الشعباني: "سنواجه فريقا متمرسا في نهائي الكونفدرالية"    نجاح كبير للدورة ال16 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    طلاب مغاربة يتضامنون مع نظرائهم الغربيين الداعمين لغزة    عاجل.. رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز يقرر البقاء في منصبه    إدارة السجن المحلي بوجدة تنفي ما نقل عن والدة سجين بخصوص وجود آثار ضرب وجرح على وجهه    "غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة    أبرزها الاستبعاد من بطولات إفريقيا.. العقوبات المنتظرة على اتحاد العاصمة بعد انسحابه أمام نهضة بركان    المنتخب المغربي يتأهل إلى نهائي البطولة العربية على حساب تونس    بيدرو سانشيز يكشف قراره النهائي بخصوص الاستمرار في منصبه    مجلس المنافسة: 40 في المئة من الخضر والفواكه بالمغرب تتعرض للتلف    النفط يهبط 1% مع استمرار محادثات وقف إطلاق النار في غزة    تقرير: نمو "سياحة المغامرات" يتخطى 19% بحلول 2032    بنكيران: "مرشحو العدالة والتنمية لا تهزمهم المنافسة الشريفة بل استعمال المال ورئيس الحكومة يختبئ وراء الملك"    تيزنيت.. 5 نقابات صحية تدعو لفتح تحقيق معمّق بشأن شبكة المؤسسات الصحية    السكوري…المخاطر المهنية يمكن تفاديها بإرساء نظام فعال للسلامة وثقافة وقائية    للمنافسة عالميا.. جهود مغربية لتطوير صناعة الألعاب الإلكترونية    أسعار الذهب تتراجع مع انحسار آمال خفض سعر الفائدة الأمريكية    حكيمي يتوج رفقة باريس سان جيرمان بالدوري الفرنسي    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس الجائزة الكبرى لجلالة الملك محمد السادس للقفز على الحواجز بالرباط    الدرهم يتراجع ب 0,46 في المائة مقابل الأورو    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    حادث سير خطير بالقرب من المحكمة الابتدائية يتسبب في إصابة خمسة أشخاص    المشتبه فيه فقتل التلميذة "حورية" بصفرو قرقبو عليه بوليس فاس: العملية الأمنية شاركت فيها الديستي وها فين لقاو المجرم    النائب المرابط إلى وزير التربية الوطنية: إحداث ثانوية بجماعة بليونش ستكون له انعكاسات جد إيجابية تربويا واجتماعيا    واش يبقى ولا يستاقل. اليوم يتحدد مصير رئيس الحكومة الصبليوني. خدا ويكاند باش ياخد قرارو بعد اتهام مراتو بالفساد    ماركا: المغرب يستغل الفرصة.. استعدادات متقدمة لنهائيات كأس العالم وسط فضائح الاتحاد الإسباني    منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سبعة من عمالها    الصين: "بي إم دبليو" تستثمر 2,8 مليار دولار اضافية شمال شرق البلد    بالفيديو.. الجيش الإسباني ينفذ تمارين عسكرية على الحدود مع الناظور    الحكومة والنقابات توقعات على زيادات عامة في الأجور وتخفيضات في الضريبة على الدخل    200 مليون مسلم في الهند، "أقلية غير مرئية" في عهد بهاراتيا جاناتا    تقرير: المغرب وإسرائيل يسعيان تعميق التعاون العسكري رغم الحرب في غزة    يوسفية برشيد يضع قدمه الأولى في القسم الثاني بعد التعادل مع تطوان    رواد مركبة الفضاء الصينية "شنتشو-17" يعودون إلى الأرض في 30 أبريل    هجوم مسلح يخلف سبعة قتلى بالاكوادور    إدارة أولمبيك خريبكة تحتح على الحكام    "عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم" مراسل بي بي سي في غزة    "العدالة والتنمية" يندد بدعوات إلى استقالة ابن كيران بعد خسارة انتخابات جزئية    "العدالة والتنمية" ينتقد حديث أخنوش عن الملك خلال عرض حصيلته منددا بتصريح عن "ولاية مقبلة"    بايتاس: ولوج المغاربة للعلاج بات سريعا بفضل "أمو تضامن" عكس "راميد"    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    الأسير الفلسطيني باسم خندقجي يظفر بجائزة الرواية العربية في أبوظبي    الفيلم المغربي "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    التاريخ الجهوي وأسئلة المنهج    طنجة "واحة حرية" جذبت كبار موسيقيي الجاز    تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية لفن الخطابة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار
ولد الداهي : يجب على الجنرالات أن يأتوا ببرهانهم إن كانوا صادقين
نشر في المساء يوم 19 - 08 - 2008

يقدم محمد ولد الداهي – المحاضر بالجامعات الأمريكية وأحد المقربين من الجنرال محمد بن عبد العزيز – صورة مخالفة عن الانقلاب الذي قاده هذا الأخير ضد الرئيس المنتخب ديمقراطيا سيدي ولد الشيخ عبد الله باعتباره حركة تصحيحية للمسار الديمقراطي بجارتنا الجنوبية . ويكشف عن جزء من المبررات التي يسوقها العسكر في الكواليس لإقناع الدول الغربية بسلامة ما قاموا به من أجل الحفاظ على مصالحهم , وينبه إلى أهم الأخطاء التي قد يقع فيها الحكام الجدد الذين يساندهم .
وأكد الداهي - المرشح لمنصب في الحكومة الانتقالية التي سيعينها العسكر - أن ما يجري حاليا مع الفرنسيين في الكواليس هو مخالف لما تم الإعلان عنه، فالمسؤولون بباريس حسبه عبروا من خلف الستار عن تفهمهم لما حدث بموريتانيا، و«سيتم القبول بالأمر الواقع والتعامل مع الحكام الجدد قريبا حسب ما أكده لي المقربون من الجنرال محمد بن العزيز» يقول . ونبه المقرب من قائد الانقلاب إلى أن استمرار توفر المفسدين على الأموال غير المشروعة وشراؤهم بواسطتها مواقف الأحزاب وأصوات المواطنين سيجعل الديمقراطية بموريتانيا لا تأتي بالنتائج المرجوة.
< كيف تنظر إلى الموقف الفرنسي المعلن تجاه الانقلاب الذي حدث بموريتانيا؟
- إن هذا الموقف الفرنسي الذي تم التصريح به قد فاجأ كثيرا جنرالات موريتانيا، خاصة وأن العملية التصحيحية التي نفذوها لم تكن تصب لمصلحة موريتانيا فقط، وإنما هي عملية تراعي مصالح دول الجوار والدول الغربية كذلك.
فالرئيس المخلوع رخص لأحزاب دينية متشددة، كانت من خلال السياسات التي تدعو إليها تهدد الأمن في المنطقة بأسرها، وفي نفس الوقت أدلى هذا الرئيس ببراءة الأشخاص المتهمين بالإرهاب والذين تمت محاكمتهم وإثبات أدلة واضحة ضدهم، وكان من أبرز الجرائم التي ارتكبوها قتل المواطنين الفرنسيين وبعض رجال الأمن الموريتانيين.
< لكن ما الذي يجعلك تقول إن الموقف الفرنسي كان مفاجئا للعسكر؟
- أولا دعني أقول لك إنه من المعروف في السياسة الغربية أن تكون هناك تصريحات للاستهلاك لدى الرأي العام، وهو ما نراه الآن في التصريحات الرسمية للفرنسيين، وهناك ما يجري ويدور خلف الستار، وهو غير موجه للرأي العام.
وأنا أؤكد لك أن ما يجري حاليا مع الفرنسيين في الكواليس هو مخالف لما تم الإعلان عنه، فالمسؤولون بباريس عبروا من خلف الستار عن تفهمهم لما حدث بموريتانيا، وسيتم القبول بالأمر الواقع والتعامل مع الحكام الجدد قريبا حسب ما أكده لي المقربون من الجنرال محمد بن عبد العزيز.
< هل سبق للفرنسيين أن أعطوا ضوءا أخضر للجنرال محمد بن عبد العزيز للقيام بالانقلاب كما تروج لذلك بعض الجهات؟
- لا أظن أن الأمر قد تم بهذا الشكل، ولا يمكنني أن أجيب عن سؤال ما الذي كانت تعلمه فرنسا قبل تنفيذ العملية التصحيحية. لكني أؤكد لك أنه بعد خطاب الرئيس المخلوع الذي هدد فيه بحل البرلمان إذا ما تم إرغام حكومته الأولى على الاستقالة، عقد لقاء مع السلك الديبلوماسي المعتمد بنواكشوط ليشرح لهم مستجدات الوضع السياسي بالبلاد، وبالموازاة عقد لقاء خاصا بالسفير الفرنسي وسفير الاتحاد الأوروبي، وقال لهما بالحرف إنه متأكد من كون الجنرالات سيسعون إلى القيام بالانقلاب عليه، وإنه سيحل البرلمان.. فأجابه السفير الفرنسي أنه لا يرى أي سبب لحل البرلمان، وأن الجيش حريص على الديمقراطية في موريتانيا ويعمل على صيانتها، وفي نفس الجلسة قال له السفير الأوروبي إن الاتحاد ليست لديه ميزانية خاصة لمساعدة موريتانيا على تنظيم انتخابات برلمانية جديدة.
وبعد هذا اللقاء قرر الرئيس المخلوع التراجع عن قرار حل البرلمان، وإقالة حكومته الأولى.
< وما الذي جعل الفرنسيين يغيرون موقفهم بعد ذلك؟ هل لأن الجنرالات لم يستجيبوا لطلبهم بتشكيل مجلس الدولة من مدنيين إلى جانب عسكريين؟
- لست متأكدا من صحة هذا المعطى، لكني بالفعل وجدت من يقول في الأوساط السياسية الموريتانية إن الفرنسيين طلبوا من الجنرال محمد بن عبد العزيز في اليوم الأول من العملية التصحيحية إشراك المدنيين في المجلس الذي سيسير شؤون البلاد. أما المهم بالنسبة إلي وبالنسبة إلى الجنرالات فهو ألا يتم اتخاذ أي قرار لا يكون في مصلحة موريتانيا، لأنه من المسائل التي جعلت تنحية الرئيس المخلوع ضرورية والتلاعب من طرفه بمصلحة البلاد، وإعطاء الأسبقية لمصالح الآخرين على حساب مصالح الموريتانيين.
< ما الذي تقصده بمصالح الآخرين؟ هل تريد الإشارة إلى انتماء الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله إلى الطريقة التيجانية أم إلى ترجيح مصالح دولة أو دول أجنبية محددة؟
- ما أعنيه بإعطاء الأسبقية لمصالح الآخرين، وتعيينه للأقارب في النسب أو الجهوية أو الرابطة الروحانية. فإذا نظرنا إلى تشكيلة الحكومة الأولى التي أرغمت على الاستقالة فسنجد فيها أغلبية ساحقة من التيجانيين، ومن أقارب الرئيس. وأكثرية هؤلاء هم من المفسدين المتلاعبين بالمال العام والمعروفين بهذه الصفة لدى المجتمع الموريتاني. كما صدم الموريتانيون حينما وجدوا في حكومة الرئيس المخلوع نفس الأشخاص الذين كانوا يعملون لصالح الرئيس ولد الطايع، إلى درجة أن العديد من الموريتانيين بدؤوا يقولون إنه لم يفت الرئيس المخلوع إلا أن يعين ولد الطايع نفسه لتكتمل التشكيلة.
< من هم هؤلاء الذين عرفوا بفسادهم كما تقول وعينهم الرئيس المخلوع في حكومته؟
- هناك مثلا رئيس الوزراء ولد الواقف الذي يعرف في موريتانيا بإسهامه المباشر في إفلاس الشركة الوطنية للغاز، والخطوط الجوية الموريتانية. والشيخ العافية ولد محمد خونا الذي كان رئيسا للوزراء في عهد ولد الطايع، وعينه الرئيس المخلوع وزيرا للخارجية في حكومته الأولى. والسيد بيجل ولد حمديت الذي كان يعرف كأكبر متلاعب بالمال العام في موريتانيا والذي أصبح من أغنى أغنياء البلد، بعدما مر على جميع المناصب في عهد ولد الطايع وعينه الرئيس المخلوع كاتبا عاما للحكومة.
لهذا فإنه من أبرز الشروط التي نطرحها كأطر تدعم العملية التصحيحية على الجنرالات هو تصفية الحساب مع هؤلاء الأشخاص وتقديمهم إلى العدالة لتبت في شؤونهم وترد إلى الشعب الموريتاني الحقوق التي ضيعوها منه.
< هذا ما يدعو إليه البرلمانيون المساندون للانقلاب.. فما الذي جعل الجنرالات يختارون هذا الاتجاه بعد الانقلاب؟
- أولا هذا مطلب جزء من الشعب الموريتاني والكثير من أطره، وليس مطلبا للجنرالات، وللتوضيح أقول إنه ما دامت هذه الجماعات المفسدة تتوفر على الأموال التي كسبتها بطرق غير شرعية، فإنها ستكون دائما صاحبة نفوذ على السياسة الموريتانية بصفة سلبية. وهذا ما كان على الحكومة الانتقالية بقيادة الكولونيل علي ولد فال أن تقوم به بعد الإطاحة بالنظام الفاسد للرئيس معاوية ولد الطايع.
وإذا كنت أتفهم أن السبب الذي منع ولد فال من تقديم هؤلاء إلى العدالة هو الحرص على السلم الاجتماعي فإن المفسدين لم يفهموا الرسالة ولم يغيروا من ممارساتهم، بل واصلوا تقديم مصلحتهم الشخصية على المصلحة العامة لموريتانيا.
< وماذا عن انتماء الرئيس المخلوع إلى الطريقة التيجانية واتهامك له بتعيين وزراء ومسؤولين تيجانيين؟
- يكفي من الأدلة على ترجيح الرئيس المخلوع لرابطته الروحية للتيجانيين على المصلحة العامة للموريتانيين هو أنه بمجرد دخوله إلى القصر الرئاسي ملأت صور شيخ التيجانية السينغالي ابراهيم بنياس أجنحته، وهذا أمر علم به الشعب الموريتاني، وكانت الحكومة الأولى تضم 12 وزيرا تيجانيا، وأصبح لقادة التيجانية نفوذ قوي جعل العديدين يلجؤون إليهم بقراهم من أجل الظفر بمنصب حكومي أو بمصالح الدولة.
وإلى جانب التيجانيين نجد أن هناك نسبة كبيرة من الوزراء والسفراء والمستشارين ومديري المشاريع الذين ينحدرون من ولاية البراكما التي ينتمي إليها الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله.
< وحين قلت إن الرئيس المخلوع كان يمنح الأسبقية لمصالح دول أجنبية على مصلحة موريتانيا هل قصدت تعامله الخاص مع فرنسا على حساب دول الجوار؟
- بالفعل الرئيس السابق كان يعطي أهمية خاصة لفرنسا أكثر من دول الجوار كالمملكة المغربية. ربما قد يقول قائل إن هذا الأمر يعود إلى النفوذ الفرنسي في السياسة الموريتانية بحكم الروابط التاريخية التي جمعت بين مستعمر ومستعمرته، كما أن الرئيس كان يعلم أن أي محاولة لتنفيذ انقلاب عسكري لا يمكنها أن تتم أو تنجح إلا بترخيص فرنسي.
< هل أفهم أن الجنرال محمد بن العزيز قد استشار الفرنسيين قبل تنفيذ الانقلاب الأخير؟
- ليست لدي أي أدلة تفيد بأن فرنسا قد رخصت بهذه العملية التصحيحية، لكني أرجح أنها ستبدي عما قريب تفهمها لما حدث.
< ما الذي يجعلك متأكدا من هذا الأمر؟
- تجري الآن الاتصالات على مستوى عال بين القادة في موريتانيا ووزارة الخارجية الفرنسية من أجل أن تدعم هذه الأخيرة العملية التصحيحية. وما يصلني من أخبار حول هذه الاتصالات يجعلني متفائلا بخصوص تغيير الموقف الفرنسي تجاه ما قام به الجنرالات، لكن مهما كانت النتيجة فإن مصلحة موريتانيا تمثل الأولوية في قرارات الجنرالات، فإذا نجحوا في كسب الموقف الفرنسي فإن هذا سيكون في مصلحة الجميع، وإن رفضت فرنسا الدعم العلني للعملية التصحيحية فإن موريتانيا ستكمل مسيرتها لتحقيق الديمقراطية والتنمية المستدامة.
< وبم تفسر عدم إغلاق الحدود البرية مع المغرب يوم الانقلاب بخلاف ما تم مع باقي دول الجوار؟
- المملكة المغربية تهتم كثيرا بحالة الاستقرار في موريتانيا، والحكومة المغربية ساهمت كثيرا في التطور الحاصل ببلدنا، أما الحدود المغربية الموريتانية فلم يسبق أن مثلت في الماضي أي خطر أمني على الموريتانيين، وهذا بخلاف الحدود المالية والجزائرية التي تتواجد بها جماعات سلفية إرهابية تهدد أمن موريتانيا، وقد سبق لهذه الجماعات أن نفذت عملية اعتداء على ثكنة مغيط. ومعلوم لدينا أن عناصر الجيش الأمريكي تتواجد بهذه المناطق من أجل منع وقوع اعتداءات مماثلة.
< وكيف تلقيتم الموقف المغربي الرسمي من الانقلاب؟
- المغرب أبدى تفهمه لهذه العملية التصحيحية، وجلالة الملك محمد السادس بعث موفدا رسميا لموريتانيا، واقترح على مجلس الدولة إطلاق سراح بعض المحتجزين كان من بينهم الوزير الأول السابق، وقد لبى المجلس الموريتاني طلب جلالة الملك.
< وما هي الأسباب الحقيقية للموقف الجزائري؟ هل كانت للرئيس المخلوع علاقات فوق العادة بالنظام الجزائري أم ماذا؟
- مجلس الدولة الموريتانية استغرب كثيرا من موقف الجزائر الرسمي، وأنا شخصيا لم أفهم دوافعه، ولا أرى له أي مبرر. الجزائر مثل موريتانيا مهددة بالإرهاب، ومن المسائل التي تعهد بها الجنرال محمد بن عبد العزيز هي محاربة الإرهاب في المنطقة مهما كان الثمن، وتقديم الجماعات السلفية المتواجدة في موريتانيا إلى المحاكم لتبت في شأنها، والجميع يعلم أن الكثير من هؤلاء قد تدربوا بمعسكرات القاعدة في الجزائر، ومن المطلوب أن يكون هناك تعاون أمني وثيق بين دول الجوار للنجاح في محاربة الإرهاب.
أما بخصوص الرئيس المخلوع، فما أعلمه هو أنه كان يربط علاقات وطيدة بليبيا وليس بالجزائر، والدليل على ذلك هو أن وزيره الأول الواقف قد أرغم على الانتظار لمدة 35 دقيقة بمطار العاصمة الجزائرية قبل أقل من شهرين، كرد فعل على تصريحات رئيس البرلمان الموريتاني حول الصحراء التي كانت لفائدة المغرب.
< وما سر علاقة الرئيس المخلوع الوطيدة بليبيا؟
- الرئيس المخلوع كانت له علاقة وطيدة بالنظام الليبي كما برهنت زياراته الدائمة لهذا البلد، وتعهدت الحكومة الليبية بتقديم المساعدات المالية لموريتانيا، لكن الذي أعلمه أن الجنرالات وبجانبهم المخابرات الموريتانية كانوا دائما متوجسين من هذه العلاقة فيعتبرون أنها لا تصب في مصلحة موريتانيا، ولا أظن أن مجلس الدولة سيكشف عن أسرار هذه العلاقة، وإنما سيعتمدونها كأدلة فقط من خلف الستار لتساعد الدول الغربية على تفهم العملية التصحيحية التي قاموا بها.
< وهل صحيح أن الجنرالات يحتفظون بأدلة تدين زوجة الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله بخصوص المؤسسة الخيرية التي ترأسها؟
- هذه مسألة مدنية، ولا علاقة لها بالسياسة والذين أثاروا الموضوع هم البرلمانيون وليس الجنرالات وذلك من زاوية محاربة الفساد، والقضاء قد يقول كلمته لتتم إدانتها إذا توفرت أدلة ضدها أو تبرئتها إذا انعدمت أدلة الإدانة.
وإذا كان هناك أي نفوذ للجنرالات في هذا الاتجاه، فمن الواجب عليهم أن يقدموا الرئيس المخلوع وزملاءه من المفسدين إلى العدالة حتى يثبتوا صحة الأدلة التي بررت قيامهم بالعملية التصحيحية، لأنه إذا لم تتم محاكمة الرئيس وجماعته فإنه بعد سنتين أو ثلاث سنوات سنعود إلى نفس الوضع. إذن فمن اللازم أن تحتجز أموالهم ويحاكموا لتتم إدانتهم إذا توفرت أدلة حقيقية ضدهم، فاستمرار توفر المفسدين على الأموال غير المشروعة وشراؤهم بواسطتها مواقف الأحزاب وأصوات المواطنين فإن الديمقراطية بموريتانيا لن تأتي بالنتائج المرجوة.
< وهل تتصور أنه بالإمكان محاكمة الرئيس وأتباعه أمام الضغط الدولي المطالب بإعادة الشرعية الدستورية إلى البلاد وعودة العسكر إلى ثكناتهم؟
- أنا لا أرى أنه من الممكن القيام بذلك فقط، بل أرى أنه أمر ضروري لأننا نجد من ضمن الأسباب التي برر بها العسكر الانقلاب هو توفرهم على أدلة قاطعة تفيد تورط الرئيس في الفساد والمس بمصلحة البلد، لذلك أقول إنه على الجنرالات أن يأتوا ببرهانهم إن كانوا صادقين.
< لكن من بين الذين ساندوا الانقلاب وانشقوا عن حزب الرئيس المخلوع هناك مسؤولون سابقون في نظام ولد الطايع من مثل وزير داخلية أسبق ومدير حملة انتخابية؟
- نعم، أنا أحذر الجنرال محمد بن عبد العزيز من هذه الجماعات المرتزقة التي ناصرت ولد الطايع في عهده، وناصرت الحكومة الانتقالية بعد الانقلاب عليه، وناصرت سيدي ولد الشيخ عبد الله، بل وشجعته على تنحية الجنرالات، وتظهر الآن على شاشات القنوات الفضائية تبارك هذه العملية التصحيحية.
من الواجب على الجنرال أن يتبرأ من هؤلاء مهما كانت قيمتهم السياسية والاجتماعية في موريتانيا، لأن ظهورهم في الصورة إلى جانبه يضر بمصداقية ما قام به من عملية تصحيحية، خاصة وأن الشعب الموريتاني يعلم حقيقة هؤلاء الأشخاص، فالمفسد مفسد في الأصل، ولا يعني انضمامه أو مباركته لعملية تصحيحية حصوله على البراءة من تهمة الفساد.
وهذا قلته للرئيس محمد بن عبد العزيز مباشرة، وبصراحة إذا أعاد رموز نظام ولد الطايع إلى الحكم فلن يكون هناك أي فرق بينه وبين الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله.
< وما الذي يجعلك تدافع عن حكم العسكر بموريتانيا وتؤيد إنقلابا نفذ ضد رئيس انتخب بطريقة ديمقراطية؟
- أنا لا أدافع عن بقاء العسكر في الحكم بل أدافع عن ديمقراطية حقيقية ودائمة.
ولو كنت متأكدا من أن الجنرالات قد قاموا بهذه العملية التصحيحية من أجل قضاء مصالح شخصية أو ديكتاتورية لتبرأت منهم، ولناشدت المنتظم الدولي بمعاقبتهم. أما الذي أعلنوا عنه الآن فهو إعادة موريتانيا إلى السكة السليمة التي ستقودها إلى ديمقراطية حقيقية ودائمة من خلال تنظيم انتخابات رئاسية شفافة في أقرب وقت ممكن، وبشروط تفسح المجال لتنافس الشرفاء والنزهاء وليس المفسدين والمتلاعبين بالمال العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.