فرنسا.. ساركوزي أمام القضاء مجددا في قضية "بيغماليون" المرتبطة بحملته للانتخابات الرئاسية 2012    مصرع شاب في حادثة سير ضواحي الجديدة    "ترهيب" و"طرد" بسبب الانتماء النقابي يدفع حراس الأمن ببني ملال إلى الاحتجاج في مسيرة يوم 1 دجنبر        توظيف مالي لمبلغ 5,1 مليار درهم من فائض الخزينة    حزب اخنوش يفوز بمقعد بمجلس المستشارين في انتخابات جزئية بين غرف بني ملال والرباط والدار البيضاء            نقابة المحامين بالرباط تندد بتسريبات مجلس الصحافة وتواجه المس بكرامة المحامين        علماء يكتشفون طريقة وقائية لإبطاء فقدان البصر المرتبط بالعمر    سفير روسيا: ندعم تسوية ملف الصحراء.. والعلاقات مع المغرب عميقة الجذور    375 درهم عن كل طفل..أخنوش يعلن دعماً جديداً للأطفال اليتامى والمتخلى عنهم    وسائل إعلام فرنسية تدعو إلى إطلاق سراح الصحافي كريستوف غليز المسجون في الجزائر    أداء إيجابي يفتتح بورصة الدار البيضاء    "تعرضت لممارسات أربكت مساري".. بشرى كربوبي تطلق صافرة نهاية مشوارها التحكيمي    دوري الأبطال.. أوسيمين يتصدر قائمة الهدافين بعد مباريات الثلاثاء    الحكومة لا تعتزم رفع سعر قنينة غاز البوتان وتعلن زيارة في الدعم الاجتماعي    مكافحة الاحتباس الحراري: التزام دول البريكس وانسحاب الولايات المتحدة !            المخرج محمد الإبراهيم: فيلم الغموض والتشويق القطري "سَعّود وينه؟"    فيلم " كوميديا إلهية " بمهرجان الدوحة السينمائي الرقابة السينمائية في إيران لا تنتهي...!    مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط ترفع رقم معاملاتها إلى أكثر من 84,36 مليار درهم متم شتنبر    سعيّد يستدعي سفير الاتحاد الأوروبي    بركة يبرز من أنغولا الرؤية الملكية حول الهجرة في قمة الاتحاد الإفريقي-الاتحاد الأوروبي    أخنوش يستقبل رئيس مجلس النواب بجمهورية كازاخستان    اسبانيا.. العثور على جثث أربعة أفراد من أسرة مغربية داخل منزل    وزارة التربية تفاقم الخصاص بعد إقصاء "المُختصين" من مباريات التوظيف    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    شركة عائلة نيمار تستحوذ على العلامة التجارية للأسطورة بيليه    مهرجان الدوحة السينمائي يسلّط الضوء على سرديات مؤثرة من المنطقة    الجيش الإسرائيلي يطلق عملية عسكرية    نصائح ذهبية للتسوق الآمن باستخدام الذكاء الاصطناعي    دوري أبطال أوروبا.. تشلسي يثأر من برشلونة وليفركوزن يصدم مانشستر سيتي    بن يحيى تدعو لتجديد الترسانة القانونية لوقف العنف ضد النساء    عصبة الرباط سلا القنيطرة تطلق موسماً استثنائياً باطلاق أربعة مراكز للتكوين في مجال التحكيم    الأمن المغربي يستعرض الجاهزية لمكافحة الجريمة أمام الجمهور الدولي    الملك محمد السادس يبدي استعداد المغرب للانخراط في جهود إحياء عملية السلام بعد وقف إطلاق النار في غزة        اليوسفية تحتفي بالمواهب الشابة في أول مهرجان للهواة السينمائي    الدواء .. هو السبب الأول لصداع الدولة والمواطن ؟    الاستجابة العالمية ضد الإيدز تواجه "أكبر انتكاسة منذ عقود" وفقا للأمم المتحدة    روسيا تتحدى فيفا بمقترح تنظيم مونديال رديف    وفاة الفنانة بيونة إحدى رموز السينما في الجزائر    مهرجان "أزاما آرت" يعود في دورته الثالثة بأزمور تحت شعار الثقافة والفن    أبطال أوروبا.. برشلونة يواجه صلابة تشيلسي في اختبار كلاسيكي وسيتي يتحدى ليفركوزن    ليلةُ الاستقلالِ والمَسيرةِ فى تونس... حين التقت الضفتان على نغمة واحدة    مسرح رياض السلطان يجمع النمساوية سيبا كايان والسوري عروة صالح في عرض يدمج الموسيقى الالكترونية بالروحانية الصوفية    في اليوم ال46 للهدنة... قتيل فلسطيني وقصف متواصل وخطة ترامب للسلام تتعثر    آلام الأذن لدى الأطفال .. متى تستلزم استشارة الطبيب؟    دراسة: التدخين من وقت لآخر يسبب أضرارا خطيرة للقلب    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحب الجلالة يرسم خارطة طريق جديدة من أجل اتحاد المغرب العربي
في خطاب ألقاه جلالة الملك أمام أعضاء المجلس الوطني التأسيسي التونسي
نشر في الصحراء المغربية يوم 31 - 05 - 2014

ألقى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الذي كان مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، اليوم السبت، خطابا أمام أعضاء المجلس الوطني التأسيسي التونسي.
جلالة الملك يدعو إلى ضرورة ترجمة الإرادة المشتركة للشعبين المغربي والتونسي إلى مشاريع مهيكلة وواعدة
ماب
في ما يلي النص الكامل للخطاب الملكي:
"الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه،
السيدات والسادة رئيس وأعضاء المجلس الوطني التأسيسي،
السيدات والسادة رئيس وأعضاء الحكومة،
حضرات السيدات والسادة،
إنه لمن دواعي اعتزازي، أن أتواجد اليوم معكم في بلدي الثاني، تونس، التي تجمعها بالمملكة المغربية أواصر التاريخ والتراث الحضاري العريق، والأخوة المغاربية الراسخة والمصير المشترك.
ولا أخفيكم سرا، أنني كلما حللت بتونس، إلا ويخالجني مزيج من مشاعر التأثر والاعتزاز والأمل.
فأما التأثر، لأنني أشعر بأنني وسط أهلي، الذين أبادلهم نفس المحبة الصادقة، والوفاء الدائم. وهو ما تعكسه حرارة الاستقبال، وحفاوة الترحيب، التي خصصتموها لي، منذ وصولي إلى هذه الأرض الطيبة.
وأما الاعتزاز، لما يجمع أسرتنا الملكية بتونس الخضراء، وشعبها الأصيل، من علاقات أخوية، تضرب جذورها في أعماق التاريخ. إنها روابط روحية وإنسانية عميقة، قائمة على الإيمان بوحدة الانتماء والمصير المشترك.
وهو ما تؤكده الزيارات التي قام بها لتونس كل من جدنا ووالدنا المنعمين، جلالة الملك محمد الخامس، وجلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواهما. وخير دليل على ذلك "مبرة محمد الخامس" التي قام بتدشينها، رحمه الله، سنة 1957.
وأما الأمل، فيمثله حرصنا المشترك على ترسيخ أواصر الأخوة والتضامن، التي تجمع شعبينا الشقيقين، وعلى بناء علاقات تعاون مثمر بين البلدين، وجعلها نموذجا يحتذى في العلاقات المغاربية.
ووفاء لهذه الروابط، فقد خصصت لتونس أكبر عدد من الزيارات على صعيد البلدان المغاربية. كما أنني أعتبر دوما أن ما تعرفه تونس من تحولات، يهمني بصفتي "ملك المغرب"، ولكن أيضا كمغربي غيور على الأخوة المغربية التونسية.
ولا يفوتني أيضا، أن أستحضر، بكل تقدير، الدور الريادي لتونس في العديد من المجالات، وخاصة ما يتعلق منها بالنهوض بأوضاع المرأة والشباب.
حضرات السيدات والسادة،
يسعدني أن أتوجه إلى هذا المجلس الموقر، الذي يمثل تونس الجديدة، مشيدا بالجهود الدؤوبة، التي بذلها رئيسه وأعضاؤه، وبروح التوافق الإيجابي لكل مكوناته، جاعلين مصلحة الوطن هي العليا، وهو ما تكلل بإقرار دستور متقدم، يؤسس لمرحلة حاسمة في تاريخ تونس الشقيقة.
كما أعبر عن تقديري الكبير للدور الهام الذي يقوم به فخامة الرئيس السيد المنصف المرزوقي، ورئيس الحكومة السيد مهدي جمعة، وكذا لانخراط كافة القوى الحية التونسية في الحوار الوطني، من أجل إنجاح مسار الانتقال الديمقراطي.
وهنا نؤكد وقوفنا الدائم إلى جانب الشعب التونسي الشقيق في السراء والضراء.
كما نجدد دعمنا للجهود المبذولة من أجل توطيد دعائم دولة المؤسسات، والاستجابة للتطلعات المشروعة للشعب التونسي، إلى الحرية والديمقراطية، والكرامة والعدالة الاجتماعية، في إطار السيادة الوطنية والوحدة الترابية للبلاد.
وفي هذا السياق، فإن مواصلة الإصلاحات في مختلف المجالات، وإجماع كل مكونات المجتمع على رفض نزوعات التطرف والعنف والإرهاب، هو السبيل الأمثل لتحقيق آمال وتطلعات جميع التونسيات والتونسيين. وذلك بما يضمن الاستقرار السياسي، والارتقاء بأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.
وإننا لعلى يقين بأن كافة الأطراف تحذوها نفس الروح الإيجابية والبناءة لإنجاح الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية والتشريعية المقبلة.
حضرات السيدات والسادة،
وفاء للرصيد النضالي والحضاري المشترك لشعبينا الشقيقين، فإننا حريصون على مواصلة العمل الصادق، في سبيل تعزيز أواصر الأخوة والتعاون والتضامن التي تجمع بلدينا في مختلف المجالات، والارتقاء بها إلى مستوى شراكة استراتيجية نموذجية.
وفي هذا الصدد، يجب ترجمة الإرادة المشتركة لبلدينا، إلى مشاريع مهيكلة وواعدة، وخاصة في المجالات ذات الأولوية، التي تضع المواطن في صلب توجهاتها، وتعتمد مقاربة شاملة ومندمجة لمعالجة قضايا التنمية البشرية، وعلى رأسها التعليم والتكوين والتشغيل والصحة والمرأة والشباب.
وإن الاستثمار الأمثل للعلاقات المتميزة المغربية التونسية سيشكل، بالتأكيد، التجسيد الواقعي والعملي للتكامل المغاربي.
ذلك أن تحقيق طموحنا في بناء مغرب كبير، قوي وقادر على القيام بالدور المنوط به، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، يجب أن يرتكز على علاقات ثنائية وطيدة بين دوله الخمس من جهة، وعلى مشاريع اندماجية، تعزز مكانة ومسار الاتحاد المغاربي من جهة أخرى.
وإن المملكة المغربية لن تدخر أي جهد لتعزيز علاقاتها مع باقي البلدان المغاربية الشقيقة، التي تشاركها نفس الإرادة، إيمانا منا بأن التعاون الثنائي يشكل الأساس المتين للعمل المغاربي المشترك.
حضرات السيدات والسادة،
إن المنطقة المغاربية لا يجب أن تخلف موعدها مع التاريخ. كما لا يمكن لاتحادنا أن يبقى خارج منطق العصر.
غير أن التعطيل المؤسف للاتحاد المغاربي يحول دون الاستغلال الأمثل للخيرات والقدرات، التي تزخر بها بلداننا المغاربية.
بل إنه يرهن مستقبل منطقتنا، ويجعلها بعيدة عن التوجهات السائدة في مختلف مناطق العالم، التي لا تؤمن إلا بالتكتل والتكامل والاندماج، لتحقيق التطلعات المشروعة لشعوبها إلى المزيد من التنمية والرخاء والأمن والاستقرار.
فمخطئ من يعتقد أن دولة لوحدها قادرة على معالجة القضايا التنموية، والاستجابة للتطلعات المشروعة لشعبها، وخاصة مطالب الشباب المغاربي الذي يعد ثروتنا الحقيقية.
ومخطئ أيضا من يتوهم أن دولة بمفردها قادرة على حل مشاكل الأمن والاستقرار. فقد أكدت التجارب فشل المقاربات الإقصائية في مواجهة المخاطر الأمنية التي تهدد المنطقة، خاصة في ظل ما يشهده فضاء الساحل والصحراء من تحديات أمنية وتنموية.
ومخطئ كذلك من يعتقد أن الإبقاء على الوضع القائم، وعلى حالة الجمود التي يعيشها مغربنا الكبير، يمكن أن يصبح استراتيجية ناجحة، وخاصة التمادي في إغلاق الحدود الذي لا يتماشى مع الميثاق المؤسس للاتحاد، ولا مع منطق التاريخ ومستلزمات الترابط والتكامل الجغرافي. بل إنه يسير ضد مصالح الشعوب المغاربية، التي تتطلع إلى الوحدة والاندماج.
إن الاتحاد المغاربي لم يعد أمرا اختياريا، أو ترفا سياسيا، بل أصبح مطلبا شعبيا ملحا وحتمية إقليمية استراتيجية.
لكل هذه الاعتبارات، ما فتئنا ندعو، منذ سنوات، إلى انبثاق نظام مغاربي جديد، على أساس روح ومنطوق معاهدة مراكش التأسيسية التي أكملت عامها الخامس والعشرين.
نظام يتيح لدولنا الخمس مواكبة التحولات المتسارعة التي تعرفها المنطقة، وفق مقاربة تشاركية وشاملة كفيلة برفع مختلف التحديات التنموية والأمنية.
ومن هنا، فإن دول المغرب الكبير مدعوة، أكثر من ذي قبل، إلى التحلي بالإرادة الصادقة لتجاوز العقبات والعراقيل المصطنعة التي تقف أمام الانطلاقة الحقيقية لاتحادنا، في إطار من الثقة والحوار وحسن الجوار والاحترام المتبادل للخصوصيات الوطنية.
ولن يتأتى تحقيق تنمية شاملة لشعوبنا إلا بتوفير المناخ المناسب لإنجاز المشاريع الاندماجية الكبرى، خاصة استكمال إقامة منطقة التبادل الحر المغاربية، وبناء شبكات للربط تهم مختلف البنيات التحتية، وذلك لتسهيل حرية تنقل الأشخاص والخدمات والبضائع ورؤوس الأموال بين دول المغرب الكبير، مما سيمكن من فتح آفاق أوسع للتنمية، بما تعنيه من إفراز للثروات ولفرص الشغل، وخاصة بالنسبة للشباب.
وإن دعوتنا المتجددة إلى إرساء منظومة مغاربية متكاملة، تنطلق من اقتناعنا الراسخ بأهمية دور "اتحاد المغرب العربي"، في دعم القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
كما أنها تجسد إرادتنا في جعله فاعلا مؤثرا على الصعيد الإفريقي، من خلال إعطاء دور أكبر للتجمعات الجهوية الإفريقية.
وإضافة إلى ذلك، فإن انبثاق مغرب كبير مندمج، ينبغي أن يشكل مقاربة عملية ومضمونا ملموسا لتطلعات شعوب المنطقة، من شأنه أن يوطد الشراكة بين الدول المغاربية والجوار الأوروبي، سواء في إطار حوار خمسة زائد خمسة لغرب المتوسط، أو في النطاق الأوسع للتعاون الأورو-متوسطي.
حضرات السيدات والسادة،
إننا واثقون بأن الشعب التونسي الشقيق، بفضل عبقرية أبنائه وتشبثه بالعيش المشترك واعتزازه بانتمائه لوطنه، سيواصل جهوده الدؤوبة من أجل ترسيخ خياره السلمي وتعزيز وحدته وسيادته الوطنية وتحقيق التنمية الشاملة، في إطار مؤسساته الدستورية.
كما أن الشعب التونسي، من منطلق إيمانه الراسخ بالقيم الإنسانية المثلى ورصيده الحضاري العريق، سيواصل هذا المسار التاريخي، الذي لا رجعة فيه، على درب تحقيق التقدم الحضاري المبني على أسس التضامن الإنساني والتعايش السلمي.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.