سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ليلى الزوين: في 3 أشهر فقط عولجت 1052 جريمة إلكترونية وقدم 300 مشتبه به للعدالة رئيسة مصلحة مكافحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة بمديرية الشرطة القضائية
ليست كل الحروب الأمنية ضد الجريمة بمختلف أشكالها تخاض في العالم الواقعي. فهناك مسرح آخر لها تدار فيه أشد المعارك باستخدام أحدث الوسائل التقنية، ألا هو العالم الافتراضي، حيث لم يعد الأذى الجسدي والنفسي يلحق أشخاصا بعينهم، ممن سقطوا في فخاخ المبتزين والمشهرين والقراصنة وغيرهم، بل توسعت قاعدته لتشمل قائمة أكبر من الضحايا ببروز ظاهرة ترويج فيديوهات موثقة لجرائم عنيفة وبشعة، بعضها يتضمن وقائع حقيقية وغالبيتها مفبرك، وتتجلى خطورة أثرها في خلق إحساس وهمي عام بانعدام الأمن. المديرية العامة للأمن الوطني، وفي إطار الجهود المبذولة للتخفيف من العواقب الاجتماعية والاقتصادية الوخيمة لهذا النوع من الجرائم، اعتمدت استراتيجية شمولية ترتكز على محاور الهيكلة التنظيمية والموارد البشرية واللوجستية. وهي استراتيجية أثبتت فعالياتها، وخير دليل على ذلك نجاحها في رفع عدد قضايا الجرائم الإلكترونية المعالجة، التي وصل عددها، في الشهور الثلاثة الأخيرة فقط، إلى 1052، بعد تقديم ما يقارب 300 مشتبه به للعدالة. عميدة الشرطة ليلى الزوين، رئيسة مصلحة مكافحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة بمديرية الشرطة القضائية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، من خلال هذا الحوار الذي أجرته معها «الصحراء المغربية»، على هامش فعاليات الدورة الثالثة للأبواب المفتوحة للأمن الوطني المنظمة بمدينة طنجة، تبسط أوجه تزايد الاهتمام الأمني بمثل هذه الجرائم وكيفية التعامل معها، وأهمية الإرشاد في الوقاية منها.
*كيف واكبت المديرية العامة للأمن تحويل التطور التكنولوجي إلى أداة في خدمة الجريمة، وما الخطة التي اعتمدتها للتصدي لمخاطرها؟ مواكبة منها للتطور التكنولوجي ووعيا بمدى انتشار تقنية المعلومات والاتصال واستعمالها لأهداف إجرامية، تبنت المديرية العامة للأمن الوطني استراتيجية متعددة الأبعاد لمحاربة هذا النوع من الجرائم. وترتكز هذه الاستراتيجية على مجموعة من المحاور أهمها تعزيز قدرات البحث والتحري في هذا المجال، وخلق وحدات متخصصة في الجريمة الإلكترونية، منها المركزية، ويتعلق الأمر بالمصلحة المحدثة على مستوى مديرية الشرطة القضائية، وكذا المكتب الوطني الذي أنشئ على مستوى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ومنها الجهوية، التي يصل عددها إلى 29 تغطي مختلف مدن المملكة. وهي الآن بصدد خلق فرق جديدة بمدن أخرى. وتتجلى مهام هذه الفرق، إلى جانب البحث والتحري في جميع الجرائم الإلكترونية، في رصد المحتويات الرقمية والقيام بالأبحاث التقنية والميدانية تحت إشراف النيابة العامة قصد جمع الأدلة وتقديم المشتبه بهم إلى العدالة.
* انتشرت قبل أيام فيديوهات لجرائم عنيفة المحتوى بعضها يوثق لوقائع حقيقية وأخرى مفبركة رسخت الاعتقاد بعودة «التشرميل»، ما استدعى خروجا إعلاميا للمديرية العامة للأمن الوطني لدحض هذه الشائعات. كيف يجري التعامل مع «مقاطع الرعب» هاته؟ التعامل مع هذه الفيديوهات يكون بشكل فوري. فمديرية الشرطة القضائية تتوفر على نظام الرصد واليقظة الذي يشتغل 24 ساعة على 24 ساعة و7 أيام في الأسبوع. وتتمثل مهام هذا النظام في رصد المحتويات الرقمية المخالفة للقانون، سواء توثق لأفعال إجرامية حقيقية أو زائفة، والتي يكون الغرض منها تضليل الرأي العام. ويتعلق الأمر بأي محتوى رقمي سواء شريط فيديو أو تدوينة أو تعليق مخالف للقانون، الذي يكون موضوع أبحاث تقنية وميدانية تحت إشراف النيابة العامة.
* تزايد ضحايا الابتزاز والتشهير بشكل غير مسبوق في الفترة الأخيرة، ما هي الاستراتيجية المعتمدة لمكافحة هذه الجرائم، وكيف تساهمون في إنقاذ من يسقط في فخ هذه العصابات؟ جميع الشكايات التي يجري التوصل بها يفتح فيها بحث. ففي الأشهر الثلاثة الأخيرة لسنة 2019، وبالضبط إلى غاية 15 شتنبر الماضي، سجلت 1052 قضية، قدم على خلفيتها للعدالة ما يقارب من 300 مشتبه به. وبالمقارنة مع السنة الماضية التي بلغ فيها عدد القضايا المعالجة 788، نلاحظ أن هناك ارتفاعا يرجع السبب فيه إلى عدة عوامل. أول هذه العوامل هو انتشار استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال. بحيث يصل عدد المشتركين في الهاتف المحمول اليوم إلى 44 مليونا، كما أن هناك 23 مليون مشارك في الإنترنيت، أي بمعدل نفاد يصل إلى 65 في المائة. وهذا الإقبال على تقنيات التواصل الحديثة يؤدي بالضرورة إلى ظهور أساليب إجرامية جديدة، غير أن المديرية العامة للأمن الوطني تواكب ذلك بتعزيز قدراتها في مجال البحث والتحري. * لوحظ تفاعل كبير للشباب مع رواق الجريمة الإلكترونية، كيف تعملون على استغلال حدث الأبواب المفتوحة لتقوية مساهمة آلية الحماية الرقمية في الحد من الظاهرة؟ نقدم مجموعة من النصائح للزوار في الرواق الذي قسمناه إلى قسمين. قسم مخصص للأطفال وآخر للراشدين. فبالنسبة إلى الأطفال، نقدم لهم مجموعة من النصائح بطريقة سهلة تناسب أعمارهم، منها مثلا أنهم قبل الولوج إلى الإنترنت يجب الحصول على موافقة الآباء، واستعمال محركات بحث تناسب سنهم وليست محركات بحث يستعملها البالغون. كما نركز على حماية المعطيات الشخصية بتنبيههم إلى عدم التواصل مع أشخاص غرباء، وتجنب تقديم أي معلومة بشأنهم لمن ليست لديهم معرفة عن قرب به. كما نرشدهم إلى ضرورة أن جميع العمليات، التي يقومون بها على الإنترنت، يجب أن تكون تحت مراقبة أولياء أمورهم، بالإضافة إلى تخصيص ورشات تقنية لهم. أما الرواق الثاني، فنزود فيه البالغين بعدة معطيات تتحدث عن الابتزاز وشبكة الحاسوب و«الويفي»، وكيفية التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي. كما قمنا هذه السنة بإحداث تطبيق، يمكنهم من اختبار قدرات الحماية الرقمية الخاصة بهم، ويكشف لهم مدى إذا كانوا يتوفرون على حماية جيدة. وهذا كله رهن إشارتهم في رواق الجريمة الإلكترونية. تصوير: عادل غرفاوي