جددت البرتغال موقفها الإيجابي من دعم الحكم الذاتي، وهي ليست المرة الأولى التي تنوه فيها بالحكم الذاتي باعتباره مقترحا جديا وواقعيا وله مصداقية، بنفس اللغة التي تتبناها القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن.. لكنها هذه المرة خطت الخطوة الحاسمة حيث دعمت بوضوح المقترح المغربي، مستعملة في ذلك التوصيف، الذي اعتمدته الدول الصريحة في دعم المغرب، مثل الولاياتالمتحدة وألمانيا وفرنسا وإسبانيا، بحيث اعتبرته »القاعدة الجدية« الوحيدة للحل. ولا ضير، في سياق التأريخ للموقف البرتغالي، من أن نسجل أنه في سنة 2020 كان وزير الخارجية السابق Augusto Santos Silva أوغوستو سانطوس سيلفا، قد أعلن دعم الحكم الذاتي (قبل إسبانيا ) ثم أعلن انطونيو كوستا رئيس الحكومة في 2023 نفس الدعم أثناء اجتماع اللجنة العليا المغربية البرتغالية.. وقبل هذا اليوم كان الوزير الحالي باولو رانجيل قد أعلن الموقف الداعم نفسه على هامش لقائه بناصر بوريطة بمناسبة مؤتمر ملتقى الحضارات في2024 … فما الجديد إذن؟ هو التدقيق والحسم في الموقف، طبعا لفائدة الحكم الذاتي، وعلاوة على أن 1- الإعلان يأتي في سياق الدينامية الديبلوماسية التي تحرك بها المغرب في أوروبا منذ بداية السنة، وبالضبط من أبريل الماضي، حيث نشاهد أن وزير الخارجية المغربي جاء إلى لشبونة قادما إليها من مقدونيا الشمالية..وسبق لأربع دول من منطقة البلقان أن أعلنت دعمها الصريح للمقترح المغربي.. 2- وإلى ذلك هو اصطفاف مع 23 دولة أوروبية أعلنت دعما واضحا وصريحا للحكم الذاتي. 3-هو اصطفاف مع توافق أوسع معلن مع دول مجلس الأمن الثلاث، وهو ما يعزز وجود توافق غربي حول دعم الحكم الذاتي. 4- هو انضمام إلى توافق أوسع من سابقيه، يوجد في قلبه، ونعني به توافق دولي يشمل 116 دولة. ومن مقومات الموقف الجديد : – الموقف ينطلق من التسليم بأهمية القضية الوطنية بالنسبة للمغرب، وهو ما يعني التبني للموقف الملكي الذي وضع الصحراء نظارات في الحكم على المواقف، ووضعها قضية وجود وكيان. – وفي البيان المشترك، الإعلان عن تحرك مشترك مغربي برتغالي لدى الهيئات الدولية…الأممالمتحدة مثلا! وهو موقف ينضاف إلى الالتزام المعلن لفرنسا والمملكة المتحدة وأمريكا وغيرها، كما صرح بذلك باولو رانجيل نفسه … - اتفاق الطبقة السياسية البرتغالية وتوافقها داخل الدولة، حول الموقف نفسه. سواء مع الاشتراكيين سابقا أو مع حكومة وسط اليمين حاليا. – هذه الدينامية تتميز بدعم الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يقابلها تراجع الطرف الآخر، كما تبين من خلال سحب الاعتراف بجمهورية تندوف : يناير غانا، وفي نهاية 2024 الباناما والإكوادور، وبذلك يتعزز الصف الذي لا يعترف بالجمهورية الوهمية% ما يفوق 85 من الدول الأعضاء في الأممالمتحدة مقابل تزايد الدعم داخل المنظومة الدولية.. محكومة بخط دولي لا رجعة فيه.. ننتظر الموقف والتحرك بناء على التزام مشترك في الدول الناطقة بالبرتغالية وهي خمس دول، البالوب PALOP، ولعل المستهدفة هي أنغولا، الموزمبيق التي ما زالت في فلك الخصوم، بعد أن غيرت غينيا بيساو والرأس الأخضر، ساو تومي وبرينسيب من انحيازها، وانضمامها إلى صوت الحق.. البرتغال تنتمي إلى الدائرة الإيبيروأوروبية، وقد سعت الأطراف المناهضة للمغرب إلى استغلالها كساحة بديلة للساحة الإسبانية التي كانت تعرف نشاطا مزدهرا في مناهضة المغرب، ونذكر بحدثين اثنين في السنتين الأخيرتين، وهما زيارة رئيس دولة الخصوم الترابيين وتوقيع العشرات من الاتفاقيات، ثم المحاولات التي سعت إلى تحويل البرلمان البرتغالي إلى منبر جديد للانفصاليين، كما حدث في نونبر 2024، وربما كان هناك رهان على قلب الموازين في أوروبا من داخل لشبونة!! – الموقف على بعد شهور قليلة من انعقاد مجلس الأمن كموعد حاسم في أكتوبر القادم .. على المستوى الاستراتيجي نجد أن الموقف البرتغالي الجديد تأسس على استمرار في التاريخ، حيث إن المواقف المذكورة تزامنت مع تواريخ أساسية، منها الاحتفال في سنة 2024 بالذكرى 250 على اتفاقية السلام الموقعة سنة 1774 ، ومرور 30 سنة على اتفاقية الصداقة والتعاون الموقعة في 1994. .. وفي الحاضر يربط المغرب والبرتغال رابط اللجنة العليا المشتركة ، المنعقدة في أفق الشراكة الاستراتيجية الثنائية… وهناك الرابط المستقبلي، الذي يجمع المغرب والبرتغال، باعتبار. المونديال 2030 كرافعة مستقبلية لاقتسام المردودية التنموية والتقارب الثقافي.. وهناك أخيرا الرافعة الاستراتيجية، بحيث إن المغرب عنصر أساسي وفاعل مركزي في الاستقرار الإفريقي، وله عرض جيواقتصادي وسياسي طموح لإفريقيا الأطلسية، والبرتغال لها واجهتها الأطلسية وتهتم كثيرا بآفاق المسلسل الأفرو أطلسي. ومنه مبادرة الواجهة الأطلسية، الذي يضم 22 دولة، ومخطط ربط دول الساحل بالواجهة ذاتها ومشروع أنبوب الغاز. وبهذا الخصوص تراهن لشبونة على الطاقات المتجددة، والصناعة الغذائية لتطوير مبادلاتها التجارية، وهو ما يقدم المغرب فيها مشاريع متعددة لاسيما الهيدروجين الأخضر.