طنجة.. توقيف المتورط الرئيسي في سرقة قبعة "كوتشي" بحي بئر الشعيري    "كان فوتسال السيدات" يفرح السايح    عادل الفقير    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    حكومة أخنوش تُطلق أكبر مراجعة للأجور والحماية الاجتماعية    الملك يهنئ أعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة للسيدات بمناسبة فوزه بكأس إفريقيا للأمم 2025    نواب بريطانيون عن الصحراء المغربية: مخطط الحكم الذاتي محفّز حقيقي للتنمية والاستقرار في المنطقة بأكملها    سيدات القاعة يفلتن من فخ تنزانيا في ليلة التتويج بلقب كأس إفريقيا    افتتاح فندق فاخر يعزز العرض السياحي بمدينة طنجة    ترامب يستقبل رئيس الوزراء الكندي    انطلاقة أشغال المركز الفيدرالي لتكوين لاعبي كرة القدم بالقصر الكبير    منتخب المغرب لأقل من 20 سنة يدخل غمار كاس افريقيا للأمم غدا بمصر    بهدف قاتل.. منتخب السيدات للفوتسال يتوج بلقب الكان في أول نسخة    زخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تتصدر تعيينات الأطباء المتخصصين لسنة 2025 ب97 منصباً جديداً    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    خبير صيني يحذر: مساعي الولايات المتحدة لإعادة الصناعات التحويلية إلى أراضيها قد تُفضي إلى نتائج عكسية    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    إدريس لشكر …لا ندين بالولاء إلا للمغرب    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    دراسة.. الأوروبيون مستعدون للتخلي عن المنتجات الأميركية    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يتحول المغرب إلى بلد نفطي؟
نشر في المساء يوم 20 - 11 - 2013

ما حقيقة الاحتياطيات الضخمة التي أعلنت شركات صينية وبريطانية عن اكتشافها في المغرب؟ ولماذا يكذب المكتب الوطني للهيدروكاربورات التقارير الواردة عن الشركات العالمية المكلفة بالتنقيب في المغرب، وبالمقابل، يعلن عن انطلاق عمليات الحفر في عشرات الآبار؟ وهل سيتحول المغرب في غمضة عين إلى بلد بترولي؟ وهل يمكن أن يتكرر سيناريو فضيحة «تالسنت»؟ ..تساؤلات وغيرها يطرحها المغاربة منذ شهور وهم يتابعون تهافت الشركات العالمية على التنقيب عن النفط في أراضي وبحار المغرب.
قبل حوالي 13 سنة من الآن، وبالضبط في سنة 2000، تفجرت فضيحة «تالسينت». أنذاك، أعلن يوسف الطاهري، وزير الطاقة والمعادن في حكومة عبد الرحمان اليوسفي، عن اكتشاف احتياطيات مهمة من البترول تقدر ب1.5 مليار برميل في مجموعة من الآبار بمنطقة «تالسينت». وسرعان ما تحولت هذه البشرى إلى محور رئيسي في خطاب الملك بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب من نفس السنة، الذي اعتبر أن حدث اكتشاف النفط لن يثني البلاد عن مواصلة مسيرتها في التنمية على مختلف الواجهات. لكن أسابيع قليلة بعد ذلك، تبخر الحلم واكتشف الجميع أن نفط «تالسينت» كان مجرد خدعة محبوكة من «مكايل كوستين»، رئيس شركة «لون سطار»، التي زفت بشرى اكتشاف مخزون كبير من النفط من أجل مضاعفة قيمة أسهمها في البورصة.
اليوم، تجدد الحلم لدى المغاربة، فمجموعة من الشركات المستفيدة من رخص التنقيب عن النفط والغاز أكدت وجود احتياطيات كبيرة جدا في العديد من نقاط التنقيب، خاصة في منطقة سيدي المختار قرب مدينة الصويرة، وهو الخبر الذي فتح شهية المكتب الوطني للهيدروكاربورات لإطلاق عمليات الحفر في 31 بئرا في المغرب، رغم أنه أصدر موازاة مع ذلك عدة بيانات نفى فيها وجود أي اكتشافات للغاز أو البترول، وأن ما تحدثت عنه مجموعة من التقارير الدولية يتعلق فقط بتقديرات أولية.
الصينيون والبريطانيون
يطلقون أولى التباشير
التباشير الأولى للغزوات البترولية والغازية الجديدة للشركات المنقبة عن النفط بالمغرب، جاءت مع إعلان شركة صينية متخصصة في التنقيب عن البترول أن المغرب سيتحول إلى جنة للغاز الطبيعي، بعد اكتشاف أكبر حقل للغاز بسواحل الصويرة.
وأوردت الإذاعة الصينية الدولية، التي نشرت الخبر، أن الشركة الصينية تمكنت من اكتشاف مخزون كبير من الغاز الطبيعي على الشريط الساحلي للمحيط الأطلسي، وذلك في منطقة سيدي المختار قرب مدينة الصويرة، مؤكدة أن أشغال التأكد من إمكانية استغلال الغاز ستبدأ خلال شهر نونبر المقبل، هذا في الوقت الذي فضلت فيه الحكومة التزام الصمت، حيث رفض العديد من المسؤولين تأكيد الخبر أو نفيه.
وقدرت الشركة مخزون الغاز الطبيعي في الحقل المكتشف، الذي يحمل اسم «مسكالة» وتبلغ مساحته 771 كيلومترا مربعا، بما بين 292 و776 مليار متر مكعب، مشيرة إلى أن هذا الاكتشاف دفعها إلى إرسال سفينة محملة بالمعدات الخاصة بالتنقيب من المتوقع أن تصل إلى ميناء أكادير خلال هذا الأسبوع.
أسابيع قليلة بعد ذلك، تواترت الأنباء والتقارير التي تتحدث عن اكتشاف احتياطيات جديدة في مجموعة من مناطق التنقيب، فقد أكدت شركة «لونغريش أويل» البريطانية أن موقع سيدي المختار بالصويرة يتوفر على احتياطات مهمة سيتم استغلالها قريبا، موضحة أن مساحة التنقيب في حقل سيدي مختار تمتد على 6172 كيلومترا. وحددت الشركة حوالي 40 بئرا للاستغلال من أهمها «كنزة، كبير، كوثر، قلعة، قصر، كامل، كاوي». وقد انطلقت أشغال الاستكشافات بحفر بئرين يتوقع أن يضما احتياطيا مهما من الغاز هما «بئر كوبا، وبئر قمر».
وتوصلت «لونغريتش أويل» من خلال استكشافاتها إلى أن حقل سيدي مختار توازي كثافته 33 مرة المعدل العالمي، وهي الدواعي التي دفعت الشركة إلى التسريع بانطلاق عملية الحفر في الموقع المذكور، كما اعتمدت على دراسات جيولوجية تؤكد توافق خليج كوبا الغني بالنفط، والذي قدر احتياطه ب 8 بلايين برميل مع ساحل الصويرة.
ووصل الأمر بمنطقة سيدي المختار إلى أن وفدا هاما، يضم مجموعة من الخبراء والمهتمين والمسؤولين، ترأس عملية ذبح خروف بالإقليم تيمنا ببدء عملية الحفر، من أجل التنقيب عن البترول والغاز الطبيعي.
وموازاة مع التقارير التي نشرتها الشركات المكلفة بالتنقيب، ظهرت مؤشرات أخرى إيجابية، حيث تحول المغرب إلى قبلة للشركات الراغبة في الاستفادة من رخص جديدة للتنقيب، وعلى رأسها «شيفرون» و»كيرن». وهو الأمر الذي اعتبره مجموعة من الخبراء دليلا قاطعا على وجود اكتشافات حقيقية للنفط والغاز بالمغرب.
استثمارات ضخمة وانطلاق
الحفر في 11 بئرا هذه السنة
أمام التقارير التي نشرتها الشركات المستفيدة من رخص التنقيب عن البترول والغاز في المغرب، لم يستطع المكتب الوطني للهيدروكاربورات، الذي تديره أمينة بنخضرا، أن يستمر وحيدا مغردا خارج السرب، إذ سرعان ما أعلن في بلاغ رسمي عن انطلاق عمليات الحفر بعرض السواحل المغربية، وكذا عن دخول شركة «كيرن» في الشراكة بين المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن «كوسموس إنيرجي» المتعلقة بتراخيص «كاب بوجدور أوفشور».
وأكد المكتب أن شركاءه، «كيرن إنيرجي بي إل سي» من خلال فرعها «كابريكورن»، وسان ليون وسيريكا ولونغريتش، أعلنوا عن حفر بئر الاستغلال «إف دي 1» الواقع عرض الساحل المغربي بين أكادير وسيدي إفني، على بعد 93 كلم عن السواحل المغربية بحقل فم درعة، موضحا أن عملية الحفر ستتم بواسطة آلية «كاجون إكسبرس»، التي تنتمي للجيل الخامس، وستدوم مدة تقدر ب60 يوما.
وقال المكتب إن هذا «النوع من التنقيب لم يتم قط تجريبه بالمغرب من قبل»، وأن «هذه البئر تعد الأولى ضمن سلسلة آبار استغلال مخطط لها»، مضيفا أنه سيتم إرسال آلة الحفر المذكورة بعد الانتهاء من حفر بئر «إف دي 1» إلى كاب جوبي لحفر بئر استغلال أخرى.
ورغم ذلك، ظل المكتب الوطني للهيدروكاربورات يتحدث فقط عن تقديرات بشأن إمكانات جيولوجية، وليس احتياطات، معتبرا أن القيام بالحفر وبالاختبارات وحده من سيوضح وجود النفط من عدمه.
من جهة أخرى، وبخصوص الشركات التي تشتغل حاليا بالمغرب، كشف المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن أن 31 شركة نفطية دولية، بينها شركات كبرى وأخرى مستقلة، تشتغل حاليا في مناطق مختلفة من المغرب، في البر والبحر.
كما أكد المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن المغربي أن المناطق الأكثر تقدما من حيث الاستكشاف ستعرف حفر آبار استكشافية في أواخر سنة 2013 وخلال سنة 2014، فيما يواصل المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، في إطار مخططه ووفقا لاستراتيجيته الشاملة، تعزيز وتقوية دينامية التنقيب عن النفط، من خلال جذب أكبر عدد ممكن من المستثمرين الدوليين وتكثيف أعمال البحث أكثر بالمغرب.

المغرب بلد نفطي منذ آلاف السنين
وبعيدا عن الاكتشافات أو التقديرات التي تعلن عنها شركات التنقيب عن النفط في المغرب، هناك مسألة مؤكدة ورسمية، وهي أن المغرب هو بالفعل بلد نفطي منذ آلاف السنين، إذ يؤكد المكتب الوطني للهيدروكاربورات أن المغرب يزخر باحتياطات هامة من الغاز الصخري، أي الصخر الزيتي، تقدر ب50 مليار برميل، وتجعله يحتل الرتبة السادسة عالميا.
وترى أمينة بنخضرا مديرة المكتب، أن طبيعة الصخر الزيتي وتعقد عملية إبراز قيمته تحول دون وصول المغرب إلى مرحلة الاستغلال الصناعي٬ مسجلة أن المكتب اعتمد منذ سنة 2005 استراتيجية لتطوير الصخر الزيتي تتمحور بالخصوص حول الشراكة مع الشركات النفطية والشركات المنفذة. وذكرت أنه ما بين 2006 و2007 قامت شركة «شيل» بمحاولات غير أنها لم تنضج على المستوى الصناعي، مشيرة إلى أن ثلاث شركات تعتزم حاليا القيام بمحاولات رائدة لاختبار النتائج المحصل عليها٬ في الوقت الذي يجري فيه المكتب مفاوضات مع شريكين حول تمحضيت لمنحهما مساحات حيث سيجريان بعض التجارب.
وبخصوص الغاز الزيتي٬ أضافت المسؤولة أن المغرب لازال في بداية المسلسل٬ موضحة أنه تم التوقيع على اتفاقيات مع ثلاث شركات تتوفر على رخص استكشاف، كما سجلت أن بعض الشركاء سيقومون٬ في هذه المرحلة من الاستغلال٬ بعمليات حفر وسيكون بمقدورهم عبر تحاليل الطبقات الأولى (300 متر) الحصول على معلومات ملموسة.
لكن، بين تقارير الشركات الدولية وبيانات المكتب الوطني للهيدروكاربورات والاحتياطيات الحقيقية للغاز الصخرى التي تخفيها القشرة الأرضية في بعض مناطق المغرب، تذهب بعض التحليلات إلى أن ما يتم الحديث عنه اليوم هو مجرد فقاعة أو بالون اختبار تحاول السلطات من خلالها جذب اهتمام المغاربة وتحويل انتباههم عن الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغرب حاليا، مؤكدة أنه خلال الشهور المقبلة سيستفيق المغاربة من هذا الحلم على كابوس يذكرنا مرة أخرى بفضيحة «تالسنت».
حصة المغاربة في البترول المكتشف لن تتجاوز 25 في المائة
حسب قانون الهيدروكاربورات في المغرب، فإن حصة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن حددت في 25 بالمائة في جميع استثمارات التنقيب والإنتاج، وهي أدنى نسبة في المنطقة، فهي جد منخفضة مقارنة مع 51 بالمائة التي تفرضها الجزائر على كل الاستثمارات الداخلية. كما أن الرسوم التي يفرضها المغرب على الشركات المنقبة تعتبر، هي الأخرى، متواضعة نسبيا، إذ لا تتجاوز 10 بالمائة بالنسبة للإنتاج، ما يجعل حصة مشاركة الحكومة محددة في نسبة 35 بالمائة في أي استثمار. إضافة إلى استفادة الشركات من إعفاء ضريبي يمتد إلى عشر سنوات بالنسبة للاكتشافات الجديدة. ووفقا ل»لونغريتش أويل» البريطانية، فإن قيمة الربح بالنسبة لكل برميل منتج في المغرب يساوي قيمة الربح ل13 برميلا في الجزائر، وما يعادل 7 براميل في نيجيريا، وقيمة ربح برميلين في مصر.
حجم استثمارات شركات التنقيب عن النفط بالمغرب يبعث على التفاؤل
- تستعدون حاليا لتنظيم لقاء حول الانتقال الطاقي في المغرب، ما الجديد الذي سيأتي به هذا اللقاء؟
فكرة الانتقال الطاقي جاءت مباشرة بعد انخراط المغرب منذ سنة 2009 في استراتيجية جديدة للطاقة، فمنذ ذلك الوقت أسس المغرب لمستقبله الطاقي عبر وضع مخطط واضح المعالم يحدد الباقة الطاقية التي سيتم اعتمادها إلى غاية 2030. فالمسؤولون عن القطاع الطاقي لاحظوا أن المغرب مرتبط بشكل كبير بالخارج في سد حاجياته الطاقية، خاصة عن طريق المصادر الأحفورية، وهو ما فرض عليهم التفكير في الانفتاح على أنواع جديدة من الطاقة من بينها الطاقات المتجددة والطاقة النووية المدنية، وذلك بعد دراسات معمقة سواء على مستوى الجدوى أو التكلفة أو التداعيات على البيئة. ومنذ 2009 إلى الآن نظمت عدة مناظرات لاستعراض الاستراتيجية الطاقية الجديدة إلى أن وصلنا إلى اللقاء الذي سننظمه يوم 27 نونبر الجاري بالدار البيضاء، والذي سنكتشف فيه مدى النضج الذي بلغه المغرب في مجال التعامل مع الطاقات الجديدة، من خلال مجموعة من المحاور، على رأسها، الإكراهات التي تواجهها الطاقات المتجددة، والنجاعة الطاقية، بالإضافة إلى التوقعات الخاصة باستكشاف الغاز والبترول في المغرب. كما سنعرف من خلاله أين وصلنا في تنفيذ الاستراتيجية التي أطلقناها سنة 2009. ولابد من الإشارة هنا إلى أن المواطنين والفاعلين الاقتصاديين والسياسيين والمجتمع المدني مطالبون بالمساهمة في النقاش والانخراط في ذلك، لأنه، من الآن فصاعدا، أصبح المواطنون شركاء في استعمال الطاقة داخل البيئة المحيطة بهم، وهو ما سيجعل من الانتقال الطاقي حقلا للابتكار والإبداع الاقتصادي والاجتماعي والديمقراطي بغية تحقيق رفاه المواطن.
- ما حقيقة الاكتشافات النفطية والغازية التي أعلنت عنها، مؤخرا، مجموعة من الشركات في المغرب؟
هذا الموضوع باشرته مع الشركات الأجنبية المستفيدة من رخص التنقيب عن النفط والغاز في المغرب، ونقطة التفاؤل التي وقفت عليها شخصيا هي أنه لأول مرة تدخل إلى المغرب شركات عملاقة لها صيت دولي وتحتل الرتب الثانية والثالثة والرابعة في العالم، وتقوم بعقد اتفاقيات مع المكتب الوطني للهيدروكاربورات من أجل إنجاز دراسات زلزالية وجيولوجية من أجل معرفة مدى صحة التقارير الواردة حول وجود احتياطيات مهمة من البترول والغاز في مجموعة من المناطق المغربية، خاصة في البحر. ولابد من الإشارة إلى أنه خلال ال20 سنة الأخيرة كانت الشركات التي تأتي للتنقيب عن النفط في المغرب صغيرة جدا، ويمكن اعتبارها شركات سمسرة لا غير، أما اليوم فالأمور مختلفة كثيرا، خاصة عندما نتحدث عن شركة بحجم «شيفرون» و»لونغريتش أويل» و»كيرن» وغيرها. وفي الحقيقة، لقد فوجئت بالاهتمام الذي أصبحت توليه هذه الشركات الكبرى للمغرب، وكذا بحجم الاستثمارات التي جلبتها من أجل التنقيب عن النفط والغاز.
- لكن، في نظركم لماذا هذا الاهتمام؟
كما لا يخفى عليكم، فإن البنية الجيولوجية لليابسة في المغرب صعبة للغاية، والأمل الوحيد الذي ظل قائما هو قعر البحر، كما أن أسعار النفط في السابق كانت رخيصة جدا، أما اليوم فقد وصلت إلى مستويات قياسية. وبالعودة إلى هاتين النقطتين كان من الصعب على الشركات العالمية الكبرى الاستثمار في التنقيب بالمغرب، نظرا لارتفاع كلفة التنقيب بسبب صعوبة البنية الجيولوجية وعدم جدواه لأن أسعار النفط منخفضة. لكن الظرفية اختلفت كثيرا اليوم، فأسعار النفط مرتفعة وتتيح هوامش ربح كبيرة جدا يمكن أن تغطي عمليات التنقيب، سواء في اليابسة أو قاع البحر، كما أن التحفيزات التي وضعها المكتب الوطني للهيدروكاربورات أمام الشركات العالمية محفزة جدا، وهي التي دفعتها إلى اختيار الاستثمار في المغرب، خاصة في ظل وجود توترات في منطقة الشرق الأوسط. ولابد من الإشارة هنا، كذلك، إلى أنني كنت من بين الذين يتمنون ارتفاع أسعار النفط العالمية، حتى نتمكن من جذب اهتمام الشركات العالمية الباحثة عن فرص جديدة للاستثمار.
- في حالة اكتشاف النفط في المغرب، ألن يؤدي ذلك إلى إلغاء الاستراتيجية الطاقية الحالية للمغرب والمبنية بالأساس على الطاقات المتجددة؟
الدراسات التي قامت بها وكالة الطاقة الدولية أكدت أن الاعتماد على الطاقات الأحفورية سيستمر إلى غاية سنة 2035، وذهبت شركة «إكسن موبيل» إلى سنة 2040، في حين تجاوزت شركة «شال» كل هذه التوقعات مشيرة إلى أن استغلال الطاقات الأحفورية سيستمر إلى سنة 2050. وهذه كلها دراسات صادرة عن مؤسسات كبرى تؤكد أن العالم سيبقى رهينا بالبترول، رغم اللجوء المتزايد إلى الطاقات المتجددة، بحيث أن 75 في المائة من حاجيات العالم الطاقية ستتم تغطيتها عن طريق البترول. وبالتالي فالمغرب مثل باقي البلدان لن يكون له محيد عن استعمال الطاقات الأحفورية رغم الاستثمارات التي يقوم بها حاليا على مستوى الطاقات المتجددة.
- ما المدة الزمنية الكافية لبداية استغلال البترول أو الغاز تجاريا بعد اكتشافه؟
عملية استغلال البترول أو الغاز معقدة للغاية، فهي تمر أولا بالدراسات الزلزالية والجيولوجية ثم تنتقل إلى عمليات الحفر، وبعد ذلك يتم الانتقال إلى تشييد البنية التحتية والأنابيب اللازمة لنقل البترول أو الغاز، وهذا يحتاج على الأقل إلى حوالي 10 سنوات، لأن هذه المراحل تحتاج جميعها لاستثمارات ضخمة جدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.