استأنفت ساكنة آيت بوكماز، بإقليم أزيلال، صباح اليوم الخميس، مسيرتها الاحتجاجية التي انطلقت أمس الأربعاء، صوب مقر ولاية جهة بني ملالخنيفرة، سيرًا على الأقدام، للمطالبة بحقوق اجتماعية وتنموية أساسية، في ظل ما يعتبرونه "تجاهلًا مستمرًا لمعاناتهم وتهميشًا ممنهجًا لمنطقتهم الجبلية". وقضى المحتجون ليلتهم الأولى في العراء بقرية آيت امحمد، مفترشين الأرض تحت السماء، وسط أجواء من الإصرار والعزيمة على مواصلة المسير رغم صعوباته الطبيعية والبشرية، مؤكدين أن مطالبهم مشروعة وتدخل في صلب الحقوق الدستورية للمواطنين، من صحة وتعليم وبنية تحتية. ورغم محاولات القوات العمومية اعتراض المسيرة وقطع الطريق على المحتجين، واصل هؤلاء مسيرهم عبر المسالك الجبلية الوعرة، مرددين شعارات تنادي بالسلمية والكرامة، وترفض واقع الإقصاء الذي تعيشه المنطقة. وتحظى هذه الخطوة الاحتجاجية بتضامن واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر عدد من النشطاء والحقوقيين عن دعمهم لساكنة آيت بوكماز، التي قالوا إنها لا تطالب سوى بأبسط مقومات الحياة، من قبيل ربط المنطقة بشبكة الطرق، وتوفير النقل المدرسي، وتحسين الخدمات الصحية، وتمكينها من الربط بشبكات الهاتف والأنترنت. وتحمل الساكنة في جعبتها ملفًا مطلبيا من عشرة مطالب رئيسية، أبرزها: إصلاح الطرق، توفير طبيب قار، تشييد ملعب ومركز للتكوين في المهن الجبلية، بناء سدود تلية، وضمان الربط بالماء الصالح للشرب. من جهتها، اعتبرت فيدرالية اليسار بأزيلال، في بلاغ رسمي، أن ما تشهده آيت بوكماز يمثل انعكاسًا لفشل النموذج التنموي الحالي في تدارك التفاوتات المجالية والاجتماعية، معتبرة أن احتجاج الساكنة هو نتيجة "سياسة الأبواب الموصدة" التي وُوجهت بها مطالبهم لسنوات، رغم جولات الحوار السابقة. ودعت الفيدرالية السلطات إلى التجاوب الفوري مع مطالب الساكنة، مؤكدة أن "الهضبة الصامدة" أصبحت مرآة لحقيقة المغرب العميق، الذي لم تصله بعد مشاريع التنمية، خاصة في ظل تركيز الاستثمارات الكبرى على المدن المستضيفة لمباريات كأس العالم، ما يعمّق الفجوة بين المركز والهامش. وتُعد هذه المسيرة واحدة من أبرز التحركات الاحتجاجية التي تشهدها المناطق الجبلية في الآونة الأخيرة، وتسلط الضوء مجددًا على الفوارق المجالية، وسؤال العدالة الترابية في مغرب الجهات.