وزارة الثقافة تعلن الإطلاق الرسمي لمشروع تسجيل "فن زليج فاس وتطوان" على قائمة يونسكو للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية    تطور جديد في ملف "إنتي باغية واحد".. متابعة دي جي فان بتهمة تهديد سعد لمجرد    نواب "العدالة والتنمية" يطالبون بلجنة تقصّي حقائق في صفقات الدواء وسط اتهامات بتضارب المصالح بين الوزراء    قمة متناقضة بين "الماط" المتصدر ورجاء بني ملال الأخير    الأستاذ اللبار يدعو إلى رفع مستوى العناية بذوي الاحتياجات الخاصة    حجز أزيد من 23 ألف قرص مخدر وتوقيف شخصين بالدار البيضاء    "التقدم والاشتراكية" يعلن رفضه لمشروع قانون مالية 2026 ويصفه ب"المخيّب للآمال"    الملك يهنئ محمود عباس ويجدد دعم المغرب لحقوق الشعب الفلسطيني    "ترانسافيا" تطلق أربع رحلات أسبوعياً بين رين وبريست ومراكش على مدار السنة    إطلاق الموسم الفلاحي الجديد مع برنامج بقيمة 12.8 مليار درهم وتوزيع 1.5 مليون قنطار من البذور المختارة    محام: المحجوزات تتراكم في المحاكم    ترامب يلمح لقرار بشأن فنزويلا والجيش الأمريكي يبدأ عملية ضد تجار المخدرات في أمريكا اللاتينية    نشرة انذارية تحذر من امطار قوية بالمناطق الشمالية    طقس ممطر في توقعات اليوم السبت بالمغرب    الركراكي: علينا المحافظة على الثقة في هذه المجموعة ونحن نعرف كيفية تحقيق الفوز    خطاب "العُكار": حين يفضح "أحمر الشفاه" منطق السلطة..تحليل نقدي في دلالات وأبعاد تصريح وزير العدل حول الفساد    الجديدة تحتضن المؤتمر العام الإقليمي للاتحاد العام للمقاولات والمهن بحضور شخصيات وازنة    هل تستطيع الجزائر تفكيك سردية العداء لبناء وطنها المُتخيَّل؟ .    مباراة ودية بطنجة .. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الموزمبيقي بهدف لصفر    المغرب يهزم الموزمبيق ودياً بهدف أوناحي.. والركراكي: "لدينا اليوم أسلحة متعددة وأساليب مختلفة"    الشرطة تحجز آلاف الأقراص المخدرة    المسرحية المغربية "إكستازيا" تهيمن على جوائز الدورة 30 لمهرجان الأردن المسرحي    ترقية استثنائية لشرطي بآسفي بعد تعرضه لاعتداء خلال تأمين محيط مؤسسة تعليمية    المنتخب المغربي يهزم موزمبيق وديا.. أوناحي يسجل أول هدف في ملعب طنجة بعد تجديده    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    تداولات بورصة الدار البيضاء سلبية    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2026    الجزائر.. إجلاء عشرات العائلات جراء حرائق غابات كبيرة غرب العاصمة    المغرب يُنتخب لولاية ثانية داخل اللجنة التنفيذية لهيئة الدستور الغذائي (الكودكس) ممثلاً لإفريقيا    الطرق السيارة بالمغرب.. افتتاح فرع مفترق سيدي معروف بمعايير هندسية وتقنية دقيقة    أبوظبي.. ثلاثة أعمال أدبية مغربية ضمن القوائم القصيرة لجائزة "سرد الذهب 2025"    إطلاق المرحلة الثالثة من تذاكر "الكان"    مبديع: "أنا ماشي شفار ومنطيحش ريوكي على فلوس الجماعة"    أمطار رعدية ورياح قوية بعدة مناطق    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للكشف والتحسيس بداء السكري    جنوب إفريقيا تحتجز 150 فلسطينيا    شَرِيدٌ وَأَعْدُو بِخُفِّ الْغَزَالَةِ فِي شَلَلِي    متابعة "ديجي فان" في حالة سراح    بوانوو: بلاغ وزارة الصحة لم يحمل أي معطى حول شبهة تضارب المصالح ولم يشرح التراخيص المؤقتة للأدوية التي يلفها الغموض التام    إحباط محاولة لاغتيال أحد كبار المسؤولين الروس    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    الملك يهنئ خالد العناني بعد انتخابه مديرا عاما لليونسكو    موقع عبري: الجالية اليهودية في المغرب تفكر في استخراج جثمان أسيدون ونقله إلى مكان آخر بسبب دعمه ل"حماس"    شركة الإذاعة والتلفزة تسلط الضوء على تجربة القناة الرابعة في دعم المواهب الموسيقية    تصفيات مونديال 2026.. مدرب إيرلندا بعد طرد رونالدو "لا علاقة لي بالبطاقة الحمراء"    بوعلام صنصال بعد الإفراج: "أنا قوي"    رشق الرئيس السابق لاتحاد الكرة الإسباني بالبيض في حفل إطلاق كتابه    مدير المخابرات الفرنسية: المغرب شريك لا غنى عنه في مواجهة الإرهاب    مجلس النواب يصادق على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026    المركز الثقافي الصيني بالرباط يُنظّم حفل "TEA FOR HARMONY – Yaji Cultural Salon"...    تحطم مقاتلة يصرع طيارين في روسيا    المسلم والإسلامي..    دراسة: لا صلة بين تناول الباراسيتامول خلال الحمل وإصابة الطفل بالتوحد    مرض السل تسبب بوفاة أزيد من مليون شخص العام الماضي وفقا لمنظمة الصحة العالمية    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل من مصلحة إسبانيا أن تبقى دولة أوربية مستعمرة لسبتة ومليلية؟
نشر في المساء يوم 16 - 05 - 2010

عندما كانت إسبانيا بصدد وضع لبنات الانطلاق على سكة الديمقراطية، بعد تولي العاهل الإسباني خوان كارلوس مقاليد الحكم، لم يشأ المغرب، الذي كانت له ولا تزال ملفات عالقة مع الجارة الشمالية، أن يشغلها بغير المسار الداخلي الذي اختارته عن اقتناع وطواعية.
ويذهب مراقبون إلى أن الموقف المغرب الداعم لقيادة خوان كارلوس كان من بين عوامل أخرى أسهمت في بلورة الوعي الديمقراطي، من منطلق أن وجوده على رأس الدولة شكل ضمانة قوية ذات أبعاد داخلية وخارجية. ومن المفارقات أن العلاقات المغربية الإسبانية، التي مكنت البلدين الجارين من تجاوز مشاكل المواجهة الحاسمة في منتصف سبعينيات القرن الماضي حول مستقبل الساقية الحمراء ووادي الذهب، انجذبت إلى هوامش التوتر والأزمات حول قضايا أخرى.
ما يعنيه هذا الواقع أن بلدين تجنبا المواجهة في استعادة أرض كانت تحت النفوذ الإسباني سنوات طوال، لا يمكنهما أن يسقطا في مزالق الهزات الارتدادية لمشاكل أخرى، بصرف النظر عن تباين المواقف حيالها، لأن العبرة التي استخلصها الجاران، عبر تحقيق جلاء الجيش والإدارة الاسبانيين من الصحراء المغربية، من خلال الحوار والمفاوضات، هو أن هذه المنهجية تبقى أفضل وسيلة لاحتواء الأزمات الناشئة، مهما كانت نوعيتها وطبيعتها. وبالتالي، فإن تلك المنهجية، التي تعتمدها الدول الرصينة التي تحترم حقوق الغير، تظل هي المسلك الذي لا بديل عنه في التعامل مع ملف المدينتين سبتة ومليلية المحتلتين شمال البلاد. لم تعد العلاقات بين الرباط ومدريد ذات بعد ثنائي، بالرغم من أهمية هذا الجانب في الارتقاء بها أو التأثر سلبيا بها، بل أصبحت تندرج في إطار أشمل يطال التزامات البلدين الجارين في إطار الاتحاد الأوربي، ويسجل لإسبانيا أن على عهد رئاستها الاتحاد الأوربي، انعقدت أول قمة مغربية أوربية ضمن أجندة الوضع المتقدم الذي أصبح المغرب يحظى به، بدعم من فرنسا وإسبانيا ودول أوربية أخرى مثل إيطاليا والبرتغال وبريطانيا كذلك.
هكذا تطورت الأمور في اتجاه آفاق جديدة، لن يكون أبعدها العمل من أجل التخلص من كل الرواسب التي تؤثر في مسار العلاقات بين الطرفين، سواء طال أمد الاحتلال الإسباني لمدينتي سبتة ومليلية أو قصر، نتيجة حتمية الجلاء، لأنه لن يكون في مصلحة إسبانيا أن تبقى دولة أوربية تنعت باستمرار باحتلالها لأراضي الغير. فقبلها انسحبت بريطانيا من مستعمرة هونغ كونغ، وانجلت البرتغال عن جزيرة مكاو، وبات منطق العصر يفرض على الدول الأوربية أن تتعامل مع مستعمراتها السابقة ندا للند، خصوصا أن تحديات مشتركة تواجهها بلدان الجوار المغربي، تملي إقامة مزيد من جسور التعاون في القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية والإستراتيجية.
وكما أن البلدان الأوربية لا يمكنها تجاهل أن امتداداتها الطبيعية تلزمها بالانفتاح أكثر على بلدان الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، وفي مقدمتها المغرب، فإن هذا الانفتاح سيكون أكثر إيجابية، حين تخلو علاقات المغرب وإسبانيا من كل الشوائب. فثمة تحديات أمنية أبانت عن الحاجة إلى قيام درجات عالية من التنسيق والتشاور والتعاون في الحد من ظاهرة الهجرة السرية وتنامي تجارة المخدرات وتزايد المخاوف من التطرف والإرهاب. وثمة تحديات اقتصادية وسياسية تفرض إعادة النظر في تراتبية هذه العلاقات، للانتقال إلى أفق شراكة واسعة النطاق.
إسبانيا توجد في وضعية جغرافية كبوابة للفضاء الأوربي، الذي ما فتئ يزداد اتساعا، بعد انضمام أعضاء جدد إلى الاتحاد الأوربي، والمغرب بدوره محكوم عليه أن يظل بوابة إفريقيا، مما جعل كلا منهما يفكر في أنجع الطرق للإفادة من هذا الموقع الجغرافي المتميز. ولعل فكرة الربط القاري بين إفريقيا وأوربا التي تراوح مكانها، بسبب صعوبات مالية وسياسية لم تصل بعد إلى هذا الاقتناع بالبدء في إنجاز مشروع هائل، من شأنه أن يعيد الحوار الأوربي الإفريقي إلى نقطة الانطلاق الحقيقية.
غير أن ما يجب ملاحظته أن المشروع ظهر على خلفية التوافق الكبير بين البلدين الجارين. وفي دلالات ذلك أن هذا التوافق يدفع في اتجاه بناء علاقات ثقة وتفاهم وتعاون بين بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط شمالا وجنوبا. وليس هناك أفضل من توافق بهذا الحجم وهذه الأهمية، يسمح بالتداول في مستقبل المدينتين المحتلتين، بقدر أكبر من الحكمة والتعلق والإذعان للحقائق.
قد تتفق بعض الأطراف مع المستشار يحيى يحيى في لجوئه إلى تقديم استقالته من رئاسة مجموعة الصداقة المغربية الإسبانية، وقد تختلف أطراف أخرى، بالنظر إلى الطابع الانفعالي في إثارة موضوع له حساسيات كثيرة، لكن ذلك لا يحول دون استمرار الحوار السياسي والشعبي بين فعاليات مغربية وإسبانية للبحث في أفضل الطرق الممكنة لتجاوز الخلافات القائمة.
وإذا كان الطابع الرسمي لعلاقات البلدين الجارين ينحو في اتجاه إعطاء الفرصة لعامل الزمن ولتوالي التطورات السياسية وإنضاج الظروف المواتية، فإن ذلك لا يجب أن يفهم بأنه بمثابة إقرار بالأمر الواقع. ففي قضايا السيادة لا يكون هناك إلا حل واحد، والتقادم لا يعني، ألبتة، أن الملف غير مطروح، فهو لم يوضع في أي فترة في الرف، ولكنه يتحين الفرصة الملائمة لدفع البلدين معا لمباشرة مسؤولياتهما لإنهاء وضع غير طبيعي.
وسواء نزعت الإدارة الإسبانية إلى الدخول في حوار عميق وكثيف مع المغرب حول هذه القضية أو حاولت إرجاء الموضوع، فإنه يظل حاضرا، ومن الأفضل تضافر الجهود للتغلب على مضاعفاته، إن لم يكن بطرحه على الطاولة الآن، فمن خلال إعداد الأجواء الملائمة لإعادة طرحه في الظرف الذي يجعل ذلك الطرح يقود إلى إنهاء المشكل من خلال توافق تاريخي كبير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.