تراجع أسعار الفائدة قصيرة المدى في سوق السندات الأولية وفق مركز أبحاث    الفيفا يعلن آخر التعديلات على قانون كرة القدم .. رسميا    هزة ارضية تضرب سواحل الريف    بين الركراكي والكان .. أسرار لا تُروى الآن    إعلان العيون... الأقاليم الجنوبية حلقة وصل بين شمال إفريقيا والعمق الإفريقي ومجالا واعدا للاستثمار    مقتل ضباط جزائريين في إيران يثير تساؤلات حول حدود التعاون العسكري بين الجزائر وطهران    فضيحة "وكالة الجنوب".. مؤسسة عمومية أم وكر مغلق لتبذير المال العام؟    محمد أشكور عضو المجلس الجماعي من فريق المعارضة يطالب رئيس جماعة مرتيل بتوضيح للرأي العام    السلطات الإمنية تشدد الخناق على مهربي المخدرات بالناظور    أمن الناظور يحجز كمية من المخدرات والمؤثرات العقلية    حرب الماء آتية    رسميا .. الوداد يعلن ضم السومة    مأساة في طنجة.. وفاة طبيبة شابة بعد سقوط غامض من منزل عائلتها    توظيف مالي لمبلغ 1,72 مليار درهم من فائض الخزينة    خالد الشناق: المخطط الأخضر يجب أن يخضع للتقييم ولا شيء يمنع من انتقاده    مطيع يوصي بدليل وطني للجودة ودمج التربية الإعلامية في الأنظمة التعليمية        زلزال بقوة 5.1 درجة يهز شمال إيران    احتياجات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالمغرب تبلغ 11.8 ملايين دولار    ترامب يمنح إيران مهلة أسبوعين لتفادي الضربة العسكرية: هناك "فرصة حقيقية" لمسار تفاوضي    بورصة البيضاء تغلق الأبواب بارتفاع    دعم "اتصالات المغرب" بتشاد ومالي    وزير الماء يدق ناقوس الخطر: حرارة قياسية وجفاف غير مسبوق يضرب المغرب للعام السادس توالياً    المغرب يخمد 8 حرائق في الغابات    بوعياش تلتقي أمين الأمم المتحدة    وقفات في مدن مغربية عدة تدعم فلسطين وتندد بالعدوان الإسرائيلي على إيران    مدينة المضيق عاصمة الكرة الطائرة الشاطئية الإفريقية    باحثون إسبان يطورون علاجا واعدا للصلع    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    وليد الركراكي يكشف سر استمراره رغم الإقصاء ويعد المغاربة بحمل اللقب على أرض الوطن    نشرة إنذارية: طقس حار من الجمعة إلى الثلاثاء، وزخات رعدية اليوم الجمعة بعدد من مناطق المملكة    معهد صحي يحذر.. بوحمرون يتزايد لدى الأطفال المغاربة بهولندا بسبب تراجع التلقيح    بعد وفاة بريطانية بداء الكلب في المغرب.. هل أصبحت الكلاب الضالة تهدد سلامة المواطنين؟    اجتماع إيراني أوروبي في جنيف وترامب يرجئ قراره بشأن الانخراط في الحرب    لفتيت يذكر الشباب باستمارة الجندية    أنامل مقيدة : رمزية العنوان وتأويلاته في «أنامل تحت الحراسة النظرية» للشاعر محمد علوط    «علموا أبناءكم».. أغنية تربوية جديدة تغرس القيم في وجدان الطفولة    عن "الزّلافة" وعزّام وطرفة الشّاعر عبد اللطيف اللّعبي    افتتاح الدورة ال26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة        الكاف يكشف روزنامة النسخة الجديدة لدوري الأبطال وكأس الكونفدرالية    كارمن سليمان تفتتح مهرجان موازين بطرب أصيل ولمسة مغربية    تقرير: المغرب يجذب حوالي 15.8 مليار درهم من الاستثمارات الأجنبية بنمو 55% في 2024    كأس العالم للأندية.. ميسي ينقذ إنتر ميامي وسان جرمان يتعثر وأتلتيكو يرفض الاستسلام    7 أطباق وصحون خزفية لبيكاسو بيعت لقاء 334 ألف دولار بمزاد في جنيف    المغرب يعزّز حضوره الثقافي في معرض بكين الدولي للكتاب    برلماني يطالب بالإعفاء الكلي لديون صغار الفلاحين    التكنولوجيا الصينية تفرض حضورها في معرض باريس للطيران: مقاتلات شبح وطائرات مسيّرة متطورة في واجهة المشهد    التصادم الإيراني الإسرائيلي إختبار لتفوق التكنلوجيا العسكرية بين الشرق والغرب    مجازر الاحتلال بحق الجوعى وجرائم الحرب الإسرائيلية    بنكيران يهاجم… الجماهري يرد… ومناضلو الاتحاد الاشتراكي يوضحون    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يتذكر فلسطين؟
نشر في المساء يوم 31 - 10 - 2012

هل يتذكر أحد قضية التحرير الوطني الفلسطينية؟ وهل يسعى أحد على استعادة جوهر القضية؟ جوهر نكبة الشعب الفلسطيني الذي فقد وطنه، وليس -فقط- نكبة البؤس والحصار التي يعانيها الناس في غزة والضفة الغربية.
وهل تعد زيارة أمير قطر الأخيرة لغزة نوعا من الانتصار وكسر الحصار أم إنها تبدو كذلك في الظاهر، وهي في حقيقة أمرها عملية «خض ورج»، وصرف للنظر عن طريق المقاومة، ولفت للنظر إلى طريق المعونات، وتصوير الشعب الفلسطيني كجماعة بائسة تطلب الغوث الإنساني، وبغير وصل محسوس مع القضية الأصلية المتمثلة في استرداد الأرض والعرض؟
وبالطبع، فإن كل جهد يدعم الشعب الفلسطيني مطلوب جدا، وباشتراط النية الخالصة في دعم الكفاح الفلسطيني، وهي النية التي لا تبدو متوافرة لدى أي نظام عربي، ولا لدى الجامعة العربية كلها، التي تحصر قضية الشعب الفلسطيني في ما تسميه «المصالحة» بين حماس وعباس، بينما تتصرف أطراف بعينها بما يزيد من حدة الخلاف والتنافس العدمي، فتقرب حماس أو تحتضن عباس، وتغذي عمليا دواعي انفصال كانتون غزة عن كانتون رام الله.
ثم، هل بقيت أية فواصل ظاهرة بين موقف حماس وموقف عباس؟ في السابق كان الفرق مفهوما، وكانت حماس تبدو وكأنها عنوان لمشروع المقاومة، بينما كان عباس -باختياره- في خانة المساومة، وهذه الحالة تغيرت جوهريا باطراد، ولم يعد ممكنا تمييز حماس عن عباس، فكلاهما يحوز سلطة افتراضية في مكان فلسطيني ما، وكلاهما يسعى إلى تثبيت سلطته والتسابق في جلب المعونات لبعض الشعب دون البعض الآخر، وكلاهما يقيم حكومته، ويعدل في تشكيلاتها متى أراد، ويجري الانتخابات أو يقاطعها في وطنه الافتراضي، ودون أفق مفتوح على مقاومة، ولا على تسوية، فعباس مشغول -دونما أمل- بكسب اعتراف إسرائيلي بسلطته كطرف مفاوض، وحماس مشغولة بتثبيت أقدام سلطتها في غزة، والاستفادة من دعم قطر وجماعات الإخوان المسلمين عبر الحدود، وتأهيل نفسها لمفاوضة إسرائيل عبر دور قطري ملتبس وعبر وساطات الأجهزة الأمنية للنظام المصري، خاصة مع غلبة الوزن الإخواني في السلطة المصرية .
والمعنى واضح، وهو أن مشروع المقاومة صار يتيما، ولم تعد تتبناه سوى فصائل فلسطينية في خانة المعارضة لحماس وعباس، ومن نوع «حركة الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، ودون مقدرة ميدانية كبيرة على تنفيذ عمليات ذات مغزى، فالأجهزة الأمنية لعباس تتكفل بوأد المقاومة في الضفة الغربية، والأجهزة الأمنية لحماس تفعل الشيء نفسه في غزة، والمحصلة -بصرف النظر عن النيات- تبدو صادمة، وهي جعل السلطتين الفلسطينيتين في وضع المنطقة العازلة، وفي دور «الوكيل الأمني» لإسرائيل، وهي الصيغة التي أريدت من «اتفاق أوسلو» قبل نحو عشرين سنة، والتي كانت حماس تعارضها وقتها، ثم صارت حماس تنافس عباس في الوفاء العملي بشروطها، والتي تضمنت دوام الاحتلال الإسرائيلي بتكاليف منخفضة، أو بالمجان تقريبا، ورفع عبء معيشة السكان الفلسطينيين عن كاهل الاحتلال، وتحميلها لسلطات فلسطينية، تسعى جهدها إلى جلب المعونات، وإحلال قضية «التعمير» محل قضية «التحرير»، وإفساح المجال أمام إسرائيل كي تواصل مهمات الاحتلال في هدوء، وتهود القدس بالكامل، وتقضم قرى ومدن الضفة الغربية قطعة قطعة، وتنشر سرطان الاستيطان في كل مكان.
وهذه محنة الشعب الفلسطيني الحقيقية، محنة تغييب قضيته الأصلية في إنهاء الاحتلال، وتغيير جدول الأعمال، وتقديم اهتمامات أخرى على القضية الأصلية، من نوع التفرغ لما يسمى بناء قواعد الدولة على الأرض، وبناء بيروقراطية إدارية وأمنية، والسعي إلى توقي غضب إسرائيل، والسفر لجلب معونات وإقامة عمارات، وخلق تعارض مصطنع بين «حق الحياة» و«حق التحرير»، وقد كانت سلطة رام الله أكثر صراحة بالخصوص من سلطة غزة، وأعلنت تخليها مبكرا عن مبدأ المقاومة المسلحة، وجعل وظيفتها الرئيسية في تحسين معيشة السكان، وهو ما بدت «حماس» كأنها تعارضه، لكنها راحت عمليا تقلد أفعال أختها في رام الله، وتنافسها على موارد التسول وجلب المعونة، خاصة مع قيود الحصار الإسرائيلي المفروض عسكريا على غزة، ورويدا رويدا، أضحى الواجب الأساسي لسلطة حماس هو تأمين معيشة السكان، وتحويل كتائب عز الدين القسام -جناح «حماس» العسكري- إلى أداة قمع أمني لصالح سلطة غزة، وليس تنفيذ عمليات مقاومة مسلحة ضد جيش الاحتلال، ولا في عمق كيان الاغتصاب الإسرائيلي.
وفي ما مضى، كان الشعب الفلسطيني يواجه سلطة قمع واحدة في صورة الاحتلال الإسرائيلي، بينما تقف في مواجهته الآن ثلاث سلطات قمعية متراصة، اثنتان منها من بني جلدته وبني وطنه، وهو ما زاد من كثافة الحواجز المعيقة في طريق إحياء المقاومة، واستعادة توهج القضية الأصلية، فسلطة عباس تحرس أمن الاحتلال الإسرائيلي، وسلطة حماس صارت كذلك، وهو ما يعني وقوع شعب الداخل الفلسطيني في الأسر المركب، واعتصار حيويته بتراكم طبقات القهر، وقطع الطريق على ابتعاث خط المقاومة بصوره المسلحة أو الجماهيرية، فسلطة عباس تستريب وتطارد كل فلسطيني يضبط متلبسا بنية المقاومة، وسلطة حماس تبدو أكثر قسوة عمليا، وهو ما بدا ظاهرا في حصار السلطتين لأي حراك شعبي فلسطيني، واعتباره ماسا بأمن السلطة في رام الله أو السلطة في غزة، ووصم كل تحرك في الضفة الغربية بأنه موال لحماس، أو تصوير كل تحرك في غزة كمؤامرة من عباس، بينما لم يعد أحد يتذكر محنة الشعب الفلسطيني الأصلية، اللهم في الخطب الموسمية للسلطتين، اللتين اجتمعتا عمليا على تقديم واجب الموالاة لأمن إسرائيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.