رونار يكشف: هكذا تصالحت مع زياش في 5 دقائق    وجهة غير متوقعة تُهدد انتقال سفيان أمرابط إلى الدوري السعودي    مطار الشريف الإدريسي يهتز على وقع فضيحة تهريب الحشيش.. 6 مدانين بالسجن النافذ    وزارة الداخلية توقف خليفة قائد للاشتباه في تورطه بإحدى جرائم الفساد    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    هزة أرضية بقوة 4.6 درجات تسجل بالمغرب ظهر اليوم    احباط تهريب كمية ضخمة من الكوكايين كانت مخبأة داخل حاويات للفحم بميناء طنجة    "بالياريا" تطلق خطا بحريا جديدا بين طريفة وطنجة المدينة ابتداء من 8 ماي    القرارات الأممية بشأن الصحراء المغربية، من الانحياز إلى الواقعية السياسية    السكوري: خلقنا 350 ألف منصب شغل.. وبوعيدة: هذه أرقام السويد أو كندا ولا تعكس الواقع المغربي"    الفريق الاستقلالي يطالب بإحالة محمد أوزين على لجنة الأخلاقيات    حادث اختناق جماعي في مصنع "كابلاج" بالقنيطرة بسبب تسرب غاز    العزيز: الحكم الذاتي في الصحراء لن ينجح دون إرساء ديمقراطية حقيقية    اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر: لا أحد فوق أخلاقيات المهنة    قمة الأبطال.. حلم النهائي يشعل مواجهة برشلونة وإنتر ميلان فى إياب دوري أبطال أوروبا    استراتيجية حكومية لضمان تكاثر القطيع الحيواني تغني عن اللجوء للاستيراد    منطقة الغرب.. توقع إنتاج 691 ألف طن من الزراعات السكرية    المندوبية السامية للتخطيط تطلق بحثا جديدا حول العائلة    طانطان تحتضن ندوة الاستثمار الأخضر على هامش موسمها ال18    الحسيمة...افتتاح فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الدولي للفيلم    لقجع: الوضع المالي بالمغرب متحكَّم فيه.. وموارد الميزانية تواصل نموها التصاعدي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    العصبة تلزم فرق البطولة بحذف جميع إشهارات الشركات المتخصصة في نقل الأشخاص والوساطة في النقل    جمهور فنربخشة يطلق صافرات استهجان ضد يوسف النصيري    صادرات المغرب من الحوامض.. إجراءات حكومية جديدة لتعزيز التنافسية في السوق الأوروبية    "أونروا": مئات الآلاف في غزة يعيشون على وجبة واحدة كل يومين أو ثلاثة    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    زوربا اليوناني    الرجاء يحتج على التحكيم في مواجهة اتحاد تواركة ويطالب بفتح تحقيق    أحمد الشرع يلتقي ماكرون في أول زيارة للرئيس السوري إلى أوروبا    وزير العدل الفرنسي: السلطات الجزائرية أطلقت تحذيراً كاذبا بوجود قنبلة على متن طائرة متجهة من فرنسا إلى موريتانيا    المغرب ‬ضمن ‬نادي ‬الدول ‬المنتجة ‬لتقنيات ‬الطيران ‬الحربي ‬المتقدم ‬    الذهب يسجل أعلى مستوى في أسبوعين مدعوما بالطلب على الملاذ الآمن    المعارضة البرلمانية تؤجل إجراءات حجب الثقة عن حكومة أخنوش    الجنون الاستبدادي لقيس سعيّد: رئيس يقوّض أسس الديمقراطية التونسية    لقجع: الطلب العمومي الأخضر محور أساسي في استراتيجية التنمية المستدامة بالمملكة    مايكروسوفت توقف تطبيق الاتصال عبر الإنترنت "سكايب"    بحث وطني جديد لرصد تحولات الأسرة المغربية بعد ثلاثة عقود    اتفاق مغربي-مصري لرفع وتيرة التبادل التجاري وتعزيز الصادرات الصناعية    الرباط تحتضن ملتقىً دولي حول آلة القانون بمشاركة فنانين وأكاديميين من المغرب والعراق ومصر    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    الأميرة للا حسناء تلتقي بباكو السيدة الأولى لجمهورية أذربيجان ورئيسة مؤسسة حيدر علييف    نقابة تعليمية تحشد لعودة التصعيد    هكذا يستغل بنكيران القضايا العادلة لتلميع صورته وإعادة بناء شعبية حزبه المتهالكة    ارتفاع حالات الإصابة بالحصبة في أوروبا خلال شهر مارس الماضي    "الأشبال" يستعدون لتونس بالإسماعيلية    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تزور بباكو ممر الشرف وممر الشهداء    عضة كلب تنهي حياة شاب بعد أسابيع من الإهمال    بطاقة النهائي تُشعل مباراة إنتر وبرشلونة في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كيف تُنقذ حياة شخص من أزمة قلبية؟.. أخصائي يوضّح    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    باريس.. الوجه الآخر    أكاديمية المملكة تحتفي بآلة القانون    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نضال خربوشة مازال يسكن بعض السيدات من بنات هذا الوطن
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 06 - 03 - 2014

هل تذكرون ثرية، أستاذة مادة الاجتماعيات، أستاذة الأناقة والجمال، الحشمة و الدلال، أجل هي عينها، تلك التي كنا ننتظر حصتها بفارغ الصبر لحسن مظهرها و أخلاقها وطريقتها الفريدة في تلقين الدروس، كانت هي بجلدها وعظمها جالسة قربي في قاعة الإنتظار عند طبيب الأسنان، أنيقة كالعادة رغم تقدمها في السن، قد أطفأت شمعتها الخمسين على ما أظن، أخذت أرمقها بنظراتي علها تتعرف إلي، ولكن دون جدوى، بادرتها قائلا « مشي انتي الاستاذة ثرية؟» فأجابت «إيه، كتعرفني» فقلت : «هشام، كنت تلميذك بالاعدادي» وذكرتها ببعض القصص والطرائف التي كانت ترويها لنا و التي لم تكن مدرجة في المقرر الحكومي وعن الخرجات الثقافية التي كانت تنشطها وتنظمها لفائدة التلاميذ والتلميذات على حساب إجازتها ، فقالت «عقلت عليك دابا يا المش، سبحان الله كبرتي « ، وكانت تضع يدها فوق ثغرها لتخفي تلك الفراغات التي تشوه ابتسامتها؛ سألتها ممازحا «بداو كيطيحو ليك السنان» انتفضت لكلماتي و عبست في وجهي» فتداركت الموقف» مدريهاش مني قلت صواب و مديهاش عليا راك عرفاني من نهار كنت و أنا عزيز عليا لمزاح» ردت بنبرة حزينة، «راجلي اللي هرس ليا فمي وزرق ليا وجهي» .
صحيح أنني لم أنتبه للكدمات والرضوض على محياها لكثرة طبقات مساحيق التجميل، بدأت تحكي قصة معاناتها وعذابها قرابة ربع قرن من الزمن مع زوجها بنعيسى، الضرب والتنكيل، الذل والإهانة، الإرهاب النفسي والجسدي، بل وحتى الإستيلاء على الراتب الشهري الذي تكد من أجله، ذلك الراتب الذي يصرف على جلسات الخمر و القمار والليالي الحمراء ، بل الأدهى والأمر أنه في آخر المطاف أخرجها ذات ليلة من بيتها مجردة من ملابسها في عز البرد و ظلمة الليالي غير آبه لتوسلاتها و صراخها ومداخلتها بعشرة السنين و حياة الأولاد ، إلى أن ستر عورتها أحد الجيران واصطحبها إلى مخفر الشرطة، كانت تقطع كلامها بتنهيدات عميقة و بنبرات آسفة.
سألتها، أولم يرتدع بعد إذ شكيته للشرطة، قالت للأسف أسقطت المحضر بتنازلي عن حقي « درت بوجه لولاد وخفت من الشوهة ومن العائلة »، نظرت إليها نظرة استغراب وأنا أقول في نفسي كم هي مسكينة وكريمة المرأة المغربية إبنة أصل رغم معاشرتها لذئاب، سألتها مرة أخرى محاولا أن أجد سببا وجيها لاستمرار زواجها «اش صبرك على هذا الحلوف» ، قالت «وليداتي آ هشام، واش بغيتي بناتي يبقاو بيرات و يقولو والديهم مطلقين» فقلت «اشنو موقف ولادك من هادشي لواقع لك وش ولادك كبار ولا باقي قاصرين خدامين ولا باقي كيقراو؟؟؟» ، أجابت «عندي جوج بنت و ولد وبجوج ف فرنسا كيقراو الهندسة ف les grandes ecoles de paris، وقالولي ديري ليسلكك آ ماما حنا ديك لبلاد ما راجعنش لها وهنا غادي نديرو حياتنا» . هه الأولاد الذين صبرت من أجلهم تخلو عنها ولكنها رغم ذلك لم تتخل عن التفكير في مصلحتهم، يا للعجب !!! ربما سئم الأبناء كثرة الخصام والصلح السريع بعد أن تعودوا على ظلم أبيهم وصبر أمهم و بعد أن صارت» السلخات» من روتنيات ومكملات الحياة لدى هذه الأسرة !
أخبرتها بأنه توجد جمعيات للنساء المعنفات من الممكن أن تتكلف بملفها كاملاً وأخذ حقها تالت ومتلت ، على رأي اخواننا المصرين، أجابت أعلم ولكن.... لم تتمم كلامها إذ طالبتها الممرضة بالدخول إلى قاعة الفحص.
أطرقت أفكاري تأخذني يمنة و يسرة كيف ترضى إمرأة مثقفة بهذه الوضعية المزرية؟ ماذا تركت لنساء البوادي المسلوبات والجاهلات بحقوقهن ؟ انساني ألمها ألمي خرجت من العيادة بعد أن الغيت موعدي وتوجهت إلى بيت أحد المقربين من أستاذتي، حتى أشفي غليلي وفضولي ولأرسم لوحة كاملة لهذه الدراما التي تدعو إلى الإشمئزاز.
طرقت الباب و انتظرت ، فتحت الباب حسناء إبنة أختها والتي كانت زميلتي في الصف وكانت تربطني بها صداقة قوية وطفولة مليئة بالذكريات الجميلة، قالت مندهشة»هشام أهلاً هادي شحال مشفناك اش خبارك واش جابك عند الوليدة» أخبرتها عن لقائي بخالتها وما آلت إليه أمورها ، ردت في حسرة «شفتي اخويا هشام راه مكاينش لي كيطلع دل على لمرة قد لمرة ، راه من نهار دات ديك الوحش و هي كتاكل فالعصا، العائلة بغات دير لها شان ودير ليه الحد ساعة هي كل مرة كيجي يدوخ عليها وتسمح ليه» سألت»ومنين هو داك لكنس و فين كابر واش كيدير» ، ردت « هداك من بلاد الحكارة و النكارة بلاد ل ماعندو دين ولا ملة، حل عينيه فمو كتاكل لعصا وكيتهرس ليها نيف وكتقول أمين وكتبغي لدار لها يدار لبنات المومنين ، جايب دكتوراه من فرنسا كان مدير على مؤسسة ديال دولة ومن بعد ما سلخ خت شي مسؤول كانت خدامة معاه degradaweh وعفاوه من المسؤولية، ولولا خالتي لهبيلة ومعارفها كون راه فعكاشة وكون راها زاهية فهاد دنيا، إو اش غادي نقلك راه المأساة وخلاص ماعرفناه كي غادي تخرج لها هاد العاقبة»
إيه يا دنيا ، الاستاذة ثرية التي كانت تنير القسم وتنورنا بأفكارها التحررية و ميولاتها الثورية، كانت تحكي لنا عن الزعيم شي غيفارة وعن مناهضة مانديلا لسياسة الأبرتايد وعن المهدي بن بركة وقبره المجهول وعن الشيخة حويدة الغياثية المعروفة بخربوشة، الشاعرة والمغنية الشعبية أميرة العيطة العبدية، و التي سطرت أسمى معالم الصمود والشموخ للمرأة المغربية التي جعلت من صوتها وشعرها منبرا إعلاميا تشحذ به كبرياءها و تصدع به فاضحة من نكل بها وبقبيلتها ، تصدت بكل عنفوان لطغيان واستبداد أحد «قياد» ما يسمى بعهد «السيبة»عهد القهرة والظلام.
خربوشة التي وُئدت ليخمد صوتها فذاع صيتها، خربوشة التي مازالت روح نضالها تسكن بعض السيدات من بنات هذا الوطن، بنات كانت تنتمي إليهن أستاذتي ثرية و انسلخت عنهن و لست أدري لماذا ، أستاذتي التي كانت تعبق روحها بنفحات ابطال التاريخ و زعمائه، لكنها اختارت أن تكون خانعة مسلوبة الارادة بدل أن تنتفض على ظلم وجبروت زوجها الحلوف.
ركبت سيارتي وشغلت رائعة خربوشة وانشدت: « واخا فيك اليام، اليام اليام، ايام القهرة والظلام وافينك يا عويسة، فين شان والمرشان ، شحال غيرتي من العباد شحال صفيتي من السياد بلا سبا بلا تخمام ويلي يا ايلي ، حرقتي الغلة وسبيتي لكسيبة وسقتي الناس كي الانعام ويتمتي الصبيان بالعرام
كشيخ كي العبد كي المقدم وفينك يا عويسة، فين الشان والمرشان
تعديتي وخسرتي الخواطر ظنيتي القيادة للدوام الجيد ما بقالو شان
والرعواني زيدتيه القدام سير آ عيسى بن عمريا وكال الجيفة، يا قاتل خوتو يا محلل لحرام ويلي يا ايلي».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.