمازيغية ما مضمونه في المغرب اثنان فقط يمتنعان عن أخذ الرشوى، المتوفى والذي لم يولد بعد، وقد يكون هذا مبالغا فيه.
بالنسبة للجماعات التي اتخذتها نموذجا، جماعة والقاضي الأم قبل التقسيم سنة 1992 حوالي 9000 نسمة رئيس واحد نائبان حوالي ستة موظفين.
حاليا ثلاثة رؤساء والعديد من الموظفين والنواب وبدل احد عشر عضوا وصل العدد إلى 42 عضوا، ولابد من الإشارة إلى التقسيم العشوائي للمكاتب داخل كل جماعة، مكتب يتألف من ثلاثة دواوير. وفي جماعة النحيت مثلا مكتب عدد المسجلين فيه لا يتجاوز خمسة عشرمواطنا، عدد المصوتين سبعة إلى تسعة أصوات لانتخاب عضو مستشار منذ التقسيم وإلى الآن.
كتبنا مرات طالبين بإعادة النظر في هذا التقسيم العشوائي المضحك والمبكي في الآن نفسه ، أضف إلى هذا أن المكاتب في هذه الجماعة وغيرها يترشح فيها مرشح واحد فيكون نجاحه معلنا قبل التصويت وهذا راجع إلى كون الأحزاب لا تعطي الأهمية للمشاركة في الانتخابات الجماعية في العالم القروي، مما يستوجب إعادة النظر في هذا الخلل بخلق عنصر المنافسة بدل ترك حزب معين في هذه الدائرة وتلك، يغطي جميع المكاتب وأحزاب أخرى غائبة مما يجعل أغلبية الجماعات خالية من فعاليات حزبية مكونة ومن المعارضة الهادفة إلى المراقبة والتصحيح، ويمكن القول عن ممارسة أن أغلبية الجماعات القروية في إقليم تارودانت عامة وفي دائرة ايغرم بصفة خاصة يسيرها الرئيس فيقترح وينفذ دون الرجوع إلى المجلس بل وإلى المكتب إلا نادرا وأغلبية أعضاء هذا المجلس وذاك لا يحضرون ولو اجتماع الدورات العادية، ولا يكتمل النصاب إلا بصعوبة.
أضف إلى هذا عدم توفر اللجن وتحديد الاختصاصات واحترامها، أكثر من هذا مستشارة في جماعة النحيت وهي من أسرة التعليم ترشحت بلون الأصالة والمعاصرة، حضرت انتخاب الرئيس وأعضاء المجلس وخرجت متجهة وجهة أسرتها بإمي نتانوت لم تعد ولو لزيارة الجماعة، ناهيك عن حضور الجلسات والدفاع عن من منحوا لها أصواتهم ذكورا وإناثا قد تكون مجبرة على الترشيح السلطة الوصية لم تقم بأي إجراء تطبيقا للقانون ودرسا لمن سيتخلى عن واجبه مستقبلا مستشار آخر فاز باسم الأصالة والمعاصرة في نفس الجماعة توفي رحمة الله عليه بعدما صادمته شاحنة مرة سنوات على وفاته، لم يتدخل الحزب الذي ترشح باسمه ولا السلطة الوصية لتعويضه وهذا يتنافى والقانون الجماعي
ومن الجماعات من يرى رؤساؤها عدم جدوى محاضر الجلسات ولا تسلم غالبا، لمن يطالبون بها إلا نادرا وتجد أغلب التدخلات غير موثقة مع العلم أن المحاضر وثائق تاريخية قبل أن تكون محاضر جلسات. وتكتفي السلطة غالبا بإرسال المقدم أو الشيخ وموضوع دور الشيخ والمقدم في العالم القروي يعتبر دورا يضاهي دور الخليفة والقائد لأن كلا منهما يحتك احتكاكا مباشرا بالساكنة يعرف كل شيء عن الدواوير والأسر.
لما ذكر، كان الاستعمار الفرنسي يختار الأعيان من شيوخ ومقدمين من ذوي التجربة والفطنة والذكاء قبل أن تتوفر كفاءات ذات مستويات دراسية. والآن للأسف إذا أخذنا دائرة ايغرم وجماعة النحيت بالأخص نموذجا يتم تعيين أعوان السلطة بواسطة التدخلات والمحاباة السافرة دون مراعاة لأي مقاييس بل قد يعين من بحاجة إلى علاج نفسي ومحاربة الأمية. ولمكانة هذه الوظيفة على الصعيد الوطني وكوجهة نظر يجب التفكير في توظيف من يتوفرون على مستوى دراسي وبعد مباراة تفرز من يستطيع أن يكون عونا للسلطة ومرشدا مصلحا بين الناس بعد التكوين مع تخصيص أجرة في مستوى المهام المسندة إليهم ووسيلة للتنقل بين الدواوير وبينها وبين القيادة والدائرة...
وكفاعل جماعي سابقا وحاليا فالمبالغ المخصصة من المال العام كفيلة ببناء إعدادية بين الجماعات الثلاث والقاضي تيسفان النحيت خاصة إذا علمنا أن كل واحدة تستفيد من مبالغ التنمية البشرية بمبلغ مائة مليون سنتيم سنويا ولمدة خمس سنوات وكل جماعة تتوفر على مجموعتين مدرسيتين ودون إعدادية واحدة ونحن في الألفية الثالثة، وإن يعتبر هذا وصمة عار على جبين وزارة التربية الوطنية أيضا.
بالنسبة لتقريب الإدارة من المواطنين المرفوع كشعار لم يراع في هذا التقسيم إطلاقا ؛ هناك دواوير تابعة لجماعة تبعد عنها بأكثر من خمسة عشر كيلومترات إلى عشرين بجانبها جماعة لا تبعد عنها إلا بكيلومترين كنموذج فقط دوار مكط ودوار تاوريرت وتالات ن ? إفرض وأكني وأكاك على بعد أربعة كيلومترات إلى ستة من جماعة والقاضي وهي حاليا ومنذ التقسيم تابعة لجماعة النحيت البعيدة عنها بحوالي خمسة عشرة كيلومترات فأكثر.
وهذا راجع إلى كون أعوان السلطة المكلفين وقتذاك بإعداد لوائح التقسيم المفبرك لغاية ظرفية انتخابية خضعوا نفسانيا لهاجس القبلية والعشائرية المتجاوزة في عصرنا وعلى هذا الأساس تم تفريخ عشرات المستشارين الجماعيين لاستعمالهم في انتخابات الغرفة الثانية كما ذكرنا مرة تلو المرة كما نتج عن هذا تفريخ عشرات الموظفين وعشرات الرؤساء وعشرات المساعدين لهم مع انعدام المداخيل مما يستوجب إعادة النظر في هذا الخطأ غير المبرر وإعادة الجماعات إلى ما قبل التقسيم على الأقل.
شيء آخر، انعدام المنافسة أو إبعادها في الانتخابات، من أصل احد عشر مكتبا سبعة مكاتب ترشح فيها مرشح واحد وأربعة الباقية مرشحان إلى ثلاثة.
وهذا راجع في نظري إلى انعدام التأطير الحزبي والنقابي في العالم القروي وانعدام المنافسة الحزبية من طرف جميع الأحزاب دون استثناء فقط البحث عن مرشح في آخر لحظة من طرف بعض الأحزاب مما يستوجب إعادة النظر في هذا الفراغ السياسي الجماعي في العالم القروي...
إننا أمام مهزلة التقسيم مهزلة غير مسؤولة كان المفروض أن تقوم الجهات المسؤولة بمراجعة ترتيب المكاتب بإضافة هذا الدوار لذاك بعد تحديد الحد الأدنى من المسجلين الذين يجب توفيرهم في كل مكتب، طبعا هذه الأخطاء المتكررة بسلبياتها المتناسلة التي لا تستجيب لتطلعات العالم القروي ناتجة عن كون الأوامر مركزية تصل إلى العمالات، فالدوائر والقيادات والشيوخ وإلى المقدمين ويستعان أحيانا بالأعيان الأميين كذلك دون إشراك الفعاليات الواعية بالمسؤولية الجماعية من رؤساء الجمعيات وغيرهم. فهذه الفعاليات يعتبرونهم أعداء السلطة بمفهوم حكومة الداخلية يجب إبعادهم عن لجن المتابعة وعن الممارسة الجماعية ...
معضلة أخرى تجب الإشارة إليها هي الإشراف الكلي للسلطة وتعيينها لرؤساء المكاتب من موظفيها أثناء التصويت الجماعي والتشريعي حيث يتلقون أحيانا تعليمات صارمة للمساهمة في فوز فلان والحيلولة دون فرز فلان خاصة في المكاتب التي يتم فيها ترشيح أكثر من واحد قد يكون ممثلو المرشحين في المستوى وهذا نادر. وبعد الانتخابات يصرح رئيس المكتب لأصدقائه بالأوامر التي قام بتنفيذها لصالح فلان وضد المرشح فلان... مما يستوجب إسناد الإشراف لجهات محايدة ونزيهة.
خلاصة القول بالنسبة لهذه الإشارات، الإبقاء على التقسيم الجماعي لسنة 1992، خاصة في إقليم تارودانت يعتبر تكريسا ووفاء لنوايا مصممي هذا التقسيم وأهدافه التي كانت ظرفية لتصير مستمرة مستدامة بنتائجها السلبية المتناسلة.
* الرئيس السابق لجماعة النحيت
والنائب الثاني للرئيس حاليا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.