"الباطرونا" تبرم اتفاقية مع "سيماك"    لفتيت يذكر الشباب باستمارة الجندية    غوتيريش يستقبل آمنة بوعياش بنيويورك لتعزيز دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في القرار الدولي    "الكاف" يعلن عن مواعيد وملاعب "شان 2024"    الأمن يلقي القبض على عصابة إجرامية    وفاة طبيبة شابة في طنجة بعد سقوط مروع من سطح منزل قرب مستشفى محمد الخامس    فرق الإطفاء تُخمد حريق غابوي بإقليم تطوان بعد جهود ميدانية وجوية مكثفة    «علموا أبناءكم».. أغنية تربوية جديدة تغرس القيم في وجدان الطفولة    «نج «و»كي بلاك» يجمعان صوتهما لأول مرة في عمل غنائي مشترك بعنوان «La Var»    الشوبي في الذاكرة.. مشرع بلقصيري تحتفي بالصوت الخفي في أمسية وفاء سينمائي    لقجع : أفضل "كان" في التاريخ سينظمه بلدنا … وحان وقت التتويج    عن "الزّلافة" وعزّام وطرفة الشّاعر عبد اللطيف اللّعبي    تضخم طفيف يسجل بالمغرب: ارتفاع الرقم الاستدلالي للأسعار عند الاستهلاك بنسبة 0,4 بالمئة    الدفاع المدني ينعى 43 قتيلا في غزة    المغرب يقبض على مطلوب بالنرويج    نشرة إنذارية: طقس حار من الجمعة إلى الثلاثاء وزخات رعدية اليوم الجمعة بعدد من مناطق المملكة    ديغات: المغرب يوفر للاجئين بيئة داعمة .. والموارد الأممية محدودة        كوت ديفوار تعبر عن قلقها بشأن أوضاع حقوق الإنسان في تندوف وتطالب بإحصاء سكان المخيمات    افتتاح الدورة ال26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة    الكاف يكشف روزنامة النسخة الجديدة لدوري الأبطال وكأس الكونفدرالية    النفط يتراجع بعد تأجيل قرار أمريكي لكنه يحقق مكاسب أسبوعية بنسبة 4%    قرض أوروبي بقيمة 110 مليون أورو لإنعاش البنية الصناعية بإقليم الناظور    توقيف ناقل "ريفوتريل" إلى بني ملال    انتقادات تلاحق هدم السكن الجامعي لمعهد الزراعة والبيطرة ومخاوف من تشريد 1500 طالب    كارمن سليمان تفتتح مهرجان موازين بطرب أصيل ولمسة مغربية    باحثون إسبان يكتشفون علاجا واعدا للصلع قد يكون متاحا بحلول 2029        مرسوم جديد لتنظيم "التروتينبت" لتعزيز السلامة الطرقية في المغرب    "فيفا" يخفي 10 مليون منشور مسيء عبر وسائل التواصل الاجتماعي    محمد حمي يوجه نداء من والماس لإعادة الاعتبار للفلاح الصغير    تقرير: المغرب يجذب حوالي 15.8 مليار درهم من الاستثمارات الأجنبية بنمو 55% في 2024    مباحثات لتعزيز التعاون القضائي بين المغرب والرأس الأخضر    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    كأس العالم للأندية.. ميسي ينقذ إنتر ميامي وسان جرمان يتعثر وأتلتيكو يرفض الاستسلام    المنتخب الوطني لكرة القدم النسوية يفوز وديا على نظيره المالاوي    7 أطباق وصحون خزفية لبيكاسو بيعت لقاء 334 ألف دولار بمزاد في جنيف    الرباط .. افتتاح مرآب "ساحة روسيا" تحت الأرضي بسعة 142 مكانا        ترامب يحسم في دخول الحرب ويهدد ايران بمهاجمتها في بحر أسبوعين    المغرب يعزّز حضوره الثقافي في معرض بكين الدولي للكتاب    رواندا تقبض على زعيمة المعارضة    طقس حار وزخات رعدية بعدد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    التكنولوجيا الصينية تفرض حضورها في معرض باريس للطيران: مقاتلات شبح وطائرات مسيّرة متطورة في واجهة المشهد    وزراء خارجية أوروبيون يعقدون لقاء مع إيران في جنيف    الدبلوماسية الجزائرية في واشنطن على المحك: مأدبة بوقادوم الفارغة تكشف عمق العزلة    تتبع التحضيرات الخاصة ببطولة إفريقيا القارية لكرة الطائرة الشاطئية للكبار    التصادم الإيراني الإسرائيلي إختبار لتفوق التكنلوجيا العسكرية بين الشرق والغرب    بنكيران يهاجم… الجماهري يرد… ومناضلو الاتحاد الاشتراكي يوضحون    مجازر الاحتلال بحق الجوعى وجرائم الحرب الإسرائيلية    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    خدش بسيط في المغرب ينهي حياة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهاية القذافي وبداية النهاية للبعث السوري
نشر في المساء يوم 27 - 08 - 2011

لا أشك في أن الشعب المغربي يستعد للاحتفال بعيدين: الفطر وانفطار النظام الليبي، فكان هباء منبثا.
كما أن الشعب السوري لن ينسى الشعب المغربي وهو يتظاهر معه في محنته.
مع هذا، عليّ أن أحذر إخوتي المغاربة من منظر انهيار النظام الليبي بقوة السلاح وقصف الناتو، والعقبة هي ليست في كنس هذا المجنون ولكن في بناء ليبيا من جديد.
نحن نعلم من قوانين الكون بأن البناء لا يقارن بالهدم، وأن الصعود يحتاج إلى طاقة وأن الهبوط لا يحتاج إلى طاقة.
وأهم ما في الدرس الليبي التورط في حرب أهلية ضارية كلفت عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من المشوهين والمقعدين والمصابين، إضافة إلى تدمير البلد ونزوح مليون من الأنام.
نحن في سوريا لا نريد المسرحية الليبية.. لا نريد تدخل قوى أجنبية. وسوف نستمر في الكفاح السلمي حتى إنهاء هذه الحقبة الفاشية الدموية بكل ما تحويه من انهيار أخلاقي وتدمير لشبكة نسيج المجتمع السوري في كل أبعاده.
قد لا يتصور المغربي أن أجهزة الأمن والمخابرات وصلت ربما إلى عشرين رأسا جهنميا، وأن الجواسيس ربما زادوا على نصف مليون، ما يلفظ المواطن من قول إلا لديه رقيب عتيد.
هناك حاليا الكثير ممن يغري المقاومة السورية باستخدام السلاح ومناجزة البعث الدموي وإسقاطه كما فعل الليبيون، ولذا كان لا بد من شرح هذا الموضوع حتى ينتبه المغاربة إلى أن ورطة التسلح كارثة بكل الأبعاد وأن على المواطن العربي اعتماد الكفاح السلمي في بناء الدولة والمجتمع، ثم صيانتهما بعد ذلك.
وهنا تحضرني قصة جاءت في الإنجيل عن جدلية القوة والسلاح.
قصة اعتقال السيد المسيح:
كان المعلم مع التلاميذ في بستان خارج المدينة، وكانت المؤامرة قد أحبكت في السنهدرين (مجلس الفقهاء)، وتمت رشوة يهوذا بثلاثين قطعة من الفضة مقابل أن يدل الجنود على المسيح بعناقه وتقبيله. قال يهوذا: أيهم أقبله فهو يسوع المسيح.
نزلت سورة كاملة في القرآن بعنوان (المائدة)، وهي السورة الرابعة من القرآن، وفيها أيضا قصة أول صراع إنساني بين ولدي آدم، فاعتمد الأول سياسة القتل وتبنى الثاني طريقة عدم المقاومة ولو بسط أخوه إليه يده بالقتل قائلا: «لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين».
في تلك الليلة من العشاء الأخير بين عيسى بن مريم وأتباعه، طلب الحواريون أن ينزل الله عليهم مائدة تكون لهم عيدا لأولهم وآخرهم، قال الرب: إني منزلها عليكم.
في تلك الليلة المشحونة بعاطفة الوداع، قام السيد المسيح وغسل بيده أقدام تلاميذه، معلما إياهم التواضع، وقال: الكبير فيكم يكون صغيرا وأصغركم يسعى بمهمة أعظمكم، معلنا الديمقراطية الفعلية.
في تلك الليلة، بلغ الحماس والتأثر بالحواري بطرس أشده، فقال سوف أفديك بروحي ولن أسلمك إلى أحد!
التفت إليه السيد المسيح وقال: يا بطرس على رسْلِك، الحق أقول لك.. سوف تنكرني ثلاثا قبل صياح الديك!
لم يفهم بطرس الرسالة كثيرا.
قال يهوذا في تلك الليلة: لن أخونك، فكان جواب السيد المسيح له: لقد قلتها.
في تلك الليلة الحاسمة، كما هو في المنعطف الحاسم الذي تدخله الثورة السورية، بعد أن بدت ملامح الترنح على النظام الليبي تحت ضربات السلاح، تقدم يهوذا إلى المسيح وقبَّله. عرف المسيح الخيانة قائلا ليهوذا: أتبيع معلمك بقبلة!
تقدم الجنود بالعصي والسلاح فأمسكوا بالمعلم. قال لهم السيد المسيح: لماذا خرجتم علي بالجند والعصا؟ هل أنا لص أو شقي. أنا أدرس في المعبد كل يوم.
هنا لم يستطيع بطرس أن يملك غضبه فاستل سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة، ويقال في رواية إنه قطع أذنه بالسيف، فقام عيسى بن مريم بإعادة لصق الأذن في مكانها.
التفت السيد المسيح إلى بطرس وقال له هذه الجملة التاريخية: يا بطرس، اِغمد سيفك لأنه مكتوب أن من أخذ السيف، بالسيف يهلك.
أهمية هذه الفقرة هي التي تواجه الثورة السورية مع نهاية رمضان في عام 1432ه الموافقة لغشت من عام 2011م.
من أخذ السيف بالسيف يهلك:
كيف؟
جاء في الحديث الصحيح أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار. تعجب الصحابة وقالوا: هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال إنه كان حريصا على قتل صاحبه.
حين يقوم كل طرف بالدفاع عن نفسه واستخدام السلاح، يبرر لنفسه القتل بكل سهولة تحت ذريعة الدفاع عن النفس.
الحديث أراد كسر هذه الحلقة الشيطانية باعتبار أن كلا من المتقاتلين انطلق من نفس القاعدة النفسية: الدفاع عن النفس.
فكرة الدفاع عن النفس:
أعرف أن مفهوما من هذا النوع هو انقلابي، وهو صعب الفهم ويقترب من المستحيل في التطبيق، ولكن هذا ما فعلته الثورة السورية بالضبط في ضبط وتوليد المستحيل.
أعترف بأن هذا المفهوم في الكفاح السلمي لم يتبلور عندي بسهولة، كما أنه صعب الاستيعاب من جهة المتدينين والعلمانيين على حد سواء.
الإسلاميون يقولون إنه تعطيل الجهاد، والشيوعيون يقولون إن الحق يأتي من فوهة البندقية كما قال ماوتسي دونج، والقوميون يقولون: كيف سنقتلع إسرائيل بدون قتال، والعوام يقولون مع المثقفين: إن القط والكلب والفأر يدافع عن نفسه، فكيف نفهم عدم الدفاع عن النفس مع هجوم الآخر عليك.
في يوم 22 غشت، كانت بعثة من الأمم المتحدة في حمص تتعرف على ما يجري. وبمجرد أن ولت الأدبار، بدأت فرق الموت تحصد أرواح الشباب.
قال لي السيد الجندي في مونتريال: سوف أقص عليك هذه القصة: كنت في دمشق أقفل سيارتي حين سمعت صوت إطلاق نار من شاب من الحرس الجمهوري في وجه الشرطة! لم أعر الموضوع انتباها، ولكنني التفت لأجد ولدي مضرجا بالدم.. لقد أصابته طلقة طائشة في رقبته. أسرعت به إلى المشفى، ولكنني كنت في الغد أدفنه بيدي في التراب. لم يتقدم إلي أحد من الحرس الجمهوري ولو بكلمة اعتذار.. لقد كان ابني قطة معذبة دهستها سيارة لا أكثر. ووطن من هذا النوع لا يعود وطنا بحال! في اليوم التالي، حزمت أمري وجمعت مالي ووليت وجهي إلى كندا كما تراني!
قلت له: أذكر شبيها بهذه القصة، صديقي من بيت دينار الذي كان على سطح المنزل حين نشبت معركة الحاطوم وأبو عبدو الجحش في الروضة. خرجت العائلة ترى من بعيد إطلاق الرصاص وإذا بأحد شباب العائلة يسقط أرضا ميتا.. لقد أصابت رصاصة بعثية قلب الشاب فقتلته.
القتل الموجود في سوريا هو زاد يومي لنظام البعث الدموي الشرس، وهو ما دفعني أيضا إلى أن أغادر بلاد البعث إلى يوم البعث.
بعد نجاح الثورة الليبية وإلقاء القبض على سيف الإسلام وأخيه من العائلة الإجرامية وترنح النظام في سكرات الموت، بدأ الشباب يقولون: أنظروا إلى هذا النجاح، فعلينا بالتقليد وحمل السلاح ومناجزة هذا النظام الذي يقتل ويقتل، عسى الله أن يكف بأسه، والله أشد بأسا وتنكيلا.
المسيح وعيسى وبوذا وكونفوشيوس وموسى وجميع الفلاسفة هم أطباء القلوب ومهندسو المجتمعات، يعرفون مفاتيح التغيير جيدا.
يتبع...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.