دراسة: تلوث الهواء قد يضر ببصر الأطفال    جولة حوار جديدة تجمع النقابات التعليمية مع مسؤولي وزارة التربية اليوم الأربعاء    أخنوش يبرز المبادرات الملكية بنيويورك    الملك محمد السادس يعطي اليوم الأربعاء انطلاقة مشروع القطار الجهوي السريع بالدار البيضاء            بنك المغرب يطلب من الحكومة الإسراع بترخيص العملات المشفرة    أخنوش: "المغرب الرقمي 2030" استراتيجية تراهن على استثمار الفرص الاقتصادية الواعدة    "أسطول الصمود" يتعرض لهجوم    خامنئي: إيران "لن تستسلم للضغوط" للتخلي عن تخصيب اليورانيوم    سفيرة المغرب في فرنسا سميرة سيطايل بالكوفية الفلسطينية وفي بيت سفيرة فلسطين في باريس.. بعد اعتراف الرئيس الفرنسي بدولة فلسطين    مطار برلين يشهد اضطرابات مستمرة    المغرب يجدد أمام الأمم المتحدة دعمه لحل الدولتين في الشرق الأوسط    في الذكرى ال95 لليوم الوطني.. السفير السعودي بالرباط يؤكد عمق الشراكة مع المغرب ويعلن عن منتدى استثماري مشترك    أخنوش: إفريقيا في صلب المبادرات الدولية الكبرى لجلالة الملك        الدفاع الجديدي يعلن رسميا استقبال الرجاء بملعب الزمامرة    بعد الاجتماع مع لفتيت.. فيدرالية اليسار: لا انتخابات نزيهة دون إصلاح سياسي وانتخابي شامل    منظمتان تنتقدان تأخر تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية        فيديو خطير بمراكش.. الأمن يطيح بمسلحين ويطارد ثالثاً    أخنوش بنيويورك: المملكة قطعت أشواطا مهمة في مجال الانتقال الطاقي بالمراهنة على الطاقات المتجددة    متقاعدون مغاربة يعلنون وقفة احتجاجية أمام البرلمان للمطالبة بتحسين أوضاعهم    دراسة: غثيان الحمل الشديد يرفع خطر الإصابة بأمراض نفسية        شركة Fifa Vert تفوز بصفقة إعادة تهيئة بارك محمد الخامس بالجديدة بقيمة تتجاوز 1.6 مليار سنتيم    جماعة أولاد حمدان : المصادقة على تحويل الاعتمادات المالية التي كانت مخصصة كمساهمة في مشروع بناء ثانوية تأهيلية.    33 قتيلا و 3058 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع الماضي    ترامب يسخر من الأمم المتحدة: كل ما تقوم به هو صياغة رسائل شديدة اللهجة لكنها مجرد كلمات فارغة        الرابطة الفرنسية تحتسب هدف مارسيليا ضد سان جيرمان لماركينيوس وتحرم أكرد من ثاني أهدافه    بورصة البيضاء تغلق على الانخفاض    صدور كتاب هاجسُ التحديثِ في الأدب: دراسةٌ في النُّصوصِ الأدبيَّة لعبد الله العروي            رئيس البارصا: والد يامال متحمس جدا                منتدى أصيلة الثقافي يتوج الشاعرة الإيفوارية تانيلا بوني بجائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الإفريقي    وفاة المصور الصحفي مصطفى حبيس بالرباط    هل ظُلم أشرف حكيمي في سباق الكرة الذهبية؟    نجل فضل شاكر يكشف عن أغنية جديدة مع سعد لمجرد    المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    سهرة فنية كبرى بمراكش تجمع سعيد الصنهاجي ويوسف كسو    للمرة الثانية على التوالي.. تتويج أيوب الكعبي بجائزة أفضل لاعب أجنبي في الدوري اليوناني    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية                حمزة عقاري ينال شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جداً بكلية الحقوق بالجديدة    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«سَاق البَامبُو» أو مرايَا الهويّة المَشرُوخَة !

صدرَت الطّبعة الأُولى من رِواية «ساق البامبو» للأديب الكويتي سعود السنعوسي عام 2012، عن الدار العربيّة للعلُوم ناشرون في بيروت(تقع في 396 صفحة من الحجم المتوسط)، ولم يأتِ فوزُهَا بالجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» لعام 2013 من فراغ، فهذِه الرواية تتوَفّرُ على مُعظمِ مُقوّمات النّجاح والتألّق والتأثير في قارئِها؛ الذي يشعُر بأنّه أمامَ نَصٍّ مُغاير ومختلِف عن النصُوص الروائية السائِدة والمألُوفة التي لا تضيفُ شيئاً إلى مُخيّلة وثقافةِ المُتلقّي.
في اللّمحة الأُولى من الرواية، يُوهم السنعوسي القارئ أنّها(ساق البامبو) مترجَمة عن اللغة الفلبّينية، فيضعُ في مقدمتها استهلالَ المترجِم وتوضيحاته بأنّه ينقُل العملَ كمَا جاءَ من كاتبهِ، ويخاتلُ قارئهُ أيضاً زاعماً أنّ صاحبَ العمل هو خوزيه ميندوزا، البطل الرئيس على طول الرواية، لكنّها ليست أكثر من حيلةٍ لتوريط القارئ، وربما لمآرب أخرى في نفسِ السنعوسي .
 تتحدّثُ الرواية عن مُشكلة العاملين والعاملات الوافدين إلى الكويت، والمشاكل التي يواجهُونَها، والتي يخلّفونها أيضاً في بلادهم الأصليّة، وبطل الرواية عيسى أو"خوزيه"، هو طفل حملت به أمّه جوزافين الخادمة الفلبينية، سفاحا،ً من مستخدمها الكويتي راشد عيسى الطاروف، لكنّه كتبَ عليها عقد زواج عرفي بعد أن ظهرَ حملُهَا، وسط معارضةِ والدته خوفاً من العادات الاجتماعية والمكانة الطبقيّة للعائلة، ليقُوم بإرجاعها(جوزافين) إلى بلادها بعد أن أنجبت طفلهما عام 1988، ثمّ ألحقها ورقة الطلاق بعد ذلك، إلاّ أنّهُ دأب على بعث مبالغ نقديّة لها، إلى أن اختفت آثارُه أثنَاء احتلال العراق للكويت، ليظهرَ جثمانُه لاحقاً في مقبرةٍ جماعيّة قُربَ كربلاء في العراق، وليعيش" خوزيه" في كنفِ والدته عندَ جدّه لأمّه الذي كان مدمنَ كُحولٍ ومقامراً أصيلاً، كما أنّه يهوى صراعَ الديكة. وبعد حياة عسيرة وفقرٍ وحرمان، بالإضافة إلى زواجِ والدته ثانيةً من بحّار فلبينيّ، يعودُ خوزيه/عيسى إلى الكويت بمُساعدةٍ من غسّان صديق والده، وهو أحد شُهود عقد زواجِ والديه، لكن جدّته لأبيه غنيمة وهي أمّ لثلاث بنات، والتي كانت تحلُم بأن يكُونَ لها حفيدٌ من ابنها الوحيد راشد يحملُ اسم العائلة، لم تتقبّلهُ، خوفاً من العادات التي قد تكونُ سبباً في عدم زواج بناتِهَا، لو انكشف أمرُ حفيدِها ابن راشد من الخادمة الفلبينيّة جوزافين، في حين تباينَت مواقِفُ عمّاته، فعواطف قبلته وأشفقَت عليه، بينمَا رفضتهُ نورية بعنفٍ خوفاً من أن يكون سبباً في طلاقِها لو عرفَ زوجها بأمرِه، بينماَ قبلته عمّتُه هند ولو على مضَض، إلاّ أنّ التي أحبّتهُ بشكلٍ صادق هي خولة، أختهُ من زوجة أبيه الثانية، التي تركت طفلتَها برعايةِ جدّتها لأبيها وتزوّجت من آخر، بعد مصرَعِ راشِد. تتلاحقُ أحداث الرواية فيُدرِكُ (خوزيه /عيسى) أنّ حياتَهُ في الكويت تلفظُه لأنّ عائلته عالقةٌ في حياةٍ أُخرى عجزَ عن تفسيرِ تناقُضاتِها اتجاهه بكلّ ما أُوتي من عقلٍ وضمِير، ليقرّر أن يعُود إلى الفلبين للزواجِ من ابنة خالته(ميرلا) الفاتِنة، والتي أحبّهَا وخافَ عليهَا من الضياعِ مثله.
في ختام الرواية، يرسُم (المؤلف) مشهداً مُؤثّراً :(خوزيه /عيسى) في منزله الفلبيني مع زوجته (ميرلا) وابنه الصغير راشد، أثناءَ متابعتهِ لمباراة تصفيات كأس العالم 0201، بين كلّ من منتخبي الفلبّين والكويت، وأمام تداعيات ملتبسَة حيال مشاعِره بين الفريقين يردّد مع كلّ فريقٍ نشيدهُ الوطنيّ، لينسحبَ بعد ذلك من مشاهدةِ المُباراة أثناءَ تعادُلِ الفريقين، وقبل نهايتهَا، مُحدّقاً في أسارير طفلهِ (راشد) ذات الملامح العربية السمراء التي تُشبِه ملامح وجوه (آل الطاروف) خاصّةً وجه(راشد عيسى الطاروف)؛ تلكَ الملامح التي خذلت(خوزيه/عيسى) وجعلتهُ منبوذاً من قِبَلِ عائلة (الطاروف).
إنّ الرواية قد قاربت موضُوعاً إنسانياً بالغ الجرأة والحساسية، إذ جعلت من إشكالية (الآخر) في المجتمع الكويتي فضاءً لأحداثِها، وقدّمت من خلالِها تجربةً فنيّة عميقة الدّلالة في الكشفِ عن الأنماط القبليّة التي تحكُم العقل الجمعي حيال قبُول الآخر، عبر فضحِ ما يختزِنُه ذلك المُجتمع من تناقضات، وإشكالات تضَعُه مباشرةً أمام أحد أهمّ القضايَا الأخلاقية المُتّصِلة بحقُوق الإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.