تفاصيل الاتفاق بين الحكومة النقابات والباطرونا على الزيادة في الأجور وجدولته    رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز يقرر البقاء في منصبه    عاجل .. اتفاق بين الحكومة والمركزيات النقابية بشأن زيادة عامة في أجور العاملين بالقطاع العام    التنسيق النقابي لقطاع الصحة…يقرر مواصلته للبرنامج النضالي    ارتفاع أسعار الأضاحي يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    وزارة الفلاحة…الدورة ال 16 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب تكللت بنجاح كبير    رسمياً.. رئيس الحكومة الإسبانية يعلن عن قراره بعد توجيه اتهامات بالفساد لزوجته    المغرب التطواني يتعادل مع ضيفه يوسفية برشيد    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    إدارة السجن المحلي بوجدة تنفي ما نقل عن والدة سجين بخصوص وجود آثار ضرب وجرح على وجهه    المغرب يرشد إسبانيا إلى قارب مخدرات    فيلم أنوال…عمل سينمائي كبير نحو مصير مجهول !    غزة تسجل سقوط 34 قتيلا في يوم واحد    التنسيق الميداني للتعليم يؤجل الاحتجاج    عقوبات ثقيلة تنتظر اتحاد العاصمة بعد انسحابه أمام نهضة بركان    أسعار الذهب تتراجع اليوم الإثنين    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الإثنين بأداء إيجابي    التقنيون يتوعدون أخنوش بإضرابات جديدة        إليسا متهمة ب"الافتراء والكذب"    الروائي الأسير باسم خندقجي يهزم السجان الإسرائيلي بجائزة "بوكر العربية"    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    طلاب مغاربة يتضامنون مع نظرائهم الغربيين الداعمين لغزة    المنتخب المغربي يتأهل إلى نهائي البطولة العربية على حساب تونس    تزگل باعجوبة. مقرب من العائلة ل"كود": زكريا ولد الناصري ما عندو رالو وها كيفاش وقعات لكسيدة    حكيمي يتوج رفقة باريس سان جيرمان بالدوري الفرنسي    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس الجائزة الكبرى لجلالة الملك محمد السادس للقفز على الحواجز بالرباط    مجلس المنافسة: 40 في المئة من الخضر والفواكه بالمغرب تتعرض للتلف    النفط يهبط 1% مع استمرار محادثات وقف إطلاق النار في غزة    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    للمنافسة عالميا.. جهود مغربية لتطوير صناعة الألعاب الإلكترونية    المشتبه فيه فقتل التلميذة "حورية" بصفرو قرقبو عليه بوليس فاس: العملية الأمنية شاركت فيها الديستي وها فين لقاو المجرم    جماهير اتحاد العاصمة معلقة على الإقصاء: تم التضحية بنا في سبيل قضية لا تعنينا    منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سبعة من عمالها    الصين: "بي إم دبليو" تستثمر 2,8 مليار دولار اضافية شمال شرق البلد    200 مليون مسلم في الهند، "أقلية غير مرئية" في عهد بهاراتيا جاناتا    ماركا: المغرب يستغل الفرصة.. استعدادات متقدمة لنهائيات كأس العالم وسط فضائح الاتحاد الإسباني    تقرير: المغرب وإسرائيل يسعيان تعميق التعاون العسكري رغم الحرب في غزة    إدارة أولمبيك خريبكة تحتح على الحكام    "عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم" مراسل بي بي سي في غزة    "العدالة والتنمية" يندد بدعوات إلى استقالة ابن كيران بعد خسارة انتخابات جزئية    "العدالة والتنمية" ينتقد حديث أخنوش عن الملك خلال عرض حصيلته منددا بتصريح عن "ولاية مقبلة"    بايتاس: ولوج المغاربة للعلاج بات سريعا بفضل "أمو تضامن" عكس "راميد"    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    الأسير الفلسطيني باسم خندقجي يظفر بجائزة الرواية العربية في أبوظبي    الفيلم المغربي "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المساء» ترسم خارطة أسماء مخدرات غريبة وخطيرة تغزو المغرب
كيف تطور استهلاك المخدرات من «التقيوتاتْ» إلى «العود الأبيض» و«الحمامة» و«القرش الأزرق»؟
نشر في المساء يوم 20 - 04 - 2012

المخدرات ماركة مسجلة وسلعة شائعة في المغرب، تشهد على ذلك آخر تقارير المنظمة الدولية التابعة للأمم المتحدة والمكلفة لمحاربة المخدرات،
والتي تشير إلى أن المغرب في مقدمة الدول المصدرة للمخدرات والمستهلكة لها. وتكشف تقارير أمنية دولية أيضا أن المغرب محطة عبور لأنواع مختلفة من المخدرات، التي تدير تجارتَها دوليا مافياتٌ عالمية، بتنسيق مع بارونات مخدرات مغاربة. هكذا إذن أضحت المخدرات ثقافة مغربية واستهلاكها طقساً ضروريا لدى العديد من المغاربة، وهو ما تؤكده التقارير الصحية الوطنية. غير أن هذه المعطيات كلها تبقى واجهات عامة لتفاصيل أخرى مثيرة، فالمخدرات تُستهلَك في المغرب، لكنْ أي مخدرات؟.. سؤال عند الإجابة عنه من خلال التسلل عبر ردهات عالم تجارة المخدرات المظلمة في المغرب ينتهي إلى أمور مخيفة: المغاربة صاروا مدمنين على أنواع غريبة من المخدرات يفوق تأثيرها مرحلة الخطر بدرجات.. أسماء شائعة بين فئات واسعة أو ضيقة من المدمنين، الصغار قدرا ومالا أو الكبار، تكشف أن هناك في المغرب من انتقل بعمليات ترويج واستهلاك المخدرات إلى حدود لا يعرف حتى رجال الأمن أنفسُهم ما وراءها..
في هذا التحقيق، نقص حكاية المغاربة والمخدرات من البداية، لنصل إلى الحدود: كيف أضحى المغرب في مقدمة الدول المستهلكة لمخدرات غير عادية لا يمكن أن يخطر تأثيرها على بال إنسان؟.. لنتابع.
يتحدث معظم الناس عن استهلاك المخدرات في المغرب كحدث طارئ وأمر مستجد. يصفون الوضع بنعوت إنشائية مكرورة، مثل «الآفة الخطيرة» و«المعضلة الاجتماعية»، دون أن يخطر على بال عديدين أن لاستهلاك المخدرات في المغرب جذورا عميقة وله «عادات» تفسر جنوح مغاربة إلى البحث عن أقوى مخدر تأثيرا، حتى لو كان ذلك على حساب الصحة والمال.
«المساء» اتصلت بجمعية «الكفاح لمحاربة القرقوبي ودعم ضحايا المخدرات»، وهي جمعية وطنية تنشط في مجال مكافحة المخدرات. وتشير المعطيات المتوفرة لدى الجمعية إلى تطور خطير لاستهلاك المخدرات في المغرب، من لحظة كان المغاربة يتحلقون على كؤوس شاي محضرة بأعشاب مخدرة إلى مرحلة دخولهم في استهلاك أدوية خطيرة وعقاقير يصل ثمن الحبة الواحدة منها إلى 1000 درهم.
خاضت المخدرات رحلة عبر تاريخ المغرب، في هذه الرحلة تطور كل مخدر على حدة، وانتقل من وسيلة لتحقيق المتعة إلى أداة يستعان بها في أعمال إجرامية.
«فليطوكسا» و«التقيوتاتْ»
كان بين المغاربة من يفضلون، خلال الجلسات الجماعية، التحلق حول أكواب شاي غير عادي: شاي بأعشاب مخدرة. تناقل العادةَ يهودٌ مغاربة، خلال جلسات جماعية، «هذه هي الجلسات التي كان يصطلح عليها ب«لالّة ومالي وتْقرقيبْ السّواني»، حيث كان يتم التحلق حول أكواب شاي فيها مخدرات للعب الورق أو «الدومينو» أن تحقيق متع معينة»، توضح نزهة الخميري، أخصائية الطب النفسي.
كان هذا النوع من الشاي يلقب ب«البيرّة المغربية»، على غرار «البيرة» ذات «الكشكوشة» نفسها التي كان يُروّجها المُعمّرون. خلال هذه الجلسات، والتي كانت تنظمها نساء أيضا، كانت تستعمل مواد مخدرة أخرى تقليدية، في مقدمتها القنب الهندي أو الكِيفْ.
كان الكيف بمثابة المخدر «شبه الرسمي« في المغرب، يُزرَع على نطاق واسع في الريف ويُستهلَك بشكل مكثف، عبر تدخينه. كانت الطرق تختلف، من خلال استعمال مواد معينة مستخرجة منه، مثل أوراقه التي تسمى «الماريوان»، التي تُدخَّن في شكل «جوانات»، أو الحشيش المُستخرَج من «زريعة الكيف» أو زيت الكيف و«الماريوان»، الذي يضاف إلى مواد أخرى ليصير له تأثير مخدر قوي. ويفسر اختلاف طرق استعمال الكيف اختلاف تسمياته، مثل «الزطلة» و«الحشيش» و«الحشة» و«الحنشلة» و«فليطوكسا» و«الغلغولة» و«عاشور» و«تيبيسلة»..
كانت جلسات النزاهة، إلى جانب اعتمادها على الشاي الذي يضم مواد مخدرة والكيف، تقوم على تناول مواد مخدرة مُحضَّرة تقليديا، تسمى «التقيوتات». وكانت هذه المواد تُحضَّر من مواد طبيعية، مثل اللوز و«زريعة الكتان» وحبوب أخرى تفرم وتخلط وتضاف إليها مواد مخدرة، مثل «الجوزة» أو يصب عليها زيت «الماريوان» حتى يصير تأثيرها أقوى: «كانت النساء يصنعن هذه التّقيوتاتْ ويضعنها في أوانٍ أمامهن ويمضين جلستهن وهن يتناولنها من أجل تزجية الوقت وتحقيق والمتعة وتقوية الأداء الجنسي، حسبهن»، توضح الخميري.
كانت هذه المواد المخدرة كلها بديلا عن الخمور التي كان يُحظَر تناولُها على المسلمين، بحكم أنها محرمة، وقلة من هؤلاء كانوا يقدون على تناول شراب آخر تقليدي الصنع، يُحضّره اليهود المغاربة يسمى «الماحيا».
تحولَ تطورُ إنتاج وصنع واستهلاك المواد المخدرة سريعا في المغرب، فجأة، إلى «حرفة» تعتمد على مواد كيميائية خطيرة، وابتعد الأمر عن مجرد وسائل لتحقيق المتعة خلال جلسات إلى مواد مساعدة على تنفيذ جرائم.
«القاتلة» و«الفرّوجْ»
«الأمر تطور بتطور إنتاج الخمور بالمغرب، حتى صارت في المغرب أنواع خمور يشتهر بها عالميا، مثل «كََروان» و«بلعوان» و«تولال» و«الوزانية» و«المكناسية». وكان تطوير الخمور يتم بشكل متواز مع تطوير كحول رخيصة الثمن وذات مفعول قوي، يتجلى ذلك في الماحيا»، يشرح مصطفى ضعوف، عضو جمعية مكافحة المخدرات.
خلال عملية تطوير، تم إنتاج أنواع رخيصة من النبيذ، يستهلكها المدمنون الفقراء. في هذه الفترة، بدأت تظهر قنينات خمور تستهلك على نطاق واسع لانخفاض ثمنها، مثل «بولبّادرْ« و«صدّامْ» و«عايشة الطويلة».. إلى جانب ذلك، انتقل تطوير «الماحيا» من أيدي اليهود المغاربة ليصير الأمر متاحا للعديد من «الكْرّابة»، في مدن كانت تشتهر بإنتاج «الماحيا»، مثل دمنات وتاليوين ومدن أخرى أضحت، في السنوات الأخيرة، أوكارا لإنتاج كميات كبيرة من «الماحيا» المصنعة تقليديا، مثل الشماعية ومداشر في دكالة وبقع سوداء في الدار البيضاء. «أصبح تضاف إلى هذه الماحيا كميات كبيرة من المواد ذات التأثير القوي، أبرزها الكحول المستعملة لأغراض طبية، الهدف هو تقوية «الدّوزاجْ» حتى انتشر نوع من «الماحيا» ذو تأثير قوي جدا يلقب ب«القاتلة» و«لاكورون» و«الفرّوج»، وهي قنينات صغيرة من «ماحيا» رخيصة الثمن، حيث لا يتعدى ثمنها 25 درهما، لكنها ذات تأثير قوي جدا، فبمجرد ما يشربها الشخص حتى يبدأ لون وجهه يميل نحو الزرقة وتعتريه نوبة هستيرية، إذ يقال إن الشخص «كايطلع».. يشرح ضعوف، مردفا أن «الرغبة في تطوير مفعول الماحيا اضطر مدمنين إلى ابتكار تقنيات جديدة، حيث أصبح من الدارج في صفوف المستهلكين مصطلح «نفركَعها»، وهي أن يتناول المستهلك حبة «قرقوبي» ثم يشرب بعدها اثنين من «القاتلات» (أي قنينتي ماحيا قوية المفعول)، إذ يتحول شاربها إلى شخص آخر»..
صار المدمنون، إذن، يبحثون عن مواد مخدرة أكثر قوة. اختُرِعت لذلك مواد جديدة وأضحت العمليات تتم بواسطة مواد كيميائية خطيرة، فإلى جانب الكحول الطبية المضافة إلى «الماحيا«، أصبح البعض يضيف إليها مواد خطيرة جدا، مثل مبيدات الحشرات أو «السّيراجْ» المُستعمَل في مسح الأحذية، إلى جانب عقاقير وحبوب مهلوسة. شمل الأمر ذاته «التّقيوتاتْ»، التي تعددت أنواعها وأصبحت تُصنّع باستعمال مواد خطرة: «بعد المعجون، ظهرت أشكال جديدة، مثل «كيكة» و«شكيليطة» وأنواع أخرى من «التّقيوتاتْ»، التي لم يعد الأمر في استعمالها يقتصر على مواد طبيعية وزيت «الماريوان» أو حتى «الغلغولة»، التي تشمل عصارة القنّب الهندي، بل أضحت تضاف مواد خطرة، مثل مادة تلقب ب«تقطيرة المونغوليانْ» وأنواع من الكحول والمبيدات، حتى يصير تأثيرها قويا»، يوضح أحد «بزناسة» الدار البيضاء، تحدثت إليه «المساء».
قادت رحلة البحث عن مخدر قوي جدا إلى تعاطي مواد خطيرة ستغير مسار تطور استهلاك المخدرات في المغرب وتقرنه بأبشع أعمال الإجرام: الأقراص والعقاقير الطبية.
العود الأبيض
وغوادالوبي والقنابل
بدأ الأمر، حسب معطيات جمعيات مكافحة المخدرات، في سبعينيات القرن الماضي، بظهور تعاطي دواء يحمل اسم «لوبطاليطون»، وهو علبة دواء تضم ثمانية عقاقير ذات لون وردي، كانت تباع بدرهمين للحبة الواحدة: «في البداية، كان هذا العقار يُستعمَل من طرف أشخاص لا علاقة لهم بالعمل الإجرامي، وبينهم أساتذة ومحامون وتجار كانوا يتناولونه لأنه كان يساعدهم على التواصل مع الآخرين.. أول أسواق المخدرات التي أصبحت تبيع أدوية مخدرة هي زنقة كولميمة ودرب السادني وبوطويل في الدار البيضاء، وأول من أدخل هذه العقاقير مروج مخدرات شهير يدعى «الدكتور كاو» كان يقطن في كاريان سيدي عثمان. كان هذا الشخص يقتني هذا الدواء من المستشفيات ويقوم بغسله من «الصباغة»، كما كان يزعم، قبل بيعه»، يوضح عضو إحدى جمعيات مكافحة المخدرات.
بدأت العقاقير تكتسح سوق المخدرات شيئا فشيئا. كانت بعض هذه العقاقير تُشترى أو تُهرَّب بطريقة غير شرعية من مستشفيات وصيدليات أو صيدليات، وعقاقير أخرى تُهرَّب من بعض الدول، مثل الجزائر وإيطاليا وفرنسا، عن طريق مافيات مخدرات.
ضمن هذه الموجة الأولى، دخلت حبوب هلوسة كانت تُستعمَل كأدوية ضد أمراض نفسية أو عصبية، أبرز هذه الأدوية عقار في شكل حبة عدس يُهرَّب من إيطاليا وله تأثير قوي جدا، يسمى «تريبل».
بدأ سوق الأدوية والحبوب المهلوسة ينتعش بشكل كبير. خلال هذه الفترة، بدأت حدود الجزائر «تفتح» أمام أنواع جديدة من العقاقير المهلوسة شديدة التأثير. بين هذه العقاقير، كما يوضح خالد أوقزا، الطبيب النفسي المتخصص في علاج الإدمان، وفق ما ذكره ل«المساء»، عقار يسمى «ريبلوم»، وهو دواء لأمراض الصرع وله تأثير تخديري قوي، كما دخل المغرب، إلى جانبه عقار آخر، أبيض اللون واستعمل كمخدر على نطاق واسع واسمه «لورتينال».
بعد «لورتينال»، بدأ المغاربة يستهلكون حبوبا مهلوسة أخرى لها تأثير أكبر، يتعلق الأمر بعقار «كاردينال»، وهو ينقسم إلى نوعين، نوع من صنف 0.5 ميليغرام، وآخر قوي من نوع 0.10 ميليغرام.
فجأة، ظهر ما سيغير مجرى الإدمان على حبوب الهلوسة في المغرب. كان ذلك ببروز ما يصطلح عليه «البولة الحمرا» أو «القرقوبي»، وهو في الأصل أدوية لمعالجة أمراض نفسية عصية. أشهر أنواع «البولة الحمرا»، التي كان لون غشائها أحمر، عقار «إيكسوبميل» و«لارتان» من فئة 0.5 ميليغرام، وهو المتوفر في المغرب، بينما «لارتان 10» غير موجود.
ستصير لحبوب الهلوسة شعبية كبيرة وسط المدمنين، بسبب انخفاض ثمنها في تلك الفترة، إذ لم يكن يتعدى ثمن الحبة الواحدة بضعة دراهم، لتظهر عقاقير مهلوسة جديدة، كما يبرز أوقزا، هي «فاليوم 10» و«كانالوبين»، الذي كان يصطلح عليه «غوادالوبي»، نسبة إلى مسلسل مكيسيكي لقيّ شهرة واسعة في المغرب في التسعينيات.
قاد تطور حبوب الهلوسة إلى ظهور عقاقير ذات تأثير قوي ما زالت تسيطر حتى اليوم على سوق «القرقوبي» في المغرب، يتعلق الأمر بعقار يلقب ب«ابن زيدون»، وهو عقار يستعمله رياضيو كمال الأجسام ويُستهلَك على نطاق واسع من قبل مدمني المخدرات، إلى جانب نوع آخر من «القرقوبي» يسمى «العود الأبيض» يمتاز بكونه مؤثرا جدا.
الآن، وبعد حملات مكافحة «القرقوبي»، تقلصت الصنوف المتوفرة، حسب أوقزا، وأصبح العرض القليل المتوفر يشمل أدوية مهلوسة، مثل «روش 1» و«روش 2» وعقار «ريفولتري» من فئة 2 ميليغرام، ومنه نوعان، في عرف مدمني «القرقوبي»، نوع يسمى «السّْخونة»، وهو العقار الذي ما زال صالحا للاستهلاك، و«خريشيشة»، وهو النوع الذي انتهت مدة صلاحيته وخفَتَ مفعوله قليلا. «ما زال هذا العقار يدخل من الجزائر، عبر طريق مغنية، إلى سوق الفلاح في وجدة، قبل أن يوزع في المغرب كله. ويدخل هذا الدواء، أيضا، عن طريق فرنسا، بتهريبه عبر الخطوط الدولية، من خلال دسه في قطع الشوكولاطة أو الحلوى.. وقبل سنة، تم اكتشاف عملية تروجيه بعدما اعتقلت الفرقة الجنائية في الدار البيضاء ثلاثة أشخاص تمكّنوا من إدخال 27 ألفا و500 حبة منه إلى المغرب»، يوضح أوقزا، قبل يستطرد قائلا: «تضم «السمطة» الواحدة من هذا العقار القادم من الجزائر 10 عقاقير، بينما لا يتعدى عدد حبات «سمطة» واحدة من الدواء المُستورَد من فرنسا سبع حبات. ويُستعمَل هذا الدواء ضد الصرع ونوبات الرعب، وقد تم منعه في الصيدليات قبل أشهر بقرار من وزارة الصحة».
كانت جميع هذه الأقراص المهلوسة، في البداية، تُقتنى من الصيدليات عبر تزوير الأوراق الطبية، كما يوضح أعضاء في جمعية محاربة المخدرات، وعندما تفشى الأمر في الدار البيضاء، لجأ المدمنون والمروجون إلى صيدليات مدن أخرى لاقتنائها. وكانت كيمات أخرى تخرج من مخازن مستشفيات الأمراض العقلية، «هناك صديلانيون وبائعون عاديون في الصيدليات احترفوا الاتجار في هذه الأدوية، قبل أن يصدر قرار صارم من وزارة الصحة، قبل أشهر، يحظر بيعها. كان أطباء تخدير، بدورهم، يتاجرون في مواد مخدرة، بل منهم من يتعاطون هذه المواد، خاصة مادة «ليبنوفيل»، ذات التأثير التخديري القوي والتي يصعب الإقلاع عن الإدمان عليها»، يقول أوقزا.
ساهم منع بيع الصيدليات لهذه العقاقير وتشديد المراقبة عند الحدود الجزائرية المغربية وداخل المدن التي تشيع فيها عمليات الاتجار في حبوب الهلوسة في ارتفاع ثمنها بشكل كبير: «انتقل ثمن القرقوبي من 3 إلى 5، ثم إلى 10 فإلى 100 درهم للحبة الواحدة. هناك مدمنون تعودوا على استهلاك «سمطة« تضم ثمان حبات، وبالتالي صار يجب عليهم توفير مبلغ 800 درهم وأكثر لشرائها.. يصعب الأمر أكثر على المدمنين الذين يلتجئون إلى حبوب الهلوسة لاقتراف أعمال إجرامية، مثل السرقة بالعنف أو الدعارة، حيث إن غالية العاهرات يستعملن العقاقير حتى يضعن «البلاكا»، كما يقلن ولا يتذكرن ما فعلنه ليلا»، يكشف عضو جمعية الكفاح لمحاربة القرقوبي ودعم ضحايا المخدرات.
فتح ارتفاع ثمن «القرقوبي» المجال أمام تطوير مواد مخدرة جديدة أو أخرى جارية، فعلى سبيل المثال تطور استهلاك ما يسمى «القْنابْل» أو البومبا»، التي لا تتطلب سوى قليل من «الدوليو» وعلبة من نكهة فاكهة تستعمل في الطبخ «آروم» حتى يسهل استنشاق «الدوليو».
ألهب هذا التطور الصاروخي لسوق «القرقوبي» سوقا آخر: سوق «قرقوبي» الأغنياء، حيث ظهرت أنواع جديدة من الحبوب باهظة الثمن وذات التأثير القوي.
«الحمامة» و«القرش الأزرق»
للأغنياء مخدراتهم، بعضها معروف، مثل المخدرات الصلبة، من كوكايين وهروين فاخر، وبعضها الآخر دخل السوق المغربية في السنوات وحتى في الأشهر القليلة الماضية، لا يعرفها الكثيرون.
تشير المعطيات الأمنية إلى أن ملاهي راقية في مدن مغربية وفيلات تشهد تنظيم ليالٍ حمراءَ دون ترخيص، تعرف نشاطا واسعا لتجار نوع جديد من المخدرات، زبناؤه من الأغنياء، خاصة الشباب منهم. أبرز هذه المخدرات الجديدة التي غزت العلب الليلية الفارهة في المدة الأخيرة حبوب تسمى «ليكسطا»، ويتعلق الأمر بأنواع من حبوب «ليكسطازي» المُستخرَج من منشطات طبية، غير أن «ليكسطا» المتدوالة في المغرب يتم تصنيعها في دول أمريكا اللاتينية من خلال تجميع بقايا عملية إنتاج الكوكايين.
يتراوح ثمن «ليكسطا» الآن، داخل العلب الليلية، التي يروج فيها بشكل كبير، ما بين 300 و1000 درهم للحبة الواحدة.. واختلاف الثمن مرتبط باختلاف ماركات «ليكسطا»، إذ هناك، وفق جمعية محاربة «القرقوبي» في المغرب، خمسة أنواع، تُوزَّع في المدن المغربية، وهي «القرش الأزرق» و«ميتسوبيشي» (لأنها تضم رمزا يشبه رمز ميتسوبيشي) و«بن لادن» و«مولانْ روجْ» و«مولان فياغرا».
«تم اكتشاف حبوب «ليكسطا» خلال مهرجان كناوة، قبل أن ينتشر في العلب الليلية، حيث يستهلكه أبناء الأثرياء، بدعوى أنه يساعد على قضاء أوقات ممتعة أثناء السهر ويعطي إحساسا بالمتعة والرغبة في ممارسة الجنس.. يتم تعاطيه عادة مع أنواع من الخمر شديدة المفعول ويمكن لمتعاطيها أن يظل دون نوم لمدة 36 ساعة لكنه يظل نائما بعدما لمدة 72 ساعة متواصلة»، يبرز أوقزا.
آخر صيحات العقاقير المخدرة باهظة الثمن، والتي ظهرت في بداية سنة 2012 الجارية، وفق مصادر «المساء»، هي ما يصطلح عليه ب«الحمامة»، وهي نوع من حبوب الهلوسة بدأت تدخل عن طريق الحدود الجنوبية، بعد تشديد المراقبة على الحدود مع الجزائر. لهذه الحبوب تأثير خطير يُفسّر سبب تسميتها «الحمامة»، إذ يظل متعاطيها مادا يديه وكأنه طائر، وهو نوع من الإيهام الذي تخلقه هذه الحبة المهلوسة التي يصل ثمنها إلى 150 درهما ومازالت توزع على نطاق ضيّق حتى الآن»، يردف أوقزا.
ومن المخدرات الباذخة التي ما زالت توزع في مجال ضيق في المغرب حمض يدعى «LSD»، وهو مخدر باهظ الثمن تُحدث جرعة منه تهيئات غريبة للغاية، انضاف أيضا إلى قائمة أخطر المواد المخدرة التي دخلت إلى المغرب، خلال الأشهر القليلة الماضية.. ومازالت القائمة مفتوحة...


أرقام صادمة حول استهلاك المواد المخدرة الغريبة
11.4 في المائة من المغاربة مدمنو مخدرات و«كيف» وكحول
تكشف الأرقام التي حصلت عليها «المساء»، والتي تخص دراسة وطنية أعدّتها وزارة الصحة مع المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، عن واقع مخيف حول إدمان المخدرات في المغرب، خاصة القوية منها، فنسبة 4 في المائة من المغاربة هم مدمنو أنواع مختلفة من الكحول، بينما تصل نسبة مدمني القنب الهندي وأنواعه إلى 1.4 في المائة من المغاربة. أما في ما يخص باقي أنواع المخدرات فيتعلق الأمر بنسبة 6 في المائة من المغاربة الذين يستهلكونها. ويشير مجموع هذه النسب إلى أن 11.4 في المائة من المغاربة مدمنو مخدرات و«كيف» وكحول.
لا تشمل هذه الأرقام، في المقابل، أفواجا من متعاطي مخدرات جديدة لا يعلم حتى رجال الأمن بوجودها. كما أن الرعاية الصحية لا تتوفر لنسبة كبيرة من هؤلاء المدمنين، فحسب آخر رقم صادر عن وزارة الصحة في الشهر الماضي، فإن 8 آلاف مدمن على الهروين هم فقط الذين ستتم رعايتهم صحيا من طرف وزارة الصحة.
ويرجع هذا الأمر، حسب خالد أوقزا، الطبيب النفسي المتخصص في علاج الإدمان، إلى ضعف عدد مراكز معالجة الإدمان، التي لا تتجاوز 5 مراكز، إلى جانب ارتفاع تكلفة العلاج بالنسبة إلى المدمنين، خاصة الفقراء منهم.
في المقابل، يزيد دخول موجات جديدة من المخدرات الوضع سوءا، إذ يشير أوقزا إلى أن الحبوب الجديدة، التي أصبح تعاطيها ينتشر تدريجيا، تعمق أمراض الهلوسة والفصام، وهو ما تفسره فظاعة الجرائم المرتبطة باستهلاكها، مثل الجرائم ضد الأصول والاغتصابات الوحشية.



لخميري: استهلاك مخدرات جديدة وقوية محاولة لرد الاعتبار بطريقة انتحارية
الأخصائية في الطب النفسي الإكلينيكي تبرز أسباب تعاطي شباب مواد مخدرة غريبة وتكثيف جرعات المخدرات
في هذا الحوار، تشرح نزهة ربيحة لخميري الأخصائية في الطب النفسي الإكلينيكي دواعي بحث مدمنين مغاربة عن أنواع جديدة من المخدرات ذات مفعول قوي جدا، كما توضح أسباب الاختلاف الفئوي في استهلاك المخدرات والأدوية المهلوسة الرخيصة والعقاقير باهظة الثمن.
- كيف تفسرين تطور استهلاك المخدرات في المغرب من تعاطي المخدرات «التقليدية» إلى تناول الأدوية والعقاقير المهلوسة؟
باتت المخدرات أخطر الآفات في مجتمعنا، فنحن أمام مرض اعتمادي على مادة مخدرة تضر بالفرد، وفي نفس الوقت، تشكل منبع للمتعة. في وقتنا الحالي، غالبا ما تختلف -أو بالأحرى تتطور- أساليب التخدير من «تقليدية»، أي من أعشاب طبيعية لجلب المزيد من المتعة والاسترخاء، إلى أساليب تخدير سريعة الاستهلاك، مثل تناول بعض الأدوية ذات المفعول التخديري أو المخصصة لتسكين الآلام، حيث إن الشخص كلما وجد وحصل على متعته ومبتغاه في المادة السابقة، كما بحث عن متعة أخرى بطريقة أسرع، دون أن يبالي بخطورة تلك أو ذاك، وهذا راجع بالأساس إلى هاجس إشباع الرغبة الداخلية واضطراب في الشخصية.
-لماذا يتجه البعض إلى استهلاك مخدرات غريبة وذات تأثير قوي وإضافة مواد خطيرة إلى المواد المخدرة؟
المخدر هو بمثابة مهدئ لشعور وإحساس داخلي، يتعاطاه الفرد للابتعاد عن خطورة التحطيم الذاتي أو تخدير اضطهاد مرض العظمة «Anesthésier la persécution paranoïaque». إن الشخص المتعاطي للمخدر يحاول، بطريقة لا شعورية، الحفاظ على صحته العقلية. فكلما كانت الدوافع النفسية تفوق التحمل كلما اتجه الشخص إلى البحث عن أسلوب للتخدير «أخطر»، مع العلم أنه لا يعي درجة الخطورة أكثر من بحثه عن مسلك ومفر مما يعانيه، وبذلك يكون المخدر بمثابة بديل لحب ضائع «Substitut d'objet d'amour perdu»..
عموما، الأصل في التخدير واحد، مهْما اختلت أساليبه، فالمخدر يُقصَد به المادة التي يؤدي تعاطيها إلى حالة تخدير كلي أو جزئي، مع فقدان الوعي أو دونه، وتعطي هذه المادة شعورا كاذبا بالنشوة والسعادة، مع الهروب من عالم الواقع إلى عالم الخيال، كما تدخل في ذلك كل مادة خام مستحضرة تحتوي على جواهر منبهة أو مسكنة من شأنها، إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية والصناعية الموجهة، أن تؤدي بصاحبها إلى حالة من التعود والإدمان عليها، مما يضر بالفرد والمجتمع، جسميا ونفسيا واجتماعيا.
- ما هي محددات استهلاك هذه المخدرات وفق اختلاف التصنيف الاجتماعي؟
لا يمكنني إعطاء جواب صارم في هذا الباب، فعلم النفس يبحث عن ما وراء هذا التعاطي والاعتماد. كل ما يمكنني قوله هو إن كل أسلوب في التخدير يُتبع ليس من باب الصدفة، فمثلا هناك أفراد يميلون إلى التعاطي للمخدرات في جلسات حميمية أو مجالس بطقوس غريبة، حيث يتلاصق المتعاطون بعضهم مع بعض داخل أماكن مغلقة، بحثا عن الدفء، نظرا إلى أن التعاطي يسبب إحساسا بالبرودة، وبذلك عند التجمع تُمنَح لحظات حميمة وشعور ب«السعادة» و«الراحة» والتحلل من المسؤولية وإحساس زائف بالقدرة على التحمل والرضا. ويتعمد آخرون التعاطي لمخدرات باهضة الثمن، وبذلك يشعرون ب«راحة» لانتمائهم إلى شريحة ما ذات مستوى راق ويتميزون بذلك عن شرائح دنيا تتعاطى مخدرات رخيصة..
ويهدف المدمن على مخدر معين، عموما، إلى البحث عن رغبة قوية شعورية ولا شعورية تدفعه، بعد الإدمان والتعاطي، إلى الحصول على المخدر بأي وسيلة وزيادة الجرعة التي تعوّد عليها، كما يعمق صعوبة الاقلاع عنه، سواء للاعتماد النفسي أو لتعود أنسجة الجسم عضويا على المخدر، وعادة ما يعاني المدمن من قوة دافعة قهرية داخلية للتعاطي.
تكاد جميع الدراسات النفسية والاجتماعية التي أُجريت على أسباب تعاطي المخدرات، وبصفة خاصة بالنسبة إلى المتعاطي لأول مرة، تُجمع على أن عامل الفضول ومرافقة الأصدقاء والانتماء إليهم يشكل أهم حافز لتجربة أسلوب من أساليب المشاركة الوجدانية مع هؤلاء والتفاخر بتكثيف مفعول المخدرات التي يتعاطونها أو زيادة قدْر الجرعات.
ويعتقد بعض الأفراد، وغالبا الشباب منهم، أن هناك علاقة وطيدة بين تعاطي المخدرات وزيادة القدرة الجنسية من حيث تحقيق أقصى إشباع جنسي وإطالة فترة الجماع بالنسبة إلى المتزوجين، وكثير من المتعاطين يقدون على تعاطي المخدرات سعيا وراء تحقيق اللذة الجنسية.. والواقع أن المخدرات لا علاقة لها بالجنس.
وهناك كذلك الشعور بالفراغ، فلا شك أن وجود الفراغ لدى أغلبية الشباب يُولّد نوعا من الكسل، كما أن البعض الآخر من المراهقين يقومون بمحاولة إثبات ذواتهم والإحساس ب«الرجولة» عن طريق التقليد من أجل إضفاء طابع رجولي عليهم أمام رفاقهم وأمام الجنس الآخر.
قد يدفع توفر المال بكثرة بعض الشباب إلى التباهي وحب الاستطلاع، الذي يقود إلى شراء وتعاطي أغلى أنواع المخدرات، وقد يبحث بعضهم عن المتع المحرمة، مما يدفعهم إلى ارتكاب جرائم.
وهناك العديد من الضغوط والمشاكل اليومية، التي لم يتوصل الفرد إلى تجاوزها، تؤدي به إلى تعاطي المخدرات بحجة نسيانها، ويعتقد البعض أن تناول المخدرات يساعد على التركيز ويزيدهم ثقة في أنفسهم، وهذا وهم لا أساس له.
نعرف أن الأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع، ودورها هو توجيه ومرافقة الشباب ومحاولة تفهمهم وتبني أسلوب الحوار معهم وداخل الأسرة، كما أن غياب التربية الجنسية لدى الشباب يُشكّل عائقا في التحكم في شهواتهم.
في المقابل، توقِع القسوة الزائدة على الأبناء بمبرر «التربية»، بمعنى الضغط والضرب المبرح والتوبيخ وعدم المبالاة بالشخص في سلوك اللا مبالاة، وأحيانا، في ترك المنزل والهروب منه، بحثا عن الأمان والحب، وهكذا تكون المخدرات، بأنواعها، هي التي «تجلب» له ثقته في نفسه وحبه ذاته لمواجهة الآخرين، فهو أسلوب رد اعتبار بطريقة انتحارية «Autodestruction».
فضلا على الجانب الأسري، هناك دور مجتمعي مشجع على تطور استهلاك المخدرات بسبب وجود فئات «ضالة وفاسدة»، وكذلك انتشار أماكن اللهو، التي تعتمد أساسا على ترويج واستهلاك مواد مخدرة داخلها من أجل مراكمة الأموال.
في التحليل النفسي، يكمن السبب الذي يجعل الشباب في مقدمة المستهلكين لأنواع جديدة من المخدرات في أن هذه المرحلة العمرية تعرف عدة إشكالات، منها الإحباط والاكتئاب والجنس والبحث عن الهوية، ثم سلوك الانفعال، ومن ثمة هناك من يعملون على تجاوز هذه الإشكالات والتكيف مع الحالة والتغيير الجسدي والنفسي أمام النبضات الجديدة «Les pulsions nouvelles»، بينما آخرون غير قادرين على التفاعل مع هذه النبضات فيلجؤون إلى المخدرات.
- كيف تقيمين السياسة الصحية المتبعة في المغرب بخصوص مكافحة الإدمان على المخدرات، خصوصا بعد بروز استهلاك أنواع جديدة وغير معروفة من المواد المخدرة؟
إذا كان الإدمان على المخدرات ظاهرة اجتماعية ونفسية في الأساس، فمجتمعنا واع بهذه العاهة المدمرة وبما تنتجه من جرائم ذاتية واجتماعية تستهدف عملية دعم المدمن في مجتمعنا، عبر إحداث مراكز خاصة لمعالجته عن طريق العلاج الطبي والمرافقة العلاجية النفسية، ثم إعادة إدماجه اجتماعيا، بتأهيله ورعايته في مراكز التأهيل الاجتماعي، مع الحرص على إحداث برامج تلفزيونية وعلى أرض الواقع، باتّباع أساليب وقائية.. كما يجب أيضا إنشاء عيادات نفسية متخصصة وتزويدها باختصاصيين نفسيين واجتماعيين والعمل على تشجيع إقبال المرضى والمتعاطين على العلاج، وهي أمور ما زالت غير كافية وغير مشجعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.