احتل المغرب مراتب متأخرة نسبيا في التصنيف العالمي الجديد لسرعة الإنترنت، حسب ما أظهره تقرير "سبيد تيست غلوبال إندكس" الصادر في منتصف يوليوز 2025 والذي يشمل بيانات الأشهر الثلاثة السابقة، من أبريل إلى يونيو، ويعتمد لأول مرة على ما يُعرف ب"عتبة الدقة" لتحديد الدول المدرجة في التصنيف، سواء بالنسبة للإنترنت الثابت أو المحمول. وفي ما يتعلق بالإنترنت الثابت، جاء المغرب في المرتبة 96 عالميا من أصل 152 بلدا تم إدراجهم، بسرعة تحميل تبلغ 61.43 ميغابت في الثانية، وهي سرعة أقل بكثير من المعدل العالمي الذي حدده التقرير في 103.09 ميغابت في الثانية للتحميل و56.75 ميغابت في الثانية للرفع، وبزمن استجابة بلغ في المتوسط 8 ميلي ثانية.
بهذا التصنيف، تقدم المغرب على بلدان إفريقية وعربية، بما في ذلك مثل الجزائر (المركز 133 بسرعة 23.21 ميغابت في الثانية)، وتونس (المركز 142 بسرعة 16.32 ميغابت)، وموريتانيا (130، بسرعة 25.43 ميغابت)، في حين تخلف عن مصر التي جاءت في المركز 69 بسرعة 90.12 ميغابت في الثانية، وقطر التي جاءت في المركز 26 بسرعة 206.07 ميغابت. أما على صعيد الإنترنت عبر الهاتف المحمول، فقد احتل المغرب المركز 59 عالميا من بين 103 دولة، بسرعة تحميل بلغت 67.06 ميغابت في الثانية، متجاوزا بذلك المعدل العالمي البالغ 91.79 ميغابت في الثانية، ولكن متأخرا بشكل ملحوظ عن دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فمثلا، تصدرت الإمارات العربية المتحدة التصنيف العالمي بسرعة مذهلة بلغت 546.14 ميغابت في الثانية، تلتها قطر بسرعة 517.44 ميغابت، والكويت في المركز الثالث بسرعة 378.45 ميغابت، وفقا لما أورده التقرير الصادر عن شركة "أوكلا" المالكة لمنصة "سبيد تيست". ويعبر ذا التباين بين أداء المغرب في شبكتي الإنترنت الثابت والمحمول عن واقع البنية التحتية الرقمية في البلاد، والتي أحرزت تقدما ملحوظا في السنوات الأخيرة من حيث توسيع نطاق التغطية وتوفير خدمات الجيل الرابع، بل وإطلاق خدمات الجيل الخامس 5G في بعض المدن الكبرى، لكن ما تزال تتعثر في مواكبة المعايير العالمية من حيث السرعة والجودة، خصوصا في مجال الإنترنت الثابت. وتشير معطيات التقرير إلى أن المغرب عرف تحسنا طفيفا على مستوى الإنترنت الثابت، حيث صعد ست مراتب مقارنة بالتقرير السابق، وهي قفزة تُحسب لصالح مجهودات التوسيع التي تقودها شركات الاتصالات الوطنية، ولكنها تظل غير كافية بالنظر إلى حجم الفجوة التي تفصل المغرب عن المعدلات الدولية أو حتى الإقليمية. فعلى سبيل المثال، تحتل فرنسا المرتبة الثالثة عالميا في الإنترنت الثابت بسرعة 319.43 ميغابت، والإمارات المرتبة الخامسة بسرعة 313.90 ميغابت، فيما تحافظ دول آسيوية مثل كوريا الجنوبية (279.73 ميغابت) والصين (250.26 ميغابت) على مراتب متقدمة تعكس استثمارات ضخمة في البنية التحتية الرقمية. ويكشف التقرير أيضا أن بعض الدول النامية قد استطاعت تحقيق تقدم ملموس، كما هو الحال في فيتنام التي احتلت المرتبة 19 في الإنترنت الثابت بسرعة 232.75 ميغابت في الثانية، وهو ما يفوق بأربعة أضعاف سرعة الإنترنت في المغرب، وهو مؤشر على أن المسألة ليست فقط متعلقة بالإمكانات الاقتصادية، بل أيضا بالاختيارات الاستراتيجية وتحديث الأطر التنظيمية. وفي منطقة شمال إفريقيا، تبرز مصر مجددا كنموذج للتقدم، خاصة في الإنترنت الثابت، حيث سجلت سرعة تفوق 90 ميغابت واحتلت المرتبة 69، وهو ما يعكس استثمارات قوية في هذا المجال في السنوات الأخيرة، بينما تراجعت الجزائر إلى المرتبة 133 وسجلت سرعة لا تتجاوز 23.21 ميغابت. أما تونس، فجاءت في ذيل التصنيف تقريبا، ما يشير إلى تحديات مشتركة في المنطقة، إلا أن المغرب يبقى بحاجة إلى مضاعفة الجهود إذا أراد اللحاق بركب التحول الرقمي الذي يشكل ركيزة أساسية في خطط التنمية المستدامة. من جانب آخر، يحظى المغرب بموقع متوسط في تصنيف الإنترنت المحمول، حيث تفوق على دول مثل المكسيك (المركز 82، بسرعة 46.37 ميغابت في الثانية)، والأردن (80، بسرعة 47.23 ميغابت)، ولبنان (81، بسرعة 46.85 ميغابت)، إلا أنه لا يزال بعيدا عن مستويات دول صاعدة مثل الهند التي احتلت المركز 26 بسرعة 133.51 ميغابت، أو ماليزيا التي بلغت سرعتها 156.55 ميغابت وجاءت في المرتبة 17 عالميا. ومع ذلك، فإن التقرير يُظهر أيضا فجوة في العدالة الرقمية داخل الدول، فحتى في الدول ذات التصنيف العالي، غالبا ما تتفاوت سرعات الإنترنت بشكل كبير بين المدن الكبرى والمناطق القروية، وهي مسألة لا يستثنى منها المغرب. كما أن تقرير "أوكلا" لا يتطرق فقط إلى متوسط السرعة، بل يعتمد أيضا على ما يُعرف ب"عتبة الدقة" التي تمكن من إدراج الدول ذات العينة الإحصائية الكافية، أي أن هذا التصنيف يعكس فقط الدول التي تتوفر على بيانات دقيقة ومعتمدة. جدير بالذكر أن التقرير يميز بين الإنترنت الثابت الذي يتم توصيله عبر كابلات الألياف البصرية أو ADSL، والإنترنت المحمول الذي يعتمد على شبكات الهاتف المحمول،الجيل الثالث والرابع والخامس، وهو ما يجعل المقارنة بين الدول أكثر دقة وشمولا. وقد أشار التقرير إلى أن "الجيل الجديد من المنافسة بين مزودي خدمات الإنترنت يتمركز الآن حول الإنترنت عالي السرعة من فئة "الجيغابت""، مما يعني أن المنافسة العالمية لم تعد تقتصر فقط على تقديم الخدمة، بل على السرعة وجودة الأداء والتغطية الشاملة.