ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة إلى النهائي بعد تجاوز المنتخب السعودي في نصف النهاية    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    مجلس الشيوخ الفرنسي يحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    حماس تدعو الوسطاء لإيجاد حل لمقاتليها العالقين في رفح وتؤكد أنهم "لن يستسلموا لإسرائيل"    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تبقال الجماعة التي تطل من أعلى لتبقى معزولة محاصرة

جماعة تبقال ترسو على أعلى نقطة على سطح البحر في شمال افريقيا.. تطل على العالم من أعلى وإن كانت معزولة عن هذا العالم في غياب أي اهتمام.. صحيح تغير الوضع وتمت «ململة» بسيطة لكنها غير كافية لاخراج المنطقة من العزلة والتهميش..
قبل أزيد من عقد كنت في هذه الأعالي ، عندها جئت المنطقة من أولوز بإقليم تارودانت وكانت كل البنيات التحتية منعدمة تماما، وكان الطريق عبر مسالكها الوعرة ومنعرجاتها الخطيرة وبدون تعبيد يشكل أكبر حاجز لتنمية المنطقة.. لكن هذه المرة سلكنا طريقا أخرى عبر أكويم وتيديلي بإقليم ورزازات حيث وجدناها معبدة لازيد من 50 كيلومترا وفكت العزلة نسبيا، يقول لحسن ايت افقير وهو أحد المناضلين الاتحاديين وكاتب فرع الحزب بجماعة تبقال: « يعود الفضل في شق وتعبيد هذه الطريق الى فتح الله ولعلو في عهد حكومة التناوب حيث زار المنطقة ووجدها معزولة تماما ، حيث يقف غياب الطريق أمام أي تنمية لهذه المنطقة.. تألم كثيرا وقال بأنه لا يعقل أن تكون هذه المنطقة المناضلة التي أنجبت الكثير من الوطنيين والمقاومين ممن قدموا أرواحهم وحياتهم في سبيل استقلال البلاد، وساهموا في معركة الديمقراطية، من العار أن تبقى مناطقه معزولة، فوعد بالتسريع بتعبيد وشق الطريق ، وهو الامر الذي تم بالفعل حيث بدأت الاشغال في اقل من شهر من زيارة و لعلو للمنطقة..» .
وأضاف لحسن: « فتح الله و لعلو لم يفك عزلة المنطقة بشق هذا الطريق فحسب .. بل فك العزلة ايضا بتثبيت رادارات الهواتف النقالة حيث أصبح السكان يتواصلون مع العالم عبر هواتفهم النقالة وإن كان الريزو في بعض الأحيان يضعف..» .
كان الطريق نسبيا أفضل مما كان عليه في المرة السابقة.. ورغم أننا سلكناه ليلا، فلم نحس بأية اهتزازات .. صحيح مع مرور الزمان يحتاج الى توسيع وترميم ما تخلفه السيول او الثلوج من إتلاف وجرف حواشيه، الا أن الحال افضل مما كان.. وصلنا جماعة تبقال وقد أسدل الليل سواده على المنطقة دون أن أحس بعياء.. كان البرد قارسا وكان علينا ان نلف حولنا اغطية بحثا عن بعض الدفء .. قال مستضيفنا، للاسف لم تسقط الثلوج هذه السنة، وهذا شيء غير مفرح، والبرد دون الثلج يحزن سكان الجبال الذين لا يهنأون إلا إذا رأوا منطقتهم تكسوها نصاعة بياض الثلوج التي تشكل خزانا مائيا يعد هو الحياة لكل الكائنات التي تعيش هاهنا، وحتى في الوادي فدون ثلوج تنضب مياه الوادي والآبار وتختفي الشلالات وتكسو قساوة السواد والحزن المنطقة..
في الصباح خرجنا ، اقتحمنا سوق تبقال ومركزها القروي، بنايات اسمنتية صغيرة، ومتاجر ومحلات للبيع عرفت بعضا من التطور مقارنة بالماضي، إلا انها لم ترق لطموحات السكان الذين قال لنا بعضهم إن الجماعة تحسن أداؤها مقارنة بالماضي خاصة على مستوى الوثائق الإدارية وكذا الاستفادة من سيارة الإسعاف التي تقدم للسكان مجانا وهذا تطور لابأس به..
السوق الأسبوعي يأتيه السكان كل اربعاء قال لنا عنه بعضهم: «سوق مهمش وليس منظما وليس هناك من ينظمه ويفتقد للكثير من المرافق.. الذبائح لا تخضع لاية مراقبة طبية ولم يسبق أن رأيناها.. المجزرة حفروا بجانبها بئرا تتجمع فيه النفايات والدماء عير بعيد من السكان.. وأصبح مرتعا للكلاب الضالة التي تقطع الطرق عن المارة.. بل الخطير ان هذه الكلاب توحشت الى درجة انها تتهجم على الماشية، ولم يعد السكان يخافون فقط من الذئاب بل اليوم حتى الكلاب.. يتهجمون على اسطبلات السكان وينهشون فيها الاغنام والماعز..» .
غير ان السكان يشتكون من مشاكل اخرى هي اكبر من مسيري الجماعة التي لا موارد لها سوى مداخيل الضريبة على القيمة المضافة..
تبقال هذا الاسم الذي يردده الجميع باعتبار انه يتعلق بأعلى قمة جبل في المغرب في شمال افريقيا ، هو اسم امازيغي تم تحريفه، فهو اسم مركب من كلمتين،» توك» ومعناها اطلالة، «أكال»، الارض، او التراب، ومعناها المركب هو توك كال اي إطلالة على الارض..
وبالفعل حين كنا هناك تبين أننا نتأمل كل الأرض والتراب.. وشيء جميل أن تكون في الأعلى لتتأمل العالم بكامله.. لكن الكثيرين قالوا لنا جميل أن تعلو الكل وتطل عليه من فوق، لكن الأقبح ان تحصر في العلو دون منافذ فإما أن ترتمي ويكون مصيرك الموت وتتحول الى اشلاء يصعب جمعها لتدفن في لحد واحد، وإما ان تبقى معزولا في الاعالى الى أن تتحول الى نحت من جليد قد تذوب وتنتهي مع أول اطلالة لشمس اليوم الموالى، او تتحول الى صخر جامد لا حركة لك، وبعدها تصبح جمادا في احسن الاحوال ، قد تكسر لترمم جدار محظوظ يريد تزيين بيته بمجسمات قد تأتي من بعيد..
رحب بنا الكثيرون، وجالسنا الكثيرون، وتحدث معنا الكثيرون، قاسمهم المشترك انهم مغاربة يعشقون وطنهم، لكنهم يودون من هذا الوطن أن يحس بهم كأناس أسسوا لنضال كبير من أجل أن يصبح الوطن وطنا حرا مستقلا متدفقا بشلالات الحياة والتفاني والشموخ..
قال أحد السكان: «لست أدري كيف أبدأ الحكاية، فعشق الوطن جنون لا يضاهى، ومعاناة الوطن ألم أشد مضاضة، وبين العشق والألم شعرة لم تكن لمعاوية، لأن هنا يوجد إحساس آخر بلغة هي الهوية والملاذ هي تحقيق للوجدان، هي التحدي في الكينونة والوجود..» .
كلام أدركت من خلاله أن فلسفة الحياة في هذه المناطق تقتضي صياغة أسئلة أخرى في شكلها بسيطة وفي عمقها ثقل اثقل من جبال الاطلس..
يقول احد المواطنين: «إن أكبر تحدي نواجهه هو محاربة الجهل، ومن هنا تأتي أهمية التربية والتعليم، ولأن الامم تتباهى بما استطاعت ان تحققه بفضل تعليم أبنائها من الشعوب الأخرى في التعليم والتحصيل وإنتاج العلم والبحث والتفكير في المستقبل والمساهمة في رفاهية الإنسان باعتباره كائنا له قدرات مؤثرة في مسار هذا الكون سلبا أو إيجابا..» .
لكن سكان هذه المناطق لا يتحدثون بعد عن المتعة والرفاهية، بل يطلبون فقط ان تتوفر لهم اساسيات العيش الكريم وأهمها التعليم.. ومن مظاهر التلاعب في هذا المجال في هذه المنطقة، ما يتعلق بعملية التسيير وهي مساعدات تقدم لأمهات قصد تشجيع أبنائهن في التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي في العالم القروي حيث تقدم للام مائة درهم عن كل طفل على أساس أن لا يتجاوز عدد الأطفال ثلاثة .. هذه العملية حسب السكان تشوبها الكثير من الخروقات.. يقول احدهم: «إن المشرفين على التوزيع في إطار عملية التيسير ومعهم بعض الموظفين بالجماعة يتعاملون بمكيالين، ففي الوقت الذي يذهبون إلى بعض المركزيات يفرضون على أمهات تابعات لمركزيأت أخرى الذهاب اليهم ومن مسافات بعيدة ما بين 15 أو 17 كلم وفي الوقت التي ينوبون فيها، اي هؤلاء الموظفون ، عن نساء يتواجدن في المراعي(العزيب) يمنعون بعض الآباء من تسلم حصص نسائهم المنهمكات في أشغال الحقول والحطب، بمعنى حلال على البعض وحرام على البعض وفق مزاج هؤلاء الموظفين» ..
يقول مواطن آخر: «نعاني في هذه المناطق أيضا من عدم انضباط بعض رجال التعليم وغيابهم المستمر مما يعرقل العملية التربوية، والضحية الأول هم أبناؤنا وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك معلمة في فرعية أزرو التابعة لمركزية أبي عنان المريني منذ أربع سنوات وإذا ما حسبنا أيام عملها طيلة كل هذه المدة لن تتجاوز الشهرين.. وقد تقدمنا بشكايات عديدة في الموضوع بدون جدوى.. وتم نقلها الى فرعية الزاوية لكن حليمة لم تتخل عن عادتها القديمة، فلم تكمل 15 يوما حتى غادرت متذرعة بانها مريضة لكن يبدو أن مرضها دائم دوام غيابها..»
معاناة حقيقية تطال التعليم بهذه المنطقة فأول ما يتحدث لنا عنه كل من سألناه الا وبدأ بالتعليم وهو هاجس سكان المنطقة الذين أرادوا بالفعل الخروج من قوقعة التهميش في هذا المجال مؤمنين ان مستقبل أبنائهم لن يتم الا اذا تلقوا تعليما سليما يسمح لهم بولوج الكثير من المجالات..
قال بعض السكان «تحوموا» حولنا في احدى مقاهي تبقال: «مطعم المدرسة المركزية لا يخضع للمراقبة وأغلب الفرعيات لا مطاعم فيها.. أثناء التساقطات المطرية والثلجية يحرم التلاميذ من الدراسة، خاصة أبناء دوار تيزوال الذين يدرسون في فرعية الزاوية التي تبعد عنهم بحوالي ثلاثة كيلومترات.. الفرعيات لا وجود فيها للمراحيض ومرافق النظافة، ناهيك عن أنها غير مسورة وبعض أقسام هذه الفرعيات ترشح ماء خلال تساقطات الأمطار..» .
الواقع أن هذه المناطق يعاني فيها التلميذ والمعلم على حد سواء، لكن للحقيقة، فالسكان يقدمون دعمهم للمعلمين ويدعمونهم بالأفرشة والأغطية الصوفية المحلية والزرابي.. لكن الحلم الذي كان الحبيب الملكي قد وعد به المنطقة حين كان وزيرا للتعليم تحقق لهم، وهو بناء إعدادية، لكنها إعدادية انطلقت ومعها الكثير من المعاناة.. يقول مواطن:
«انطلقت الدراسة بالإعدادية الوحيدة في الموسم الماضي لكنها مع الانطلاقة حملت معها الكثير من المعاناة والمشاكل.. أهمها غياب الداخيلية ناهيك عن البعد والذي يشكل بالفعل أحد المصاعب الكبرى بالنسبة للتلميذ والأب على حد سواء..
الإعدادية توجد في تراب جماعة تفنوت، فتلاميذ منطقة انمراغت وتزكي ومؤمن يبعدون عن الإعدادية بما يفوق 15 كلم وهذا يؤدي الى الإنقطاع الدراسي، في السنة الماضية انقطع 85 تلميذة وتلميذا، وفي هذا الموسم انقطع حوالي 90 تلميذا والرقم مرشح للارتفاع واغلب المنقطعين من الفتيات بنسبة تسعين في المائة..
بعض الآباء رغم ظروفهم المعيشية وفي غياب مشاريع مدرة للربح يحاولون التغلب على هذه المعاناة ولكن في مقابل إثقال كاهلهم بمصاريف النقل التي يقدمونها لاحد الاشخاص حيث يؤدون مائتي درهم عن كل تلميذ شهريا ولابد من تقديم 20 درهما لكل تلميذ الذي يستيقظ من الساعة السادسة صباحا ولا يعود الا في السابعة مساء.. والأخطر من هذا ان هؤلاء اصبح غداؤهم مُعلّبا ( السردين والموناضا) ما يهدد صحتهم مع العلم ان السلع الموزعة بهذه المناطق لا تخضع لأية مراقبة حتى وان فقدت هذه المواد مدة صلاحيتها..» .
واستهزأ هذا المواطن من هذا الوضع البئيس للتعليم وقال بمرارة: «نحن الان تزداد لدينا الأمية انتشارا وارتفاعا..»
ليس التعليم وحده ما يقض مضجع سكان تبقال بل انهم يعانون ايضا على مستوى الصحة . يقول احد السكان:
«لدينا ممرضة وحيدة تشتغل يوما فقط في الأسبوع في مستوصف يفتقد لأبسط الشروط لحوالي 10 آلاف نسمة.. حوالي 43 دوارا ، أحيانا تستقبل القريب وتقدم له الدواء وترفض القادم من منطقة بعيدة..» .
قلت لمخاطبي، الأمر لا يتعلق بممرضة فقد قلت بأن المستوصف يفتقد لأبسط الشروط فما عسى هذه الممرضة المغلوبة على امرها أن تقدمه في غياب بنيات صحية بالمنطقة التي تحتاج بالفعل إلى مركز او مستشفي يتوفر على طبيب دائم وعدد من الممرضين وقسم للولادة وقسم المستعجلات ؟
فقال: «هذا صحيح، إذ من العار أن تضطر المرأة الحامل إلى الذهاب الى تارودانت على بعد 150 كلم أو اوزيوة على بعد 50 كلم للوصول إلى المستشفى وأحيانا تضع في الطريق ، أخرى تفقد الحياة قبل الوصول إلى المستشفى.. »
قال آخر: « هناك ممرضة متدربة ليس لديها ما تفعل لان المستوصف يفتقد لكل شيء.. الشيوخ يعانون، الاطفال يعانون، ومن لا يئن هو ذلك الانسان السليم أو ذلك الذي ينام على جراحه واضعا أمله في الله، مادام لا أحد له هم الاهتمام بالبلاد والعباد.. لاوجود لأية قابلة على صعيد الجماعة اللهم من القابلات التقليديات التي نجد بعضهن في بعض الدواوير، ومطلبنا أن يتم تطوير هذا المستوصف الوحيد الى مركز صحي وتتوفر فيه بعض التخصصات مع قسم للولادة..» .
في هذه المناظق مازال الموت يحوم حول النساء الحوامل والكثيرات فقدن حياتهن نتيجة الوضع الصحي المتأزم وغياب البنيات التحتية، يقول لحسن ايت افقير: إن ابنتي فقدت الحياة نتيجة نزيف حاد بعد الولادة وفي ظل الإهمال وضعف الوسائل.. الطبيعة الجبلية لهذه المناطق لا تسمح بفضاءات شاسعة لممارسة العديد من الرياضات ومن ضمنها الرياضة الشعبية الأولى كرة القدم ومع ذلك فشباب المنطقة يتحدى الصعاب ويخلق لنفسه نشاطا رياضيا حسب ما أتيح له من إمكانيات بسيطة غير ان الرغبة والإرادة جعلته يؤسس لنفسه بعضا من هذا النشاط من خلال دوريات تشرف عليها جمعيات الدواوير ويقول السكان بأن لهم أملا في ان تهتم بهم الجهات المعنية لاكتشاف المواهب التي تزخر بها المنطقة خاصة في ألعاب القوى والرياضات الجبلية..» .
قلت للسكان بأن العزلة فكت عنكم من خلال شق الطريق وتعبيده ومازالت الاشغال مستمرة في اشطره الاخرى فقالوا: «هذا صحيح لكن مازلنا نعاني من مشكل النقل، هنا يوجد فقط الخطافة ويحملون الناس مكدسين حتى في الأماكن الخاصة بالأمتعة..» .مشهد حقيقة يؤلم ويطرح سؤالا حول رخص النقل والتي يستحق سكان هذه المناطق ان تخصص لهم لفك العزلة عنهم بدل اقتصارها على محظوظين في مناطق اخرى..
لكن السكان يعانون ايضا في مجال الوثائق الإدارية ليس من جماعتهم يقول أحد السكان: «إن كبار السن يضطرون لقطع مسافات طويلة تبلغ حوالي 60 كلم بمنطقة أسكاون قصد الحصول على عقود ازديادهم باعتبار انها الجماعة الام وان جماعة تبقال لم تؤسس إلا في العقود الثلاثة الأخيرة..
وفي حالة ما إذا اراد مواطن عدم التنقل وتضييع الوقت في الإتيان بهذه الوثيقة فإنه يقدم 50 درهما لصاحب سيارة ترونزيت (خطاف) للإتيان بها باعتبار أنه يقوم يوميا بنقل الناس الى تلك المنطقة باعتباره وبالنسبة لنا فهو يساعدنا ويحل لنا مشكل النقل..» .
سألت محاوري حول الدخل الفردي فضحكوا مستغربين من السؤال حيث قالوا إنه صفر، وأضافوا: «إن بعض الآباء يدفعون بأبنائهم للانقطاع عن الدراسة والدفع بهم للعمل في المدن قصد مساعدتهم على مصاريف العيش، فالفلاحة بالنسبة لهذه المنطقة ليس هناك اي دور للجهات المسؤولة فلاحيا ان على مستوى الارشاد الفلاحي او غيره.. المنطقة لايصلح فيها سوى غرس الاشجار وهي المنتشرة بكثرة وبالدرجة الاولى الجوز واللوز والتفاح »
وأضافوا: « حتى هذه الفلاحة الهزيلة والبسيطة تقضي عليها الانجرافات التي تتسبب فيها السيول المحملة بالحجارة والطين ، مايؤدي الى القضاء على فلاحتنا.. لذلك نطالب بمعالجة هذه الشعاب وبناء حواجز لحماية الحقول ومحاربة الانجرافات..».
الانجراف والتهميش يصيب كل شيء في هذه المناطق الجميلة، حيث يصعب رصد كل المعاناة، كل المشاكل في منطقة عانت من العزلة لعقود طويلة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.