تعيش آلاف العائلات الصحراوية في مخيمات تندوف مأساة يومية، حيث تتقاطع القيود العسكرية مع الحرمان من أبسط حقوق التنمية؛ وهو ما كان موضوع نداءات ومرافعات حقوقية من قلب جنيف وعلى منصة مجلس حقوق الإنسان الأممي خلال حوار تفاعلي حول الحق في التنمية، حيث ذكر حقوقيون العالم بالفجوة الشاسعة بين الواقع المأساوي في تندوف وبين ما تحقق في الأقاليم الجنوبية المغربية من تنمية وإقلاع اقتصادي. وسلط الحقوقيون الذين تحدثوا في هذا الشأن الضوء على الأزمة الإنسانية والتنموية التي تعيش على وقعها مخيمات تندوف الواقعة على التراب الجزائري منذ عقود، مؤكدين أن الحق في التنمية يجب ألا يبقى مبدأ نظريًا؛ بل يجب تفعيله على الأرض من خلال فك الحصار المفروض على ساكنة المخيمات وتمكينهم من الحصول على فرص ملموسة للوصول إلى التعليم والعمل والخدمات الأساسية، بما يضمن لهم حياة كريمة ومستقبلًا يمكنهم من ممارسة حقوقهم الأساسية كبشر وفق ما تكفله المواثيق والعهود الدولية. في هذا الإطار، ندد داهي أهل الخطاط، فاعل جمعوي، بالحرمان الممنهج لسكان المخيمات من حقهم في التنمية، الذي يُعدّ من أسمى حقوق الإنسان الأساسية ويشكّل رافعة أساسية لتحسين جودة حياة الأفراد. وأبرز أهل الخطاط، في كلمة له، أن هذا الحق مُغيب بشكل كامل داخل المخيمات وينتهك بشكل يومي بتواطؤ من الدولة الجزائرية. وأضاف الفاعل الجمعوي سالف الذكر أن السلطات الجزائرية حوّلت جزءًا من ترابها إلى محمية عسكرية خاضعة لسيطرة جماعات مسلّحة تحظى بدعم من الجيش الجزائري، مشددًا على أن هذا الوضع الشاذ يحرم الصحراويين من حقهم في التنمية وفي التملك والاستقلال الاقتصادي. وعقد المتحدث ذاته مقارنة بين واقع البؤس وبين المعاناة في تندوف وواقع التنمية التي تشهده الأقاليم الجنوبية، لافتًا إلى النموذج التنموي الجديد الذي أطلقه المغرب بتعليمات ملكية لفائدة هذه الأقاليم سنة 2025 وبغلاف مالي ناهز 8 مليارات دولار. وشدّد أهل الخطاط في الوقت ذاته على أن "هذا البرنامج مكّن من تحقيق تقدّم ملحوظ في مجالات التعليم والصحة والبنيات التحتية والتشغيل؛ مما انعكس بشكل ملموس على تحسين ظروف عيش الساكنة". وسجل أن هذا الإنجاز التنموي حظي بإشادة واعتراف في عديد التقارير الأممية، داعيًا مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأممالمتحدة إلى إيلاء عناية خاصة لوضعية الصحراويين في تندوف، مثيرًا مسؤولية الجزائر وإخلالها بالتزاماتها الدولية الحقوقية في مجال حقوق الإنسان وبمسؤوليتها القانونية والأخلاقية في ضمان التنمية للاجئين على أراضيها. من جهتها، حذرت عائشة الدويهي، رئيسة مركز جنيف لحقوق الإنسان، من الوضع المأساوي الذي يعيشه الصحراويون في مخيمات تندوف، خاصة ما يتعلق بحرمانهم من الخدمات والحقوق الأساسية وغياب سيادة القانون داخل هذه البقعة الجغرافية. وشددت الدويهي، في كلمة لها خلال الجلسة التفاعلية التي عقدت على هامش الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان، على أن "الحق في التنمية ليس مجرد مبدأ قانوني فحسب؛ بل هو أمر جوهري لضمان كرامة الإنسان وتمكينه من التحرر". وأبرزت الفاعلة الحقوقية ذاتها أن هذا الحق الكوني صادرته "البوليساريو" التي تسيطر على المخيمات بمساعدة من السلطات الجزائرية التي تحرمهم من حق التنقل والعمل والملكية؛ بل وحتى الحق في الاعتراف بهم كلاجئين. من جهة أخرى، أشادت رئيسة مركز جنيف لحقوق الإنسان بالجهود التنموية التي تبذلها المملكة المغربية في أقاليمها الجنوبية؛ ما أسهم في تحسين الخدمات الأساسية والبنيات التحتية، ما وفر للسكان آفاقا حقيقية وانعكس بشكل ملموس على جودة حياة المواطنين وتمكينهم من المشاركة الفعلية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ودعت عائشة الدويهي المنتظم الحقوقي الدولي إلى متابعة الوضع في مخيمات تندوف عن كثب، مؤكدة على الحاجة إلى "اتخاذ إجراءات دولية فعالة لضمان ألا يظل الحق في التنمية مجرد وعد نظري؛ بل أن يتحوّل إلى واقع ملموس للجميع".