تقرير: أخنوش يستخدم أمواله للسيطرة على الإعلام والصحافيون المستقلون يتعرضون لضغوط مستمرة    سوريا: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي "تصعيد خطير"    "اليونيسف": أطفال غزة يواجهون خطرا متزايدا من الجوع والمرض والموت    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    عادل السايح: الكرة الوطنية بخير.. وفلسفة لعبنا مستوحاة من أداء أسود الأطلس    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    إجهاض محاولة لتهريب أزيد من 51 ألف قرص مخدر بميناء طنجة المتوسط    العرائش تسجل أعلى نسبة تملك.. وطنجة تتصدر الكراء بجهة الشمال    مقاطعة مديري مؤسسات الريادة للعمليات المصيرية يربك مشروع الوزارة في الإصلاح التربوي    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    المغرب يودّع أحد رموزه الفنية.. محمد الشوبي يترجل بعد مسار طويل من الإبداع    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    بعد صراع مع المرض... وفاة الفنان محمد الشوبي عن عمر 62 عاما    الجامعة تحتفي بالمنتخب النسوي المتوج بكأس إفريقيا داخل القاعة    بوعياش تطالب بعدالة تعويضية شاملة لجبر ضرر الشعوب الإفريقية    نجاح "خامس مهمة نسائية" خارج المحطة الفضائية الدولية    هل ينجو قمح المغرب من الجفاف ؟ توقعات جديدة تعيد الأمل للفلاحين    مجلس الدفاع في لبنان يحذر "حماس"    إيقاف سيموني إنزاغي و هاكان بسبب علاقتهما بمشجعين مرتبطين ب"المافيا"    لماذا لا تحتفل هولندا بعيد العمال (فاتح ماي) رغم عالميته؟    هل تشعل تصريحات بنكيران أزمة جديدة بين المغرب وفرنسا؟    في ساحة مسجد بدر بطراسة… رجل يقبّل طفلًا والأب يتصل بالشرطة    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    البكوري يقيم مأدبة غذاء على شرف جنود خفاء جماعة تطوان قبيل انطلاق الموسم الصيفي    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    العلاقات التجارية بين المغرب ومصر.. وفد اقتصادي مغربي يزور القاهرة    تفاؤل تجاري ينعش أسعار النفط في الأسواق العالمية    "الكورفاتشي" تستعد للتنقل إلى مدينة الدار البيضاء لحضور "الكلاسيكو" أمام الوداد    وفاة الممثل محمد الشوبي بعد صراع طويل مع المرض    العثور على جثة شخص داخل منزل بشارع الزرقطوني بعد اختفائه لثلاثة أيام .    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    تفاصيل إحداث قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء يوفر أزيد من 20 ألف منصب شغل    عيد العمال.. الكونفدرالية ببني ملال "تحتج" في مسيرة حاشدة    الحوار الاجتماعي بالمغرب بين الشكلية والفعالية    لجنة الأخلاقيات توقف العديد من المسؤولين عن كرة القدم بين سنة وثلاث سنوات بسبب اختلالات في التسيير    الأمن يوقف مروجي كوكايين وكحول    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    اللاعب المغربي الذي أبهر العالم بأدائه المجنون … !    الصين تدرس دعوات أمريكية لاستئناف الحوار بشأن الرسوم الجمركية    حين يتحول الانفعال إلى مشروع سياسي: في تفكيك خطاب بنكيران حول "القضية" و"الحمار"    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    احتراق شاحنة على الطريق السيار طنجة المتوسط    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    هل بدأت أمريكا تحفر "قبرها العلمي"؟.. مختبرات مغلقة وأبحاث مجمدة    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    فوائد القهوة لكبار السن.. دراسة تكشف علاقتها بصحة العضلات والوقاية من السقوط    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكي يفضح أمامنا حبه للأندلس

كانت المناسبة سانحة وصالحة أيضا لنسافر معا، نحو التخوم غير المألوفة من الأندلس فينا، ولعلها آفاق لم يطمثها بعد خيال الباحثين وعقلهم، كما تأكد ذلك على لسان الأستاذ الجامعي والباحث مصطفى الجوهري، الذي ترأس أشغال الجلسة الأولى من اليوم الدراسي المنظم حول الرافد الأندلسي في الهوية المغربية، وتلك التخوم التي لم تتراء للكثيرين، مثلنا، لا سيما منها النزعة الأندلسية عند عقول عليَّةٍ ، من قبيل عميد الدراسات الأندلسية الأستاذ بنشريفة رحمه الله ، أو عند من سبقوه وكان المتحدث المسيِّر، ينبه بجدارة علمية إلى تجاوز موضوع الأندلس بما هو إرث وميراث في اللباس والطعام والماديات الحضارية، إلى طرح أدبي، ما زال لم يستنفد علميته بخصوصه، ومما يسترعي الانتباه، ولعلي أحضر الحديث فيه أو أطلع عليه لأول مرة، هو دعوة المتحدث إلى البحث في أروقة تاريخية وإنسانية لم نزرها، بحثا عن الحضور الأندلسي في التراث البدوي المغربي وفي التراث الصحراوي كما عزز ذلك بدعوة إلى الانتباه إلى المخطوط الأندلسي في المكتبات الخاصة يلخص الأزمنة ، ورافد يمتح منه الكل وتنشده الروح الطامحة.
ومن المفاجآت السارة وجود الأمريكي إيريك كالدروود، الجامعي والباحث المهتم بالتراث الأندلسي، واهتمامه الخاص بالموضوع، لعل المسير كان على صواب جدا عندما دعا إلى الانتباه إلى طروحاته وإيلائها كامل الاهتمام والتأمل، لما له من ارتباط بالهوية الأندلسية الحية وتراثها، وهو تراث ينطلق من اللقاء الاستعماري الأوروبي، وبما هو جوار لغوي متعدد في المتوسط ..
الأمريكي إيريك يجوب في كتبه حول الموضوع أقاليم من الوجود الأندلسي، من مخيلة الأديب إلى تاريخ الإنتاج الحضاري، وهو في الإقامة بين المخيلة والتاريخ، استطاع أن يكتب سيرة الحب الخاصة به… لهذا كان يفضح قلبه علانية عن سقوطه في هذا الموشح العاطفي الذي ربطه بالأندلس، منذ البداية اختار أن ينطلق من سؤال الاعتراف، كيف وقعت في حب الأندلس؟
خارج الزمن المعتاد، يسرد الشاب الأمريكي فصلا عن شبابه الذي كان يقضيه في ثانوية ببوسطن، بدون معرفة يسمح بها النظام التعليمي الأمريكي ، الذي لا يهتم بالعالم الإسلامي ناهيك عن الاهتمام بالأندلس.
إذن ماذا وقع يا إيريك، كيف تسقط صريع الهوى في الرواية الذاتية؟
يجيب اريك: كان اللقاء الأول، عبر السفر والفن، وكان الفلامنكو دليل الولد اليانكي القادم إلى سحر لا يعرفه، هاته الرقصة الحارة، التي زوبعت الحواس، بألوانها وانثيالات الجسد فيها، وبالوجع الراقص الذي يلتاع فيه، هاته الرقصة دلته على الأندلس، علميا لكي يجيب عن السؤال: إلى أي حد يصح أن أصل هاته الرقصة التي يمتثل فيها الروحي للجسدي، أصلها أندلسي كما قرأت وسمعت؟ فانطلقت رحلته إلى زيارة الحمراء وإشبيلية، فصار يزور هذا القصر المشبع بالسر، تقريبا كل يوم، ولم يكن الحب وحده يدفع به إلى نسائم الزهراء، بل «كانت الغرفة ضيقة ومغلقة ومعتمة»، ولا بد له من الخروج إلى فساحة التاريخ وسعة الفنون: يسعفه غارسيا لوركا، وما غنته له المغنيات من أشعار قادمة من ربيع الأندلس.
ولعله قرأ ما قاله لوركا لما سألوه يوما عن سقوط الحكم العربي لغرناطة عام 1492 فأجاب قائلا، لقد كان يوما أسود رغم أنهم يقولون لنا العكس في المدرسة، لقد ضاعت حضارة مدهشة وشعر وفلك ومعمار ورقة لا نظير لها في العالم.
ولعله قرأ شعره من قبيل الملحمة الصغيرة للأنهار الثلاثة، وهو يتغنى بغرناطة :
نهر الوادي الكبير يجري
بين أشجار البرتقال والزيتون،
نهرا غرناطة ينحدران
من الجليد إلى حقول القمح ،
أوه يا حبّي ،
الذي ذهب ولمْ يَعُدْ ، فقيرة خانعة .
ولعله رأى غرناطة كما في قصيدته، إلى أن وجد نفسه في المغرب الذي غير سبيله، سنة 2007 ضمن برنامج لجامعة كامبريدج لتحصيل الدكتوراه، ولنا أن نقول، استلهاما لسيرته، إنه ربما وجد أن المغرب، يشكل أمامه جسدا للروح الأندلسية التي بحث عنها، ومن خلاله راح يسبر أغوار تأثير الحضارة والأندلس على الثقافة المعاصرة.
في ما كتب الأمريكي ايريك ما يدعو فعلا إلى التأمل ، من حيث متابعته لما أفرزه الناقد الاستعماري الإسباني المغربي، وكيفية اشتغال الكتاب الإسبان على تراث الأندلس لتبرير الاستمرار، وتأثيرهم على الحركة الوطنية، في صياغة مفهوم الهوية عند محمد داوود و الطريس والفاسي..
وحضر الشاعر الفلسطيني مجددا، من خلال استعارة الأرض والقصيدة ولعل الشاب الأمريكي توفق في وضع عنوان بيت شعري لدرويش الفسلطيني، عن أندلسه الخاصة، وهي إحالة على التلازم العاطفي والاستعاري بين الأندلس، الفردوس المفقود، وبين فلسطين. ولعل الأستاذة نادية الشعيري، التي تدخلت من بعد، جاءت بنفس هذا التعالق بين فلسطين والأندلس من خلال غزة حاليا.
أعادنا الشاب الأمريكي إلى نصاعة التشابه، في هذه القصيدة التي قرأت ذات يوم أن الراحل الكبير ياسر عارفات قد رفض فيها مقاطع بعينها، وقد كتبها درويش لمخاطبته هو شخصيا بمناسبة 500سنة على سقوط غرناطة. ويقول المقطع الكامل:
« وعَمَّا قَليلٍ سَنَبْحَثُ عَمّا
كانَ تاريخَنا حَوْلَ تاريخِكُمْ في الْبلاد الْبَعيدَة
وَسَنسْأَلُ أَنْفُسَنا فِي النِّهايَة : هَلْ كَانَتِ الأَندلس
هَهُنا أَمْ هُنَاكَ ؟ عَلى الأَرضِ ... أَمْ في الْقَصيدَة ؟..» ولعل الشاب توفق كذلك في بناء الالتباس المطلوب شعريا حول الأندلس كفكرة وأرض رحلت بنا عبر العالم مساء تلك الجمعة..لعل الفرصة ستسنح ذات يوم للعودة إلى عمق ما كتبه هذا الشاب، الذي نوه عبد الكريم بناني بمجهوده العلمي، لكن دعنا نسطر بقلم غليظ وببنط عريض أيضا على ما أثاره من قضايا ذات الصلة بالهوية والتناوب اللغوي والآثار الاجتماعية لفكرة الأندلس نفسها. وفي الختام ما اجترحه من دهشة وهو يتحدث عن« علاقة الزجل الأندلسي بالهيب الهوب المغربي الحديث»!!!
( غدا : التصوف طريق الله من الأندلس إلى المغرب)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.