ميناء طنجة : تراجع كمية مفرغات الصيد البحري بنسبة 30% حتى متم أبريل    بدء أعمال الدورة 33 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة بمشاركة المغرب    أندية الدوري الإنجليزي تصوت على مقترح "إلغاء تقنية حكم الفيديو"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة.. نزول أمطار ضعيفة ومتفرقة فوق مناطق طنجة واللوكوس    الأمن الوطني.. 68 سنة من الحفاظ على النظام العام وحماية المواطنين    وفاة رائد الطرب الغرناطي الفنان أحمد بيرو    أخنوش يتباحث مع رئيس الحكومة اللبنانية    "حماة المال العام" يستنكرون التضييق على نشاطهم الفاضح للفساد ويطالبون بمحاسبة المفسدين    هذه العوامل ترفع خطر الإصابة بهشاشة العظام    تصفيات مونديال 2026: الحكم المغربي سمير الكزاز يقود مباراة السنغال وموريتانيا    بعثة نهضة بركان تطير إلى مصر لمواجهة الزمالك    كأس العرش.. مولودية وجدة يضرب موعدًا لمواجهة الرجاء في النصف النهائي    إيقاف مسؤول بفريق نسوي لكرة القدم ثلاث سنوات بسبب ابتزازه لاعباته    إطلاق مجموعة قمصان جديدة لشركة "أديداس" العالمية تحمل اللمسة المغربية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    ارتفاع الودائع البنكية إلى 1.177,8 مليار درهم عند متم مارس الماضي    شرطي يشهر سلاحه على سائق سيارة بطنجة والأمن يدخل على الخط ويوضح    سفارة المغرب ببانكوك توضح بخصوص وضعية المغاربة المحتجزين بميانمار    انطلاق القافلة الثقافية والرياضية لفائدة نزلاء بعض المؤسسات السجنية بجهة طنجة تطوان الحسيمة من داخل السجن المحلي بواد لاو    مصرع شخصين في انقلاب شاحنة بتيفلت    اعتبروا الحوار "فاشلا".. موظفون بالجماعات الترابية يطالبون بإحداث وزارة خاصة    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    باحثون يعددون دور الدبلوماسية الأكاديمية في إسناد مغربية الصحراء    قافلة GO سياحة تحط رحالها بجهة العيون – الساقية الحمراء    مربو الماشية يؤكدون أن الزيادة في أثمنة الأضاحي حتمية ولا مفر منها    يوفنتوس يتوّج بلقب كأس إيطاليا للمرّة 15 في تاريخه    مانشستر سيتي يهدد مشاركة جيرونا التاريخية في دوري الأبطال    المغربي محمد وسيل ينجح في تسلق أصعب جبل تقنيا في سلوفينيا    "أديداس" تطلق قمصانا جديدة بلمسة مغربية    ظاهرة "أسامة المسلم": الجذور والخلفيات...    الاستعادة الخلدونية    رسالة اليمامة لقمة المنامة    صعود أسعار النفط بفضل قوة الطلب وبيانات التضخم الأمريكية    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    مطالب لوزارة التربية الوطنية بالتدخل لإنقاذ حياة أستاذ مضرب عن الطعام منذ 10 أيام    كلاب ضالة تفترس حيوانات وتهدد سلامة السكان بتطوان    من أجل خارطة طريق لهندسة الثقافة بالمغرب    أشجار عتيقة تكشف السر الذي جعل العام الماضي هو الأشد حرارة منذ 2000 عام    مدريد في ورطة بسبب الإمارات والجزائر    نسخة جديدة من برنامج الذكاء الاصطناعي لحل المعادلات الرياضية والتفاعل مع مشاعر البشر    هنية: إصرار إسرائيل على عملية رفح يضع المفاوضات في مصير مجهول    أكاديمية المملكة تُسائل معايير تصنيف الأدباء الأفارقة وتُكرم المؤرخ "هامباتي با"    منتدى عربي أوروبي لمكافحة الكراهية    محكي الطفولة يغري روائيين مغاربة    زيلنسكي يلغي زياراته الخارجية وبوتين يؤكد أن التقدم الروسي يسير كما هو مخطط له    زعيم المعارضة في إسرائيل: عودة الرهائن أهم من شن عملية في رفح    "تسريب أسرار".. تفاصيل إقالة وزير الدفاع الروسي    الأمم المتحدة تفتح التحقيق في مقتل أول موظف دولي    المشروع العملاق بالصحراء المغربية يرى النور قريبا    ما حاجة البشرية للقرآن في عصر التحولات؟    إلزامية تحرير الجماعات الترابية من « أشرار السياسة »    النقابة الوطنية للتعليم fdt وضوح وشجاعة لاستشراف المستقبل    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    جمعية علمية تحذر من العواقب الصحية الوخيمة لقلة النوم    دراسة: الحر يؤدي إلى 150 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فوضي الآراء السياسية في مصر‎
نشر في الجسور يوم 27 - 04 - 2015

فوضي الآراء السياسية وتواجهانها المختلفة التي تسيطر على المجتمع والتي تبدو للوهلة الأولى وكأنها انبثقت من العدم، بداية من التطرف الديني، مرورا بالاستقطاب الحاد في المجتمع ووصولًا إلى حالات التمرد الدائم على السلطة في شكل احتجاجات فئوية، ولكنها جميعا وبنظرة فاحصة مجرد تداعيات لثلاثين عامًا من نظام احتكر الحياة السياسية للمصرين بقوة القبضة الأمنية، وبعد عامين من الثورة يمكن تلخيص المشهد بتفاصيله المختلفة في الفضاء الاجتماعي المصري تحت كلمة واحدة هي "الفوضى".فرغم مرور ثلاث سنوات على بداية هذا الحراك إلا أن واقعه اليوم لا يسمح بتحديد رؤية واضحة وجليّة توفّر تصوراً محتملاً لمستقبل المنطقة في ظّل التغيير الحاصل في بعض بلدانها، ذلك أنه حتى اللحظة الراهنة لا يمكننا الجزم بنجاح هذا النموذج أو فشله في تحقيق الأمل المنشود في التغيير الشامل. فهل الربيع العربي هو حالة انفجار داخلي أم حصيلة تفاعلات محلية وإقليمية، أم أنها نتاج لسياسات دولية؟
وهل الربيع العربي هو فعلاً ثورات شعبية مطلبية أم أنها سيناريو الفوضى الخلاقة المبشّر بها وبالتالي نحن أمام مد سينجرُّ على كل دول المنطقة؟إن ما يحدث في المنطقة العربية من حراك غير مسبوق وغير متوقع رغم وجود إرهاصات الثورة في كل البلدان العربية وإلى حد الانفجار، جاء نتيجة التراكمات داخل المجتمعات العربية جراء الفساد السياسي والعناء الاقتصادي والتهميش الاجتماعي. من جهة أخرى لا يمكننا الحديث عن ثورة وعن تغيير بمحض المصادفة لأنه لا مصادفة في السياسة، ثم إنه حتى إذا حدثت من إطاحة رؤوس أنظمة وليس بالأنظمة تماماً، « مبدئياً » طفرة في هذا السياق نتيجة ما تحقق فأين نحن اليوم من خطة طريق وإستراتيجية لإتمام المشهد الحالي، فهل يثمر الربيع العربي ديمقراطية وتنمية، أم أنه سيتحول إلى خريف التطرف والإقصاء ولكن بأدوات جديدة؟
أن الفوضى المشهودة علي الساحة السياسية حاليا والتي أثرت علي كل شيء في مصر بعد ثورة 25 يناير هي أمر طبيعي يعقب الثورات وتعد فترة بناء لنظام جديد وبالتبعية فإن كثرة الأحزاب وغيرها من المسميات ظاهرة صحية لأنها تمثل التعددية الحزبية والثقافية وتعطي فرصة للشعب المصري كي يحتك أكثر بالسياسة ويتعلم معها فن الممارسة الديمقراطية. ولهذا فإن الأحزاب تمثل إضافة في حال تحليها بالموضوعية والشفافية في أدائها شريطة أن يصب هذا الأداء في الصالح العام وليس لحساب أو مصلحة فئة معينة.
أن هناك جهات خاصة لابد أن تمارس دورها الرقابي علي تلك الائتلافات والأحزاب كي يتعرف الشعب المصري علي جهات ومصادر تمويلها ومن هم أعضاؤها وهل يستغلون هذه الأحزاب وغيرها لمصلحة المواطن المصري ومن أجل التنوير والتثقيف للمجتمع أم لمآرب أخري وفي حال اكتمال هذا الشرط أو انطباقه عليها ستكون هذه الأحزاب وغيرها من الكيانات التي تتحدث بلسان الشعب المصري إيجابية بنسبة كبيرة وتمارس أنشطتها بعيدا عن الفوضى والعشوائية في التصريحات الرنانة التي تهدف إلي الفرقعة الإعلامية دون تقديم شيء جديد أو مفيد يخدم الوطن والمواطن. مصر تتعامل مع أزمة شديدة التعقيد، لأنها تحارب جماعة متعددة الجنسيات، لكنها في النهاية لا تخوض حربا مع دولة ليبيا الشقيقة، بل تخوض حربا للحفاظ على العالم كله، ضد جماعة تكفيرية إرهابية تكره العالم وتكفره وتكره الحياة، مطالباً أن يتحد الجميع مع مصر في موقفها ضد الإرهاب.
لا ينظر أحد لأبعد من تحت قدميه، ولا يفكر أحد في الأرقام المزعجة التي تعلنها الجهات الرسمية عن حجم الفقر الذي يضرب المجتمع المصري، يقول تقرير حديث صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن معدلات الفقر في مصر بلغت 25،2% خلال العام 2010-2011، بزيادة لافتة بلغت 4% عن التقرير السابق، باختصار أكثر من ربع السكان يقل دخلهم الشهري عن 40 دولارا، الأمر الذي يعنى أنه عمليًا، ووفق معدلات الأسعار في المجتمع، فإن نسبة الفقر الحقيقية ربما تتخطى نصف عدد السكان بمراحل، ولكن لا أحد ممن جلسوا على مقاعدهم بسبب الثورة يفكر كثيرا في هذه الأرقام، التقرير نفسه يقول إن هناك ارتباطًا وثيقًا بين الفقر والاستقرار في العمل، حيث أن ما لا يقل عن 25% من الفقراء في الدراسة لا يمارسون عملًا دائمًا. توضح الأرقام حجم المأساة التي يعانيها قطاع كبير من المواطنين المصريين، والتي نراها بشكل عملي على الأرض عبر ظاهرة مثل الباعة الجائلين، ولكن حتى الآن لا يبدو أن أحدا من المسئولين يلمح عناصر الارتباط بين هذه الأرقام والواقع الاجتماعي. إن الظروف التي مرت بها مصر خلال السنوات الأخيرة,
ولجوء بعض الجماعات إلي استخدام الدين لخدمة سياسات وسلوكيات معينة, وتحويله إلي جزء من الصراع السياسي, أدي إلي فوضي كبيرة في الآراء الدينية المعلنة من جانب البعض, ومحاولة فرضها علي الجميع في صورة فتاوي, لخدمة طرف سياسي معين في أغراض دنيوية, ووصل الأمر إلي حد الاستخدام المتعسف وغير الصحيح لبعض الجوانب الدينية لدعم عمليات إرهابية. لذلك فقد آن الأوان للقضاء علي هذه الفتنة, ونشر الثقافة الإسلامية الصحيحة, وعدم السماح بإصدار فتاوي عن غير طريق مشيخة الأزهر ودار الإفتاء, منعا للأهواء الشخصية, وحفاظا علي إسلامنا العظيم من محاولات العبث به. في ظل ما تشهده المنطقة العربية من حراك وتحولات في المشهد والواقع العربي، تساؤلات التغيير العربي وما إذا كان مقدمة للفوضى الخلاقة التي تبنتها « ربيع »
عدة تطرح نفسها حول الإدارة الأمريكية أو أنه صنيعة مواقع التواصل الاجتماعي ضمن سياق مخططات أمريكية تهدف إلى إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للمنطقة، أو أنه كان مجرد رد فعل منطقي لشعوب عاشت حالة من الاحتقان والتهميش لعدة عقود من الزمن. فهل الربيع العربي مجرد انفجارات لحظية لا تلبث أن تخمد مستجيبة لتدابير ترقيعية من قبيل إدارة الأزمات وامتصاص قوة الدفع الجماعية، أم هي نقطة بداية جديدة تؤرخ لزمن جديد؟
لقد كان طبيعياً أن يحدث الانفجار في المنطقة العربية نتيجة النظم القمعية السائدة، حيث كان الرد انعكاساً طبيعياً وحتمياً لتراكم كبير وهائل لأزمات بنيوية؛ في المقابل لا يمكن إنكار أن الفوضى الخلاقة التي أطلقتها كوندوليزا رايس كمقدمة لرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط جاءت منسجمة لتتوافق إلى حد كبير مع هذا الربيع. ويكون التطبيق العملي لهذه الإستراتيجية من خلال ابتزاز العديد من البلدان العربية لإجبارها على تقديم تنازلات تتلاءم مع السياسات الأمريكية المرغوب فيها في المنطقة حيث كان وابتزاز سورية شرطاً ضرورياً لنجاح مشروع « الطائفي » احتلال العراق، والضغط على لبنان الشرق الأوسط الكبير. وفي إطار هذه النظرية التي آمن بها جورج بوش الابن إيماناً كاملاً واعتبر هذا النوع من التفكير جزءاً من الحمض النووي لرئاسته وفق تعبيره، يصبح ما حققته الولايات المتحدة خلال فترة ولاياته نجاحاً كبيراً بحساب نظرية الفوضى الخلاقة،
إذ استُخدِم شعار الديمقراطية للغزو واستُخدِمت الطائفية والمذهبية بامتياز لتفتيت هذه الدول ونشر الفوضى فيها. لقد وصلت الرسائل إلى كل الأطراف وبدأت تؤتي ثمارها؛ تدل عليه كل الأحداث والتفاعلات والشواهد التي تعيشها المنطقة العربية، سواء تلك التي عرفت ثورات وانتفاضات أو تلك التي تعرف حراكاً مختلفاً من حيث الوسيلة وليس الهدف. فالعراق هو النموذج الأعلى للفوضى، حكم طائفي ومحاصصة سياسية ستنتهي إلى فدرالية، مصر تحولت إلى ساحة صراع بين الليبراليين والإسلاميين وبين المسلمين والأقباط، أما ليبيا فقد تتحول إلى دولة الميليشيات المسلّحة، تونس في مجتمع يتميز عن غيره « إسلامي » تعيش حالة التناقض الصارخ بين نظام حكم يؤسس لحكم من المجتمعات العربية بأنه أكثر انفتاحاً وحداثة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.