مختل عقلي يقتل شرطيا في الشارع العام        21 دولة تدين خطة الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية وتعتبرها "غير مقبولة"    فيضانات في فيرجينيا وكارولاينا الشمالية بسبب إعصار "إيرين"    الحكومة الفرنسية تعلق رسميا العمل بأحكام اتفاقية موقعة بينها وبين الجزائر في دجنبر 2013        المغرب ضد تنزانيا في ربع نهائي بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين... هل يتفوق أفضل هجوم على أقوى دفاع؟    برقية تهنئة إلى جلالة الملك من العاهل الإسباني بمناسبة عيد الشباب        بوعياش تتابع ملف الاعتداء الجنسي    نادي سينما الريف يطلق العنان لإبداع الشباب السينمائي        حريق ضخم يلتهم مساحات غابوية بالمجبارة في إقليم شفشاون    لبنان يبدأ الخميس تسلّم الأسلحة    المغرب يواجه الإعلام الألماني في معركة قضائية حول اتهامات "بيغاسوس"    تحليل بالبيانات يرصد حضور الشباب في 40 بالمائة من الخطابات الملكية    ترامب يتأرجح بين دعم أوكرانيا وحسابات السياسة الداخلية الانتخابية    الدراجات النارية المعدلة في المنبع تضع وزارة التجارة في مرمى الجدل    يوعابد يكشف تقلبات الطقس بالمغرب    بعد نقل والده للإنعاش.. ناصر الزفزافي: عاجز عن فعل أي شيء لك فسامحني    السكتيوي: العزيمة والإصرار مفتاحا التفوق على تنزانيا    أفلام مغربية تتألق في بانوراما تونس    السكتيوي: هدفنا نصف نهائي "الشان"    بنك المغرب يصدر قطعة نقدية تذكارية بمناسبة الذكرى ال62 لميلاد الملك محمد السادس    تصفيات كأس العالم 2026: المغرب يفتتح ملعبه الجديد بمواجهة النيجر المرتقبة    الجامعة الوطنية للتخييم: اغتصاب طفل مخيم "رأس الماء" حادث معزول ووجب انتظار التحقيقات الرسمية    ربع نهائي الشان.. المغرب في اختبار صعب أمام تنزانيا    المغرب يتصدر قائمة المستوردين الأفارقة من تركيا وسط تحديات تجارية متنامية    أزمة جديدة في استيراد العجول .. حجز شاحنتين بميناء طنجة المتوسط                    تيكاد-9 .. إبراز رؤية ومبادرات جلالة الملك في إفريقيا    المغرب يرسخ مكانته كأكبر مركز لصناعة السيارات في إفريقيا    سفارة المملكة بإسبانيا ترفض منح سلطات كانتابريا بيانات قاصرين غير مصحوبين    وفاة القاضي الرحيم عن 88 عاما.. صوت العدالة الذي أنصف المهاجرين    الملك محمد السادس يصدر عفوا على 591 شخصا بمناسبة عيد الشباب    انطلاق فعاليات مهرجان الرمى والطلبة والخيالة بمركز صخور الرحامنة مبادرات راائدة في التضامن الترابي (صور)    تفاصيل اجتماعات أمريكية–أممية لإعادة النظر في مستقبل بعثة "المينورسو"    ابتكار جهاز من الماس يرصد انتشار السرطان دون مواد مشعة    حرقة المعدة .. هذه علامات تستوجب زيارة الطبيب فورًا    الداخلية تأمر بصرف التعويض عن الأخطار للممرضين وتقنيي الصحة بالجماعات الترابية    مندوبية التخطيط تسجل انخفاضا طفيفا للرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك    الصين تطلق أولمبياد الروبوتات الشبيهة بالبشر بمشاركة دولية واسعة        سنة أولى بعد رحيل الدكتور عبد الفتاح فهدي    أوروبا تسجل رقماً قياسياً في إصابات الأمراض المنقولة عن طريق البعوض            إطلاق فيديو كليب "رمشا الكحولي" بتوقيع المخرج علي رشاد    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفن المعاصر بمدينة ميدلت    المركز الفرنسي للسينما يكرّم المخرجة المغربية جنيني ضمن سلسلة "الرائدات"    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فن العيط أو الدقة المراكشية: عبدالكريم القسبيجي يصف طقوس الدقة بعين الطفل والفنان.. -1-
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 03 - 05 - 2020

يعرف العالم الموسوعي والمؤرخ محمد بن عبد الله المؤقت فن الدقة المراكشية بالقول : « أهل مراكش في ليلة عاشوراء وقبلها بنحو
عشرة أيام يستعملون اللعبة المعروفة عندهم بالدقة، وهي لعبة قائمة على ثلاث آلات: تعريجة، وبندير، وقراقيش، أما أصحاب التعريجة فعدد كثير جدا، وأما البندير، فواحد لا غير كالقراقيش « ، وبالمناسبة فعبد الله ابن المؤقت اعتمدت المجموعتان الرائدتان ، ناس الغيوان وجيل جيلالة على بعض نصوصه في أغانيها ، فالأولى أخذت من مؤلفاته الصوفية نص أغنية « الله يامولانا « والثانية أخذت « الجفرية «، فالدقة المراكشية تعد من الفنون القديمة الضاربة في أعماق التاريخ ، أغلب الباحثين والدارسين يذهبون إلى أن بروزها بالشكل الملفت كان في عهد السعديين ، عندما كان التوسع على الساحل الأفريقي في أوج فتراته ، لذلك نجد اللمسة الأفريقية من خلال « القراقب« حاضرة في تفاصيل هذا اللون الفني المغربي الخالص ، الذي كانت أحياء مدينة مراكش العتيقة حيث يستقر الحرفيون حضنا له ، حيث كان لكل من هذه الأحياء فرقتها الخاصة من الدقايقية ، تمارس طقسها الروحاني هذا على رأس كل سنة بمناسبة عاشوراء ، وهو طقس يبتدئ مباشرة بعد صلاة العشاء إلى غاية اقتراب موعد صلاة الفجر إذ تتنافس كل الأحياء على من سينجح في تأدية الطقس بالشكل المطلوب ،سواء من ناحية ضبط العيط أو الإيقاع أو الأنغام ، وفن الدقة اشتهرت به مدينتان وهما مراكش ومدينة تارودانت ، وإن كان هناك اختلاف بين الباحثين حول أول مدينة ظهر فيها هذا الفن بين المدينتين ، كما سنعرض ذلك ، فإن الجميع يجمع على أن لهذا اللون التراثي محددات مضبوطة وزمن للعرض ، في هذه السلسلة سنسافر مع القارئ إلى أغوار هذا الموروث الفني وتفاصيل طقوسه من خلال بحوث ودراسات قام بها باحثون مغاربة وفنانون ، تحفيزا للأجيال في أفق حماية الموروث الثقافي بصفة عامة .
قبل الغوص في الدرر الذي تقدم به دارسون لهذا اللون الفني الجميل، نعود مع الفنان الكبير لمجموعة جيل جيلالة عبد الكريم القسبيجي إلى دروب مراكش، من خلال سيرته الذاتية التي يوثق فيها بعين الطفل والفنان طقوس الدقة وترتيباتها وأجوائها وارتباطها بالنزاهة وأكثر من هذا وذاك ، كيف كانت تشكل سمعة للأحياء ، ولع عبد الكريم الطفل بالفنون المؤثثة لحومته القصبة كان يزداد يوما بعد يوم داخل هذه الأجواء، لدرجة أن الأنغام أضحت تسكنه، مرة طلب منه والده سي محمد وهو يستعد لفتح دكانه المعد للخياطة، أن يأتيه ب “الحريرة ” من محل متخصص في إعدادها، وأن يمر عبر الساقية ، ساقية المياه، لملء قدر من الماء بهدف رشه أمام المحل، كما جرت العادة عند مختلف الحرفيين أصحاب الورشات والتجار، غادر عبد الكريم المحل، حيث كان قد حضر معه باكرا ليساعده في العمل، قصد بائع الحريرة، ظل الوالد ينتظر الفطور والماء، ولما تأخر الصبي كثيرا، ترك من يحرس المحل وخرج يقتفي أثر ابنه، وهو يأمل ألا يكون قد أصابه مكروه، فجأة أصيب بالذهول، وهو يعاين صغيره حاملا تعريجة وينقر الإيقاع مع محترفين ضمن ما يعرف ب “تاراكت”، وهم مجموعة من محترفي الإيقاعات يؤدون مقاطع من التقيتقات والأهازيج ويجوبون السوق رفقة أهل عريسين، صدم الأب وهو يرى ابنه ينشد وينقر الإيقاع وسط رجال كبار، قصده وأشبعه ضربا، لكن عبد الكريم تمكن من الهرب، و ظل مختفيا عن الأنظار طيلة اليوم، صابرا على خواء معدته، لأنه يعرف أن العودة إلى المنزل تعني عقوبة شديدة لن يتحملها.
ظل عبد الكريم يتسكع إلى أن أرخى الليل سدوله، وحين أدرك أن والده نام، قصد والدته كي تفتح له الباب، لكن عليه أن يستيقظ صباحا قبل الأب، ليقصد المدرسة دون تناول الفطور ليكمل النوم على الطاولة. تعليقا على هذه الطرفة، قال عبد الكريم: “لم أكن أشعر بنفسي وأنا أسمع النغمات والإيقاعات، كانت تشدني، وأجدني منجذبا نحوها، لذا لم أكن أقدر العواقب في حضرتها”.
ما بين المنزلين، منزل الوالد سي محمد والعم الحاج العربي، في فضاء الحومة داخل القصبة كانت الأنغام هي المؤثث الأساسي للأجواء، اللعب داخل الحومة أو التجوال في أرجائها، لم يكن بعيدا عن الموسيقى والإيقاعات، الفتى قدر له أن يسبح في هذا العالم، عالم يقول عبد الكريم: “يجعلك في حوار دائم مع البدن والروح، من خلال إيقاعات تدفع جسمك إلى التحرر والتجاوب مع الميزان، وترانيم صوفية قوامها الفن العيساوي والكناوي، النافث للتوازن الذي تحتاجه الروح.
كل حومة عتيقة في مراكش، في تلك الحقبة، كان لها رجالها المحترفون في مختلف الألوان والفنون التراثية المغربية، يضبطون الإيقاعات، ويحفظون المقاطع وأهازيج الأسلاف، ويضيفون إليها ما اجتهدوا فيه مسايرة للزمن الذي يعيشون فيه….
مقاطع من عيط الدقة:
باش نبداو بأسماء الرحمان
الصلاة على زين الزين
الصلاة والسلام على سيد ما عز لله
الشفاعة يا سيد المرسلين يا نبينا
المصطفى تاج النور
اصحابي دارو بيا
أهل الزاوية جيت انزور
الولي مول الدليل
الولي سيدي أيوب
الولي يا بنصالح
الولي مولاي علي الشريف
حرمت مولاي اليزيد لا تفرط فينا الولي سيدي ميمون
حرمت للا ميمونة لا تفرط فينا المكطع في واد سبو
للاه سالها يا العشير أمالها عليا
الشبان راه العام ازيان
وبأسماء العالي
طه وياسين
أسيدي به قلبي مشروح
أسيدي يا الشافع فينا
حرمت جد الحسنين لا تفرط فينا أسيدي غير جود اعلينا
فكل اعشيا
نلقى حرش العنين في باب رياضو أسعدي تايعرض اسوارو
حرمة سيدي مسعود لا تفرط فينا
عار الجار على الجار لا تدزني يا جاري
حرمت للا نجمة يا السكراتية
حرمت القاضي عياض لا تفرط فينا الولي سيدي منصور
حرمت الإمام السهيلي لا تفرط فينا الولي سيدي يعقوب
عاودو لي كيف اجرى يا المحاربين السي مو ولد أمو برم الطارة يا العشير غرب الليل
أهيا واجب اللي صيفتوني
نمشيوا للنزاهة ونكيمو فبساط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.