مستشار ترامب لصحيفة جزائرية: ناقشت مع تبون قضية الصحراء وأخبرته أن الحكم الذاتي المغربي هو الحل الوحيد    المغرب ‬يسير ‬نحو ‬جيل ‬جديد ‬من ‬برامج ‬التنمية ‬المجالية.. ‬نهاية ‬زمن ‬الفوارق ‬وتفاوت ‬السرعات    الغارديان ‬تكشف ‬عن ‬معاهدة ‬صداقة ‬اعترفت ‬بريطانيا ‬من ‬خلالها ‬بسيادة ‬المغرب ‬على ‬صحرائه ‬قبل ‬ثلاثة ‬قرون:‬    الأوقاف تكشف سبب إعفائها رئيس المجلس العلمي المحلي لفكيك    ارتفاع القروض الاستهلاكية في المغرب إلى 162 مليار درهم خلال سنة 2024    مندوبية ‬التخطيط ‬تكشف: ‬وضعية ‬سوق ‬الشغل ‬لازالت ‬تعاني ‬من ‬آثار ‬الجفاف    تراجع نسبة ملء السدود بالمغرب إلى 35.3%    دراسة: الحر يؤثر على الصحة العقلية للإنسان    الموهبة الكبيرة وزان يوقع عقدًا جديدًا مع أياكس بعد رفض ريال مدريد التعاقد معه    "منتخب U20" يستعد لكأس العالم    رضا سليم يعود للجيش الملكى على سبيل الإعارة    بارتي لاعب أرسنال السابق يمثل أمام محكمة بريطانية بتهم اغتصاب واعتداء جنسي    توقيف قائد بعمالة مراكش للاشتباه في تورطه بإحدى جرائم الفساد    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية مصحوبة بالبرَد وبهبات رياح مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    وزارة الإسكان تطلق حملة لفائدة مغاربة الخارج مواكبة لعملية "مرحبا"    خواطر تسر الخاطر    أسعار النفط تشهد استقرارا بعد تسجيل أدنى مستوى في أسبوع    "صحة غزة": ارتفاع وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 188 بينهم 94 طفلا    "سورف إكسبو" لركوب الأمواج في دورته الرابعة أكتوبر المقبل    كفالة مالية تصل إلى 15 ألف دولار للحصول على تأشيرة أمريكا    22 شهرا من الإبادة.. الجيش الإسرائيلي يقتل 20 فلسطينيا في غزة فجر الثلاثاء    الريسوني: تخلف وزارة الأوقاف سحيق لأنه مقدس وله حراسه.. وتخلف الدولة يسمى "الانتقال الديمقراطي"    زيادة ثمن بطاقة جواز تثير استياء مستعملي الطرق السيارة بالمغرب    تارودانت… 14 مليون درهم لتأهيل المواقع السياحية بأسكاون وتيسليت    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    وَانْ تُو تْرِي دِيرِي عَقْلك يَا لاَنجِيرِي!    كاميرات مراقبة صينية في سبتة ومليلية تثير الجدل في إسبانيا    بعد أيام من تركيبه.. مجهولون يخربون رادارا حديثا لرصد المخالفات المرورية    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    المغرب ومالي ينجحان في تحرير 4 سائقين مغاربة اختطفتهم "داعش" في بوركينا فاسو    مالي تعلن تحرير أربعة سائقين مغاربة بعد 7 أشهر من احتجازهم لدى "داعش الساحل"    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    عمدة برلين يثمن التشديد في الهجرة    هولندا تدفع فاتورة أسلحة لأوكرانيا    اليابان تسجل "درجات حرارة قياسية"    الصين: نمو تجارة الخدمات بنسبة 8 بالمائة في النصف الأول من 2025    مصرع شخصين في حادثة سير مروعة بضواحي طنجة    علي الصامد يشعل مهرجان الشواطئ بحضور جماهيري غير مسبوق    الرباط تحتضن النسخة الأولى من "سهرة الجالية" احتفاءً بالمغاربة المقيمين بالخارج    سلطات المضيق تباغث من جديد المركبات السياحية والسكنية وتحجز عشرات المظلات والكراسي    منخرطو الوداد يطالبون أيت منا بعقد جمع عام لمناقشة وضعية الفريق عبر مفوض قضائي    المندوبية السامية للتخطيط: جهة الشمال تسجل أدنى معدل في البطالة بالمغرب    غينيا تهزم النيجر بهدف في "الشان"    الدار البيضاء تستضيف الدورة الأولى من مهرجان "عيطة دْ بلادي"    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    "الجايمة"..أشهر مطعم مغربي في ألميريا يُغلق أبوابه نهائيًا    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    كأس أمم إفريقيا للاعبين للمحليين 2024.. المغرب مرشح قوي تترقبه أعين كل المنافسين على اللقب    لا أنُوء بغزّة ومِنْهَا النُّشُوء    ترتيب شباك التذاكر في سينما أميركا الشمالية    وفاة الممثلة الأميركية لوني أندرسون عن عمر ناهز 79 عاما    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إحالة سائق شاحنة على العدالة بتهمة إحداث جروح خطيرة مفضية إلى الموت
تسبب في قتل نديمه بعد سقوطه من الشاحنة قبل أن تتوقف بشكل نهائي في تاوريرت
نشر في المساء يوم 21 - 06 - 2011

قبل أن تتوقف الشاحنة، فتح الشقي «عكاشة» الباب ورمى بجسده في الفراغ دون أن يعي أن الآلة لا زالت تدور... سمع «ميمون» وَقْع السقطة واستفاق على هول ما وَقَع ونزل
لاستطلاع الأمر... اقترب من نديمه ورأى ما رأى ثم امتطى شاحنته وانسحب في صمت الليل تحت أعين النجوم وضوء القمر...
كانت الساعة تشير إلى الواحدة صباحا، عندما تلقت عناصر المداومة بالمركز الترابي التابع لسرية الدرك الملكي بتاوريرت خبرا مفاده وجود جثة لشخص مجهول الهوية عند أحد أركان الطريق الرابطة بين مدينة العيون الشرقية وجماعة «مَسْتَكْمَرْ». انتقلت عناصر السرية إلى عين المكان لمعاينة الجثة وتحرير محضر بشأنها والظروف المحيطة بوفاة صاحبها. نزل قائد السرية متبوعا بعناصره ولف حول الجثة وأدارها بحثا أن أداة ما تكون ساهمت في الوفاة، ثم أمعن النظر فيها جيدا، خاصة على مستوى الوجه والرأس قبل أن يتبادل كلمات مع أحد مساعديه. كانت الجثة لرجل في العقد الرابع من عمره، ملقاة على الظهر على جانب الطريق. لم تكن تبدو على الجسد آثار طعنات آلة حادة أو جروح غائرة أو فقدان دماء, بحكم أن الجثة لم تكن غارقة فيها. أهم ملاحظة تم تسجيلها هي التشوهات التي كانت تعلو وجه الهالك ورأسه بحكم رضوض خطيرة ساهمت في انتفاخ في العينين والخدين. لم يكن سهلا تمييز ملامح الشخص الهالك، إذ انمحت تحت التشوهات. استخرج القائد وثائق من جيب المعطف الذي كان يرتديه صاحب الجثة وهز رأسه مشيرا إلى اهتدائه إلى هويته. كان القائد الدركي قد استنتج بعض الخلاصات، منها منطقة انتماء الهالك وعمره ووضعيته العائلية ومهنته. كانت بعض الفرضيات تدور في خلد المحقق بحكم رائحة الخمر التي كانت تفوح من جثة الهالك «عكاشة»...
شغل معلق على شاحنة
كان «عكاشة» عاملا بأحد مقالع الرمال المنتشرة على طول وادي «زا» بتاوريرت. كان قوي البنية، وكان معتدل القامة، يكسو رأسه شعر أشعث تغطيه طاقية وكانت تجاعيد وجهه تحيل إلى انتمائه إلى البداوة، وكان يبرز ذلك أكثر شارباه الكثيفان اللذان كانا يعلوان فَمًا تُطِلُّ منه أسنان سوداء بفعل سجائر التبغ الأسود. لم يكن «عكاشة» يفكر في الزواج ولا في «المرأة» رغم بلوغه سن السادسة والثلاثين من عمره. كان مقتنعا جدا بألا جدوى من بناء عُشّ الزوجية في ظل الفقر الذي يكابده وشغل غير قار يمارسه. كان يشتغل الأيام كلها في شحن الشاحنات بالرمال. وكان العمل ينطلق في الصباح الباكر إلى أن تغرب الشمس. كانت الجموع من أقرانه لا تستريح إلا عند القيلولة بعد التهام رغيف من الخبز المصحوب ببيض أو لبن أو حليب أو علبة من السردين. كان يجد عزاءه في كثرة العُزَّاب ومعاناة المتزوجين والمشتغلين بالمقالع والعاطلين الراغبين في شغل. كان همه يشبه هموم الجميع, خاصة صديقه «ميمون» سائق الشاحنة الذي غالبا ما يصطحبه في آخر سفرية من المقلع إلى مدينة تاوريرت حيث كانا يقضيان بعضا من الوقت في امتصاص رحيق بعض قنينات «الروج» بعد يوم متعب.
ليلة حمراء داخل مقصورة شاحنة
كانت الساعة تشير إلى التاسعة مساء عندما اتخذ «عكاشة» ونديمه «ميمون» أحد رفقائه من القرية مكانهما داخل مقصورة الشاحنة على بعد كيلومترات من المدينة. كان كل شيء جاهزا كما اتفق على ذلك. كانت قنينات الخمر الأحمر منتصبة عند الأقدام وبجانبها كيس أسود من البلاستيك مملوء ببعض المأكولات التي هي في آن واحد وجبة عشاء و«كطعة». فرك «عكاشة» يديه وابتسم لنديمه «ميمون» وناوله كأسا من كؤوس «حياتي» وأجهز على القنينة الأولى فاتحا إياها محدثا بفمه صوتا مقلدا انفجار سدادتها قبل أن ينطق «سَرَّحْ مسجونك». بدأت الكأس، بين النديمين، تدور ودماء رأسيهما تفور وانطلق الحديث عن الأشغال والعمال والرمال واختلط بأحاديث عن النساء و«الروج» و«الحريك» ثم عودة إلى واقع مر كمرارة الجرعات التي كانت تبتلعها الأفواه. فرغت الكؤوس وامتلأت الرؤوس وتخلخلت العقول، واختلطت الكلمات وثقلت العبارات... كانت الساعة تشير إلى الدقيقة الثلاثين بعد منتصف ليلة يوم الجمعة وصباح يوم السبت عندما تقررت العودة إلى البيوت. لم يكن أحد منهما يفهم مفردات الآخر, التي كانت تخرج متقطعة, ولا أحد منهما كان يدري أكان نديمه يغني أو يتحدث أو يقول شيئا ما. كان «ميمون» يَوَدُّ أن يصل إلى سريره ويرمي فوقه جسده المهدود. أقلعت الشاحنة واخترقت المدينة لتلج الطريق المؤدية للدوار قبل أن يلتفت ميمون إلى صديقه عكاشة قائلا «وْصَلْنا ...». وقبل أن تتوقف الشاحنة، فتح الشقي «عكاشة» الباب ورمى بجسده في الفراغ دون أن يعي أن الآلة لا زالت تدور... سمع «ميمون» وَقْع السقطة واستفاق على هول ما وَقَع ونزل لاستطلاع الأمر...اقترب من نديمه ورأى ما رأى وحرك جسده ثم امتطى شاحنته وانسحب في صمت الليل تحت أعين النجوم وضوء القمر...
بحث وتحريات واعتقال
لم تكن الرضوض عادية، إذ إن جسم الهالك كله كان يعاني من آثارها، وكان استنتاج القائد يصب في احتمال تعرض «عكاشة» قيد حياته إلى الضرب بحجر أو أداة أو سقوط غير عرضي من أعلى حاجز. انتقلت عناصر الدرك الملكي إلى دوار الهالك حيث تم فتح تحقيق مع السكان، تبين من خلاله أنه كان ليلة الحادث رفقة صديقه «ميمون» الذي صرح من خلال أقواله أنه افترق معه وهو في صحة جيدة، كما عبر عن اندهاشه لما وقع لصديقه الذي كان يلازمه ويقتسم معه الحُلو والمُر. لم تكن تصريحات «ميمون» مقنعة بالنسبة إلى القائد ضابط الدرك الملكي, أمر عناصره بالقيام بعملية مراقبة وتفحص للشاحنة وعملية تفتيش لداخلها ولمحتوياتها بهدف العثور على خيط يمكنهم من حل اللغز الذي يبدو أنه بدأ يعرف طريقه إلى النهاية.
لم يكن انتظار الدركيين طويلا حين تم العثور على آثار الدم بهيكل الشاحنة رغم أن السائق «ميمون» قام بتنظيفها، الأمر الذي جعل القائد يطلب من عناصره تمديد المراقبة لتشمل ملابس السائق ليصلوا إلى مفاجأة. لقد تم اكتشاف بقع دم بشري بالجزء السفلي من سروال «ميمون», الذي اعتقل وتم استدعاء عناصر من فرقة التشخيص القضائي بوجدة حيث تم أخذ عينة من الدم لتحليلها ومقارنتها مع دم الضحية. انطلق البحث من جديد وتمت محاصرة السائق نديم الهالك الذي انهار واعترف جملة وتفصيلا بالوقائع قبل أن يوضح كيف أن الهالك كان رفقته في حالة سكر متقدمة وفتح باب الشاحنة مستعدا للنزول قبل التوقف التام للشاحنة ليسقط أرضا ويلقى حتفه في الحين دون أن يتمكن هو أن يفعل شيئا.
إحالة على العدالة
أحالت عناصر المركز القضائي التابع لسرية الدرك الملكي بتاوريرت، المتهم سائق الشاحنة على محكمة الاستئناف بوجدة من أجل إحداث جروح خطيرة مفضية إلى الموت وعدم تقديم مساعدة لشخص في حالة خطر وعدم التبليغ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.