منذ اندلاع ما يسمى بالربيع العربي وانتقال عدوى الاحتجاجات إلى الشارع المغربي، أصبح لافتا للانتباه أن السلطة في المغرب أخذت تتراجع إلى الخلف متساهلة مع عدة ظواهر تعكس التسيب والفوضى والتطاول على القانون. أحيانا يتم هذا التساهل بدعوى عدم دفع الشارع إلى الاحتقان بشكل أكبر، وأحيانا تتم هذه التجاوزات القانونية لأن بعض رموز السلطة اعتادوا على خرق القانون في غياب تفعيل مسطرة المحاسبة ضدهم في بعض المناطق، ففي العديد من الأقاليم لجأت السلطات المحلية إلى غض الطرف عن ظاهرة البناء العشوائي التي تزايدت وتيرتها خلال الفترات الأخيرة بدل أن تتقلص، وفي الوقت الذي لم تتمكن فيه الحكومة من الوفاء بوعودها في مشروع مدن بدون صفيحتناسل البناء العشوائي بفعل تساهل السلطة مع هذه الظاهرة بمبرر ترك الحرية للمواطن وعدم التضييق عليه، بل أحيانا عندما تريد السلطة أن تتدخل لإعمال القانون تتم مواجهتها بالاحتجاجات وتخريب الممتلكات العمومية كما وقع، قبل يومين، في جماعة أورير بأكادير. أكثر من هذا، بدأنا نلاحظ انتشار الباعة المتجولين في عدة مواقع من المدن الكبرى، مثل العاصمتين الإدارية والاقتصادية الرباط والدار البيضاء، وتحولت الشوارع الرئيسية إلى أسواق عشوائية لم تعد معها حركة المرور منسابة. نعم، السلطات المحلية لها مسؤولية في انتشار البناء العشوائي والباعة المتجولين، لكن المطلوب ليس هو التساهل في تطبيق القانون لأن هذا التساهل يكون المواطن أحد ضحاياه، بل المطلوب في بلادنا اليوم هو تحسيس المواطنين بوجود أداة اسمها القانون وبأهمية تنفيذه، وبأن القانون لا يستثني أحدا وأن سيفه مسلط على الجميع، لكي يشعر الجميع بوجوده في دولة الحق والقانون.