أنهى المشاركون في الكونغرس العالمي الثالث والثلاثين من أجل فعالية و تطوير المدرسة، مساء الجمعة بمراكش، أشغالهم بتجديد الالتزام بتعزيز علاقات التعاون شمال جنوب و جنوب جنوب في قضايا التربية والتكوين ذات الاهتمام المشترك، وتوثيق أواصرها في أفق بناء شراكات طموحة تدعم إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي وتساهم في تحقيق أهداف التنمية. وأكد المشاركون في هذا المؤتمر الذي نظم على مدى أربعة أيام، على أهمية تطوير منظومات التربية والتكوين بشكل يجعلها قادرة على مواجهة التحديات التي تطرحها التحولات الكبرى التي يعرفها مجتمع اليوم، وتدعو جميعها إلى اعتبار المدرسة فضاءا ديناميا يحظى بكل المؤهلات التي تجعله يستجيب لتطلعات الأجيال المتلاحقة، ويلبي حاجيات المجتمع. واعتبر المشاركون في هذا المؤتمر العالمي، الذي نظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمبادرة من وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، والمركز المغربي للتربية المدنية، بالتنسيق مع (المؤتمر الدولي حول فعالية وتطوير المدارس)، أن الطفرة التكنولوجية التي يشهدها العالم على مستوى الاتصال و تبادل المعلومات، تدعو بإلحاح إلى تفعيل رؤية متكاملة لإدماج التعليم ضمن شروط الانتقال الرقمي بشكل يعزز دمقرطة الحق في المعرفة واستيعاب أكبر لتطورها السريع. و شدد المشاركون الذين يمثلون أزيد من 70 بلدا من مختلف أنحاء المعمور، على أن قضية التربية والتعليم تشكل رهانا كونيا، لا يخص المصير الاقتصادي والاجتماعي للمجتمعات، و إنما يرتبط بشكل وثيق بترسيخ القيم الكونية ككفايات للعيش المشترك التي تحمي سكان العالم من مخاطر التعصب والعنصرية العمياء والحقد. و نوهوا إلى ضرورة النهوض بالدور الحاسم الذي تقوم به المدرسة في تعزيز هذه القيم. المشاركون في المؤتمر اعتبروا أيضا أن النهوض بالتربية والتعليم هو المدخل لكل تنمية، و بوابة رئيسية لتحقيق أهداف الألفية للتنمية، وأرضية لتقليص الفوارق الاجتماعية، بتمكين الشباب من أسباب الاندماج في الدورة الاقتصادية، واستفادتهم من خيرات النمو، ليتحولا إلى عامل إيجابي في تنمية محيطهم. وتميزت هذه التظاهرة الدولية بحضور حولي 1000 مشارك يمثلون خبراء وباحثين ممارسين في المجال التربوي وهيئات وطنية ودولية، إلى جانب منظمات حكومية وغير حكومية معنية بالتربية والتكوين والبحث العلمي ينتمون لأزيد من 70 دولة، بالإضافة الى استعراض تجارب مدارس مختلفة في مجال إصلاح النظم التربوية ضمنها الإستراتيجية الوطنية لاصلاح منظومة التربية والتكوين بالمغرب 2015/ 2030، التي تمت مناقشتها مع خبراء دوليين مرموقين. وحظيت هذه التظاهرة، بأهمية بالغة بالنسبة للمغرب لكونها تنعقد لأول مرة ببلد إفريقي وعربي لتبادل التجارب والخبرات في المجال التربوي. وشكلت هذه التظاهرة الدولية الكبرى فرصة للمشاركين من أجل تبادل الخبرات والتجارب وأنجع السبل لتحسين المنظومات التربوية، ومناسبة للمغرب وإفريقيا والعالم العربي للاستفادة من الممارسات الفضلى في مجال التربية والتكوين. ويروم هذا المؤتمر الدولي تبادل التجارب مع مدارس متنوعة في مجال إصلاح النظم التربوية، إلى جانب إبراز صورة المملكة كوجهة لاستثمارات اقتصاد المعرفة وتكريس سياسة المغرب في القارة الإفريقية من خلال حضوره ليس فقط كشريك اقتصادي، بل أيضا كفاعل مهم في تطوير التعليم على مستوى القارة، حيث عرفت هذه الدورة مشاركة 20 بلدا إفريقيا. وتم خلال هذا المؤتمر عرض أزيد من 400 مداخلة، في اطار محاضرات وورشات عمل وموائد مستديرة، مكنت المشاركين من تبادل الممارسات الناجحة لتحسين جودة التربية والتكوين والارتقاء بالمدرسة كحلقة أساسية في تحقيق التنمية. وشملت أشغال هذه التظاهرة العالمية، مجموعة من المحاور البالغة الأهمية تهم على الخصوص"التربية وتمكين الشباب لتأهيلهم بهدف تعزيز مشاركتهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية" و"تحسين الجودة بالمدارس"، و"الارتقاء بالممارسات التعليمية"، و"تعزيز أدوار صانعي القرار والباحثين والممارسين في تحقيق التغيير المدرسي" و"الارتقاء بتدريس العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات"، و"التوجيه المدرسي" و"القيادة التربوية" و"تحسين التعليم الدامج للأطفال المهاجرين واللاجئين"، فضلا عن محور "تقوية الحكامة بالمؤسسات التعليمية عبر إرساء مشروع المؤسسة". ومن المنتظر أن تحتضن دولة نيوزيلاندا الدورة الرابعة والثلاثين من المؤتمر العالمي من أجل نجاعة وتطوير المدرسة.