لفتيت يعفي والي جهة مراكش آسفي    شقير: موقف حزب "أم كاي" يعكس أن دعم الجزائر لأطروحة الانفصال في تنافسها مع المغرب أصبح لا يخدم مصالح إفريقيا    اعتصام إنذاري للنقابة الوطنية للعدل أمام وزارة العدل بالرباط    الصين تطلق ثورتها الكهربائية من المغرب: استثمارات ضخمة وشراكات استراتيجية تؤسس لعهد صناعي جديد    أعمال الشغب في لوس أنجليس: فرض حظر تجول ليلي لعدة أيام    لأول مرة.. المغرب ينال أعلى تصنيف للضمانات النووية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية    مانشستر سيتي يعلن تعاقده مع اللاعب الهولندي تيجاني رايندرس    وداد فاس يبلغ نصف نهائي كأس التميز على حساب نهضة بركان    كيوسك الأربعاء | الداخلية تجري اقتراعا جزئيا لملء 80 مقعدا شاغرا في 68 جماعة    توظيف الدرونات للحد من انتشار الحشرات الضارة بعمالة المضيق الفنيدق ومرتيل    "العهر السياسي" و"الاعتقالات".. فيدرالية اليسار تندد بالهجوم على أعضاءها ومنتخبيها الجماعيين    الخدمات التجارية غير المالية.. 55 في المائة من أرباب المقاولات يتوقعون ارتفاعا للنشاط الإجمالي خلال الفصل الثاني من 2025    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء بالمغرب    ماسك: تجاوزت الحدود بانتقاد ترامب    الولايات المتحدة.. محكمة الاستئناف تقرر الإبقاء على الرسوم الجمركية المفروضة من طرف الرئيس ترامب    ترامب يدعو أوروبا لمكافحة الهجرة    أزمة المهاجرين تشعل شوارع أمريكا.. انتشار "المارينز" والتهديد بقانون التمرد    الوداد يستعد للموندياليتو بالسومة    النائب البرلماني يوسف بيزيد يتدخل لنقل جثمان مغربي من الجزائر الى ارض الوطن    مهنيو صنف السويلكة بالجديدة يعبرون عن احتجاجهم و رفضهم لمقترح مشروع تهيئة مصايد الصيد لوزارة الصيد البحري    أمطار غزيرة مصحوبة بالبرد تعم عدداً من جماعات إقليم الحسيمة        البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد المغربي بنسبة 3.6% خلال 2025 و3.5% في 2026    تفعيل رادارات آليه ترصد المخالفات في اتجاهي السير معا    عاصفة "دانا" الأطلسية تؤثر على اسبانيا وشمال المغرب    المنتخب المغربي يقترب من نادي العشرة الكبار في تصنيف "فيفا"    طقس المغرب: زخات رعدية قوية مصحوبة ببرد ورياح مرتقبة بعدد من المناطق    انطلاق عملية "مرحبا 2025" بميناء طنجة المتوسط لاستقبال المغاربة المقيمين بالخارج    متحور كورونا جديد شديد العدوى والصحة العالمية تحذر..    الجيش ونهضة بركان في صدام ناري ضمن ربع نهائي كأس العرش    الفنان نوردو يشارك لأول مرة في موازين ويعد جمهوره بعرض استثنائي    وداد فاس يبلغ ربع نهائي التميز    ارتفاع تكلفة كراء قاعات قصر الفنون والثقافات بطنجة والجمعيات أبرز المتضررين    خبير فرنسي: تحت قيادة الملك محمد السادس.. إفريقيا تمسك بزمام مصيرها البحري    وزير الفلاحة: سيتم تقديم دعم مباشر لمربي الماشية بقيمة 400 درهم لكل رأس من الإناث    الأمن يفكك عصابة للاتجار بالمخدرات    خفض توقعات النمو العالمي إلى 2,3 %    نصائح صيفية مفيدة في تفادي لدغات الحشرات    أمريكا تقيل أعضاء لجنة استشارية معنية باللقاحات    دراسة: الكافيين يحفظ الجسم والعقل مع تقدم السن    إحالة تقارير مجلس الحسابات على الشرطة القضائية ترعب رؤساء جماعات    مغني الراب مسلم يثير غضب المغاربة بعد غنائه عن الخمر    السعودية تحظر العمل تحت الشمس لمدة 3 أشهر    10 قتلى في إطلاق نار بإحدى المدارس بالنمسا    حصري من قلب إيطاليا.. صناديق مقفلة على الفراغ: استفتاء الجنسية الأصوات الغائبة عن إنقاذ وطنٍ يحتضر ببطء    تنظيم الدورة 101 لمهرجان حب الملوك بصفرو من 11 إلى 14 يونيو الجاري    تقرير مركز أمريكي مرموق بواشنطن: كيف تحولت بوليساريو من حركة انفصالية إلى أداة إرهابية تدعمها الجزائر وإيران لزعزعة الاستقرار الإقليمي    البوجدايني يقود وفدا سينمائيا رفيعا بمهرجان آنسي لتعزيز إشعاع سينما التحريك المغربية    الركراكي : أنا أفضل مدرب في تاريخ الكرة المغربية ولا أقلق من الانتقادات    مسرح رياض السلطان يستقبل الصيف بعروض فنية تجمع بين الإبداع والموسيقى والتأمل    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أشهر في جميع منشآت القطاع الخاص    الركراكي: التغييرات كانت مهمة من أجل الوقوف على مستوى بعض اللاعبين    ليلى الحديوي تثير الجدل بتصريحات جريئة    مجلة إسبانية: المغرب قطب تكنولوجي حقيقي        كأنك تراه    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة    يوميات حاج (9): بين منى ومكة .. الانعتاق من شهوات سنين الغفلة    









عندي عندك

بين درب غلف والمعاريف، مسافة زمنية جد قصيرة لا تتعدى، وأنت راجل، خمس دقائق، وبالضبط عند نهاية زنقة »»واطو»« الواسعة، حيث كان يتواجد المرحوم «»بحيليسة«« بائع السمك الطري. أنت الآن في «»المعاريف«« بعد أن عبرت شارع ابراهيم الروداني. هنا مقهى مطعم «»التيرمينوس« ثم زنقة »»بيلفو»« ف الجبل الأبيض ثم »ليستريل« مقهى »ماجيستيك« فزنقة »جوران« ثم »لابريس المقهى - المطعم المفضل لدى الفرنسيين المعمرين ورجال البوليس السري، هنا صحافة »»ماص»« الاستعمارية «»لوبوتي ماروكان»« نحن الآن في المعاريف، نغادر درب غلف إليه بحثا عن «»كلأ««. ونهيم على وجوهنا مثل قطيع غنم بدون راع، لا بوصلة تقودنا إلى مبتغانا ولا هدف، كل ما نريده، في نهاية الأمر، أن نملأ بطوننا بما فضل عن الفرنسيين والإسبان، داخل القمامات وخارج نوافذ البيوت، إنه الجوع التاريخي الذي كان يلفنا بحزامه الأسود! ونحن بعد صبية صغار لا ندري ما يجري من حولنا، فهل كان العالم ينصت إلينا؟ هو نزق الطفولة الذي لا حدود له، فكل يوم نذهب فيه الى المعاريف نكتشف أشياء جديدة لا أثر لها في درب غلف، الحي الذي يضمنا بين جنباته المعتمة، حيث يدفعنا الى البحث عن ملاذ نفسي ومادي هروبا من قسوة العائلة، لمذا تأتي أنت دوما إلى المعاريف؟ بالإضافة إلى فقر البيوت وخلوها من الأطعمة، نذهب الى «المعاريف» للتملي بطلعة الفرنسيات والإسبانيات الجميلات والشبان الجميلين اللابسين أقصمة وسراويل قصيرة نظيفة، الممتطين دراجات هوائية أو دراجات «»صوليكس» البخارة، مشاهدة الأفلام السينمائية في قاعات زنقة »جورا«.
2
هو ذا المعاريف: لم أكن أريد الرجوع إليه (وقد كتبت عنه سابقا) لولا زيارة الملك خوان كارلوس، عاهل اسبانيا الأول الذي جاء إلينا في زيارة رسمية لتقوية العلاقات بين البلدين (الاقتصادية بالدرجة الأولى ثم السياسية والثقافية).
وهي زيارة لم تكن من اولويات جارتنا العنيدة لولا الأزمة الخانقة التي تمر بها منذ بروز الازمة العالمية التي ضربت بالدرجة الاولى، اليونان ثم ايطاليا فالبرتغال، لكن اسبانيا هي البلد المكوى بنار هذه الازمة وقد أتت على الاخضر واليابس، هكذا انقلبت الآية: فبعد أن كان المغاربة «يحركون» اليها، طلبا للشغل، لتحسين اوضاعهم المعيشية ، بدأ الاسبان، هم انفسهم، يلتجئون الى المغرب للغرض نفسه، من ثم اخذ شمال المغرب (طنجة - تطوان - العرائش) يشهد تدفقا اسبانيا لم يشهده من قبل، باستثناء النزوح الكبير للاسبان الحمر (الشيوعيون) الى المغرب هربا من الديكتاتور الفاشي الجنيرال فرانكو.
لم تكن الدار البيضاء بمنأى عن هذا النزوح الكبير، ففي المعاريف استقرت الجالية الاسبانية، وفي «الروش نوار» الجالية الايطالية، أما الفرنسيون فكانوا هم السادة الحكام الذين يقطنون أحياء راقية وفيلات راقية.
في المعاريف، كان الاسبان يشكلون طبقة عاملة ليس إلا: ثمة حرفيون ونجارون وميكانيكيون وأصحاب أوراش مختلفة ثم عاطلون مسنون ومسنات، وأتذكر جيدا بأننا كنا نطلق عليهم «صبليون الحازق» نظرا لفقرهم وبساطة حياتهم ولباسهم واختلاطهم بالمغاربة، بخاصة الغجر منهم، الذين كانوا يدقون على أبواب منازلنا، عارضين علينا عينات من الاثواب لشرائها حتى نخيط بها، «الكوستيمات»، لكن الزمن تغير تغيرا جذريا: فبعد رحيل فرانكو وعودة الديموقراطية انخرطت اسبانيا في الفضاء الاوربي الواسع وصارت جزءا فاعلا، سياسيا واقتصاديا، لا يتجزأ منه، هكذا أزاحت عن كاهلها ذلك الإرث الثقيل من القمع السياسي والثقافي (اغتيال لوركا وهروب فنانين إلى فرنسا والمكسيك) ولبست ثوب الحداثة والديموقراطية الجنسية والاجتماعية، فهل مايزال اصبليون حازق؟ لقد بدأت ملامح ازمتهم تنذر بالفقر وأخذوا يستثمرون اموالهم في مشاريع اقتصادية ببلادنا لذلك سيطوي الاقتصاد تاريخ الاحقاد المشترك بين الدولتين الجارتين في انتظار انتهاء الأزمة. ألم يكن ماريا ازنار، رئيس الوزراء اليميني السابق، يلوح بعدائه التاريخي تجاه المغرب؟ وسواء عند اليمين او اليسار، فالمصالح الاقتصادية هي أولى الاولويات وما عداها فهو عنصر ثانوي أو مؤجل، إن الخبز هو اللاكص ديال الأزمة بإسبانيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.