أمينة بنخضرة: المغرب يؤكد التزامه بدور ريادي في تنمية إفريقيا    تقرير: "تشظي المؤسسات" يعرقل تدبير الأزمات المائية في المغرب    قضيتنا الوطنية.. حين يشيخ الخطاب وتتمرد المرحلة    ولد الرشيد يروج للنموذج التنموي    نقابات ترفض التوقيع مع "الداخلية" وسط انتقادات ل"تغييب الأكثر تمثيلية"    الجرف الأصفر : شركة 'كوبكو' تدشن أول وحدة صناعية لمواد بطاريات الليثيوم–أيون بطاقة إنتاجية تبلغ 40.000 طن    إدانة رابطة مغربية لتأخير رحلة Ryanair بمطار الرباط    الاحتيال يهدد زبائن تأجير السيارات    "القرض العقاري والسياحي" يعزز القدرات التمويلية بزيادة رأس المال    مونديال الأندية: إنتر يقصي ريفر بلايت ويتجنب مواجهة دورتموند    مغاربة العالم يعقدون ندوة حوارية بباريس حول الورش الملكي الخاص بالجالية    "الحسنية" تأذن بسفر المدرب الجديد    "لبؤات U17" يفزن على النرويجيات    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    حريق غابوي يندلع بغابة "ثندا إفران" بإقليم الحسيمة واستنفار للسيطرة عليه    كيوسك الخميس | المغرب يدخل عصر البطاريات الخضراء باستثمار 20 مليار درهم    دراسة مغربية تعدد صعوبات تنفيذ الأحكام القضائية في التعرضات العقارية    معرض يستحضر الأندلس في مرتيل    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلومينينسي يعبر إلى ثمن النهائي عقب تعادل سلبي أمام صنداونز    سوق الكوكايين العالمية تحطم أرقاما قياسية    تثبيت كسوة الكعبة الجديدة على الجهات الأربع مع مطلع العام الهجري    ما علاقة الإعلام بتجويد النقاش العمومي؟    حريق يُخلّف إصابتين في حي بوحوت بطنجة    تعيين عالمة الأحياء المغربية جنان الزواقي عضوا في الأكاديمية الإيبيرو-أمريكية للصيدلة    وفاة شاب إثر سقوط من سطح منزل بطنجة    طنجة: وفاة الأربعيني الذي أضرم النار في جسده بشارع أهلا متأثرا بحروقه البليغة    موجة حر غير مسبوقة تضرب المغرب لستة أيام متتالية.. الأرصاد الجوية تحذر وتعلن مستوى يقظة برتقالي    بنك المغرب: ارتفاع الديون المتعثرة ب4,5 في المائة    أولمبيك الدشيرة يحرز لقب أول نسخة من كأس التميز    وزارة الصحة الإيرانية تعلن مقتل 627 شخصا في الهجمات الإسرائيلية    الداخلية تشرع في إعداد لوائح المجندين الجدد تنفيذا للتعليمات الملكية    موازين.. الفناير تراهن على التراث والتجديد لمواجهة ضغوط السوشيال ميديا    نزاع حول حقوق هولوغرام عبد الحليم حافظ يشعل مواجهة قانونية بين XtendVision ومهرجان موازين    لجنة مركزية من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تحل بشفشاون لمواكبة التلقيح ضد الحصبة    أول مصنع من نوعه خارج القارة الآسيوية .. المغرب يدخل عصر البطاريات الخضراء باستثمار 20 مليار درهم    بعد وفاة مؤسسه بنعيسى... موسم أصيلة الثقافي الدولي يواصل مسيرته بصيغة صيفية حافلة بالفنون    إيران تؤكد أن منشآتها النووية "تضررت بشدة" جراء الهجمات الأميركية    انطلاق أول عملية توريق للديون المتعثرة وأخرى قيد الإعداد    السياحة المغربية تحقق أداء قويا في 2025 بارتفاع العائدات وعدد السياح    ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 56 ألفا و156 منذ بدء الحرب    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة        مع استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران جيش الاحتلال يواصل استهداف غزة واتصالات لوقف الحرب وسط وعود جديدة لترامب    كأس العالم للأندية.. طاقم تحكيم كندي بقيادة درو فيشر يدير مباراة العين الإماراتي والوداد الرياضي    بنكراد: معظم المحتجين في 20 فبراير بمجرد ما عرضت عليهم المناصب ذهبوا لها وانفضوا    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    مقتل 6 من جنود اسرائيليين في قطاع غزة    أكاديمية المملكة تنظم تظاهرة دولية    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلامنجو البرازيلي يتعادل مع لوس أنجلوس الأمريكي (1-1)    مجموعة بريكس تدعو إلى "كسر حلقة العنف" في الشرق الأوسط    مؤسسة أحمد الوكيلي تطمح إلى إخراج "الآلة" من النخبوية الموسيقية    بعد غياب طويل.. عودة الإعلامية لمياء بحرالدين للساحة الإعلامية بشكل جديد    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشجرة تترنح
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 21 - 02 - 2020

(هل أنت هنا؟) وهو يكتب الجملة، سمعها آتية من المطبخ. توقف عن الكتابة مندهشا وأسرع الى زوجته في المطبخ:
هل قلت شيئا حبيبتي؟
نعم سلت إن كنتَ هنا.
بالطبع أنا هنا. أين أكون؟
-ظننت أنك قد تكون خرجتَ.
ورجع الى المكتب، وتابع الكتابة:
(هل أنت هنا؟ -لا لست هنا. أنا هناك -عفوا. حسبتك هنا….)
كان ينقل إلى الورق ما يعيشه في الواقع، مع بعض التغييرات الضرورية للبناء الفني. اكتشف مع الوقت أنه يحلم وهو يكتب. يغير في واقعه بما يجعله أجمل…أحلى..أو حتى أسوأ، لأنه قد حلم بالأسوأ أحيانا، ولأن واقعه قد يحلو بالأسوأ أحيانا.
(الشجرة تترنح) أية شجرة هذه التي تترنح؟ من هناك؟
أسرع إلى المطبخ:
هل قلتِ شيئا حبيبتي؟
لا، لم أقل شيئا.
خيل لي أنني أسمع صوتا. الجيران ربما.
ورجع إلى المكتب، فسمع مرة أخرى: (الشجرة تترنح)
عليه أن يُدخل هذا الصوتَ في القصة التي يكتبها ليُخمده. يضعه في آخر القصة؟ سيبدو طافيا على السطح كإصبع زائدة. ينبغي أن يجعله في أول القصة. وربما خلالها أيضا. على هذه الشجرة أن تتحرك قبل أن تترنح. عليها أن تصادق كل أشخاص القصة. أن تتجاوب معهم، وتصبح جزءا من هويتهم. هل يجعلها تترنح؟ ولماذا تترنح؟ لأنها في مهب الريح؟ تتمايل إذن. في الترنح نوع من التداعي. المترنح آيل الى السقوط. في مهب العاصفة؟ ربما. أو تحت فأس الحطاب؟ ربما. ربما زلزال؟ ربما. ولكنها تترنح على أية حال. هل قلتُ إنها إحدى شخصيات القصة؟ كلا. لابد أن تكون هي الشخصية الرئيسية.
(الشجرة تترنح). تتبعتُ الصوت حتى مصدره في الخارج. وجدت على الرصيف شجرة غريبة…هي صفصافة، ولكنها ليست طويلة نحيلة مجردة كالصفصاف الأخضر، بل واسعة متشعبة الأغصان. وأوراقها بلونين: ظهر أخضر داكن الخضرة وبطن أبيض. لكنها ساكنة. لا ريح تحرك أوراقها ولا صوت يصدر عنها. قلت لها: هل أنت التي تترنحين؟ لم تجبني. جلست على إفريز دكان أمامها وأخذت أحدثها: هل تعرفين؟ كانت لي، وأنا طفل، شجرة مثلك. أعني مثلك شجرة، لكنها ليست من نوعك.
كانت شجرة بلوط. كنت إذهب إليها حين أكون وحيدا، وأحادثها مثلما أحادثك الآن. هل تعرفين؟ كان لها أطفال صغار جدا. ولهم طرابيش. كانوا يتساقطون من أغصانها في حجري ويلعبون معي. كنت أسميها (الكريشة). وكانت تبتسم لي وتحدثني عن الآفاق البعيدة التي تنظر إليها من فوقي… وعن الغيوم والرياح.. وعن الشمس والبيت الذي تدخله وتنام فيه حين تغيب. كانت شجرة حكيمة ومرحة معي. لم أكن أعتبرها أما أو جدة أو زوجة أب. كنت أعتبرها صديقتي. وحين أمضغ ورقة من أوراقها، وأنا شارد أحلم ببيت الشمس، لم أكن أشعر بأطراف الورقة الشائكة ولا بمرارة طعمها.. كأني كنت أمضغ الغيوم والرياح، وآكل مع الشمس عشاءها. كنت أجلس في ظل الكريشة المطرز بالشمس، عرضة لنسيمها الغربي المنعش… وأجدني فجاة، وأنا في حضن الكريشة، داخل حلم لا ينتهي.
رفعت رأسي وانتبهت لما حولي، فوجدت الصفصافة بجانبي، منحنية علي، كأنها تسمع حكايتي. ابتسمت لها، وأخذت ورقة من أوراقها، وبدأت أمضغها وأنا شارد أحلم:
رأيتُني تلميذا في القسم، مع عدد من التلاميذ الأشجار. وكانت معلمتنا غيمة، وتدرسنا النحو. تقول لنا( ضرب زيد عمْرا) فنقول جميعا: (باس زيد هندا). تضحك الغيمة وتنفجر رذاذا يغمرنا. ننفض أوراقنا الخضراء ونمشطها ونحن نقول: ( باست هند زيدا) فتضحك الأستاذة الغيمة وتنفجر» كراميل».
نتقاسم الكراميل، ونعطي منه لزيد ولهند. ونرسل بالإشارات قبلا طائرة لمعلمتنا العليا.
(الشجرة تترنح). سمعت الصوت فانتبهتُ ورأيت الصفصافة تترنح فعلا. أرعت إليها وعانقت جذعها غليظ القشرة واسع المحيط. كنت أحاول أن أثبتها، لكني فشلت. يا إلهي.. كنت أظن أنني أكتب ما أعيشه، فإذا بي أعيش ما أكتبه.
والشجرة تتفتح لي وتحتويني. الشجرة تَلْقَح بي. وأنا أتشجر.. أتفتح..أنا أترنح.
من مجموعته الجديدة «إني رأيتكما معا»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.