توقيف المنح الجامعية عن طلبة الطب يثير غضبا في سياق خوضهم الإضراب    عن اللغة الأمازيغية في البطاقة الوطنية والوثائق الإدارية    قطاع الطيران.. صادرات بأزيد من 5.8 مليار درهم عند متم مارس 2024    الضمان الاجتماعي الإسباني يتحاوز عتبة 21 مليون منتسب    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء سلبي    "أطفالي خائفون، بينما تفتش الكلاب عن طعامها في المقابر القريبة في رفح"    إسرائيل تغلق مكتب الجزيرة وألمانيا تنتقد القرار    حصيلة منجزات وكالة بيت مال القدس فاقت 13,8 مليون دولار خلال الخمس سنوات الأخيرة    الزمالك يشد الرحال إلى بركان الخميس المقبل    قفزة تاريخية للمنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة في تصنيف الفيفا    القضاء الإداري يعزل بودريقة من رئاسة مقاطعة مرس السلطان بالدار البيضاء    تطوان: إطلاق طلب عروض لإنجاز منطقة الأنشطة الاقتصادية والحرفية "كويلمة"    حكيمي يتبرع لأطفال الحوز بمدرسة متنقلة    "حماس" تواصل المفاوضات مع إسرائيل    اختتام القمة ال15 لمنظمة التعاون الإسلامي باعتماد إعلان بانجول    هذه تفاصيل موجة الحرارة المرتقبة في المغرب ابتداء من يوم غد الثلاثاء    وثائقي فريد من وزارة الثقافة والتواصل يبرز 6 ألوان فنية شعبية على ضفاف وادي درعة    مرصد: انفراد الحكومة بصياغة قانون الإضراب وإصلاح التقاعد قد يعصف بالاتفاق الاجتماعي ويزيد من منسوب الاحتقان    البوليساريو كتلمح لعدم رضاها على دي ميستورا و كتبرر عدم انخراطها فالعملية السياسية بعامل الوقت    اللي كيمشي لطريفة وعزيز عليه الطون والسربيسة والسينما: ها مهرجان وها الافلام المغربية المعروضة فيه    إضراب جديد يشل محاكم المملكة    تسجيل بقوة 2.5 درجات على سلم ريشتر بإقليم تاونات    مبادرة التنمية البشرية تمول 4174 مشروعا بأكثر من ملياري درهم بجهة طنجة    رحلة شحنة كوكايين قادمة من البرازيل تنتهي بميناء طنجة    بسبب الهلال.. لجنة الانضباط تعاقب فريق الاتحاد السعودي وحمد الله    لأول مرة.. تاعرابت يحكي قصة خلافه مع البرازيلي "كاكا"    فيلم "أبي الثاني" يحصد جل جوائز مسابقة إبداعات سينما التلميذ بالدار البيضاء    حماة المال العام: "حفظ طلبات التبليغ عن الجرائم من شأنه أن يوفر الحصانة لمتهمين متورطين في مخالفات جنائية خطيرة"    المغرب يحتضن الدورة 16 للبطولة الإفريقية للدراجات الجبلية    منيب: المجال الفلاحي بالمغرب بحاجة لمراجعة شاملة ودعم "الكسابة" الكبار غير مقبول    بعشرات الصواريخ.. حزب الله يستهدف قاعدة إسرائيلية في الجولان    وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978    الدوري الإسباني .. النصيري يواصل تألقه    تفاصيل جديدة حول عملية نقل "درب عمر" إلى مديونة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أسعار النفط العالمية تعود إلى الارتفاع    الذهب يصعد وسط توترات الشرق الأوسط وآمال خفض الفائدة في أمريكا    الدورة الأولى من مهرجان مشرع بلقصيري للسينما    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة من "منصة الجونة السينمائية"    "الثّلث الخالي" في القاعات السينمائية المغربية إبتداء من 15 ماي الجاري    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    المشاهد الجنسية في أفلام هوليوود تراجعات بنسبة 40% وها علاش    فيدرالية ارباب المقاهي تنفي الاتفاق على زيادة اثمان المشروبات وتشكو ارتفاع الأسعار    عنف المستوطنين يضيق الخناق على الفلسطينيين في الضفة الغربية، و دول غربية تتصدى بالعقوبات    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    دراسة مواقف وسلوكيات الشعوب الأوروبية تجاه اللاجئين المسلمين التجريد الصارخ من الإنسانية    الأرشيف المستدام    رأي حداثي في تيار الحداثة    سيدات مجد طنجة لكرة السلة يتأهلن لنهائي كأس العرش.. وإقصاء مخيب لسيدات اتحاد طنجة    اعتصامات طلاب أمريكا...جيل أمريكي جديد مساند لفلسطين    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    الأمثال العامية بتطوان... (589)    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محفوظ: سننتهي قريبا من تصوير فيلم حول بنبركة وشرعنا في إنتاج آخر حول الحسن الثاني
مدير الجزيرة الوثائقية للمساء : لا نتعامل مع منتجين إسرائيليين ولا أحد يملي على القناة ما تبثه
نشر في المساء يوم 09 - 08 - 2011

«أعترف أنني شخصيا حريص على أن تظل ثقافة المغرب حاضرة على قناة «الجزيرة» الوثائقية بما يليق بحضارة وتاريخ هذا البلد العريق»،
يقول المصري أحمد محفوظ، الذي يشغل حاليا منصب مدير قناة «الجزيرة» الوثائقية، المملوكة لدولة قطر، قبل أن يضيف في هذا الحوار مع «المساء» أن القناة لديها عدة مشاريع تهم إنتاج أفلام وثائقية في المغرب. وأشار محفوظ في هذا الخصوص إلى أن قناته هي حاليا بصدد إنتاج فيلم حول التجربة الفنية لمجموعة «ناس الغيوان» وفيلم حول موسم إملشيل، الخاص بالخطوبة والزواج، نافيا في الوقت نفسه أن تكون الجزيرة الوثائقية متحيزة لثقافة دولة ضد أخرى في المنطقة العربية.
- السيد أحمد محفوظ، أنت مواطن مصري تدير قناة «الجزيرة» الوثائقية في قطر، كيف ترد على من يقولون إن هذه القناة تقدم منتوجا بدون هوية؟
هذا غير صحيح على الإطلاق، ودعني أقل لك إن قناة «الجزيرة» الوثائقية هي إحدى القنوات التابعة لشبكة «الجزيرة» الفضائية، وتم إطلاقها في يناير سنة 2007، وفق رؤية ومبادئ مستوحاة من الهوية العربية، لكننا نحرص، في الوقت نفسه، على أن يكون البعد العالمي حاضرا في منتوجنا، لماذا؟ لأن هدفنا الأول والأخير هو التجاوب الإيجابي مع المُشاهد العربي في كل اهتماماته وقضاياه، بمعنى آخر أن القناة هي مرآة يرى فيه المشاهد العربي نمط حياته وتفكيره وهمومه، وبالتالي هي قناة لها هوية، خلافا لما تقول.
- هناك من يقول إن قناة «الجزيرة» الوثائقية لم تعد تنتج أفلاما وثائقية بجرعة سياسية زائدة منذ توليك مسؤولية الإدارة فيها. ما هو سبب هذا الخيار؟
فعلا. وهذا الخيار لم يأت بدون تفكير، وإنما كان مقصودا، وقد تم الاتفاق عليه منذ أن أسندت إلي مهمة الإدارة في القناة، اعتقادا مني أن السياسة ليست محكومة بعنصر الثبات. ولأن الأمر كذلك، فأنا دائما أردد هذه المقولة «السياسة متغيرة والثقافة ثابتة». والمعنى المقصود هنا هو أن السياسة متغيرة بتغير رؤى ومواقف أصحابها والممارسين لها، فيما ثقافة الناس وحضارتهم وأعرافهم وتقاليدهم وأنماط عيشهم هي ال»خالدة» وتتوارثها الأجيال في ما بينها. كما أننا سلكنا هذا الخيار، لأن مهمة التركيز على القضايا الجارية ذات البعد السياسي الصرف تكفلت بها قناة «الجزيرة» الإخبارية، وبالتالي كان ضروريا أن نبحث نحن في «الوثائقية» عن سد ثغرة أخرى غير مدرَجة في اهتمامات القناة الأم.
- وكيف تم تنزيل هذا الخيار على أرض الواقع؟
بالطبع، لم تتم عملية التنزيل بشكل عشوائي، وإنما جاءت بعد تفكير عميق ودراسة دقيقة، قبل أن نتوصل إلى حقيقة مفادها أن المشاهد العربي في حاجة إلى ربطه بهويته وبجذوره الثقافية العربية عبر البحث في مكنون هذه الثقافة التي تواجه تحديات حقيقية. ويأتي في مقدمة هذه التحديات ذلك التهديد الذي أصبحت تُشكّله «العولمة» في ظل هيمنة هذه القنوات المفتوحة طيلة اليوم على سمائنا العربية.
- تقصد أن هذا الكم من الثقافات التي يتلقاها المشاهد العربي عبر القنوات الفضائية كان عاملا مساعدا في خروج قناة «الجزيرة» الوثائقية في هذا الزي الذي يعطي الأولوية للثقافي على السياسي؟
هذا مؤكد. ودعني أقل لك، أيضا، إن المحافظة على الهوية العربية هي المحرك الأول لكل أعمالنا في القناة «الوثائقية»، من خلال إنتاج أفلام حول ثقافات الشعوب العربية والتعريف برموزهم ونجومهم وأبطالهم في مختلف المجالات، بما فيها المجال السياسي. وسبب تركيزنا في قناتنا على البعد السياسي في قضية ما في بعض منتوجاتنا راجع، بالأساس، إلى صعوبة فصل السياسة عن محيطها الاجتماعي والثقافي، وإن كنا نحرص على أن ننظر إلى الشعوب والمجتمعات العربية من زاوية ثقافية في المقام الأول وليس من الزاوية السياسية، التي لا تستقر على حال.
- لكن ما ردك على من يقولون إن قناة «الجزيرة» الوثائقية تخدم الثقافة العربية وفق أجندة تحددها السياسة الخارجية لدولة لقطر؟
هذا كلام غير صحيح على الإطلاق وأؤكد لك أنه لا يوجد أي مسؤول قطري يملي علينا في «الجزيرة الوثائقية» ما ينبغي وما لا ينبغي أن ننتج من أفلام أو يطلب منا إنتاج فيلم حول قضية ما بغرض معيّن أو بشكل معين أو بتوجه معين.. وأنا أقول هذا الكلام بصفتي المسؤول الأول في هذه القناة وأتحمل كامل مسؤوليتي في كل كلمة تجري على لساني.
- وكيف تتم عملية إنتاج الأفلام الوثائقية في قناتكم حول المنطقة العربية؟
العملية في منتهى البساطة، فإذا أردنا أن ننتج فيلما في المغرب أو سوريا أو مصر فإننا نربط الاتصال بمنتج أو مخرج من البلد المعني وفق معايير محددة، في مقدمتها احترام خصوصية الناس وتقاليدهم وثقافتهم. ونحن لا ندخل أي بلد عربي من أجل تعرية «عوراته» والتشهير بمجتمعه وناسه، وإنما ندخل البلدان العربية لنكون جسرا تلتقي فيه شعوب هذه المنطقة لتعرف كيف تتواصل في ما بينها بهدف رسم صورة مشرقة عن حياتها ونمط عيشها.
- وماذا عن نصيب المغرب من المنتوجات التي تبثها قناة «الجزيرة» الوثائقية؟
لقد دخلنا المغرب وأنتجنا عددا من الأفلام الوثائقية، وكل هذه المنتوجات تفاعل معها المشاهد العربي بإيجابية، لأنها أزالت فعلا، تلك الصورة الذهنية المسبقة عن هذا البلد الجميل. أذكر في هذا السياق أننا أنتجنا أفلاما عن جامع القرويين في فاس وعن مواسم «التبوريدة»، كما أننا أنتجنا أفلاما حول العرس المغربي والطقوس المميزة له وأنتجنا أفلاما حول العديد من الأنهار والوديان المغربية وأنتجنا فيلما عن المرحوم الحسين التولالي بجودة عالية، وأنتجنا فيلما عن الزعيم الوطني المعروف عبد الخالق الطريس وآخر عن الفنانة التشكيلية الركراكية، وهي فنانة تلقائية، وفيلما آخر عن الفرقة الغنائية الأمازيغية «إزنزارن»، بل أكثر من هذا لقد حاولنا في قناتنا أن نعكس كل التعددية الثقافية الموجودة في المغرب.
-هل صحيح أنكم واجهتكم صعوبات أثناء اشتغالكم على صناعة تلك الأفلام في المغرب؟
-ليست هناك صعوبات بالمعنى الذي يبحث عنه الصحافيون، بل إن الصعوبات التي قد توجد في مثل هذه الأعمال لا تتجاوز البعد اللوجيستي، وهي صعوبات مرتبطة بالشركات التي تتعامل مع القناة، لكنْ دعني أؤكد لك هنا أن مثل هذه الصعوبات موجودة في كل الدول العربية.
- هل تقصد هنا الصعوبات المتعلقة بالترخيص لإنتاج أفلامكم؟
نعم، هذه هي الصعوية رقم واحد، خاصة مع قناة «الجزيرة»، لكن الأمور الآن تسير بشكل جيد مع المغرب.
- هناك من ينتقد الحضور القوي لقناتكم داخل مصر مقارنة مع بعض الدول الأخرى. هل للأمر علاقة بهيمنة مفترضة للمصريين على قنوات شبكة الجزيرة؟
هذا غير صحيح على الإطلاق. كل ما في الأمر أن مصر سرقت الأضواء مؤخرا من دول العالم العربي، بعد اندلاع ثورتها في ال25 من يناير المنصرم. وأؤكد لك أنه ليس عندي أي تحيُّز ثقافي لمصر بحكم انتمائي إليها، فأنا أشتغل داخل هذه القناة بروح أممية، أي أن هذه القناة ليس ملكا لأحد، بل هي ملك للمشاهد العربي وللجمهور العربي، ولأن الأمر كذلك، فقد أنتجنا أفلاما حول السودان والسعودية وسوريا والمغرب وتونس ومصر والجزائر، بل إننا أنتجنا أفلاما بمهنية عالية حتى حول الدول التي لها خلافات مع قناة «الجزيرة» الإخبارية.
- وكيف تتم عملية إنتاج أفلام وثائقية مع دول لها خلافات مع قطر؟
العملية تتم عبر التعاون مع منتجين من تلك البلدان، والهدف بطبيعة الحال هو تنشيط حركة وصناعة الأفلام الوثائقية في البلدان العربية كلها.
- كم هو عدد المنتجين الذين يتعاملون مع قناتكم في الوطن العربي؟
قبل تعييني على رأس القناة، كان عدد المنتجين لا يتجاوز 22 شركة واليوم تجاوز العدد 120شركة.
- وكم هو عدد الشركات التي تتعاملون معها في المغرب؟
هناك 7 شركات تقريبا.
- ما هي المعايير التي استندتم إليها في اختيار هذه الشركات دون غيرها؟
لقد التقينا مع أصحاب معظم المشاريع التي تلقيناها من المغرب في بعض الملتقيات السينمائية العربية والعالمية. وأنا أحضر شخصيا باستمرار رفقة فريق من قسم الإنتاج في القناة إلى مثل هذه الملتقيات، فيتم التعارف مع بعض المخرجين الذين يعرضون علينا بعض الأفكار وبعض المشاريع، قبل أن نعمل نحن على دراستها وتقييمها لنعرف ما إذا كانت تتماشى والخط التحريري للقناة، وعندما نطمئن إلى صاحب المشروع ويتأكد لنا أن شركته تشتغل بشكل مهني فإننا نقوم بدعم مشروعه. وهكذا نحن دائما في بحث عن مشاريع وأفكار لتوسيع دائرة المنتجين الذين نتعامل معهم.
-وما هي أهم القضايا التي تحظى باهتمام القناة في إنتاجها للأفلام الوثائقية؟
-لا بد من الاعتراف هنا بوجود بعض الصعوبات في انتقاء بعض القضايا التي تحظى باهتمام المُشاهد العربي، لأن هدفنا هو تقديم منتوج يحظى برضا الجمهور العربي وليس برضا القناة المنتجة له، وبالتالي فإن أولى الصعوبات التي نواجهها هي تلك المتعلقة بموضوع الفيلم، وهناك مشكل آخر مرتبط بشخص المنتج الذي يستطيع أن يشاركك في عملية الإنتاج، بمعنى آخر، فإن القناة تتحمل كل التكاليف المرتبطة بإنتاج الفيلم، فيما ينبغي أن يتحمل المسؤولية الأخلاقية أيضا المنتج المتعاون معنا من حيث اختيار الموضوع وكيفية تناوله تقنيا ومهنيا وجودة. هذه باختصار معظم الصعوبات التي نواجهها، والباقي كله تفاصيل، ترتبط بعمل أي مؤسسة تحرص على أن تقدم منتوجا له قيمة مضافة. وواجبنا بالطبع هو دعم الأطر والشباب من المنتجين في الوطن العربي بهدف دفعهم إلى الاهتمام بهذه الصناعة المرتبطة بإنتاج الأفلام الوثائقية. وأعتقد أننا قد كسبنا الرهان، والدليل على ذلك أن «الجزيرة الوثائقية» هي الآن تقريبا أهم وأكبر ممول للأفلام الوثائقية في الوطن العربي.
- لكنْ بماذا تفسر ضعف الإقبال على مشاهدة «الجزيرة» الوثائقية مقارنة بالجزيرة الإخبارية؟
أنا أعتبر هذه المقارنة غير سليمة، لأن «الجزيرة» الإخبارية هي القناة الأم، بتاريخها وبمواقفها وبانحيازها للمهمشين والمظلومين، وهي فعلا «صوت من لا صوت»، له كما تقول عن نفسها في شعارها المعروف، فكل هذه العوامل جعلت من «الجزيرة» الإخبارية اليوم رقما ثابتا في الحياة اليومية للمُشاهد العربي. أما الجزيرة الوثائقية فلا تختلف معاناتها عن معاناة الفيلم الوثائقي الذي ظل لفترة طويلة بالنسبة إلى المشاهد العربي مجرد «دعاية سياسية» لأنظمة الحكم في الوطن العربي، ولهذا السبب كانت الحكومات العربية هي التي تمول عملية إنتاج الأفلام الوثائقية بهدف استغلالها في «تلميع» صورة الحاكم وتسويق إنجازاته ومواقفه...
أكثر من هذا، فقد ظل الفيلم الوثائقي، في نظر المُشاهد العربي، مختزَلا في تلك الأعمال «السطحية» التي تتحدث عن الأماكن الأثرية والسياحية. وبالطبع، كان دورنا نحن هو إعادة الثقة إلى المُشاهد العربي الذي أصبح متاحا له أن يشاهد الفيلم الوثائقي عبر قنوات عالمية. وقد بدا هذا الأمر جليا في تبلور جمهور عربي واسع أصبح الآن يشاهد الفيلم الوثائقي عبر قناة «الجزيرة» أو عبر قنوات أخرى جاءت إلى المنطقة العربية لمنافسة «الجزيرة».
-لماذا، في نظرك، الأفلام الوثائقية ذات الطابع السياسي هي التي تحظى بنسبة مشاهدة كبيرة.. بماذا تفسر هذه الأمر؟
-أعتقد أن هذا الأمر مرتبط، بالأساس، بطبيعة التغير الذي يحدث في الوطن العربي. ولا ينبغي أن ننسى، في هذا السياق، أن المنطقة العربية هي أكثر المناطق خصوبة لصناعة الأفلام الوثائقية، خاصة في هذا الظرف الذي نعيش فيه ما يسمى «الربيع العربي».
- بمعنى أن هذه الاحتجاجات التي تشهدها بعض الدول العربية هي تصلح لأن تكون مواضيع لأفلام وثائقية؟
بالتأكيد، والمثير أن هذه الاحتجاجات تحدث في منطقة لها خصوصيتها. تخيّلْ معي لو كان الوطن العربي بدون هذا الثورات ويحيا فيه الناس في راحة ورفاهية، فما الذي ستخلقه مثل هذه الأجواء من تربة صالحة لإنتاج أفلام وثائقية بالمعنى المتعارَف عليه؟ نعم قد تكون هناك مواضيع، ولكن حول مشاكل أخرى.
- قطعت الدول الغربية أشواطا طويلة في مجال إنتاج الأفلام الوثائقية. هل للأمر علاقة بمناخ الحرية السائد في تلك الدول أم بعوامل أخرى؟
طبعا، فحركة إنتاج الأفلام الوثائقية تحتاج إلى مناخ للحرية، بل إن حركة الإبداع في أي مجال من المجالات في حاجة إلى الحرية. ولهذا السبب، سبقتنا الدول الغربية في عدة مجالات، لكن دعني أُشِرْ، أيضا، إلى عامل آخر ساعد في الدول الغربية على المضي بعيدا في مجال إنتاج الأفلام الوثائقية، وهذا العامل مرتبط بفطنة وذكاء المنتجين بالأساس. ومع ذلك، لا بد أن أشير هنا إلى أن غياب مناخ الحرية لن يوقف من الآن فصاعدا صناعة تلك الأفلام، والسبب هو التطور التكنولوجي والرقمي الذي يشهده العصر الحالي. يكفي اليوم أن تخرج إلى الشارع بكاميرا صغيرة دون أن يراك أحد لتصنع فيلما وثائقيا بجودة عالية، دون الحاجة إلى الرجوع إلى «أستوديو» ضخم من أجل التوضيب والمونتاج.
-هل تقصد أن زمن التقنيات المعقدة في إنتاج الأفلام الوثائقية انتهى اليوم بحكم هذا التطور التكنولوجي؟
-هذا تحصيل حاصل. لقد أصبحت الصورة اليوم نوعا من أنواع النضال السياسي. لاحظ معي كيف اشتعلت ثورة تونس بالصور الآتية من الهواتف المحمولة، بل إن الكاميرات الصغيرة هي التي «فتحت» سوريا على العالم الخارجي من خلال تلك الشهادات الحية والموثقة التي تُرسَل إلى القنوات الفضائية العالمية، وهي شهادات لا يمكن التشكيك فيها، رغم أنها التُقِطت بكاميرات غير احترافية.
-هل أفهم من كلامك أن الشعوب العربية أصبحت قادرة على توظيف الصورة في نضالها السياسي من أجل الحرية؟
-هذا صحيح، لكن دعني هنا أُشِرْ إلى أن تعاملنا في المنطقة العربية مع الصورة ما يزال جنينيا، والسبب هو أن هذه الثقافة انتقلت إلينا حديثا ولم نقطع فيها بعدُ أشواطا بعيدة، في حين أن ثقافة الصورة في الغرب هي الحاكمة. لكنْ مع الثورات التي شهدها الوطن العربي حاليا، يبدو أن ثقافة الصورة أخذت تكتسح فئات واسعة من الشعوب العربية، بل إن الصورة حضرت بقوة في هذه الثورات التي عشناها مؤخرا، وكانت لها «الكلمة» الأخيرة، لأنها جسّدت نوعا من أنواع الكتابة التاريخية لِما حدث من ثورات ليس من وجهة نظر شخص أو كاتب أو مؤرخ، بل وفق ما جرى على أرض الميدان وفي ساحات التغيير.
- هل معنى هذا أنه لا مجال للنسبية في الصورة؟
بالفعل، فصور مثل هذه ليست نسبية، بل هي مسجلة ومصورة ونسخة طبق الأصل لِما حدث في الواقع، ولا يستطيع أي كاتب، استنادا إلى الورقة والقلم، أن يروي حادثة تاريخية بالكيفية التي تقدمها الصورة.
- لنبق في مصر، ما الفرق بين ثورة يوليوز 1952 وثورة يناير 2011؟
الفرق أن ما دون وما كتب وما أرخ له بعد ثورة يوليو 1952 حضرت فيه بقوة ذات الكاتب أو المؤرخ، فأسقط تفاصيل وضخّم أخرى وأهمل قضية وسلط الأضواء على أخرى، من وجهة نظره أو من وجهة نظر الحاكم، الذي كلفه بهذه «المهمة» أو خدمة لتيار فكري محدد، لكن الأمر مختلف في ثورة 25 يناير من السنة الجارية، فقد أصبحت الصورة وثيقة لا تقبل النسبية ولا يمكن تأويلها، لأنها مسجلة وحية وتتحدث عن نفسها.
- هل لديكم مشاريع مرتقبة في المغرب؟
لم تتوقف مشاريعنا في المغرب، حمدا لله. لدينا مشاريع مرتبطة بشهر رمضان الحالي، منها مشروع الدوريات الرياضية الرمضانية التي تعقد في الأحياء الشعبية بين الشباب، وهذا مشروع فيلم في مصر وفي المغرب. وهناك أيضا مشروع فيلم حول الغناء الصوفي، وهذا اللون الغنائي معروف في المغرب، وفيلم عن القرويين وآخر عن «موسم إملشيل»، الخاص بالخطوبة والزواج والأعراس، كما لدينا فيلم عن بعض الأنهار المغربية وثقافة الناس الذين يعيشون حولها.
- وما هي مشاريع الأفلام التي تشتغلون عليها حاليا؟
حاليا، نحن بصدد إنتاج فيلم وثائقي عن «ناس الغيوان»، وتحت الإنتاج الآن فيلم عن الزعيم الاتحادي المهدي بنبركة، وهو الآن في مراحله النهائية، ونعتقد أنه سيكون فيلما هاما تعرضه القناة مع مطلع العام الجديد 2012. وسأكشف، أيضا، لقراء «المساء» أن قناة «الجزيرة» الوثائقية هي الآن بصدد إعداد فيلم عن الملك الراحل الحسن الثاني، رحمه الله.
- وكيف جاءت هذه الفكرة؟
صاحب هذه الفكرة منتج ومخرج مغربي اسمه محمد بلحاج، وهو يشتغل معنا في «الجزيرة» الوثائقية واقترح إنتاج هذا الفيلم، بعد أن قام بعدة أبحاث ودراسات حول الراحل الحسن الثاني، وهو الآن في مرحلة الإعداد للفيلم.
- وهل تمت الموافقة على هذا الفيلم من طرف السلطات المغربية؟
ليس بعد، لكنْ لن يكون هناك أي مشكل في الترخيص لإنتاج هذا الفيلم.
- وما هو سقف الميزانية التي تم رصدها لفيلم وثائقي حول الراحل الحسن الثاني؟
هذا سر ولا توجد ضرورة للكشف عنه.
- هل تتعامل «الجزيرة» الوثائقية مع مخرجين إسرائيليين؟
أبدا. ولم يسبق للقناة في تاريخها أن تعاملت مع أي منتج إسرائيلي.
- هل هذا موقفك الشخصي أم هو موقف رسمي للقناة؟
أنا الآن أتحدث إليك بصفتي مديرا للقناة وأحكي لك حقائق الأشياء كما هي.
- هل تقصد أنك تعتبر التعامل مع منتجين إسرائيليين خطا أحمر لا ينبغي للقناة أن تتجاوزه؟
التعامل مع الإسرائيليين لا يدخل في أجندة القناة.
- أنت واحد من الذين يترددون باستمرار على المغرب. ما هي الصورة التي تكونت لديك عن هذا البلد؟
أنا واحد من الذين يحبّون المغرب كثيرا وأزوره، بين الفينة والأخرى، عندما تسمح ظروف عملي وأعرف كثيرا من المغاربة ولدي أصدقاء في أكثر من مدينة مغربية، ودعني أعترف لك أنني شخصيا أحرص على أن تظل ثقافة المغرب حاضرة على قناة «الجزيرة» الوثائقية بما يليق بحضارة وتاريخ هذا البلد العريق.
- هل لديك طموحات في دعم سينمائيين شباب من المغرب؟
هذا طموحنا ونحن نستقبل الكثير من المشاريع من المغرب من شركات كثيرة جدا، صحيح أنه لا يمكن أن نقوم بإنتاجها كلها، لأن بعضها قد يتوافق مع هوية القناة، بل إن بعض هذه المشاريع مكرر، ولكننا نسعى إلى التواصل مع المخرجين المغاربة ومع المخرجين من الوطن العربي ككل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.