في صمت بعيدًا عن الضجيج.. المغرب يواصل إغاثة غزة    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    مصرع 18 شخصا بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية    مصرع خمسة أشخاص في حريق عبارة    مكتب نتنياهو يٌعلن إصابته بتسمم غذائي.. والصحافة العبرية تتهمه بافتعال المرض للتهرب من محاكمته    الإبادة مستمرة… مقتل 73 فلسطينيا ينتظرون المساعدات في غزة بنيران إسرائيلية    أمريكا تتسلم زعيم عصابة مخدرات    أولمبيك آسفي يتعاقد مع عماد عسكر    الديكتاتورية العائلية تفتك بحزب أخنوش في طنجة .. والانهيار بات وشيكاً!    طنجة.. توقيف 3 أشخاص وحجز كميات من الكوكايين والأقراص المخدرة    غزة: تنفيذ المرحلة الثالثة من حملات الإغاثة المغربية        إبراهيم دياز يغرس قيم النجاح في شباب مالقة            هذه خسائر حريق المركز التجاري بإمزرون والتجار يتضامنون بالإغلاق    تصدّع داخلي بجبهة البوليساريو بسبب أزمة موعد المؤتمر    مأساة على شاطئ سيدي قاسم.. غرق شرطي شاب يخلّف صدمة بين زملائه    معركة أنوال .. صفحة مشرقة في سجل الكفاح الوطني ضد الاستعمار    قرعة الدوري الاحترافي لموسم 2025 – 2026 .. مواجهة قوية مع صافرة البداية والديربي في الدورة الخامسة    بالصدى .. «الإدارة المغربية» وثقافة الإنصات    تظاهرة حاشدة في الرباط تندد بعدوان اسرائيل على غزة وتجويع أهلها(صور)    آسفي .. ليلة فنية تحتفي بأصالة العيطة وتجذرها في الهوية الوطنية    فيلدا يؤكد جاهزية المنتخب النسوي لنصف نهائي أمم إفريقيا    منتخب الشبان للجيدو يهيمن على بطولة إفريقيا    "حماية المستهلك" ترفض تلويح الصيادلة بالإضراب وتدعم الحكومة في خفض الأدوية    بعد ‬موقف ‬جاكوب ‬زوما ‬الداعم ‬لمغربية ‬الصحراء.. ‬الجزائر ‬ترسل ‬مبعوثيها ‬إلى ‬بريتوريا    العرائش ترفض طمس الشرفة الأطلسية    زلزالان قبالة أقصى الشرق الروسي    جمهور قياسي يختتم مهرجان تيفلت    احتجاجات بإسبانيا على معادلة رخص سائقي الشاحنات المغاربة    دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    لماذا تختلف القدرة على تحمل الألم من شخص لآخر؟    المغرب خارج قائمة ال50 الأوائل في الإنترنت المحمول.. وسرعة الثابت أقل بأكثر من أربعة أضعاف من فيتنام    بنكيران يطالب وهبي بالاستقالة بعد تسريبات التهرب الضريبي    مهرجان العيطة بآسفي.. أربع ليالٍ من الوفاء للتراث وروح الإبداع    الحسيمة تحتفي بانطلاق مهرجان الشواطئ بأمسية للفنان رشيد قاسمي    بالفيديو.. الدورة الصيفية لموسم أصيلة 46.. فنٌّ ينمو على إيقاع المدينة        يهم الجالية.. إسبانيا ترفع من مدة سفر "العاطلين عن العمل" دون فقدان الدعم    تراجع مفرغات الصيد الساحلي بميناء الصويرة إلى 7052 طنا    المنتخب الوطني المحلي لكرة القدم يفوز وديا على بوركينا فاسو (2-1)    تجديدات تنظيمية لحزب الاستقلال بجماعتي بني جرفط وخميس الساحل تعزز الحضور الحزبي بإقليم العرائش    تحذير من تسونامي في روسيا عقب زلزال بلغت شدته 7.4 درجات    قدس جندول تتوج بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان المسرح الحر بعمان    الداخلة تفتح أبوابها لهوليود و"The Odyssey" يبدأ رحلته من قلب الصحراء    خالد المريني: رائد الهوكي على الجليد في المغرب    استنكار اتحاد الصحفيين الرياضيين المغاربة لما تعرض له الزميل حسن بوطبسيل    تشاؤم الأسر المغربية يتفاقم بشأن أسعار المواد الغذائية وقدرتها على الادخار    الملتقى الدولي لفناني القصبة بأليكانتي: الفن في خدمة التبادل الثقافي والتنمية الإنسانية    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهدي جمعة: نعتمد على المغرب في حربنا على الإرهاب
رئيس الحكومة التونسية في حديث خاص لمجموعة 'لوماتان'
نشر في الصحراء المغربية يوم 14 - 11 - 2014

المهدي جمعة، رئيس الحكومة التونسية، مهندس فضل الانتقال إلى عوالم السياسة، وهو حائز على دبلوم من المدرسة الوطنية للهندسة بتونس سنة 1988، وحاصل على دبلوم الدراسات المعمقة في شعبة الميكانيك، واشتغل طيلة مساره المهني في شركة فرنسية متعددة الجنسيات، أصبح يشغل بها منصب المدير العام لمصلحة، مشرفا بذلك على فروعها في فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، والهند، وتونس.
دشن ضيفنا دخوله السياسي عقب فشل حمادي الجبالي في تشكيل حكومة الوفاق، وتعيين علي العريض رئيسا لوزراء الحكومة التونسية، حيث قرر العريض تكليفه بقطاع الصناعة في مارس 2013.
وعقب أزمة سياسية، ونتيجة وئام وطني، تم اختياره رئيسا للحكومة، وهي المسؤولية التي تقلدها منذ يناير 2014.
تقومون بزيارة للمغرب للمرة الثانية، منذ توليكم مسؤولية بلدكم، والتقيتم بنظيركم المغربي ثلاث مرات في غضون تسعة أشهر، ماذا يعني في نظركم تسريع وتيرة هذه اللقاءات؟
أظن أن هذه اللقاءات تندرج في سياق العلاقات التاريخية الودية جدا التي جمعت دائما المغرب وتونس، كما أنها تعكس وعي مسؤولي البلدين من أجل تقارب أكبر لمبادراتنا على المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية.
فبالنسبة لي إذن مهم جدا، القيام منذ تعييني في مهامي، بهذه الزيارات للمغرب، وقد حظيت بلقاء صاحب الجلالة وصديقي رئيس الحكومة، ولمست أهمية تونس بالنسبة لهما، كما لمست الأولوية التي تتميز بها العلاقات بين بلدينا. وهكذا، فنحن نشتغل ونعمل على تقوية تقارب وجهات نظرنا، وبناء علاقاتنا في إطار رؤية استراتيجية للمنطقة.
وأرى أن الزيارة التي قام بها صاحب الجلالة لتونس مكنت، بكل تأكيد، من إعطاء دفعة مهمة ونوعية لهذا التقارب.
ما هو إذن تأثير هذه الزيارة؟
بطبيعة الحال كانت زيارة ذات دلالات وأبعاد كبيرة. وعلاوة على جانبها الرسمي، فإن الحكومة كان لها شرف استقبال صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وكان هذا الشرف مضاعفا عندما قرر جلالته تمديد مقامه ببلدنا. وبالنسبة لكل التونسيين، فإن هذه الزيارة إشارة لصداقة في غاية الأهمية.
نحن نقدر مثل هذه الالتفاتة التي كان لها صدى إيجابي جدا على صورة تونس، في فترة كانت المنطقة تمر بمرحلة صعبة أعطت انطباعا غير إيجابي كثيرا عن تونس.
حقيقة كان لذلك أثر عميق في نفوسنا حكومة وشعبا.
يعمل المغرب من أجل تعاون جنوب - جنوب أفضل، وهو أمر جعله جلالة الملك من بين المبادئ الموجهة للسياسة الخارجية للمملكة، وخلال زيارة جلالته لتونس، انعقد المنتدى المغربي التونسي، هل يمكن القول إن مشاريع التعاون التي تم إطلاقها وقتها تسير بالوتيرة المطلوبة؟
أعتقد أن المعطى هو أحد الركائز القوية لزياراتنا الأخوية المتبادلة، وفي هذا الإطار أقوم بهذه الزيارة للمغرب. نعتقد أن علينا تسريع وتيرة مبادلاتنا الاقتصادية. أمامنا رهانات مشتركة، لكن أمامنا فرص مختلفة. يجب توحيد الجهود بين قوانا الاقتصادية من أجل السير كذلك نحو أسواق أخرى، وما نحن بصدد محاولة القيام به بطريقة أخرى هو دفع الفاعلين الاقتصاديين للعمل سويا بشكل مباشر. لم نعد بالنموذج الذي تقوم فيه الدولة بكل شيء، لذلك تم تسجيل العديد من اللقاءات بين رجال الأعمال والمستثمرين. وهناك بالفعل مشاريع ندعمها ونشجعها بصفتنا حكومة، من أجل خلق الفرص، سواء من هذا الجانب أو من ذاك، ولكننا أيضا نعمل من أجل البحث سويا عن تلك الفرص.
المحللون يتساءلون كيف يمكن أن نجعل هذا التعاون مثمرا، علما أن الاقتصادين تطبعهما التنافسية بالنظر إلى أوجه التشابه الكبيرة بين البلدين؟
لا أعتقد ذلك، فأنا أعرف جيدا مكونات الاقتصاد المغربي ولدي دراية أعمق بالنسيج الاقتصادي التونسي، أعتقد أنه حتى على مستوى القطاع نفسه الذي نتنافس فيه نحن الاثنان، يجب علينا سلك الطريق التي تضمن لنا الاستمرارية، والاستثمار وغزو أسواق أخرى ليكون الحظ في مجال تنافسي عالمي مفتوح. ورغم أن لدينا التخصصات نفسها، يجب علينا التعاون وتوحيد جهودنا، وهذا ما سيشكل قوتنا، وأرى أن هناك الكثير من أوجه التقارب بين الفاعلين الاقتصاديين في بلدينا، وهناك الكثير من التقارب بين تحدياتنا، وهذا ما يجب أن يوحدنا ويمنحنا القوة. وبالتالي أنا أرى أن ما يجب أن يجمعنا هو التعاون والتكافل وليس التنافس.
صرحتم عندما توليتم الحكم أن تونس تحتاج إلى ثلاث سنوات على الأقل لإجراء إصلاح اقتصادي عميق، يتطلب شجاعة وجرأة. حددتم أولويات على هذا المستوى خصوصا تقليص الدعم والقيام بإصلاح ضريبي. ألا تخشون تأثر خارطة الطريق التي رسمتم بالتغيرات السياسية التي تحصل الآن؟
فعلا هذا ما صرحنا به وسنبقى مخلصين لهذا التشخيص وعلى ضرورة القيام بتعديلات شجاعة بالنسبة للسنتين أو الثلاث سنوات المقبلة. وشرعنا في هذا. وفي قانون المالية الإضافي الذي قدمناه للبرلمان في يوليوز الماضي أدخلنا بدايات الإصلاح الضريبي ونظام الدعم، فضلا عن إصلاحات أخرى مرتبطة بالقطاع البنكي، والعدالة الضريبية وسنواصل مسيرتنا في هذا الاتجاه.
وأعتقد أننا دخلنا في نمط جديد للعمل السياسي، الشيء الذي يعتبر مهما مع التناوب الحكومي: يجب ضمان استمرارية الدولة. وما نقول هو شيء أساسي وبنيوي ولا يجب أن يرتبط بالنخب التي تتغير وهذا يجب أن يكون رهانا، وهذا أول أمر، أما الأمر الثاني فيهم أنه قبل إطلاق هذه الإصلاحات أطلقنا حوارا وطنيا حول الاقتصاد، وهو الحوار الذي أشركنا فيه كل القوى السياسية والاجتماعية وكذا الخبراء. بعد ذلك قامت الحكومة بالاختيارات، ولكن أعتقد أن هذا أساسي لضمان استمرارية هذا العمل، وأطن أنه إذا كان هناك تمت شيء يتفق عليه الكل، فهو ضرورة إصلاح الاقتصاد التونسي، واستكشاف كل المؤهلات الهائلة.
عندما ننتقل من حكومة تقنوقراطية إلى حكومة سياسية ألا تعتقدون أنه يكون من الأصعب القيام ببعض الإصلاحات خصوصا ما يرتبط بالقدرة الشرائية مثلا؟
أعتقد أن الأهم ليس هو الانتقال من حكومة تقنوقراطية إلى أخرى سياسة، لكن الأهم هو الانتقال إلى حكومة كفاءات التي يحتاجها الناس، ولكن كيفما كانت سياسية أو غير ذلك، ليس هذا هو السؤال، أعتقد أن هناك وعي لدى الكل: اليوم لا يتعلق الأمر بوضع شخص في مركز ما فقط لأنه ينتمي إلى حزب، لكن قبل كل شيء يجب أن يكون كفئا لأنه يمكن أن نضمن استمرارية الإصلاحات كما يعطي مصداقية وقبول من طرف المواطنين.
أتعتقدون أنه حاليا أن الاطر الكفأة مستعدة للاندماج في الحياة السياسة؟
أنا ممكن أن أنطلق من تجربتي، نصف حكومتي تم توظيفها في العالم في الجهات الأربع من العالم، من برازيل إلى لندن ثم باريس إلى نيويورك. هناك في كل مكان تونسيون يحبون بلدهم والذين يعتقدون أن البلد في حاجة إليهم وأن الظروف ملائمة من أجل وضع قدراتهم المهنية وخبراتهم رهن إشارة البلد، أظن أنهم لن يبخلوا على بلدهم وأنهم سيعطون لبلدهم ما منحهم وهم صغار.
كيف تصفون تونس بعد الانتخابات التشريعية؟ هل نحن أمام مرحلة انتقالية أو مرحلة توطيد المكاسب والإصلاحات، أم أن تونس تعد ضمن حضيرة الدول الديموقراطية؟
بكل موضوعية، أظن أنه بانتهاء من هذه الانتخابات، سنطوي صفحة مرحلة انتقالية كبيرة، شكلت في عمقها مخاضا للديموقراطية، وهو أمر مهم، لكن يجب تعزيز كل ذلك وتقوية كل المكاسب، نحن في مرحلة جديدة وعلينا تعلم السير على هذا النهج بشكل صحيح لتطوير آفاقنا. وأقول إن الانتقال لم يكن يوما محكوما بتاريخ محدد، بل يستمر بشكل تدريجي. وبكل صراحة سنستمر في الفعل الانتقالي، وأنا متأكد أن المرحلة الحرجة تم تجاوزها، فنحن لنا اليوم دستور، ومؤسسات، وحول هذه النقطة أضيف أن إنشاء مؤسسات تتكون من أشخاص تم اختيارهم عبر التصويت يشكل مرحلة انتقال، وهذه الأمور طبعت أيضا السلوك والتجربة السياسية التونسية وهذا الأمر سيستمر.
إننا عندما نتحدث عن الفترة الانتقالية، فهذا لا يعني فقط الانتقال السياسي، لأنه من أجل ضمان استمرارية هذا النظام السياسي الجديد، يجب أيضا ضمان الانتقال الاقتصادي والاجتماعي بالموازاة مع ذلك.
إذن، الأمر يشبه مختلف مراحل تصنيع صاروخ واحد، إذ الأمر يستدعي وضع منظومة ميكانيكية معينة، وهذا يتطلب وقتا.
لكن الأهم هو أننا قمنا بكتابة أول صفحة من ميلاد ديموقراطية، وأنا أرى أن تونس تتوفر على كل العناصر الأساسية لتعزيز وتكريس هذه التجربة وضمان نجاحها، وبالتالي إعطاء الأمل للشباب وللجيل التونسي الجديد.
من خلال تجربتكم الطويلة في القطاع الخاص، كيف تبيعون المنتوج التونسي للمستثمرين؟
تونس لها مؤهلات جوهرية، فهي تتميز بموقعها الجغرافي على مفترق ثلاث فضاءات كبرى، إفريقيا، والعالم العربي الإسلامي وأوروبا، هذا إلى جانب الخبرة. كما أن تونس تعد كذلك خزانا كبيرا للموارد البشرية المؤهلة، وهي بلد منفتح جدا، ويمتلك عوامل مهمة للتنافسية، وإطار عيش رائع، علاوة على أنها عملت أخيرا على تأكيد نضجها وانفتاحها، وكل هذا يتعزز بشفافية أكبر الآن، ومناخ أعمال أكثر صفاء.
وهكذا، فإن مجموع هذه العناصر، برؤية تتضح تدريجيا، فإن الاستقرار سيعطي نفسا مهما لجاذبية تونس الاقتصادية.
تحدثتم عن العالم الذي صار ينتظم في تكتلات. لكن المغرب العربي يعاني صعوبات على مستوى وحدته، ما هو موقف تونس حيال هذا التأخر؟
موقفي أترجمه أولا من خلال حضوري هنا. ففي غضون شهرين، هذه هي زيارتي الثانية للمغرب، وإذا ما أضفت إلى ذلك زيارة جلالة الملك وكذا زيارة نظيري رئيس الحكومة المغربية، فهذا يعني مدى إيماننا القوي بأنه بإمكاننا خلق دينامية للمستقبل، في إطار ضرورة مواجهة ورفع مختلف التحديات التي أمامنا اقتصادية وأمنية... وأعتقد أن هذه الدينامية انطلقت وعلينا أن نتوحد أمام التهديدات التي تحدق بمجموع المنطقة، وهذا نوع من التأسيس والبناء الذي نقوم به، بالإضافة إلى تشجيعنا لفاعلينا الاقتصاديين الخواص من أجل تقوية مبادلاتهم.
ورغم كل الصعوبات الموجودة على أرض الواقع، التي لا يمكن تجاهلها، والتي تعود إلى حقبة معينة، هناك دينامية تم خلقها، وأنا واثق أننا سنكمل هذا البناء، بتصور وبأسلوب وبطريقة مختلفة تماما.
هل يمكننا التعرف بشكل أكثر على هذا التصور الجديد؟
إنها المبادلات الاقتصادية، والمبادلات بين الأشخاص، ومواجهة الأمور الاستراتيجية الكبرى للمنطقة. نلاحظ أن هناك إشارات في هذا الاتجاه، فعندما يلتقي جزائري وتونسي ومغربي في الخارج نلاحظ أنه ليس بينهم فرق كبير، نشعر بأننا موحدون، وهي ليست فقط وحدة فكرية وثقافية أو تاريخية، بل هي أيضا وحدة المصالح، فأنا أرى هذه الدينامية المستقبلية للمنطقة من خلال هذا المنظور.
لنعد الآن إلى مسألة عدم استقرار المنطقة، بلدكم يوجد في قلب منطقة مضطربة، كيف تتعاملون مع هذه الوضعية، علما ان قوات الأمن التونسية وجيشها غير معتادين على إدارة التهديد الإرهابي؟
تماما، نواجه منذ الثورة تهديدا إرهابيا لم تكن هويته معروفة، لكنه ظهر منذ عامين ونصف. إنه أمر حديث بالنسبة إلى تونس المعروفة بهدوئها واستقرارها وانفتاحها، بعيدا عن كل أشكال العنف والتطرف، لكن حين تغيرت الأمور استغل الإرهابيون ضعف الدولة بعد الثورة، ألا أن المعادلة آخذة في التغيير. أنجزنا هذا في مرحلتين رئيسيتين. بعد التحاقنا بالحكومة، شاهدنا ما حدث وقيمنا الوضع، وقمنا بتحليل ما هو داخلي وما هو خارجي، وشرعنا في العمل من الداخل. يتعلق الأمر بمساعدة أجهزة الاستخبارات على العمل بسرعة وبفعالية لمواجهة هذه التهديدات الإرهابية، وعموما نحن نعمل مع جميع قوى النظام، والجنود لتزويدهم بالأدوات والوسائل الضرورية ليصبحوا خير ضامن لأمن الدولة، وهذا ما حدث فعلا، بحيث تمكنا من تفكيك العديد من الشبكات، وأن كنا نتلقى من حين لآخر بعض الضربات، مثلما يحدث في الحرب، فرجالنا ملتزمون ومستعدون لتقديم التضحيات اللازمة لاستقرار بلادهم.
بخصوص ما يأتينا من الخارج، هناك الارتباط المالي واللوجستي الذي يأتي من ليبيا، لهذا عملنا على تعزيز حدودنا وحققنا خطوة مهمة في هذا الصدد.
في الواقع، نسيطر أحسن فأحسن على تدفق السلع، والأشخاص، لكننا على وعي بأن النار مازالت محيطة بنا. نحن نفعل كل ما هو ضروري على الصعيد الدبلوماسي، كما هو الحال مع جميع أصدقائنا في المنطقة، وأماكن أخرى، لاحتواء هذا الوضع، لدينا مبادئ للقيام بذلك، دون تدخل مباشر من الخارج لأننا نرفضه.
في المقابل، ندعو إلى الحوار مع جيراننا الليبيين، وهذا هو ما يعمل به في كل مكان، ولكن نحن نحافظ على يقظتنا للحماية من هذا التهديد الحقيقي المتمثل في الاتجار بالأسلحة، وانتشار الجماعات الإرهابية... في إطار علاقتنا بالليبيين نبرهن عن تضامننا معهم بدون نقص، نحتضنهم رغم محدودية إمكانياتنا، ولكننا نتخذ الاحتياطات اللازمة.
أفهم أنكم تؤيدون التعاون الإقليمي عوض التدخل الأجنبي. هل هناك فعلا تعاون؟ وهل يجب تعزيزه؟ وهل تشعرون به؟
لدينا شعور بأن جميع دول المنطقة تشعر بأنها معنية بقوة التهديدات، فعندما يكون بلد مثل ليبيا، حيث تعجز الدولة عن السيطرة على مجموع أراضيها، فهذا يعني أن هناك فعلا تهديدا حقيقيا ومشتركا، وتدركون بكل بساطة أن المبادلات والتعاون بخصوص هذه المسألة مكثف وجدي مع جميع دول جوار ليبيا، كما أننا نأخذ في عين الاعتبار ما يقع في الشرق الأوسط، لأن كل ذلك مرتبط ببعضه. ومع أصدقائنا المغاربة لدينا مبادلات مباشرة جدا ومتعددة، وقد كانت لي الفرصة للتباحث مع نظيري بل وأيضا الحصول على دعم جلالة الملك، من أجل تكثيف هذه المبادلات وتقاسم خبراتنا، ثم إن هناك تشاورا دائما من أجل معالجة جميع الأخطار التي تهدد بلدينا.
بالفعل، إن دعم صاحب الجلالة بصفته أميرا للمؤمنين، تجسد أيضا من خلال موافقته على طلب تكوين الأئمة التونسيين، أين وصل هذا المشروع؟
قبل كل شيء، الأمر يتعلق هنا ببعد مهم، لأننا نتكلم عن العنف والإرهاب ونحن في إطار المعالجة الأمنية، نعلم أن هذا الأمر أساسي لكنه غير كاف.
لأننا في تونس لنا وعي أكيد، ونعمل مع كل البلدان الصديقة التي لها تجربة جيدة في هذا المجال، والمغرب، كما هو معلوم، له خبرة، ونحن في حاجة إلى الاستفادة منها.
صاحب الجلالة ورئيس الحكومة عملا على تشجيعنا وتحفيزنا، وهناك طلبة سيأتون للتكون هنا، وسنعمل على استلهام تجربة المغرب لإنشاء مدرسة للتكوين بتونس، وفي هذا السياق سنتعاون مع المدارس المغربية، لأن من واجبنا أن نعطي لشبابنا خطابا عكس خطاب التطرف، خطاب يستجيب أكثر لمبادئ ديننا الذي هو دين التسامح والانفتاح، ونحن نفتخر ونعتز به كثيرا.
إذن، نلمس هنا أنه في إطار التصدي للتهديد الإرهابي وارتفاع المد التطرفي، هناك الجانب الأمني وأيضا البعد المرتبط بالتكوين والتأطير، وهنا نعتمد على التجربة المغربية. وهناك أيضا الجانب الاجتماعي والاقتصادي الذي لا محيد عنه لمواجهة هذه الظاهرة.
قضية الصحراء تهم كل المغاربة وهي قضية شعب بكامله، والمغاربة يقدرون دائما الموقف الودي لتونس. هل هذا الموقف تطور؟
لنا موقف واضح جدا وغير قابل للتغيير: الحياد الإيجابي بخصوص هذه القضية، ونحن نتمنى أن يجد هذا المشكل بهذه المنطقة طريقه للحل.
المغاربة والجزائريون والتونسيون يشكلون شعوبا متقاربة جدا، وسنقوم بكل ما في وسعنا للاضطلاع بمبادرات مع هؤلاء وهؤلاء، حتى نرى هذه الشعوب تعيش في سلام ووئام.
ما هي الإسقاطات السياسية للسيد المهدي جمعة؟
أنا في مهمة، وعلى وشك إنهائها، لكن عندما لا نسمع صفارة الحكم هذا يعني أننا لم ننته بعد. وإلى الآن حققنا الكثير على مستوى الاستقرار السياسي، ووقفنا في وجه العديد من التهديدات التي تضغط على تونس.
وتقدمنا على صعيد تنظيم الانتخابات، فالاستحقاقات البرلمانية مرت في أجواء جيدة، وحظيت باستحسان المنتظم الدولي. وعلي أن أنهي الانتخابات الرئاسية، وانتظار تشكيل فريقي الجديد، في غضون فبراير ومارس، وبعدها سأعود لحياة مدنية عادية.
وإذا التمس منكم التونسيون البقاء في منصبك؟
التونسيون صوتوا على فرق يثقون بها، وعليها أن تطمئنهم. وأنا قمت بمهمتي مع التزامي بعدم الترشح، وأنا عند التزامي، وقلت من قبل أنني سأنهي مهمتي وآخذ فترة استراحة، ومازلت أتشبث بذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.