شهدت القارة الإفريقية خلال الأشهر الأخيرة تحولا استراتيجيا بارزا بعد أن أطلق المغرب مبادرة كبرى تهدف إلى ربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي عبر شبكة طرق عابرة للحدود. هذه الخطوة اعتبرت رؤية تنموية بعيدة المدى قادرة على تعزيز التكامل الاقتصادي داخل القارة، كما تعكس طموح المملكة في ترسيخ موقعها كجسر استراتيجي بين إفريقيا وأوروبا. وفي المقابل، حاولت الجزائر دخول المشهد عبر إعلان الرئيس عبد المجيد تبون عن مشروع بديل يقوم على ربط بلاده بدول مثل مالي والنيجر وموريتانيا بخطوط سكك حديدية، مع فتح الموانئ الجزائرية أمام هذه الدول غير الساحلية. غير أن هذا الطرح قوبل بانتقادات واسعة واعتبر مجرد نسخة سطحية بلا تفاصيل عملية ولا جدول زمني واضح للتنفيذ. تبون تحدث عن إمكانية نقل السلع عبر الموانئ الجزائرية في ظرف 24 ساعة بالقطار، لكن متابعين اعتبروا ذلك طرحا غير واقعي، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه الجزائر داخليا في مجال البنية التحتية. كما اكتفى الرئيس الجزائري باستعراض أرقام ضخمة حول فجوة البنية التحتية في القارة، مقدرا إياها بنحو 90 مليار دولار سنويا، دون تقديم آليات تمويل أو رؤية عملية قابلة للتنفيذ. ويرى مراقبون أن الخطاب الجزائري لم يخرج عن إطار الوعود العامة، في حين يواصل المغرب فرض حضوره على الساحة الإفريقية بمشاريع ملموسة واستراتيجيات متكاملة تلامس الواقع وتستجيب لحاجيات دول الساحل. ويؤكد هؤلاء أن الجزائر لا تزال تتحرك كرد فعل متأخر على المبادرات المغربية، بينما يكرس المغرب موقعه كفاعل رئيسي في دعم التنمية الإقليمية وتعزيز التكامل الاقتصادي بين بلدان القارة.