الخلفي: "مبادرة 2007" تضم ثغرات للانفصال.. الزويتن: المقاربة الملكية تشاركية    مجلس الأمن يعتمد قرارا أميركيا يدعم خطة ترامب للسلام في غزة    نبيل باها: المنتخب أكثر مناعة وجاهز لتجاوز المالي في ثمن النهائي    مطارات المملكة تتزين بألوان كأس أمم إفريقيا 2025    الارتقاء بالهيكلة التنظيمية لمطار الرباط-سلا من مفوضية خاصة إلى منطقة أمنية    السكوري: البطالة في تراجع .. وبرنامج التدرج المهني يدمج شباب العالم القروي    الناظور.. اعتقال شخص وحجز خمس كيلوغرامات من مخدر الهيروين و900 غراما من الكوكايين    برمجة 5 ملايين هكتار للزراعات الخريفية    الحسيمة.. غرفة الجنايات تدين 6 قاصرين على خلفية أحداث إمزورن    جنوب إفريقيا تحقق في ملابسات وصول "غامض" ل 153 فلسطينيا وتحذر من أجندة لتطهير غزة    عودة كابوس الخطف بنيجيريا .. 25 تلميذة في قبضة مسلحين    دار الشعر بمراكش .. الموسم التاسع لورشات الكتابة الشعرية للأطفال واليافعين    بوانو يجدد مطالبته في البرلمان بإحداث لجنة لتقصي الحقائق حول صفقات الأدوية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء سلبي    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    بعد إدانتهم ابتدائيا.. استئنافية الرباط تؤجل محاكمة 13 مناهضا للتطبيع وسط مطالب بتبرئتهم    سجلماسة.. مدينة ذهبية تعود إلى الواجهة رغم لغز أطلالها الصحراوية    الهيئة المغربية لسوق الرساميل تعيد هيكلة مجلسها التأديبي    مرصد يطالب بفتح تحقيق في زيادات مفاجئة طالت أسعار أدوية أساسية    سباق جهوي في رياضة الدراجات الهوائية بجرسيف    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الموقع الهولندي المتخصص "فوتبولزون": المغرب "يهيمن" على القوائم النهائية للمرشحين ل"جوائز كاف 2025″    الجيش الملكي يعلن استقبال الأهلي المصري بملعب مولاي الحسن    انعقاد مجلس للحكومة الخميس المقبل    التنقل النظيف.. تعبئة أزيد من 78 مليار درهم بالمغرب في أفق 2029    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يقدم تجارب سينمائية آسرة لجميع أفراد العائلة    إعلام عبري: شركة إسرائيلية تفتح مصنعا لإنتاج الطائرات الانتحارية المسيرة في المغرب    بنكيران يتقدم باعتذار لمدينة بركان    "الماط" ينفرد بالصدارة على حساب رجاء بني ملال وشباب المحمدية يواصل نزيف النقاط    خبير: قدرة المغرب على التوازن الاقتصادي تكمن بإدارة الأزمات وسرعة الاستجابة للصدمات الخارجية    عائشة البصري تكتب: القرار 2797 يعيد رسم معالم نزاع الصحراء.. وتأخر نشره يزيد الغموض المحيط بصياغته    انعقاد ‬الدورة ‬العادية ‬الثالثة ‬للمجلس ‬الوطني ‬لحزب ‬الاستقلال    دعم الحبوب… "أرباب المخابز": تصريحات لقجع "غير دقيقة ومجانبة للصواب"    قطاع الفلاحة يتصدر جلسة مسائلة الحكومة بمجلس النواب ب13 سؤالاً    حقوقيو تيزنيت يطالبون بالتحقيق في تسمم 25 تلميذا بداخلية ثانوية الرسموكي    استغلال جنسي لشابة في وضعية إعاقة نتج عنه حمل .. هيئة تطالب بفتح تحقيق مستعجل وإرساء منظومة حماية    قضاء بنغلادش يحكم بالإعدام على رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة    انهيار أرضي يحطم حافلة ويخلف قتلى في فيتنام    الأعياد ‬المجيدة ‬تنبعث ‬في ‬الصيغة ‬الجديدة    أكادير تحتضن المعرض الدولي للتصوير الفوتوغرافي    الإذاعة والتلفزة تُقرّب الجيل الصاعد من كواليس عملها في التغطية الإخبارية للأحداث الكبرى    تصفيات مونديال 2026.. الكونغو الديموقراطية تعبر إلى الملحق العالمي بعد التفوق على نيجيريا بركلات الترجيح (4-3)    إرسموكن : "بصحة جيدة وقميص جديد"… أملال إرسموكن لكرة القدم يُطلق موسمه ببادرة مزدوجة    الطالبي العلمي يترأس الوفد البرلماني في أشغال المؤتمر 47 والدورة 84 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي    "جمهورية نفيديا".. سباق التسلّح التكنولوجي يبدّد وهم السيادة الرقمية    تشكيلنا المغربي..    التواصل في الفضاء العمومي    العرب في معرض فرانكفورت    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باحثون جامعيون يلتئمون في ندوة فلسفية بخنيفرة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 19 - 12 - 2019

«الأخلاقيات البيولوجية»في علاقتها بالأبحاث الطبية وحقوق الإنسان
تخليدا لليوم العالمي للفلسفة، اختار فرع خنيفرة ل «الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة»، التنسيق مع مسلك الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الانسانية بمكناس، لتشخيص ومناقشة «الأخلاقيات البيولوجية وقضايا الإيتيقا المطبقة»، في إطار مواكبة النقاش العمومي في الموضوع، ومدى التزام الدول بروح «الإعلان العالمي لأخلاقيات البيولوجيا وحقوق الإنسان» الذي اعتمدته الدول الأعضاء في اليونسكو سنة 2005، بعدما ظلت الأصوات تتعالى للتحذير من مخاطر الأبحاث والتجارب الطبية البيولوجية على الانسان.
الموضوع تمت مناقشته في الندوة التي جرى تنظيمها، مساء السبت 14 دجنبر 2019، في ضيافة مقر مؤسسة الأعمال الاجتماعية للتعليم بخنيفرة، بمشاركة باحثين جامعيين، د. عزيز قميشو، د. محمد أبوحفص، د. مروان الحمداني ود. محمد لشقر، وتميزت بحضور لافت ومتنوع من فاعلين جمعويين ومهتمين بالقضايا الفكرية والفلسفية، بالنظر للتطور المتسارع على مستوى العلم والتكنولوجيا والطب والهندسة الوراثية، وأيضا لظهور تخصصات مثيرة للنقاش والجدل حول علاقة العلوم الطبية بالقيم الانسانية والاخلاقية.
من جهته، انطلق د. محمد أبوحفص من تفكيك مفهوم البيوإيتيقا، كفكر أخلاقي حديث النشأة، في ربطه بما يتعلق بصناعة الطب والصحة والتكنولوجيا، وما يترتب عنه من علاقات وتأثيرات أخلاقية جانبية، كما تطرق المتدخل للتطور الهائل الذي عرفته العلوم وموقع الإنسان فيه «بعدما أصبح في مواجهة إفرازات للإشكاليات مرتبطة مثلا بالإجهاض وزرع الاعضاء، والتجارب الممارسة على هذا الانسان دون علمه».
وفي ذات السياق أكد د. أبوحفص أن «الفكر الأخلاقي الذي ظهر في العقود الأخيرة طرح إشكالا قائما لدى الباحثين بخصوص المراحل التي قطعها، وهل فعلا هو فكر حديث النشأة أم هو فكر قديم بمصطلح حديث وأخلاقيات جديدة؟»، سيما أن «الجذور الأخلاقية المستفيدة من الكانطية والفلسفة الحقوقية والوجودية لها ما يثبت تاريخها»، مبرزا ما للفكر البيوإيتيقي، في شقه الأخلاقي، من طرح يراعي كرامة الانسان، وبينما ذكر بالقسم الأخلاقي لأبيقراط كتعاقد بين الطبيب والمريض، انتقل بمقاربة تاريخية إلى التساؤل حول معنى عدم اهتمام الباحثين في تاريخ البيوإيتيقا بمساهمات المفكرين والفلاسفة المسلمين في الفكر الأخلاقي والنهضة العلمية والطبية.
أما د. محمد لشقر فافتتح مداخلته بسؤال الإيتيقا والبحث في سبل العيش المشترك باعتبارها المشَكِّلة للإنسانية المتعددة، وكيف لم يتم «البحث في تأخر الفلسفة في تناول المشكلات الأكثر عرضة للتساؤل؟»، و»كيف انشغل الفلاسفة بسؤال اللغة والسياسة دون الانتباه للجانب العلمي؟»، مع بعض الاستثناءات، ليذكر بالفلاسفة الذين استخدموا لفظ الإيتيقا والبيوإيتيقا، عندما تقدمت علوم الطب والبيولوجيا ولاحظ بعضهم تأخر القيم الأخلاقية والانسانية، دون أن يفوت المتدخل وضع مفهوم الإيتيقا تحت مجهر فلسفي واسع بالنظر لتفرعه على مجالات وتخصصات معرفية متعددة، ونمو الاهتمام العالمي بمشاكله الأخلاقية والقانونية في ميادين الطب والبيولوجيا والصحة.
وبعد انتقائه لما شرحه بعض الفلاسفة بحفظ بقاء الانسان والحياة، بحسب ما كان يرمي إليه واضع اللفظ، ونتائج ذلك في «حقوق المريض وصورة الطبيب المعالج النافع لمريضه»، انتقل المتدخل د. لشقر إلى تشخيص علاقة الدين بالأخلاق لدى الفلاسفة القدامى وفلاسفة العصر الحديث، والمبادئ الكانطية من خلال الواجب الأخلاقي، واصفا الإيتيقا ب «قطع غيار لمجالات متعددة، وبتجليات واقعية مصلحية قائمة على مبدأ توافقات».
وصلة بورقته، تطرق د. لشقر لشركات الأدوية الصيدلانية التي «تراهن على صناعة الأدوية الخاصة بالأمراض المنتشرة دونما اهتمام بالأمراض النادرة التي تبقى خارج الصناعات النفعية، ومبعدة عن التطورات التي تعرفها صناعة الأدوية»، في حين تناول مواضيع أخرى من قبيل الاخصاب الاصطناعي وأطفال الأنابيب، في ربطها بمفاهيم الأب والابن والأسرة والتبني والنظام الاجتماعي، وبمجادلات المعايير الدينية والعلمية، كما عرج بورقته على مفهوم الكرامة الانسانية من منظور الإيتيقا، وسؤال مدى «تمكن مجتمعنا على عيش ما يعيشه العالم أمام منعطف تحالف علوم الحياة بالقيم الأخلاقية»، و»كيف يمكن لكل واحد منا التفكير بمفرده خارج الآراء المتضاربة حولنا؟».
وبدوره، انطلق د. مروان الحمداني من نقطة المقاربة المنهجية الجديدة للتعريف بالأخلاق ولا تجعل الفلسفة مركزا، ومن سؤال معنى الإيتيقا المطبقة؟، وتجاوز دلالية القيم والتجديد المنهجي في الأخلاق؟، وكيف يمكن تدريس الموضوع بما يروم إذكاء وعي العامة بأخلاقيات البيولوجيا؟، كما تمكن المتدخل، من زاويته، من تحليل الحدود الأخلاقية، ومفاهيمها على مستوى العالم، ووضعياتها عبر المقاربات المطروحة، وما تمخضت عنه الثورة الاخلاقية في علاقة العقل بالطبيعة، حيث اختار قراءة ذلك على ضوء فلسفة جون ديوي، والتطور العلمي في الحياة والواقع الانساني، وأثر العقل والعلم فيهما.
وارتباطا بذات الموضوع، طرح المتدخل د. الحمداني سؤال: «كيف يمكن للفكرة أن تخلق المدينة وللمدينة أن تخلق قيما؟»، منطلقا في ذلك من رؤية الفيلسوف ديوي لعلاقة الفكرة بالقيم، ومن الاختيارات الإنسية للقيم في فلسفة هذا المفكر، حيث استنتج ما يؤكد «إمكانية تعريف وضعيتنا الأخلاقية في عناصر مجددة؟ وسبل الخروج منها؟ ومدى محض الفردية فيها؟».
ومن جهته، افتتح د. عزيز قميشو مشاركته في الندوة ب «الكيمياء التي انتجت البنسلين، ونجاح أحد الاطباء في صنع الدواء بعد تجريبه على بعض الجنود الأمريكيين»، بمعنى أنه بقدر ما ساهم الدواء في إنقاذ البشرية أثار ما يكفي من الجدل الأخلاقي بخصوص التجارب الممارسة على البشر»، الأمر الذي ظل مخفيا إلى ما بعد حوال أربعة عقود، عندما عرته إحدى الصحف الأمريكية، أوائل السبعينيات من القرن الماضي، معتبرة إياه انتهاكا جسيما لحقوق الانسان، واضطر حينها الرئيس بيل كلينتون إلى الخروج بخطاب يعتذر فيه للشعب الأمريكي ولأسر الجنود الأمريكيين الذين مورست في حقهم التجارب الطبية بعدما أضحت المعايير الأخلاقية أمراً ضرورياً أكثر من أي وقت مضى.
من هذا المنطق قرأ المتدخل د. قميشو في الحدث ما جعل الأطباء يتيهون في إشكالية العلم «التي بقدر ما تنطوي على المسائل الايجابية تنطوي على كوارث انسانية»، ليذكر بتقرير ينص على تنظيم وتقنين التجارب الطبية الممارسة على الإنسان، والذي أعقبه»الإعلان العالمي لأخلاقيات البيولوجيا وحقوق الانسان»، ويتناول القضايا الأخلاقية التي يفرضها الطب وعلوم الحياة المتعلقة بها والمطبقة على البشر، مع الأخذ في الاعتبار بعدها الاجتماعي والقانوني.
وعلى هذا المستوى، قام المتدخل د. قميشو بتلاوة وتفسير بنود الإعلان العالمي المذكور، والداعية إلى تعزيز واحترام الكرامة والحقوق الانسانية وحياة البشر، الاستقلالية والمسؤولية الفردية، ورفض اجراء أي عمل طبي الا بموافقة الشخص المعني بالأمر، من باب حماية السلامة العامة وحماية حقوق وحريات الآخرين، مع عدم نشر أي بحث علمي إلا باحترام المقتضيات والمواثيق المتعارف عليها، في حين حاول المتدخل تحليل علاقة التطور العلمي بعلوم الحياة وحقوق الانسان وكيف للفلسفة «العمل على توجيه ما وصل إليه هذا التطور في علاقته بالكرامة الانسانية»، حتى يمكن للعلم مراعاة حقوق الجنس البشري مادام مرتبطا بالوجود الانساني على ظهر الكرة الأرضية.
وقبل إسدال الستار على أشغال الندوة الفلسفية، فُتح باب النقاش أمام الحضور الذي سجل جملة من الرؤى والأفكار والانتقادات، إلى جانب مجموعة من التساؤلات التي لا تقل عن: علاقة الأخلاق الانسانية بالأخلاق الطبية؟ كيف يمكن الاقتناع بالحاجة إلى العمل التقنيني في مجال أخلاقيات البيولوجيا؟ هل يمكن للعلم صنع الخلود للإنسان؟ هل يمكن الحديث عن الإيتيقا بصيغة المفرد؟ لماذا يتم ربط الخطاب الأخلاقي بالخلفية الدينية دائما؟ ما علاقة الأخلاق الكانطية بالبرغماتية؟ إلى غيرها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.