يمثل عيد الأضحى المبارك مناسبة سانحة بالنسبة للأسر المراكشية التي تحرص على استحضار مجموعة من العادات والتقاليد العريقة والمتوارثة بين الأجيال لإحياء هذا العيد الديني، بما يليق به من تقدير وإجلال، وأيضا بإدخال الفرحة والسرور على جميع أفراد الأسرة، سواء الكبار منهم أو الصغار. وإذا كانت الاسر المراكشية قد دأبت على الاستعداد بما فيه الكفاية للاحتفال بهذا العيد المبارك، من خلال اعداد واقتناء اللوازم التي تتطلبها هذه المناسبة، كتحضير الحلويات والتوابل، فان يوم العيد يكون فرصة مواتية لإحياء واستحضار بعض العادات والتقاليد المتوارثة والتي سارت على دربها الأسر بالمدينة الحمراء، والتي تبتدئ بأداء الشعائر الدينية، من صلاة ونحر الأضحية، ثم تهيئ وجبة الغذاء التي تتكون بالأساس من كبد الخروف. وفي هذا السياق، أوضح محمد ايت لعميم الاستاذ الباحث بكلية اللغة التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن التقاليد المتوارثة وحدت غالبية الأسر في التعامل مع العيد بمفهوم التضامن والتكافل والتآخي داخل الأسرة. وبعد أن ذكر بأن الاحتفال بعيد الأضحى مرتبط بمجموعة من العادات والتقاليد التي تختلف من جهة الى اخرى في المغرب، لكن يبقى لها قاسم مشترك في ما بينها، أكد الدكتور أيت لعميم، الناقد والمترجم والمهتم بالتراث، أن الأسر تكتفي بوجبة غذاء تشتمل على أطايب الخروف، المتمثلة في الكبد والرئة والقلب وبعض المكونات الداخلية له، حيث يتعالى الدخان داخل البيوت بشواء الكبد الملفوف بقطع من الشحم في قطبان من حديد والمرفوقة بخبر "البطبوط"، الذي تتولى تحضيره النساء. وأضاف أنه بعد أخذ قسط من الراحة بعد عناء الصباح ومتطلباته، يقوم افراد الاسرة بزيارة الاقارب، وهي من الطقوس التي دأب المراكشيون عليها حيث يلاحظ أن هناك حركة غير عادية في التنقل، وهم يرتدون ملابسهم التقليدية لزيارة بعضهم البعض، والتي تتميز بتقديم قطبان تتكون من قطع من الكبد الملفوف بشرائح من الشحم تعبيرا عن تقاسم لحظات الفرح والاستئناس بين الأسرة، وبين الجيران أيضا. واستطرد قائلا إن ربات البيوت دأبن على تحضير وجبة عشاء خفيفة تتكون من الأحشاء (التقلية)، مشيرا إلى أن هذا يدخل في إطار نوع من تدبير التعامل مع اللحم في ذلك اليوم، لأن أكلة الصباح تكون دسمة، أنها تتكون من "بولفاف"، وهو عبارة عن الكبد والقلب والرئة المقطعة لقطع صغيرة الملفوفة بشرائح الشحم المقطعة والمشوية بعناية فائقة مما يمنحها مذاق ونكهة مميزة. وخلص إلى القول إن عيد الأضحى مناسبة للتضامن والتراحم والتآزر مع الفقراء، مضيفا أن العيد له أصول ثابته شرعيا وعادات توارثها المغاربة أبا عن جد، والتي تجسد عراقة الحضارة المغربية وتجذرها، حيث إن المغاربة كانوا وما زالوا يعتبرون هذه المناسبة لحظة فرح. وعلى الرغم من التطورات التي يعرفها المجتمع المغربي، والتي أضحت معها بعض عادات وتقاليد وطقوس العيد تحضر بشكل محتشم عند بعضها لأسباب متعددة، فإن غالبية الأسر المراكشية ما تزال تحرص على المحافظة خلال أيام عيد الأضحى المبارك على هذه الطقوس، التي تميزه عن غيره من الأعياد.